25 سنة حوّلت الحلم إلى مشروع.. كيف أعاد المغرب تعريف نفسه في خارطة كرة القدم العالمية؟
قبل 25 سنة، عاش المغرب على وقع مرحلة فراغ كبير كُرويًا، مرحلة ظلّ فيها الطريق بين عبق أجيال الماضي التي حققت الأمداد، ومستقبل ضبابي لا يُرى آخره، لكن ما إن انقشعت ظلمة الخيبات المؤقتة، حتى عاد الذهب إلى خزائن المملكة.
لم يكن المجد الذي يرفرف اليوم فوق ملاعب المغرب وليد لحظة عابرة، بل ثمرة زمن طويل من الانتظار والصبر، 25 عامًا عبرت بين انكسار الحلم وبناء المشروع، بين مدرجات خفت فيها النبض بعد خيبة 2004، وسماءٍ تعلّق فيها الأمل من جديد.
في تلك المسافة الزمنية، تعلّم المغرب أن كرة القدم لا تُربح بالعاطفة وحدها، بل تُصنع بالرؤية، وتُحرس بالعمل، وتُروى بالإيمان الهادئ، ومن رماد الإخفاقات الأولى، بدأت الحكاية تتشكل بهدوء، أندية تعود للواجهة، ومدارس تكوين تُنبت جيلاً لا يعرف العقد.
25 عامًا.. شتّان بين المغرب في الأمس واليوم
ومن ملاعب إفريقيا إلى مسارح المونديال، أعاد المغرب تعريف نفسه كقوة كروية تُخطط قبل أن تحلم، وتبني قبل أن تحتفل، إنها حكاية وطن آمن بأن الكرة ليست لعبة فقط، بل هوية ومشروع أمة قررت أن تكتب اسمها في التاريخ بحبر من ذهب.
والأهم في الأمر كله، مشروع كروي يشتغل في الظل دون ضجيج شيئا فشيئا، استعاد الشغف نبضه وتحولت الخيبات إلى دروس والانتظار إلى وعد، حتى صار للمغرب صوت مسموع في القارة، ثم اسم محترم في العالم.
بداية الألفية.. الشغف المكسور وحلم لم يكتمل
دخلت الكرة المغربية مرحلة دقيقة مع مطلع الألفية الجديدة، عنوانها التذبذب وفقدان الهوية، في ظل وجود أسماء قوية وغياب رؤية واضحة، مع ضياع مواهب كانت لتضيف الكثير في تلك الفترة من الزمن.
ورغم الومضات التقنية التي ميزت تلك الفترة، فإن ضياع لقب كأس أمم إفريقيا 2004 في النهائي شكّل لحظة فاصلة في الوعي الكروي المغربي، حيث تحولت الآمال الكبيرة إلى خيبة جماعية، أعقبها إخفاق مؤلم في مونديال 2006، ليبدأ الإحباط يتسلل إلى المدرجات، ويخفت بريق “المنتخب القوي” الذي طالما أرعب القارة.
من النكسة إلى البناء.. 2010 نقطة التحول في تاريخ المغرب
بعد سنوات من التخبط، بدأ المغرب منذ 2010 في تشييد مشروع هادئ بعيد عن الضجيج وهول التقلبات، قوامه الاستثمار في البنية التحتية، التكوين، والحكامة الرياضية والعنصر البشري عبر استقطاب المواهب.
هذا التحول لم تظهر ثماره مباشرة على مستوى المنتخب الأول، لكنه بدأ ينعكس بقوة على صعيد الأندية، التي استعادت مكانتها في المنافسات القارية.
الأندية المغربية.. عودة الهيبة من الباب الكبير
كان الرجاء الرياضي أول من أعاد الهيبة القارية، عندما بلغ نهائي كأس العالم للأندية 2013، في إنجاز تاريخي جعله أول نادٍ عربي يصل إلى النهائي، مؤكدا أن الكرة المغربية قادرة على مقارعة كبار العالم.
وفي العقد الأخير، فرض الوداد الرياضي نفسه كقوة قارية ضاربة، بعدما تُوّج بلقب دوري أبطال إفريقيا مرتين خلال آخر 10 سنوات، ليعيد للكرة المغربية سطوتها في المسابقة الأهم بالقارة.
من جهته نهضة بركان، فقد كتب اسمه بأحرف من ذهب في سجل كأس الكونفدرالية الإفريقية، بعدما حصد اللقب 3 مرات في آخر 10 أعوام، محولا الاستمرارية إلى هوية، والنجاعة إلى علامة مسجلة.

المنتخبات.. الحصاد الحقيقي في آخر 5 سنوات
إذا كانت الأندية قد مهدت الطريق، فإن المنتخبات الوطنية هي من أكملت التحول الشامل، خلال السنوات الخمس الأخيرة، دخلت الكرة المغربية عصر الإنجازات المتعددة، في مختلف الفئات العمرية.
وجاءت ملحمة قطر 2022 لتشكل نقطة التحول الأكبر، حين بلغ منتخب المغرب نصف نهائي كأس العالم، في إنجاز غير مسبوق عربيًا وإفريقيًا، غيّر صورة المغرب عالميًا، وجعل “أسود الأطلس” نموذجًا يُحتذى به.
شهدت كرة القدم المغربية خلال سنة 2025 واحدة من أزهى فتراتها التاريخية، حيث لم تعد الإنجازات أحداثًا معزولة، بل تحولت إلى سلسلة متكاملة تؤكد نجاح الرؤية الاستراتيجية.
وتُوّج منتخب المغرب للمحليين بلقب كأس أمم إفريقيا للاعبين المحليين بقيادة المدرب طارق السكتيوي، في مسار عكس قوة البطولة الوطنية وقدرتها على إنتاج لاعبين تنافسيين قاريا.
وواصل المغرب كتابة التاريخ، عندما تُوّج منتخب أقل من 20 سنة بلقب كأس العالم للشباب لأول مرة في تاريخه، تحت قيادة المدرب محمد وهبي، في إنجاز عالمي غير مسبوق رسّخ نجاح سياسة التكوين والاستثمار في الفئات السنية.
كما بصم منتخب أقل من 17 سنة على مشاركة مشرفة، ببلوغه ربع نهائي المنافسة القارية، مؤكدا أن قاعدة المستقبل صلبة وممتدة.

كأس العرب 2025.. المجد يعود من الدوحة
في قطر، عاد طارق السكتيوي ليصنع المجد من جديد، بعدما قاد منتخب المغرب الرديف إلى التتويج بلقب كأس العرب 2025، وهو اللقب الثاني في تاريخ المغرب بالمسابقة، عقب نهائي مثير أمام المنتخب الأردني، الذي قاده بدوره المدرب المغربي جمال السلامي.
تألق فردي يزين المشهد الجماعي
وعلى المستوى الفردي، توّج النجم المغربي أشرف حكيمي بجائزة الكرة الذهبية الإفريقية 2025، ليصبح رمزًا لجيل ذهبي، وسفيرًا حقيقيًا للكرة المغربية في أكبر الدوريات العالمية.
ما هي ثمار تطور الكرة المغربية في آخر 3 سنوات؟
| المسابقة | السنة | الفئة | الإنجاز |
| كأس العالم لكرة القدم | 2022 | المنتخب الأول | المركز الرابع |
| كأس أمم إفريقيا | 2023 | تحت 23 سنة | الفوز بالبطولة |
| دورة الألعاب الأولمبية – باريس | 2024 | المنتخب الأولمبي | المركز الثالث (ميدالية برونزية) |
| كأس أمم إفريقيا | 2025 | تحت 17 سنة | الفوز بالبطولة |
| كأس أمم إفريقيا | 2025 | تحت 20 سنة | الوصيف |
| كأس العالم | 2025 | تحت 20 سنة | الفوز بالبطولة |
| كأس أمم إفريقيا للسيدات | 2024 (أقيمت في 2025) | المنتخب النسوي | الوصيف |
| كأس أمم إفريقيا للمحليين | 2024 (أقيمت في 2025) | المنتخب المحلي | الفوز بالبطولة |
| كأس العرب – قطر | 2025 | المنتخب الرديف | الفوز باللقب |