هل أبو تريكة مُحق؟ ليفربول وتشيلسي ليسا من الكبار
من “انزلي يانجوم.. يافرقة المليار” إلى “وريني نفسك ياسلوت” تصريحات مثيرة للجدل تخرج من أسطورة الكرة المصرية السابق محمد أبو تريكة، قد يجدها البعض ساخرة لأبعد حد، ولا تحمل أية إهانة لأحد، لكن مشجعي تشيلسي وليفربول تحديدًا يجدونها مُهينة والبعض اعتاد القول دائمًا بأن أبو تريكة نفسه “مشخصنها” مع تلك الأندية.
لكن المثير أكثر من أي شيء، أن ما يسخر منه محمد أبو تريكة عادة ما يتحقق بشكل أو بآخر، فمثلًا في الموسم الماضي بدأت حملته الساخرة على فريق تشيلسي، بسبب صرف مليارات وأرقام مبالغ فيها في ميركاتو صيف 2024، والمفاجئ أن البلوز ظهر بمستوى باهت وخسر نقاط بشكل متتالي.
من هنا بدأت لعنة تصريحات أبو تريكة تصيب تشيلسي، حيث استقبلهم في إحدى ستوديوهات “بي إن سبورتس” بالجملة الشهيرة: “إنزلي يانجوم.. يافرقة المليار” في سخرية واضحة من تشيلسي الذي صرف على ميركاتو صيف 2024 فقط: 281 مليون يورو، وظلت سخرية أبو تريكة من البلوز بمثابة “تريند” يظهر على الساحة مع كل مباراة لهم في الدوري أو البطولات الأوروبية عامة.

على الناحية الأخرى، فريق ليفربول تحت قيادة أرني سلوت في موسم 2024/2025 لم يصرف “باوند” واحد على أي صفقة، بل تعمد سلوت تطوير الاسكواد الذي تركه له يورجن كلوب قبل رحيله، ونجح في الفوز معه بلقب الدوري الإنجليزي.
لكن رغم فوز سلوت المتتالي في أولى جولات البريميرليج، لكن بالفعل ليفربول لم يظهر بمستوى جيد من حيث الأداء على مدار الـ 90 دقيقة، فقط يفوز ويحصد النقاط دون ظهور جيد.
الأمر الذي استدعى خروج أبو تريكة لتحدي أرني سلوت بعبارات مشابهة منها: “وريني نفسك قدام الكبار” أو “وريني نفسك ياسلوت في أكتوبر” كان في الأخيرة يقصد ضغط مباريات الدوري مع دوري الأبطال وبقية البطولات.

ورغم فوز ليفربول بلقب الدوري، لكن أبو تريكة في النهاية فضّل توجيه الشكر لـ محمد صلاح لأنه كان السبب الرئيسي لحسم أغلب مباريات ليفربول والفوز باللقب، دون الإشارة لأرني سلوت.
في موسم 2025/2026، بدأ ليفربول أول 5 جولات ينهي المباريات في اللحظات الحاسمة بهدف قاتل سواء في الدوري أو دوري الأبطال، دون تقديم أداء جيد يزيح أعين أبو تريكة عن أسلوب أرني سلوت، حتى تجددت السخرية من جديد وتلقى بعدها ليفربول بدل الهزيمة؛ اثنين، الأولى في البريميرليج والأخرى في دوري أبطال أوروبا.
هل أبو تريكة على حق؟
إذا كنا سنتحدث عن أحقية أبو تريكة في السخرية أولًا من ليفربول بطل الدوري الإنجليزي في الموسم الماضي، فـ بالطبع سنتحدث بلغة الأرقام لأنها تكشف كل شيء.
ليفربول في النصف الأول من الموسم الماضي، كاد يأكل الأخضر واليابس، حتى أنه تفوق على ريال مدريد في ملعب أنفيلد بكل نجومه بنتيجة 2-0، بإعتبار أن الميرنجي أو خصم غير محبوب لمشجعي الريدز تحديدًا، ووقف في المراكز الأولى مع برشلونة في جدول ترتيب دوري أبطال أوروبا.
في النصف الثاني بدأ فريق ليفربول في الانهيار، حيث حقق تعادلات أكثر وخرج من مختلف البطولات التي نافس عليها بالأساس، حيث غادر دوري أبطال أوروبا من أول اختبار حقيقي في دور الـ 16 بعد الخسارة بركلات الجزاء أمام باريس سان جيرمان.

كما غادر كأس الاتحاد الإنجليزي وخسر نهائي كأس الرابطة الإنجليزية ضد نيوكاسل يونايتد بطريقة قاسية، ما ساعد في خروج نغمة بين مشجعي الدوري الإنجليزي تقول أن “ليفربول فاز بالبريميرليج 2025 بسبب ضعف الخصوم”.
حتى بداية الموسم الجديد لم تكن مبشرة على الإطلاق، رغم صرف المليارات في ميركاتو صيف 2025 على صفقات عالمية، مثل: فلوريان فيرتز وفريمبونج وإيزاك وكيركيز وإيكيتيكي، لكن أول اختبار لبطل الدوري كان أمام كريستال بالاس في الدرع الخيرية وخسرها أيضًا!
هنا يجب النظر إلى لغة الأرقام لتحليل هل أبو تريكة على حق بشأن ليفربول سلوت أم لا، سنجد إن ليفربول لعب 39 مباراة في السنة الميلادية 2025 حتى الآن (قبل مباراة تشيلسي في الدوري الإنجليزي بتاريخ 4 أكتوبر 2025)، فاز الريدز في 22 مباراة وتعادل في 7 وخسر 10.
الأرقام تقول.. ليفربول بطل مقنع لكنه يحتاج لنسخة أكثر نضجًا
- نسبة فوز ليفربول في السنة الميلادية 2025، وصلت إلى 56,4% بينما نسبة اللاهزيمة في المباريات أي جمع الفوز والتعادل معًا وصلت النسبة إلى 74.4%. وهو رقم قوي لكنه ليس الرقم المفضلة لأندية النخبة أو الأندية الكبرى التي تحتاج إلى نسبة تتخطى الـ 85%.
- نسبة الأهداف لكل مباراة تُقدر بـ 1.95 وهي نسبة جيدة تعني أن الهجوم يُنتج جيدًا، لكن نسبة الأهداف المستقبلة وصلت إلى 1.21 ما يعني أن الدفاع الخاص بالريدز يحتاج لأن يصبح أكثر صلابة، وهو ما يزيد من معاناة ليفربول مؤخرًا بشكل مكثف.
- نسبة التهديف إلى الاستقبال تتراوح من 1 إلى 1.61، ما يعطي لخصوم ليفربول فرصة كبيرة في قلب النتيجة عليه في أي لحظة، لذا علاج منظومة الدفاع هي خير وسيلة للسيطرة على موسمه أول بأول.
| المؤشر | القيمة |
|---|---|
| المباريات | 39 |
| فوز/تعادل/هزيمة | 22 / 7 / 10 |
| نسبة الفوز | 56.4 % |
| نسبة اللاهزيمة | 74.4 % |
| أهداف مسجلة | 76 |
| أهداف مستقبلة | 47 |
| فارق الأهداف | +29 |
| أهداف لكل مباراة | 1.95 |
| مُستقبَل لكل مباراة | 1.21 |
| نسبة التهديف إلى الاستقبال | 1 : 1.62 |
| فارق الأهداف/مباراة | +0.74 |
الأهداف المتوقعة لـ ليفربول في الدوري منذ بداية موسم 25/26
وفقًا للأرقام فإن ليفربول يتقدم بشكل كبير هجوميًا، رغم أن الدفاع تقريبًا لا يقدم المتوقع منه.
بمعنى أن الأهداف المتوقعة لصالح ليفربول وصلت إلى 9.1 بعد تسجيل 12 هدفًا، بينما الأهداف المتوقعة ضد ليفربول جاءت نسبتها 6.9 بعد تلقي 7 أهداف منذ بداية الموسم.
الفارق بين الأهداف المتوقعة لليفربول وضد الريدز، يقول أن الإنهاء الهجومي الناري الذي وصلت نسبته إلى +2.9، مقابل -0.1 ضد ليفربول، وهذه الأرقام تعني أن الفارق إيجابي لكنه يتغير عبر المواسم.

- ليفربول لا زال يحتاج جودة في التسديد والتمركز بشكل دائم، وأن فكرة الاعتماد على الأفراد تصنع الفارق لكن عادة الأداء يتغير فيأتي على الريدز بالضرر، وهذا ما يشير إلى أداء محمد صلاح الموسم الماضي الناري الذي قاد ليفربول للتتويج بالدوري، وفي الموسم الحالي بسبب تراجع أدائه جاءت النتائج بالسلب على الريدز.
- دفاع ليفربول أيضًا عليه التحسن، رغم أن بداية الموسم الحالي لا يعني أن الأداء كارثي لكن لا يوجد أي ظهور مؤثر من الدفاع ولا تفوق ملحوظ للحارس.
في النهاية، ليفربول في حاجة لتحسين صناعة الفرص وجودة التسديدات دون الاعتماد على أفراد بعينها، أو العمل على خفض جودة فرص الخصوم عن طريق خفض الأهداف المتوقعة على ليفربول.
| ## | لصالح ليفربول | ضد ليفربول |
|---|---|---|
| الأهداف المتوقعة | 9.1 | 6.9 |
| الأهداف الفعلية | 12 | 7 |
| الفارق | +2.9 | -0.1 |
هل أرني سلوت يستحق سخرية أبو تريكة؟
مدرب هولندي جاء من الدوري المحلي في بلاده، كان فائزًا في موسمه الأول مع فينورد بألقاب مختلفة بينهم الدوري، ثم أتى بعد فترة استثنائية لمست قلوب مشجعي ليفربول بسبب وجود الألماني يورجن كلوب دائمًا على الخط.
استطاع سلوت خطف القلوب إليه بسهولة بسبب ما قدمه في الموسم الأول مع ليفربول، وتحديدًا الفوز بالدوري ومعادلة عدد مرات الفوز التاريخي مع مانشستر يونايتد الغريم الأزلي للريدز.
لكن الأرقام تقول أشياء في صف أرني سلوت وأشياء ضده، فمثلًا نسبة الأهداف لكل مباراة التي تُقدر بـ 1.95 تعني أن المباراة ذات رتم عالي، وتتسم بإيقاع مرتفع ومساحات كبيرة، لكن نسبة استقبال الأهداف لكل مباراة كانت 1.21 والتي تعني أن إدارة سلوت لسيناريوهات المباريات الحاسمة لا يزال عالقًا، وهذا ما يجعلنا نفكر في طريقة خسارة سلوت مع ليفربول في كأس الرابطة وكأس الاتحاد ودوري أبطال أوروبا والخروج من كل البطولات التي نافس عليها مع الريدز.
غير ذلك، فإن الفارق بين الأهداف المتوقعة لليفربول والأهداف المتوقعة على ليفربول، يُلمح لتفوق في اللمسة الأخيرة أكثر من التفوق الدفاعي للريدز.

- الفوز بالدوري الإنجليزي: يمكن تحليلة بأن ليفربول سلوت فاز باللقب بسبب استمرارية الأسبوعية وقدرة المدرب على تصحيح الأخطاء بعد السقوط في أي تعثر، إلى جانب معاناة الخصوم وخسارة النقاط بصفة مستمرة.
- خسارة لقب كأس الرابطة: لعب مباراة نهائي وسط الموسم، في فترة صعبة وضيقة من حيث ضغط المباراة، بدأ سلوت فقد سيطرته على انهيار فريقه بدنيًا، وأصبح بدون حلول فخسر اللقب.
- الخروج من كأس الاتحاد: الخروج من دور الـ16 بسبب ضغط مباريات الموسم، تحديدًا وأن الأندية الإنجليزية عامة تعاني من كثرة البطولات التي تنافس عليها، بخلاف إدارة غير مثالية من سلوت لعدد من المواقف لم تكن بشكل مثالي.
- دوري الأبطال: الخروج من أول اختبار جدي في دور الـ16. ضد باريس سان جيرمان؛ منافس قوي ومنظم ويتميز لاعبيه بسرعات فائقة، ما أدى لظهور أخطاء كبيرة في أسلوب لعب ليفربول.
الخلاصة هنا: الدوري يكافئ دائمًا الفريق صاحب احصائيات متوسطة لكنها جيدة، الفريق الذي يؤدي على مدى طويل. لكن الكؤوس تكشف هشاشة الفرق في لحظاتها الفارقة.
تشيلسي.. فرقة المليار لم ينجح أحد!
صرف تشيلسي ملايين على صفقات جديدة في ميركاتو صيف 2024 وصيف 2025 من أجل تجديد وإحلال البلوز! لكن هل أتى كل هذا الصرف بثماره أخيرًا؟ الإجابة لا بكل بساطة.
- صيف 2024: 281 مليون يورو.
- صيف 2025: 339 مليون يورو.
- الإجمالي في نافذتين: 620 مليون يورو.
620 مليون يورو ميزانية ربما تعمل على إحياء 4 أو 5 أندية من جديد وليس نادِ واحد فقط، لكن النتيجة مع تشيلسي تحديدًا جاءت بالعكس!

فقد أنهى موسم 24/25 في المركز الرابع بعدما جمع 69 نقطة، من 20 فوز و9 تعادلات و9 هزائم، ولم يحقق أي لقب من البطولات التي نافس عليها، إلا أنه صنع معجزة تاريخية في كأس العالم للأندية بعد فوزه على بطل أوروبا “باريس سان جيرمان” وحصد لقب البطولة!
بعد التتويج بلقب كأس العالم للأندية، ظن البعض حتى أبو تريكة نفسه أن تشيلسي ربما يتغير في الموسم التالي، قبل أن نُدرك أن البلوز بعد مرور 6 جولات يقبع في المركز الـ 9 برصيد 8 نقاط حتى الآن.. والحقيقة أن بطل العالم ما زال في خبر كان.
الحقيقة دائمًا صادمة ياعزيزي
بما يظهر عليه تشيلسي في الموسم الحالي، فبالطبع محمد أبو تريكة مُحق في نقضه، لكن عدم قبول مشجعي البلوز لما يقوله يأتي من باب أن تقل النصيحة دائمًا بأسلوب جيد حتى لا يكرهك الآخر.
وما يفعله ليفربول مع أرني سلوت منذ بداية موسم 25/26، يؤكد مرة أخرى أن أبو تريكة على حق في نقده لأسلوب المدرب الهولندي الذي ذهب إلى السوق في صيف 2025 وجمع 5 صفقات قوية جدًا بمبالغ طائلة، لكن ماذا عن الظهور الجيد والأداء؟ صفر. لماذا؟ يقول المدربين عادة أن اللاعبين في حاجة للتأقلم، لكن أين أسلوب المدرب وطريقة لعبه داخل الملعب؟ لا توجد. لذا أبو تريكة محق لكن أسلوبه الساخر يجعل مشجعي الأندية في حرقة.