هل كان رحيل أرنولد القشة التي قصمت ظهر البعير في ليفربول؟
في عالم كرة القدم، لا تسقط الفرق الكبيرة عادة بسبب ضربة واحدة، لكن أحيانًا، تكون هناك “قشة” صغيرة تُسقط كل شيء، كما حدث في قصة «القشة التي قصمت ظهر البعير»، ويبدو أن رحيل ترينت ألكسندر أرنولد عن صفوف ليفربول إلى ريال مدريد كان بمثابة تلك القشة لفريق الريدز، وخصوصًا بالنسبة للنجم المصري محمد صلاح، الذي طالما شاركه الجبهة اليمنى في معقل أنفيلد.
ويبدو أن خروج أرنولد من “أنفيلد” لم يكن مجرد انتقال عادي، بل أحدث خللًا فنيًا ومعنويًا في صفوف الفريق، خاصة في الجبهة اليمنى التي طالما شكلت مصدر خطر بوجود الثنائي أرنولد وصلاح، فبعد رحيل ترينت لم تعد كما كانت حتى بعدما حاول ليفربول تعويض الدولي الإنجليزي المنتقل لصفوف عملاق إسبانيا ريال مدريد بالتعاقد مع الهولندي بنجامين فريمبونج قادمًا من صفوف باير ليفركوزن.
وقد بدا واضحًا للجميع أن رحيل الظهير الإنجليزي عن الفريق سبب الكثير والكثير من المتاعب، خاصة على مستوى الهجوم، فخسر ليفربول أربع مباريات متتالية في جميع المسابقات، وهي سلسلة لم يعهدها الفريق منذ فترة طويلة، وسط أداء باهت وهجوم بلا أنياب واضحة.
صلاح في عزلة تكتيكية بعد رحيل أرنولد
لكن التأثير الأوضح لرحيل ترينت كان على محمد صلاح، الذي بدا وكأنه يلعب وحده على الطرف الأيمن، وسط مضايقات تكتيكية واضحة من الظهير بذات الجبهة سواء كان برادلي أو فريمبونج، فبعد أن كان هناك تفاهم تام بين صلاح وأرنولد بات الشغل الشاغل للظهير في ليفربول مضايقة صلاح بعد أن حرم من التحرك بحرية على الأطراف كما كان يفعل سابقًا، وهذا ما أكدته صحيفة تليجراف البريطانية بعدما كتبت أن أداء صلاح تراجع بشكل ملحوظ مقارنة بالمواسم السابقة بسبب مركز الظهير الأيمن في الفريق.
وأكدت الصحيفة أن معدل لمساته للكرة انخفض إلى 39 لمسة فقط في المباراة، وهو الأدنى له مع ليفربول، ومعدله في التسديد تراجع إلى 1.8 تسديدة في المباراة، مقارنة بـ 3.2 الموسم الماضي، كما انخفضت لمسات صلاح داخل منطقة الجزاء إلى 5.2 لمسة مقابل 9.5 العام الماضي.
وبالنتيجة، فإن صلاح لم يسجل سوى هدفين في 8 مباريات، وهو رقم لا يليق بهداف بحجمه، خصوصًا بعد أن سجل 29 هدفًا في 38 مباراة في موسم 2024-2025، وبررت هذا التراجع بإلقاء اللوم على ظهير ليفربول، بسبب المغالاة في التقدم وإغلاق المساحة أمام صلاح الذي بدوره لم يجد حل إلا بالتوجه إلى عمق الملعب ليواجه الكثافة العددية لمدافعي الفريق كأنه صياد تائه في «غابة من السيقان» لا تسعفه موهبته ومهارته فيفشل في صناعة الفارق مع الريدز ليثبت مقولة “الكثرة تغلب الشجاعة”، بل والمهارة أيضًا على ملاعب كرة القدم.
صلاح وأرنولد ثنائي استثنائي ظل صامدًا لسنوات
وسلطت الصحيفة الضوء على أن صلاح وأرنولد شكّلا ثنائيًا استثنائيًا ظل صامدا السنوات، إذ مرر أرنولد 147 تمريرة حاسمة لصلاح في الدوري حتى الموسم الماضي وهذا هو الرقم الأعلى لأي ثنائي في البريميرليج.
لكن اليوم، لا أحد من البدائل الذين استخدمهم المدرب آرني سلوت في مركز الظهير الأيمن تمكن من صناعة فرصة واحدة لصلاح طوال 8 جولات في الدوري على الأقل
فمع رحيل أرنولد، خسرت الجهة اليمنى في ليفربول توازنها، وأصبحت الفرق تركز رقابتها بالكامل على صلاح، وبينت الإحصائيات أن اللاعب أكمل فقط 10% من مراوغاته هذا الموسم، مقارنة بـ 42% في الموسم الماضي، مما يعكس شراسة الرقابة التي يتعرض لها في ظل غياب الدعم المعتاد.

أسلوب تغير بدون بديل
رحيل أرنولد فرض على المدرب آرني سلوت إعادة هيكلة أسلوب اللعب، إلا أن النتائج حتى الآن كانت “كارثية” وفق وصف وسائل الإعلام الإنجليزية، حيث لم يستطع الفريق تعويض دور أرنولد في بناء اللعب وصناعة الفرص، ورغم أنه من الطبيعي أن يتأثر الفريق برحيل أحد أعمدته، إلا أن الفشل في التعاقد مع بديل بنفس الجودة أو الأسلوب، زاد الطين بلة.
فربما لم يكن رحيل أرنولد السبب الوحيد في تراجع ليفربول، لكن من الواضح أنه كان الشرارة التي أشعلت سلسلة من المشاكل، خاصة على المستوى التكتيكي فصلاح لم يعد كما كان، والجبهة اليمنى لم تعد تُرعب الخصوم، والمنظومة برمتها باتت تبحث عن توازن ضائع، وسط فوضى شكلها عدم الانسجام بين عناصر ليفربول هذا الموسم.
ما جعل العديد من المتابعين وعشاق الريدز يتساءلون هل كان رحيل أرنولد هو “القشة التي قسمت ظهر البعير” في منظومة ليفربول خاصة بعد العجز الواضح لجبهة ليفربول منذ بداية الموسم، لينقسموا إلى فريقين أحدهم يهاجم المدرب بسبب عدم القدرة على توظيف أسماء من المفترض أنها رنانة، والأخير يلوم الإدارة لعدم تعويض أرنولد بلاعب على نفس القدر من المهارة والتأثير.