أزمة أرض أكتوبرالدوري المصريقصص 365Scoresالزمالك

زلزال “أكتوبر” يهز الزمالك.. كيف تحولت أزمة الأرض إلى باب لهروب المحترفين

لم يكن أحد يتوقع أن تتسارع ضربات القدر على نادي الزمالك بهذه القسوة، ولا أن يتحول حلم الأرض البديلة والاستاد الجديد إلى عنوانٍ للفوضى التي تهز أركان القلعة البيضاء اليوم، فمنذ القرار الصادم بسحب أرض أكتوبر، تلك الأرض التي رآها ملايين الزملكاوية مشروعًا للنهضة وبداية لعهد جديد يليق بتاريخ النادي، انفرط عقد الاستقرار وترامت الأزمات كأحجار دومينو تتساقط دون توقف. 

تحوّل الخبر الذي ظنّه البعض “مجرد إجراء إداري” إلى كرة نار تشتعل في قلب النادي، وتطرح سؤالًا موجعًا: هل كان سحب أرض الزمالك في مدينة السادس من أكتوبر نتيجة لفشل إداري.. أم كانت البداية الفعلية لسلسلة الانهيارات المتلاحقة، وأبرزها موجة هروب المحترفين الأجانب.. موجة باتت فيها أبواب الخروج أكثر جاذبية لهم من البقاء في نادٍ يعاني مالياً وإدارياً.

طريق الزمالك في كأس مصر 2025-2026
الزمالك (تصوير: مصطفى الشحات)

الفترة التي تلت الإعلان الرسمي عن سحب الأرض لم تكن فترة عادية داخل ميت عقبة؛ كانت حقبة صاخبة، في المكاتب المغلقة، وداخل غرف الاجتماعات، وبين أروقة النادي، تردد صدى كلمات قاسية: إنذارات، شكاوى، فسخ عقود، مستحقات متأخرة وجماهير مذهولة، بدا وكأن القرار كشف غطاءً كان يُخفي تحته تراكمات سنوات طويلة من التأجيل والترحيل والقرارات غير المكتملة، وفجأة، وجد الزمالك نفسه مكشوفاً أمام عاصفة مالية تتغذى على كل تأخير في السداد وكل وعد غير منفذ، لتنفجر الأزمة دفعة واحدة كما لو كانت تنتظر صدمة توقظها من سباتها الطويل، أزمة إلى ستة قضايا موزعة على جروس وجوميز وساسي.

الرقمالشخص المعنينوع القضيةالمبلغ بالدولار الأمريكي
1جوزيه جوميز (مدير فني سابق)قضية 130,000
2جوزيه جوميز (مدير فني سابق)قضية 230,000
3مساعدي جوميز (مدير فني سابق)قضية 330,000
4مساعدي جوميز (مدير فني سابق)قضية 430,000
5كريستيان جروس (مدرب سابق)قضية 1133,000
6فرجاني ساسي (لاعب وسط)قضية 1505,000
القضايا المرفوعة على الزمالك في الفيفا

ومع مرور الساعات وليس الأيام، بدأت كرة الثلج تكبر: لاعب يرسل إنذاراً، آخر يلوّح بالفسخ، وثالث يجمع حقائبه بهدوء، ثم يأتي رابع يعلن فسخ التعاقد من طرف واحد، المشهد أصبح أشبه بحالة “نزيف فني” ضرب الأجانب ويصعب السيطرة عليه، وكل لاعب راحل يترك خلفه فراغاً جديداً وسؤالاً أكبر: هل نحن أمام أزمة مالية فقط؟ أم أمام انهيار منظومة كاملة افتقدت للتخطيط والقدرة على الاحتواء؟ 

ومع كل خطوة يتخذها محترف أجنبي نحو باب الخروج، يتسع الغموض الذي يلف مستقبل الفريق، ويصبح من الصعب تجاهل ارتباط هذه الحالة المقلقة بقرار سحب أرض أكتوبر الذي جاء ليكون ــ بالنسبة للكثيرين ــ رمزاً لفقدان الثقة وتراجع الهيبة الإدارية.

جروس
كريستيان جروس

وبين غضب الجماهير وارتباك الإدارة وحيرة اللاعبين، يظل السؤال مطروحاً بثقله كاملًا: هل كانت أزمة أرض أكتوبر هي رأس جبل الجليد الذي ظل مختبئًا تحت السطح؟ أم أنها كانت فقط الشرارة التي كشفت هشاشة مشكلات متراكمة ظل النادي يؤجل مواجهتها لسنوات؟ في كل الأحوال، بات واضحاً أن الزمالك يقف اليوم أمام مفترق طرق خطير، وأن إعادة بناء الثقة داخلياً وخارجياً باتت معركة لا تقل صعوبة عن الحفاظ على لاعبيه داخل الملعب.

نزيف المحترفين في الزمالك عرض مستمر

في الساعات الأخيرة، بدأ مسلسل هروب الأجانب يتسارع بوتيرة غير مسبوقة، أشبه بفصل درامي خانق يعيد الزمالك إلى دائرة الخوف من الإفلاس وفقدان القوام الأساسي للفريق.

تتزايد المخاوف داخل النادي مع كل إنذار أو فسخ عقد جديد، فيما تبدو الإدارة عاجزة عن إيجاد حلول سريعة ترسم طريقاً للخروج من الأزمة. وكل ساعة تمر تزيد الضغط على اللاعبين المتبقين والجهاز الفني، وتجعل مستقبل الفريق على أرض الملعب مهدداً أكثر من أي وقت مضى.

فسخ مغربي مزدوج يهز الاستقرار

كانت الشرارة الأولى من المغرب، حيث افتتح الثنائي صلاح مصدق وعبد الحميد معالي موجة الهروب من الزمالك بعد أن قررا فسخ عقديهما من طرف واحد، احتجاجاً على عدم تسلمهما مستحقاتهما المالية المتأخرة، هذا القرار لم يكن مجرد خلاف مالي عابر، بل كان إنذاراً مبكراً بأن الأمور داخل القلعة البيضاء بدأت تأخذ منحنى خطيراً. 

ومع تردد الأخبار حول تأخر صرف المستحقات وعجز الإدارة عن احتواء الأزمة، بدا واضحاً أن اللاعبين فقدوا الثقة في الوعود المتكررة، ليدق الثنائي المغربي أول مسمار في ملف رحيل المحترفين الذي ما زال يتوسع حتى اللحظة.

صلاح مصدق - الزمالك ضد زد
صلاح مصدق – الزمالك ضد زد (تصوير: مصطفى الشحات)

لكن الضربة الأكبر جاءت سريعاً ومن نفس المصدر، حين قرر المغربي محمود بنتايج، الظهير الأيسر، الالتحاق بقائمة الراحلين بعد سلسلة من التهديدات بالفسخ بسبب مستحقاته المتأخرة، ورغم تصريحات إدارة الزمالك بأن “المدة القانونية لم تنتهِ بعد”، وتصريحات المستشار القانوني محمد متولي بأن اللاعب لا يملك حق فسخ العقد قبل نهاية ديسمبر، وأن مستحقاته البالغة 75 ألف دولار سيحصل عليها في موعدها، إلا أن الواقع داخل النادي بات فوضوي للغاية، ومع تصاعد التوتر وغموض الوضع المالي، يبدو أن بنتايج اتخذ قراره النهائي، بالانضمام إلى قافلة المغادرين، ويضع النادي في مأزق أكبر مما توقعه الجميع.

إنذارات بالجملة من بيزيرا والدباغ

لم تتوقف كرة الثلج عند حدود اللاعبين المغاربة، بل امتدّ المشهد ليشمل أسماء جديدة من الخارج، بعدما أرسل البرازيلي خوان بيزيرا إنذاراً رسمياً إلى إدارة الزمالك يطالب فيه بصرف مستحقاته المالية المتأخرة، خطوة الجناح البرازيلي لم تكن مجرد إجراء إداري، بل حملت رسالة واضحة مفادها أن حالة القلق داخل الفريق باتت لا يمكن السيطرة عليها، فبيزيرا، الذي لطالما أظهر التزاماً وصمتاً في المواقف السابقة، وجد نفسه مضطراً إلى استخدام آخر أوراقه القانونية، ما يعكس حجم التوتر داخل جدران النادي ويؤكد أن منظومة الثقة بين اللاعبين والإدارة أصبحت على المحك.

خوان بيزيرا - الزمالك ضد الإسماعيلي (تصوير: مصطفى الشحات)
خوان بيزيرا – الزمالك ضد الإسماعيلي (تصوير: مصطفى الشحات)

ولم يكد إنذار بيزيرا يصل إلى مكاتب الزمالك حتى تبعه الفلسطيني عدي الدباغ بخطوة مماثلة، حيث أرسل هو الآخر إخطاراً رسمياً يطالب فيه بالحصول على حقوقه المالية قبل اللجوء إلى فسخ التعاقد، ومع وجود إنذارين في وقت متقارب من لاعبين أساسيين، بدا المشهد أكثر تعقيداً، وبدأت المخاوف تتزايد داخل الإدارة والجماهير على حد سواء من احتمال وقوع موجة جديدة من الفسخ قد تهز استقرار الفريق بصورة أكبر، هذه التحركات المتتالية رفعت من سقف الإنذار، وأكدت أن الزمالك يواجه أزمة حقيقية تهدد بتركه دون أجنحة تحلّق في المباريات المقبلة، ودون قدرة على السيطرة على نزيف الرحيل الذي يتسع يوماً بعد يوم.

شيكو بانزا.. تذمر أعيد احتواؤه

أما الأنجولي شيكو بانزا، فلم يكن بعيداً عن دوامة الغضب التي اجتاحت صفوف المحترفين، إذ سبق أن عبّر علناً عن استيائه من تأخر مستحقاته المالية، قبل أن يلجأ هو الآخر إلى إرسال إنذار رسمي للنادي يطالب فيه بحقوقه، هذا التحرك دفع إدارة الزمالك إلى التدخل سريعاً وصرف جزء من مستحقاته بشكل عاجل في محاولة لاحتواء الموقف وتهدئة اللاعب مؤقتاً. 

ورغم أن الخطوة نجحت في كبح جماح الأزمة لبعض الوقت، فإنها لم تُخفِ حقيقة الوضع الصعب الذي يمر به النادي، ولا الضغوط المتصاعدة التي يشعر بها اللاعبون الأجانب الذين باتوا يشكون في قدرة الإدارة على الوفاء بالتزاماتها بصورة مستقرة.

القنوات الناقلة لمباراة الزمالك وديكيداها في ذهاب تمهيدي الكونفدرالية الإفريقية
شيكو بانزا – خوان ألفينا – الزمالك (تصوير: مصطفى الشحات 📷)

الجزيري وكايد.. صمت يسبق العاصفة؟

وعلى النقيض من موجة الاضطرابات التي طالت أغلب المحترفين في صفوف الأبيض، يظل التونسي سيف الدين الجزيري اللاعب الوحيد الذي لم يلوّح بالرحيل حتى الآن، رغم أن علاقته بالنادي كانت على حافة الانفجار في بداية الموسم عقب خلافه الشهير مع المدرب البلجيكي يانيك فيريرا، ورغم أن الجزيري كان مرشّحاً قويًا للمغادرة آنذاك، فإن هدأة الموقف جعلته يلتزم بالصمت في خضم العاصفة الحالية، وكأنه يراقب المشهد دون أن يمتلك رفاهية اتخاذ خطوة قد تزيد الأمور تعقيدًا.

وفي السياق نفسه، لم يقدم الفلسطيني آدم كايد على أي إجراء رسمي ضد الزمالك حتى اللحظة، ليقف في منطقة رمادية بين البقاء والمغادرة، هذا الصمت المزدوج من الجزيري وكايد يثير عشرات التساؤلات داخل أروقة النادي: هل ينتظر اللاعبان حسم الموقف المالي قبل اتخاذ قرار نهائي؟ أم أن هدوءهما الحالي ليس إلا فترة مؤقتة تسبق موجة جديدة قد تنفجر إذا لم تتحرك الإدارة سريعاً؟ وبين هذا وذاك، يبقى السؤال الأخطر معلقاً: هل نشهد قريباً رحيلًا جماعيًا يقلب الفريق رأساً على عقب، أم ما زال هناك وقت لإيقاف النزيف؟

ما القناة الناقلة لمباراة الزمالك ضد البنك الأهلي وأين تشاهد الدوري المصري مجانًا؟
سيف الدين الجزيري – الزمالك – البنك الأهلي (تصوير: مصطفى الشحات)

سحب أرض أكتوبر.. شرارة كل شيء أم مجرد كاشف للأزمة؟

لا يمكن بأي حال فصل توقيت الانهيار المالي الذي يعيشه الزمالك اليوم عن القرار الصادم بسحب أرض النادي في حدائق أكتوبر، تلك الأرض التي مُنحت للنادي منذ عام 2003 لتحمل على عاتقها حلم إنشاء فرع ضخم واستاد عالمي يعيد للقلعة البيضاء مكانتها، وعلى مدار سنوات طويلة، تلقّى الزمالك المهلة تلو الأخرى لاستكمال المشروع، لكن نسبة التنفيذ لم تتجاوز 1% حتى انتهاء المهلة الرسمية في نوفمبر 2023، رغم كل التسهيلات والإنذارات. 

وحين قدم النادي برنامجًا زمنيًا جديدًا في أبريل 2024 يمتد حتى يوليو 2025، لم يشهد الواقع أي تغيّر حقيقي، وبحلول 11 يونيو 2025 صدر القرار النهائي بسحب الأرض، قبل أن يُنفذ في 19 أغسطس، ليسقط الخبر كالصاعقة على الجماهير التي كانت ترى في المشروع طوق نجاة مالي واستثماري طال انتظاره، ومع بدء تبعات السحب في الظهور، تصاعدت الأزمة المالية للنادي بصورة متسارعة دفعت كثيرين إلى الربط المباشر بين الحدثين، معتبرين أن ضياع الأرض يعني ضياع فرصة ذهبية لتسديد المتأخرات، وعلى رأسها حقوق اللاعبين الأجانب الذين بدأوا بدورهم في البحث عن مخارج قانونية للرحيل.

لكن الحقيقة الأكثر مرارة جاءت على لسان رئيس الزمالك الأسبق كمال درويش، الذي وضع إصبعه على جرح أعمق بكثير من مجرد خسارة قطعة أرض، فبالنسبة لدرويش، أزمة الزمالك الراهنة ليست وليدة يوم واحد ولا مرتبطة فقط بقرار السحب، بل هي نتيجة طبيعية لسنوات طويلة من غياب التخطيط، وتبدّل الإدارات، وتراكم الملفات دون حلول جذرية. 

وشدد في حديثه على أن النادي افتقد إلى “خطة طريق” واضحة تستمر عبر المجالس المتعاقبة، وأن الأزمات الحالية ما هي إلا انعكاس لفوضى إدارية ممتدة، أعاد حديث درويش توجيه الأنظار من مستندات الأرض إلى داخل البيت نفسه، مؤكداً أن ما يهدد الزمالك اليوم ليس فقط فقدان مشروع، بل فقدان منهج إداري قادر على قيادة النادي نحو مستقبل مستقر.

كمال درويش: المشاكل أقدم من سحب الأرض

في حديث صريح اتسم بالوضوح والجرأة، حمّل كمال درويش المجالس السابقة لنادي الزمالك مسؤولية الفوضى التي يعيشها النادي اليوم، مؤكداً أن تراكم الأخطاء وغياب الاستراتيجية الواضحة لسنوات طويلة هو ما قاد الأبيض إلى هذا المنحدر الخطير، لم يتردد درويش في التحذير قائلاً: 

الزمالك لو استمر بهذه الطريقة سيمون

 أين هي الأرض البديلة؟ وأين هي الحلول التي تضمن استمرار الكيان؟

وطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل النادي، كانت تلك التصريحات والأسئلة بمثابة إزاحة الغبار عن مشاكل إدارية للفريق الأبيض عكست حجم القلق الذي يشعر به حتى من كانوا في مواقع القيادة يوماً ما.

ولم يكتفِ درويش بانتقاد الماضي، بل وجّه نداءً واضحاً بضرورة التحرك الجماعي لإنقاذ الزمالك قبل فوات الأوان، مشدداً على أن الأزمة الحالية لا يمكن أن تتحملها إدارة واحدة أو مجلس واحد، دعا إلى تكاتف جميع الجهات المعنية، سواء باستعادة الأرض أو إيجاد بديل لها، إضافة إلى فتح باب الدعم أمام الملايين من أنصار النادي الذين لطالما وقفوا خلفه في أصعب اللحظات، وبحسب درويش، فإن الحل يكمن في العمل المشترك، والاعتراف بحجم الأزمة، والبحث عن خارطة طريق تعيد للزمالك مكانته وتحميه من الانهيار الذي يلوح في الأفق، بدلًا من البحث عن مبررات.

الزمالك (تصوير: مصطفى الشحات)
الزمالك (تصوير: مصطفى الشحات)

هل نحن أمام انهيار فني ومالي شامل؟

إن تسابق المحترفين الأجانب نحو فسخ عقودهم مهما كان سببه، لا يمكن التعامل معه كحادثة عابرة أو مجرد رد فعل على تأخر مستحقات، بل هو جرس إنذار مرتفع يكشف عن حجم الخطر الذي يهدد مستقبل الفريق، فحين يبدأ اللاعبون واحداً تلو الآخر في البحث عن مخرج قانوني، فهذا يعني أن الثقة داخل المنظومة قد اهتزت على نحو عميق، وأن الأزمة تخطت حدود المال لتصل إلى الشعور بانعدام الاستقرار والأمان المهني، هذه الموجة ليست مجرد صدفة، بل نتيجة مباشرة لحالة من التوتر المتصاعد الذي أصبح يسيطر على الأجواء داخل النادي، ويضع الفريق أمام احتمال انهيار قوامه الأساسي في أي لحظة إذا لم تتدخل الإدارة بسرعة وبخطوات واضحة.

فالزمالك اليوم يقف في قلب شبكة معقدة من الملفات المؤجلة والمتراكمة، تبدأ من المستحقات المالية غير المسددة، مروراً بضعف السيولة الحاد، ووصولاً إلى غياب رؤية استراتيجية حقيقية تقود النادي نحو مستقبل مستقر، ومع الصدمات الإدارية المتلاحقة، وعلى رأسها سحب أرض أكتوبر، ارتفعت احتمالات الرحيل الجماعي للمحترفين، في وقت يعاني فيه الجهاز الفني من ضغط غير مسبوق بسبب تدهور البيئة المحيطة بالفريق. 

الأهلي ضد الزمالك.. تصوير: مصطفى الشحات
الأهلي ضد الزمالك.. تصوير: مصطفى الشحات

وفي ظل كل هذه العوامل التي تتشابك كخيوط أزمة ممتدة، يبدو واضحاً أن ما يعيشه الزمالك اليوم ليس وليد لحظة واحدة، بل هو حصاد سنوات من القرارات المؤجلة، والملفات المفتوحة، وغياب التخطيط الذي ترك النادي مكشوفاً أمام أي هزة، أي باختصار الوضع في الزمالك ليس بسبب سحب أرض أكتوبر بل كانت تلك القشة التي قصمت ظهر البعير للقلعة البيضاء.

الليل طويل.. ولكن هل من ضوء قريب؟

ما يشهده الزمالك اليوم يُعد أخطر فصل في تاريخه الحديث، فصل قد يترك أثره طويل المدى على مستقبل الفريق، فالهروب الجماعي للاعبين الأجانب لم يعد مجرد تهديد مؤقت، بل أصبح بمثابة كرة ثلج متدحرجة تتسع وتزداد سرعة إذا لم تتخذ الإدارة إجراءات عاجلة لسداد المستحقات المالية ووضع خطة إنقاذ شاملة تعيد الاستقرار إلى صفوف الفريق، وفي المقابل، تمثل قضية أرض أكتوبر أحد أبرز محطات الأزمة، فقد تتحول إلى رمز لما أصاب النادي من تراجع، رمز يستوجب تخطيه بكافة الطرق الممكنة، حتى إن وصل الأمر لإعادة بناء هوية القلعة البيضاء من جديد وإيجاد موارد جديدة تضمن استمراريتها.

الجماهير اليوم لم تعد تبحث عن تفسيرات أو وعود، بل تنتظر خطوات ملموسة وحاسمة تعيد للزمالك مكانته، فالتاريخ العريق للنادي يستحق أن يُصان، وأن يقف من جديد شامخاً رغم كل العقبات، لكن الحقيقة المقلقة تبقى: من يملك القدرة على كبح نزيف الأزمة، ومن سيقود النادي خلال هذه اللحظة الحرجة قبل أن يفقد كل ما بناه عبر العقود الماضية؟ الإجابة على هذا السؤال قد تحدد مصير الزمالك في السنوات القادمة.. إجابة لا يملكها سوى مجلس الزمالك دون غيره.

منصور مجاهد

صحفي مصري منذ 2019، خريج إعلام القاهرة، شغوف بكرة القدم الإنجليزية وصناعة التقارير العميقة، مقدم برامج ومعلق صوتي بخبرة أكثر من 7 سنوات بمجال الإعلام.