الدوري الإسبانيبرشلونةأخباربرشلونة

هكذا غيّر برشلونة هانز فليك.. من جنرال لا يبتسم إلى مدرب يحتفل ويضحك

وجه سيطر الجمود عليه لفترات، لطالما تساءلت الجماهير عنه، هل يعرف طريق الابتسامة مثلنا هذا المدعو هانز فليك؟ حتى في أسعد لحظات فريقه -حين هزم برشلونة رفقة ميسي وزملائه 8-2- لم يتغير الجمود أبدًا، لم يقفز بالخطأ حتى، ظل جامدًا جالسًا على كرسيه في مقاعد البدلاء، وربما التغيير الوحيد الذي يُذكر حين يسجل فريقه وهو واقفًا؛ فـ يعطي ظهره إلى الملعب ويذهب حيث مقعده أيضًا.

تغيرت الشعارات وبقي جامدًا على مقاعد بدلاء المانشافت، ربما ظن أن الضحكة ستكلفه رسومًا هناك، جنرال حرب أم ماذا؟ أو ربما يفكر بأن الاحتفال بالأهداف سينقص من الكاريزما؟.

والآن مع المفاجأة الكبرى.. شعار ثالث ومقاعد بدلاء أخرى في كامب نو، هذه المرة رفقة برشلونة الخالي من ميسي والأسماء البارزة، هنا تحديدًا وكأنما تم استبداله بآخر، الآن أصبح يقفز ويضحك ويحتفل، وأحيانًا يركض داخل الملعب نحو اللاعبين ويعتليهم ويحتضنهم أيضًا.

مقارنة الوضع الحالي بـ هانز فليك الذي ظل جالسًا بنفس تعبيرات الوجه مع فريقه الذي سجل 8 أهداف كاملة وحقق دوري أبطال أوروبا، تقول الكثير، فربما تغيرت الشخصية بالفعل، وهناك تفسير آخر يعشقه محبي علم النفس، يقول بأن المحيطين “عدوة”، حين تعاشر شخصًا باردًا ستصبح مثله، وإذا عاشرت العاطفي ستعرف كيف تضحك وتبكي وتحتفل بشغف.

هانز فليك - برشلونة - المصدر (Getty images)
هانز فليك – برشلونة – المصدر (Getty images)

جاء في حالة طواريء فجعل أوروبا كلها طواريء!

هنا لن يصبح تعبير “جاء في حالة طواريء” مجرد تعبير مجازي، هانز فليك بالفعل تولى تدريب بايرن ميونخ بهذا الشكل، حين رحل المدرب كوفاتش كان هو مساعده هناك، ولم تجد إدارة البافاري إلا وضع الثقة فيه وهو بالفعل كان جديرًا بالثقة وأكثر.

في نهاية موسم 19-20 ربما رفعت إدارة بايرن القبعة لقرارها هذا، حين جلس البافاري على قمة أوروبا دون منازع، وعادت الأفراح إلى ميونخ بـ 6 ألقاب دفعة واحدة، ذُكرت في صفحات تاريخ النادي العريق بمسمى “سداسية فليك التاريخية”.

فليك تعامل مع الجميع هناك وكأنه “جنرال”، نعم أعنى الكلمة بالتمام، وأطلب منك الاحتفاظ بهذا اللقب لأننا سنحتاجه فيما بعد.

وضع الألماني صاحب الـ 61 عامًا نظامًا لن يقدر رئيس بايرن ميونخ نفسه على تخطيه، قواعد صارمة على اللاعبين والمحيطين، بل أيضًا فرض قواعده على الصحفيين المقربين للنادي، فلن يقدر أحد على التواجد في جلسات التدريب، حتى فريق الإعلام الخاص بالنادي نفسه.

هانز فليك
هانز فليك – المصدر: Gettyimages

هناك قاعدة أخرى ربما اشتهرت بشكل ملفت حين وصل هانز فليك إلى برشلونة، لكنها قديمة جدًا اصطحبها معه من بافاريا، وهي معاقبة اللاعبين في حالة التأخر عن الحصص التدريبية، بالجلوس على مقاعد البدلاء في المباراة التالية.

كل تلك الأمور ساهمت بشكل بارز في صعود البافاري على منصات التتويج رفقة هذا الجنرال بدلًا من المرة. 6 مرات متتالية في عامِ واحد، 2020 الذي كان أكثر الأعوام حزنًا على العالم بأثره بسبب تفشي كوفيد-19، لكن في ميونخ بسبب هذا الرجل لم تنقطع الأفراح أبدًا.

إذا أردت ترك أثرك هنا فأتركه

منظومة فليك لا تقوم على رجلِ واحد فقط، والبقية يحاولوا السعي جاهدًا في كل مباراة من أجل أن تصل الكرة إلى قدمه، بالعكس.. هانز فليك يٌحفز الجميع جيدًا من أجل التسجيل والمشاركة في اللعبة، إذا كنت تريد ترك آثرًا هنا فأتركه!.

تولى فليك تدريب بايرن في موسم 19-20، وعمل جاهدًا على تطوير الفريق الذي يعرف طريق المرمى لكن لاعبيه لا تحب الذهاب إلى هناك كثيرًا، فأصبح الجميع داخل منظومة فليك يذهب إلى المرمى ويسجل الأهداف ويحطم الأرقام القياسية، ويتفننون معًا في تسجيل أهداف مبدعة.

ستقول لي أن روبرت ليفاندوفسكي كان يفوز دائمًا بجائزة هداف البوندسليجا، نعم لكنه انفجر مع فليك، فلم يصل إلى تلك الحصيلة التهديفية من قبل، ولم يصبح اسمه يتردد في كل مكان بإنه سيفوز بالكرة الذهبية لا محال إلا حين أتى هانز فليك إلى بايرن!

تخيل ياعزيزي أن سيرجي جنابري نفسه كان ضمن المرشحين للفوز بالكرة الذهبية بسبب ما كان يقدمه في منظومة هانز فليك في بايرن.

ليفاندوفسكي - سيرجي جنابري - بايرن ميونخ
ليفاندوفسكي – سيرجي جنابري – بايرن ميونخ

والأمر الذي لا يُصدق كان فيليب كوتينيو، هذا البرازيلي الذي أصبح مجالًا للسخرية بعد صفقة قياسية حصل عليها برشلونة من ليفربول، ولم يحقق أي شيء في كامب نو، بل أصبح لا يفارق مقاعد البدلاء، فـ شرعوا في التخلص منه بأي شكل، حتى كتب له القدر مسارًا مختلفًا ليقع في طريق فليك الذي طوره بشكل يليق وأصبح ضمن كتيبة البافاري التي حققت السداسية.

في منظومة فليك، الجميع شارك في المساهمات التهديفية للفريق، ستجد المدافع يسجل ولاعب الوسط يحرز والمهاجم بطبيعة الحال يدّك مرمى الخصوم بأهداف لا حصر لها، ما جعل الجميع بالفعل يشعر بأنه ترك بصمة وأثر في تلك السداسية.

أهداف لاعبي بايرن ميونخ موسم 19-20 مع هانز فليك

اللاعبالمبارياتالأهداف
روبرت ليفاندوفسكي4755
سيرجي جنابري4623
توماس مولر5014
فيليب كوتينيو3811
إيفان بريسيتش358
كينجسلي كومان388
ألفونسو ديفيز433
ليون جوريتسكا388
جوشوا كيميش517
تياجو ألكانتارا403
بنجامين بافارد474
كورنتين توليسو284
جوشوا زيركزي124
ديفيد ألابا422

لسوء الحظ، في عام 2020، تم حرمان روبرت ليفاندوفسكي من الفوز بالبالون دور بسبب إلغاء فرانس فوتبول حفل الكرة الذهبية نتيجة تفشي جائحة كورونا.

لا أحد يحب الاحتفال وحيدًا

جنرال الحرب لم يكن بكل هذا البرود حقًا، شخصيته ليست جامدة أبدًا، كأب حنون على أطفاله داخل بيته، وخارجه هو أشد الناس صرامة، يضحك ويحتفل مثلنا تمامًا، لكن داخل الملعب لا أحد يحتفل وحيدًا.

لطالما نشاهد لاعبي منتخب ألمانيا يركضون نحو أخر نقطة في الملعب تحديدًا أمام الراية ويقفون يحتفلون مع جماهيرهم فقط، دون احتفالات مبالغة دون صيحات عالية، يركضون لمجرد أنهم سجلوا هدف وعليهم الاحتفال به، ليس لأن الاحتفال نفسه يُترجم مدى شغفهم بما يقدمونه طوال 90 دقيقة، ليس لأن هناك شعور أسمى بأن هذا الهدف ربما تسبب في إسعاد ملايين، ربما كان سببًا في التأهل لدور جديد في بطولة يتمنى الجميع رفع كأسها.

ربما لم يتحدث فليك أبدًا عن سر عدم ابتسامته في المباريات أو احتفاله وتفضيله الجلوس على الدكة دائمًا، لكن أخيرًا انفجر وعبّر عما يدور داخله، وكأنه شعر بأن هناك مشاعر جميلة يحتاج عيشها داخل الملعب ولا يريد تكرار نفس المشهد حتى الاعتزال، كل هذا ذكره فليك بعفوية شديدة في فيلم وثائقي خاص من إنتاج شركة أمازون تم الكشف عنه بعد كأس العالم قطر 2022: All or Nothing: The German National Team in Qatar.

“عندما أرى كيف يحتفل البرازيليون بالأهداف، بهذه النشوة وهذا الجنون، إنه أمر رائع للغاية، هذه هي كرة القدم، أود أن يكون فريقي مثل هذا أيضًا”.

هانز فليك لـ لاعبي ألمانيا

فليك لم يترك الأمر في نفسه، وباح به أخيرًا للاعبي منتخب ألمانيا في إحدى الحصص الفنية التي جمعته بلاعبي منتخب ألمانيا، بعد خسر المانشافت من اليابان في الجولة الأولى من كأس العالم قطر 2022 بنتيجة 2-1، جلس معهم وجلب لهم مقاطع فيديو لاحتفال لاعبي منتخب البرازيل في البطولة نفسها، طالبهم باللعب بنفس المشاعر والشغف، إذا سجل أحدهم عليه الاحتفال بحرقة، عليهم ألا يظلوا ماكينات تركض خلف كرة فقط، وعندما يسجلون يحتفلون بجمود وبلا مشاعر تُذكر.

هذه هي شخصية فليك الحقيقية، هو يعشق كرة القدم ويعمل فيها الآن بكل شغفه، يُريد أن يقدم 11 لاعبًا في الملعب كل ما لديهم من أجل هذا الشغف، يرغب أن تصبح عقليتهم مثل الآخرين الذين يُقدسون احتفالات كرة القدم.

ربما غيّرني برشلونة

ربما لم تعد مشاعري كما كانت من قبل، أتذكر عندما كنت مدربًا في بايرن ميونخ، كانت هناك بعض الصور عندما لعبنا ضد برشلونة، كان الهدف الأول بنفس الصورة مثل الهدف الثاني والهدف الثالث حتى الثامن، قالوا: مهلًا، إنه لا يبتسم أبدًا، لذا في الوقت الحالي لديّ مشاعر أكثر، ربما غيّرني هذا النادي تمامًا، ما يمكنني قوله هو أنني أحب هذا النادي حقًا، أحب برشلونة وأحب الناس هنا، وأبذل قصارى جهدي من أجل هذا النادي، وهذا ما أريده، أنا أعيش من أجل هذا النادي.

هانز فليك

في واحد من أروع المؤتمرات الصحفية التي ظهر فيها هانز فليك خلال فترة تواجده مع برشلونة، كان هذا خلال المؤتمر الصحفي قبل مباراة أولمبياكوس ضد برشلونة التي انتهت 6-1 للبلوجرانا، تم توجيه سؤال له عن الإشارة البذيئة التي بدرت منه خلال احتفاله بهدف أراوخو القاتل ضد جيرونا الذي جاء في الـ+90، في مشهد غريب احتفل فليك نفسه بطريقة غير مناسبة ظهرت على شاشة التلفاز.

هانز فليك في رده على الصحفيين، منح كل مشجع لبرشلونة هدية جميلة ليومه، أعتقد أن فليك نفسه لم يتخيل وقع تلك الكلمات على قلوب عشاق النادي الكتالوني.

التعبير عن الحب دائمًا ما يجعل القلوب تذوب، ما بالك إن جاء هذا الاعتراف من مدربك المفضل الذي انتشل فريقك من الظلام إلى النور، لم يكتفِ بإعادة الشغف للاعبيه فحسب، بل أعاد هذا الشغف لكل عشاق النادي حول العالم.

أهم من الشغل تظبيط الشغل

هانز فليك وصل إلى برشلونة بدون الألم الذي عانى منه لسنوات، بعد ما خضع لعملية جراحية لاستبدال مفصل، يُقال أن هذا سبب كبير في شعوره بالتحرر والانطلاق للمرة الأولى منذ سنوات، وبات المدرب أكثر هدوءًا وقدرة على التركيز الكامل في عمله، وأخيرًا أصبح قادرًا على الاستمام بحياته دون معاناة الألم المستمر الذي لازمه لفترة طويلة.

لكن هذا الأمر ليس المقصود بـ”تظبيط الشغل”، ما فعله فليك كان أكبر من ذلك، كان نظامًا وضعه في برشلونة الذي لم يعهد كيفية السير على نظام منذ بيب جوارديولا تقريبًا.

ممنوع النشر إلا بإذنه

قبل وصوله إلى برشلونة، وصف هانز فليك الصحافة في إسبانيا بأنها تشبه “الغابة”، لذا كان صريحًا منذ البداية مع إدارة برشلونة، فطالبهم بتعليمات صارمة نفذها النادي دون نقاش، يأتي أهمها في توفير بيئة أكثر خصوصية للفريق، وعليه تم تقليص عدد العاملين من النادي خصوصًا الذين يمكنهم دخول المرافق الخاصة بالفريق الأول، ذلك كله كان بهدف خلق مساحة آمنة ومريحة للاعبين والجهاز الفني معًا.

حتى أن فريق المحتوى الخاص بنادي برشلونة لم يعد يُسمح لهم بدخول غرفة الملابس قبل أو بعد المباريات إلا إذا سمح فليك بذلك، فمثلًا كان هناك الكثير من مقاطع الفيديو التي نُشرت على الحساب الرسمي بعد اكتساح برشلونة غريمه ريال مدريد 4-0 في البرنابيو، لكن لم يتم نشر أي محتوى عن الاحتفالات على الحسابات الرسمية بعد الفوز المثير 4-2 على أتلتيكو مدريد في الكأس.

الصحافة هنا تعشق إثارة الجدل

من الأمور الأخرى التي تعامل معها بحدة، هي تجنب إثارة الجدل بالتصريحات النارية التي حاول الصحفيين مرارًا وتكرارًا سحبها من فليك.

فمثلًا عندما سٌئل عن خسارة ريال مدريد ضد إسبانيول 1-0 في الموسم الماضي، تلك الهزيمة التي منحت برشلونة فرصة في حسم صدارة الليجا، سأله الصحفيين عما إذا احتفل بالنتيجة فأجاب بمنتهى البساطة.

بصراحة، كنت نائمًا. كانت الأيام الماضية مرهقة، لذا كان من الأفضل النوم مبكرًا. علمت صباحًا أنهم خسروا.

هانز فليك في إحدى المؤتمرات الصحفية

الاحترام يبدأ من الوقت

ويبدو أكثر ما ترك بصمة لـ هانز فليك في الحياة اليومية داخل برشلونة، كان النظام الصارم الذي تميز به وفرضه على الجميع منذ اليوم الأول، فالاحترام عند فليك يبدأ من الوقت، من يتأخر عن أي اجتماع لن يلعب، هو يعتبر الاحترام للنادي وليس للأشخاص.

فمثلًا عوقب جول كوندي 3 مرات في الموسم الماضي بسبب تأخره على التدريب أو المحاضرة الفنية، فقام فليك بوضعه على مقاعد البدلاء ولعب بديله الشاب هكتور فورت مكانه.

روبرت ليفاندوفسكي - جول كوندي - برشلونة هانز فليك (المصدر:Gettyimages)
روبرت ليفاندوفسكي – جول كوندي – برشلونة (المصدر:Gettyimages)

كما وجد إيناكي بينيا حارس مرمى برشلنة نفسه على مقاعد البدلاء خلال مباراة نصف نهائي كأس السوبر الإسباني ضد أتلتيك بلباو، بعد أن وصل متأخرًا عن اجتماع الفريق. وقتها لعب تشيزني بدلًا منه وبدون سابق إنذار.

حتى لامين يامال نال درسًا في الانضباط حين أبدى انزعاجه من استبداله في إحدى مباريات دوري الأبطال، فاقترب منه فليك وشرح له أهمية الراحة للمباريات المقبلة، وهو ما أكده يامال بعد اللقاء في إحدى تصريحاته.

لا وجود لعرض أزياء هنا

كانت جماهير برشلونة تتداول صور للاعبين قبل الدخول للمباريات الرسمية وهم يستعرضون ملابسهم والأزياء التي يختارونها بعناية ليصبحوا حديث الساعة.

منذ مجيء هانز فليك أصبح هذا التصرف شيئًا من الماضي، بعدما فرض على الجميع الزي الرياضي الرسمي للنادي.

كيف نثر فليك سحره في برشلونة؟

عندما وصل هانز فليك إلى برشلونة أكثر ما شعر بالألم بسببه هو أن العديد من اللاعبين يقدمون أداءً أقل بكثير من المتوقع منهم.

مثلًا، نجوم الخبرة أمثال: ليفاندوفسكي ودي يونج ورافينيا، كانوا يعانون من ضعف الثقة بسبب شعورهم بأن مدربهم السابق تشافي هيرنانديز لا يثق بهم، فرافينيا كان نادرًا ما يُكمل مباراة للنهاية قبل أن يتم استبداله، أما ليفاندوفسكي قد طُلب منه أن يلعب وظهره للمرمى، وهو أسلوب لا يناسبه أبدًا.

على الناحية الأخرى، كان فرينكي دي يونج مقتنعًا بأن النادي يريد التخلص منه وبيعه لتخفيف الأزمة المالية، فوصله شعور بعدم الترحيب به في النادي.

الحصيلة التهديفية للاعبي برشلونة موسم 23-24 قبل وصول فليك

اللاعبالمبارياتالأهداف
روبرت ليفاندوفسكي4926
فيرمين لوبيز4211
فيران توريس4211
جواو فيليكس4410
رافينيا3710
لامين يامال507
جوندوجان515
جواو كانسيلو424
بيدري344
كريستنسن423
سيرجي روبيرتو243
كوندي482
دي بونج302
جافي152
أليخاندرو بالدي281

أول من جلس معه فليك كان ليفاندوفسكي، الذي سجل في الموسم قبل وصوله مباشرة 24 هدفًا، وبعد وصول فليك إلى برشلونة أنهى المهاجم البولندي الموسم برصيد تهديفي وصل إلى 42 هدفًا.

أخبر فليك ليفاندوفسكي ودي يونج ورافينيا بأنه يثق بهم، وأوضح لهم مدى أهميتهم في خططه، فكان من السهل جدًا أن يجد مردود لما قاله فيهم، بل أنهى برشلونة الموسم الماضي 24-25 بحصيلة تهديفية وصلت إلى 78 هدفًا، ليتم اعتبار خط هجوم البلوجرانا هو أقوى هجوم في العالم!

كنت أفكر في الرحيل، لكن فليك أخبرني أنه يثق بي إن بقيت، فصدقته.

رافينيا في تصريحات صحفية

بخلاف خط الهجوم، ستجد أن خط الدفاع بقيادة إينيجو مارتينيز الذي وضع فليك كامل ثقته فيه ليصبح قائدًا للدفاع، أصبح خط دفاع مثالي أربك الكبار في الموسم الأول للألماني المخضرم.

مارتينيز مثلا لم يكن مٌسجلًا في قائمة الفريق في بداية الموسم، وكان قريبًا من الرحيل بالفعل، لكن هانز فليك أقنعه بالبقاء ووعده بفرصة فأصبح قائدًا للدفاع، حتى أن إينيجو له تصريح شهير بعد رحيله إلى النصر، حين قال: “لم أقدر على إخبار فليك برحيلي إلا وأنا جالسًا في الطائرة”.

إينيجو مارتينيز - برشلونة هانز فليك
إينيجو مارتينيز – برشلونة

حتى إريك جارسيا كان على وشك الانتقال إلى جيرونا، قبل أن يقنعه فليك بالبقاء وأنه سيمنحه وقتًا كافيًا للعب.

ولعل ما يُبرز كيف يتعامل فليك مع لاعبيه، هو أن برشلونة سجل 17 هدفًا في الموسم الماضي 24-25 من اللاعبين البدلاء أكثر من أي فريق في الليجا عدا أتلتيكو مدريد الذي حلّ أولًا برصيد 18 هدفًا من البدلاء.

وعمل فليك بشكل كبير على جعل فيران توريس المهاجم البديل خلف ليفاندوفسكي، فارتفعت حصيلته التهديفية، كذلك صنع شخصية فيران لوبيز، وطوّر من بيدري الذي أغلق صفحات الإصابات المتكررة وترك مُمسى “الزجاجي” خلفه وطاح في الجميع في أرضية الملعب، فأصبح يخشاه الكبار والصغار.

الحصيلة التهديفية لـ برشلونة موسم 24-25 بعد وصول هانز فليك

اللاعبالمبارياتالأهداف
روبرت ليفاندوفسكي5242
رافينيا5734
فيران توريس4519
لامين يامال5518
داني أولمو3912
فيرمين لوبيز468
بيدري596
إريك جارسيا455
بابلو توري144
كوندي544
إينيجو مارتينيز463
جافي423
فرينكي دي يونج462
رونالدو أراوخو252
أليخاندرو بالدي471
باو كوبارسي561
جيرارد مارتن421

بعد هذا الموسم التاريخي لبرشلونة مع هانز فليك، فاز الفريق الكتالوني بـ 3 ألقاب: الدوري الإسباني والسوبر الإسباني وكأس ملك إسبانيا، وكان على بُعد خطوة على بطاقة التأهل لنهائي دوري الأبطال، لكن إنتر ميلان أنهى الحلم بمباراة درامية ماراثونية، وبعد هذا الموسم تحديدًا تم ترشيح لامين يامال ورافينيا وبيدري للتنافس على الكرة الذهبية

الحصيلة التهديفية لـ برشلونة موسم 25-26 مع هانز فليك (حتى الآن)

اللاعبالمبارياتالأهداف
ماركوس راشفورد125
فيران توريس125
فيرمين لوبيز75
روبرت ليفاندوفسكي94
رافينيا73
لامين يامال73
رونالدو أراوخو92
بيدري122
كوندي121
إريك جارسيا121
داني أولمو101

هذا الموسم يعاني برشلونة من كثرة الغيابات منذ الجولات الأولى، ليجد هانز فليك نفسه أمام تطوير خامة لاعب مثل ماركوس راشفورد، الذي يقدم مواسم ماضية سيئة جدًا سواء مع مانشستر يونايتد أو أستون فيلا، ويبدو أن فليك نجح في المهمة حتى اللحظة.

لن تفوز بأي شيء مع الأطفال

” لا يمكنك الفوز بأي شيء بالاعتماد على الأطفال”، هذا تصريح خرج من آلان هانسن مدافع ليفربول السابقفي عام 1995، ويتم تداوله على مر الأجيال للسخرية من أي مدرب يعتمد على لاعبين شباب في عمر صغير في تشكيلته.

مقولة هانسن تم نسفها تمامًا مع فريق هانز فليك، بعد حصده 3 ألقاب بتشكيلة معظم لاعبيتها من الشباب، وأصغر لاعبيه كان لامين يامال الذي لم يتجاوز الـ 17 عامًا وقتها وحصل على المركز الثاني ضمن ترتيب الكرة الذهبية 2025.

قال فليك في مؤتمر صحفي تم عقده خلال موسمه الأول في برشلونة، عندما سُئل عمّا يميز فريقه عن الفرق التي دربها سابقًا مثل بايرن ميونخ وهوفنهايم:

الأجواء داخل غرفة الملابس مذهلة. يمكنك أن تشعر بأن هناك شيئًا خاصًا. الجميع يهتم ببعضه البعض، وقد بنينا رابطًا قويًا جدًا، ليس فقط بين اللاعبين، بل بينهم وبين الطاقم الفني أيضًا. الكل يشعر بأهميته في هذا المشروع.

هانز فليك

الشجاعة والتهور الذي يتميز به الشباب هو ما يحبه جدًا هانز فليك، تلك الصفات كانت سببًا في الفوز بالثلاثية الموسم الماضي، والاقتراب من نهائي دوري أبطال أوروبا، الأخيرة تحديدًا أعادت البهجة ليس فقط إلى برشلونة بل لعشاق كرة القدم الجميلة حول العالم.

بخلاف ذلك، فإن أطفال برشلونة دعسوا ريال مدريد في 4 كلاسيكو تم إقامتهم في الموسم الماضي، خسر الميرنجي 2 كلاسيكو في الدوري بنتائج قاسية، وخسر لقب السوبر الإسباني في كلاسيكو بينه وبينه غريمه برشلونة، وخسر أيضًا لقب كأس ملك إسبانيا في كلاسيكو رابع وأخير في الموسم الماضي!.

ستجد أن تشكيلة برشلونة مع هانز فليك تحتوي على لامين يامال (17 عامًا) وباو كوبارسي (18 عامًا) وبيدري (22 عامًا) ثلاثي في مراكز مختلفة تركوا بصمة كبيرة في الموسم الماضي، وأعادوا فريق بيب جوارديولا 2009 لأذهان المشجعين.

وهنا يمكن القول بأن مصائب برشلونة كانت سببًا في ميلاد جيل جديد أعاد النادي إلى قمة المجد من جديد، فالأزمة المالية لبرشلونة التي حرمت النادي من شراء اللاعبين في الميركاتو، ساهمت في ظهور هؤلاء اللاعبين الذي قادوا الفريق نحو الثلاثية الموسم الماضي، ومحاولة المنافسة على كل الألقاب في الموسم الحالي.

ويمكن أن يكون هناك تحليل آخر، بأن هذا الجيل من برشلونة الذي يضم عدد كبير من الشباب، كان السبب الرئيسي في تحول شخصية هانز فليك من جنرال حرب إلى أب حنون للجميع، مدرب فكاهي على خط الملعب أوقات، وجاد جدًا في أوقات أخرى.. فخرج علينا هذا الرجل بمزيج لا يختلف عليه اثنين.

وربما يكون العامل الأهم في نجاح برشلونة هو أن جميع لاعبيه، أمثال لامين يامال، ورافينيا، ودي يونج، وبيدري، باتوا يفكرون بعقل واحد، هانز فليك يضع الخطة، لكن هذا الفريق الجريء هو من ينفذها بشغف، وقد يكون المدرب هو القائد، لكنهم جميعًا جنوده المخلصون داخل الملعب.

سارة علي

صحفية من مصر، بدأت العمل الصحفي منذ 2012، لديها خبرة لأكثر من 5 سنوات في 365Scores، تهتم بكتابة القصص الصحفية والتحقيقات والحوارات، ومهتمة بأخبار الدوريات حول العالم وبترجمة الأخبار العالمية ومتابعة أحداثها أول بأول، وتنسيق موضوعات خاصة باللاعبين الكبار وأهم ما يدور عنهم من أحداث مميزة ومختلفة.