أخبار الكرة الإسبانيةأخبار برشلونة اليومأخبار365TOP

نيكي نيكول ولامين يامال.. كيف عاد دراكولا إلى الحياة على أرض برشلونة؟

منذ أن خطّ الأديب برام ستوكر روايته الشهيرة في نهايات القرن التاسع عشر، أصبح الكونت دراكولا أكثر من مجرد شخصية خيالية؛ فصار رمزًا أبديًا لـ السحر الغامض الذي يفتن قبل أن يفترس.

ذاك النبيل القابع في قصره بترانسلفانيا، يختبئ خلف أناقته وهدوئه، بينما يعيش على طاقة الآخرين، لم يكن سحر الوحش الأنيق في دمه فقط، بل في قدرته على أسر الأرواح قبل أن يلتهمها بصمت.

الأسطورة في جوهرها لم تكن حكاية عن مصاص دماء، بل عن العلاقات التي تُسلب فيها الطاقة ببطء، عن الافتتان الذي يبدأ بوميضٍ ويختم بانطفاءٍ، عن الشغف الذي يضيء الطريق قبل أن يحرق من يسير فيه طويلًا.

من ضباب الأسطورة إلى أضواء الملاعب

في زمنٍ لم يعد فيه الخطر بالأقبية المظلمة، بل في وهج الكاميرات والمدرجات المزدحمة بالأضواء، ومن مجرد تعليق عبر وسائل التواصل الإجتماعي تنبعث الحكاية من جديد بشكل آخر.

في ملاعب أوروبا، حيث تختلط العاطفة بالرياضة، والبطولة بالشغف، والمجد بالشهرة، ولد نجم شاب يدعى لامين يامال، صار أيقونة الحلم الكتالوني الجديد، وسليل مدرسة لا تعرف التوقف عن صناعة المجد.

لكن الحكاية لم تبقَ في حدود المستطيل الأخضر، فحين دخلت إلى حياته المغنية الأرجنتينية نيكي نيكول، انفتح فصل جديد، لا يخلو من الغموض، تمامًا كما في أسطورة دراكولا حين يختلط النور بالظلال.

منذ ظهورها في المدرجات تتابعه بابتسامة ناعمة وعدسات الصحافة تترصد المشهد، صار يامال أكثر حضورًا في عناوين الفن والمشاهير من صفحات الرياضة، بدا الأمر في البداية كقصة حب حديثة بين نجمين يافعين، لكن بمرور الوقت، بدأت علامات الإرهاق تطفو على السطح، كأن شيئًا ما تغيّر.

مجرد تعليق أعاد الأسطورة إلى الحياة

بعد الكلاسيكو الأخير، الذي سقط فيه برشلونة أمام ريال مدريد بنتيجة (2-1)، لم تكن الخسارة وحدها هي ما أثار الجدل، بل التحول الصامت في أداء يامال.

ذلك الشاب الذي كان يلعب بخفة راقصة كأن الكرة جزء من روحه، بدا كمن يجر قدميه في أرض الملعب مثقلاً بظل غير مرئي، فكان يُحاول الركض، لكن وهج الأضواء الذي كان يحيط به من قبل أصبح ثقيلاً كعباءة من الرصاص.

ما دفع أحد رواد مواقع التواصل الإجتماعي يكتب معلقا على أداء يامال في الكلاسيكو :”السبب كله في نيكول انها تستنزفه مثل دراكولا”، ومن هنا بدأت الحية تدب في أسطورة خفت بريقها منذ أمد بعيد، في الوقت نفسه، غابت نيكول عن المشهد، ولم تظهر في المدرجات كما اعتادت، ولم تنطق بكلمة عبر حساباتها التي كانت تموج بالحماس والدعم.. صمتها كان أشبه بليل ترانسلفانيا الطويل، صمتٌ كثيف لا يُقال فيه شيء، لكنه يقول كل شيء، فبدا جليًا أنها تحاول تفادي العاصفة بعد ما أشعل يامال الكلاسيكو بتصريحات نارية امتد أثرها لما بعد المباراة.

بين نيكول ودراكولا… سحر لا يخلو من الثمن

لم يكن عشاق البلوجرانا يتحدثون عن ذنبٍ أو خطأ، بل عن توازنٍ مختل بين حضورين قويين كانت الغلبة فيه لنيكول على حساب فتى برشلونة الذهبي، فكما كان دراكولا يُبهر ضحاياه بفتنته، لتذوب طاقتهم في حضرته، بدا أن شهرة نيكول الطاغية بدأت تمتص شيئًا من وهج يامال، لتتركه تائه على العشب الأخضر.

أصبحت العلاقة بينهما حوارًا بين النور والظل، بين الفن والرياضة، بين أنغام المسارح وضجيج المدرجات، هي بموسيقاها وسحرها اللاتيني، تشبه شعلةً تضيء من بعيد؛ وهو بموهبته الفطرية، أشبه بنجمٍ صغيرٍ يحاول البقاء مشتعلاً تحت عواصف الأضواء، لكن النار حين تقترب من النار، لا بد أن تترك أثرًا من الرماد.

نيكي نيكول… بين الفتنة والأسطورة

نيكي نيكول ليست نجمة عادية؛ هي واحدة من أبرز الأصوات في أمريكا اللاتينية، تمتلك حضورًا طاغيًا وسحرًا يشبه الضوء حين يخترق الغمام، لكن كما في كل أسطورة، الضوء القوي يُلقي ظلًا لا يمكن تجاهلا، منذ ارتباطها بيامال، لم تعد مجرد مغنية ناجحة، بل تحوّلت إلى رمزٍ في روايةٍ معقدة عن الشهرة والعاطفة والمصير.

إنها ليست “دراكولا” بمعناها الدموي، بل بمعناها الرمزي؛ فهي تمتص الانتباه، تجذب الأضواء، وتصبح مركز الطاقة في العلاقة، تاركةً من حولها في دوائر متشابكة من السحر والتعب، وهو ما ظهر على أداء يامال في المباراة.

فبدا الدولي الإسباني كمن وقع في دائرة الجاذبية تلك، يحاول أن يوازن بين الحب والمجد، بين القلب والعقل، بين الموسيقى والكرة.. لكن يبدو أن الإسباني فقد السيطرة وتاه في ظُلمات قلاع بنسلفينيا.

موعد مباراة برشلونة القادمة بعد الهزيمة من ريال مدريد في الدوري الإسباني
ألفارو كاريراس – لامين يامال – برشلونة – ريال مدريد (المصدر:Gettyimages)

بين الأسطورة والواقع… حين يتسلل الليل إلى النهار

الأسطورة تقول أن دراكولا لا يموت، بل يبدّل شكله ويعود كلما وجد قلبًا ينبض، وإن تواجد في هذا العصر، لن يعيش في القلاع القديمة، بل في قصصنا الحديثة وربما كأحج المشاهير على مواقع التواصل الإجتماعي ليتجلى في كل موهبةٍ تتآكل تحت وطأة الشهرة، في كل نجم يُحب علنًا ويخسر سرًّا.

ربما لم تكن نيكول “دراكولا”، ولم يكن يامال “ضحية”، لكن الحكاية تجمعهما كما جمعت الأسطورة ضوء القمر بظلمة القصر، هي تغني، فيملأ صوتها المسارح، وهو يحاول استعادة أنفاسه في المستطيل الأخضر، وبين الاثنين، تدور لعبة الزمن.. حيث الحب يفتن، والشهرة تستهلك، والنجاح دائمًا له ثمن.

كما في كل الأساطير، لا خاتمة نهائية لهذه القصة، سيعود يامال إلى الملاعب، وقد يستعيد تألقه، وستواصل نيكول الغناء، ويتردد صداها في المسارح، لكن شيئًا في هذه القصة سيبقى محفورًا في الذاكرة: أن كل وهج له ظل، وكل بريق يخفي ثمنه، وكل حبّ يعيش تحت الأضواء يذوب ببطء في وهجها.

منصور مجاهد

صحفي مصري منذ 2019، خريج إعلام القاهرة، شغوف بكرة القدم الإنجليزية وصناعة التقارير العميقة، مقدم برامج ومعلق صوتي بخبرة أكثر من 7 سنوات بمجال الإعلام.