استحواذ أقل وهجمات أكثر.. هل وضع كونسيساو يده على مفاتيح الاتحاد؟
لم يحتج اتحاد جدة وقتًا طويلًا مع مديره الفني الجديد سيرجيو كونسيساو حتى يتذوق طعم الانتصار الأول، بعد تعادل في الظهور الافتتاحي أمام الفيحاء، وفوزٍ مقنع بنتيجة 4-1 على الشرطة العراقي ضمن الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة.
فوز حمل بين طياته أكثر من ثلاث نقاط، إذ كشف عن ملامح واضحة لهوية الاتحاد الجديدة تحت قيادة البرتغالي.
المدرب الذي جاء لتصحيح المسار بعد بداية مهتزة في دوري روشن ودوري الأبطال، بدأ فعليًا في بث الحيوية داخل الفريق، مع عودة “شخصية الاتحاد” إلى الواجهة، وهو أول مكسب حقيقي في عهد كونسيساو، بعد أن أظهر اللاعبون قدرة على الرد والتعويض عقب التأخر في النتيجة، وهي سمة غابت عن الفريق في الأسابيع الماضية.
amazing day from away 🔝🐅#Ittihad_Alshorta pic.twitter.com/ZiZFe882HP
— Al-Ittihad Club (@ittihad_en) October 20, 2025
الشخصية أولًا
في ظهوره الأول أمام الفيحاء، أظهر الاتحاد ملامح تماسكٍ فني رغم غياب الفاعلية أمام المرمى، حيث أهدر كريم بنزيما ركلة جزاء كادت تمنح الفريق فوزه الأول تحت القيادة الجديدة.
لكن الإصرار على استعادة الهوية ظهر أوضح أمام الشرطة العراقي، حيث لم يتأثر الفريق بتأخره في النتيجة، بل رد برباعية أظهرت توازنًا بين الصلابة الدفاعية والتحرر الهجومي.
كونسيساو ركّز منذ البداية على ترسيخ أسلوب لعب متزن لا يتأثر بنتيجة أو خصم، وهي النقطة التي افتقدها العميد في خسارته أمام النصر سابقًا حين غابت “ردة فعل البطل”.
أسلحة غير تقليدية.. وفابينيو المفاجأة
اعتمد كونسيساو على أسلحة غير مألوفة، أبرزها تسديدات الكرات الثابتة التي افتتح بها فابينيو التسجيل، في لقطة نادرة من النجم البرازيلي الذي لم يُعرف بتنفيذ الركلات الحرة.
كما منح المدرب حرية أكبر للأجنحة للتحرك بمرونة داخل العمق، وهو ما مكّن موسى ديابي من تسجيل هدف برأسية نادرة، تجسيدًا لأسلوب اللامركزية الذي يفضله كونسيساو.
إلى جانب ذلك، أعادت مشاركة حسام عوار الحيوية لوسط الميدان، إذ جسّد اللاعب الفكرة التي يسعى المدرب لتثبيتها: أن تكون الحلول الهجومية متعددة، لا تعتمد فقط على بنزيما أو ديابي.
فاعلية أكثر والاستحواذ الأقل
| الإحصائية | اتحاد جدة | الشرطة العراقي |
| الاستحواذ | 44% | 56% |
| الأهداف المتوقعة (xG) | 1.91 | 2.25 |
| التسديدات الإجمالية | 14 | 22 |
| التسديدات على المرمى | 7 | 3 |
| التمريرات الصحيحة | 314 | 403 |
| الفرص الخطيرة | 5 | 5 |
| الركنيات | 4 | 7 |
| الهجمات الإجمالية | 84 | 74 |
رغم أن الفريق العراقي استحوذ على الكرة بنسبة 56%، فإن الاتحاد كان أكثر فعالية أمام المرمى، إذ سدد 7 كرات على المرمى مقابل 3 فقط للشرطة. كما تُظهر الأهداف المتوقعة (1.91 للإتي مقابل 2.25 للمنافس) أن كونسيساو نجح في تقليل جودة فرص الخصم رغم التفوق العددي في الاستحواذ.
وبينما أتم لاعبو الشرطة 403 تمريرات صحيحة، فإن 314 تمريرة للاتحاد كانت أكثر تأثيرًا، نظرًا لاعتماد الفريق على التدرج السريع بالكرة بدلًا من الحيازة الطويلة.
صلابة دفاعية رغم بعض الثغرات
| الإحصائية | اتحاد جدة | الشرطة العراقي |
| الاعتراضات | 10 | 9 |
| التصديات | 2 | 3 |
| الفوز بالتحامات هوائية | 61% | 39% |
| الفوز بالتحامات أرضية | 47% | 53% |
| الأخطاء المرتكبة | 13 | 6 |
| البطاقات الحمراء | 1 | 0 |
يُظهر التحليل الرقمي أن الاتحاد بدأ يستعيد توازنه الدفاعي رغم استقبال هدف، إذ تفوق في الكرات الهوائية بنسبة 61%، وهو تحسن لافت مقارنة بمبارياته الأخيرة.
لكن الفريق ما زال بحاجة لتطوير التغطية داخل المنطقة، خاصة أن الشرطة صنع 22 تسديدة، وهو معدل مرتفع يشير إلى أن الضغط في الثلث الدفاعي ما زال أقل من المطلوب.
التحسن الأبرز كان في التنظيم الجماعي وقت فقدان الكرة، إذ ارتفع عدد الاعتراضات إلى 10 مقابل 9 للمنافس، ما يعكس انضباطًا دفاعيًا بدأ يتشكل مع أولى لمسات كونسيساو.
قراءة رقمية في التحولات الهجومية
بلغ عدد الهجمات 84 للاتحاد مقابل 74 للشرطة، ما يثبت رغبة الفريق السعودي في التحول السريع والاعتماد على المرتدات المنظمة. كما ساهمت مرونة كونسيساو في تمركز ديابي بالعمق في زيادة الفاعلية، بينما تحرر الظهيران بشكل أوضح من القيود الدفاعية، خصوصًا في الشوط الثاني.
الأرقام تؤكد أن الاتحاد لم يكن بحاجة للاستحواذ من أجل التفوق، بل للنجاعة في الثلث الأخير، وهو ما يميز الفرق ذات الشخصية القوية – السمة التي يسعى المدرب لإعادتها تدريجيًا.
🔢 فابينهو بشعار الاتحاد 💫🔨 pic.twitter.com/n57Cv5oEKX
— نادي الاتحاد السعودي (@ittihad) October 20, 2025
ما ينتظر كونسيساو؟
الاختبار الحقيقي للمدرب البرتغالي سيأتي في الكلاسيكو أمام الهلال، حيث سيواجه هجومًا أكثر تنظيمًا وشراسة من منافسيه السابقين. فحتى مع الفوز الكبير، ما زالت هناك ثغرات دفاعية ظهرت في الكرات العرضية، وهي نفس الأزمة التي عانى منها الاتحاد في عهد لوران بلان.
إذا نجح كونسيساو في تصحيحها سريعًا، فسيكون قد خطا خطوة حقيقية نحو بناء فريق بطل، لا يكتفي بالأداء بل يفرض شخصيته بالأرقام والنتائج معًا.
إحصائيًا، الاتحاد أمام الشرطة العراقي لم يكن الفريق الأفضل في الحيازة، لكنه كان الأكثر تأثيرًا في كل متر من الملعب.
كونسيساو أعاد “شخصية الاتحاد” قبل أن يعيد نتائجه، وجعل من كل رقم دلالة على مشروعٍ فنيٍّ قيد التشكيل:
فعالية أعلى رغم استحواذ أقل- تنظيم دفاعي أفضل رغم بعض الثغرات – تنوع هجومي أعاد الحيوية للأداء.
ومع اقتراب مواجهة الهلال، يبدو أن كونسيساو بدأ بالفعل في وضع يده على مفاتيح العميد، لكن التحدي الأكبر لم يبدأ بعد.