نظافة الشباك لا تعني الأمان.. لماذا يبدو ريال مدريد فريقًا بلا هوية؟
رغم تحقيقه ثلاثة انتصارات متتالية، لا يزال ريال مدريد عاجزًا عن إخفاء تراجع مستواه الفني تحت قيادة تشابي ألونسو، في ظل أداء باهت يفتقر إلى الوضوح التكتيكي والحلول الإبداعية، خاصة أمام الفرق التي تُجيد التنظيم الدفاعي.
وتسود حالة من الإحباط داخل أروقة النادي الملكي، فالمركز المتقدم في جدول الدوري والاستمرار في المنافسات القارية لم يعودا كافيين لتبرير الأداء المتواضع.
الفريق يُعاني من غياب التأثير الجماعي دون كرة، وتزايد الارتباك التكتيكي من مباراة إلى أخرى، إلى جانب ضعف الفاعلية الهجومية في المساحات الضيقة، ما يضع ريال مدريد أمام مفترق طرق حقيقي.
هشاشة دفاعية رغم نظافة الشباك
مباراة إشبيلية الأخيرة كشفت مجددًا عمق الأزمة، إذ ظهر ريال مدريد بضعف هيكلي واضح، رغم خروجه بشباك نظيفة. الثغرات في الرقابة كانت كبيرة، والضغط افتقر إلى الكثافة والفاعلية، مع وجود فجوات واضحة بين الخطوط يمكن لأي فريق منظم استغلالها.
واستفاد الفريق من تألق تيبو كورتوا، الذي لعب دور المنقذ كما اعتاد في فترات سابقة، ليُخفي مؤقتًا عيوبًا تكتيكية وفردية أثرت بشكل مباشر على توازن الفريق.
الضغط غائب وبدون ارتداد
واصل الخصوم، وعلى رأسهم إشبيلية، بناء اللعب من الخلف دون مقاومة حقيقية. ضغط ريال مدريد جاء عشوائيًا وبدون تنظيم، ما أدى إلى تفكك خطوطه، خاصة في ظل غياب الالتزام الدفاعي من بعض العناصر الهجومية.
ولم يُقدّم كيليان مبابي وفينيسيوس جونيور الإضافة المطلوبة دون كرة، فانهارت المنظومة الدفاعية سريعًا.
الأرقام تؤكد ذلك؛ ففي آخر خمس مباريات، لم ينجح ريال مدريد سوى في تنفيذ خمس اعتراضات في الثلث الأمامي في المباراة الواحدة، وهو معدل أقل بأربع اعتراضات عن متوسطه السابق، ما يُجسّد مفهوم “الضغط الوهمي” الذي بات سمة واضحة لأداء الفريق.

رقابة مفقودة ومساحات قاتلة
إلى جانب ضعف الضغط، برزت مشكلات واضحة في الرقابة الدفاعية. الفريق لا يضغط عاليًا ولا يُحكم إغلاق المساحات أمام مستقبلي الكرات.
تحركات لاعبي الخصم بين الخطوط، كما حدث أمام إشبيلية، كشفت عن خلل في تمركز قلبي الدفاع والأطراف، مع بطء واضح في ارتداد لاعبي الوسط وتحملهم للمسؤولية الدفاعية.
وأجبر إشبيلية ريال مدريد على التراجع إلى نصف ملعبه، معتمدًا على التمريرات الطويلة والهجمات المباشرة خلف الخط الخلفي، وهو سيناريو تكرر على مدار اللقاء دون أن يجد الفريق الملكي حلولًا ناجعة لإيقافه.
خط دفاع ريال مدريد بدون هوية
لا تقتصر الأزمة على الأداء الجماعي، بل تمتد إلى تراجع مستوى العناصر الدفاعية نفسها. في ظل غيابات مؤثرة ونقص الخبرة لدى بعض اللاعبين، افتقد ريال مدريد للثبات الدفاعي. الثنائي روديجير وهويسن ارتكب أخطاء متكررة، واتسعت المساحات بينهما، فيما ظهرت صعوبات بدنية واضحة في التعامل مع المساحات المفتوحة.
ورغم أن عدد تسديدات إشبيلية قد يبدو مفاجئًا على الورق، فإن تسلسل الأداء في المباريات الأخيرة يجعل ذلك نتيجة منطقية لمسار متراجع.

غياب الهوية الهجومية
على الصعيد الهجومي، يعاني ريال مدريد من غياب الإيقاع والهوية. الفريق يعتمد على ومضات فردية أكثر من كونه منظومة متكاملة. وعندما تُغلق المساحات أمامه، يفقد الكثير من خطورته. هدف جود بيلينجهام من كرة ثابتة كان كافيًا لحسم المباراة، لكنه لم يُخفِ عجز الفريق عن اختراق الدفاعات المتكتلة عبر اللعب المفتوح.
وبينما أظهر رودريجو رغبة واضحة في تغيير مجرى اللقاء بتحركاته خلف المدافعين، تبقى هذه الحلول مؤقتة وليست معالجة جذرية. وحتى الآن، لم يُقدّم ريال مدريد مؤشرات مقنعة حول قدرته على إيجاد حلول جماعية أمام الخصوم المنظمين.
في المحصلة، تبدو انتصارات ريال مدريد غير كافية لإخفاء أزمة أعمق، عنوانها غياب الضغط الحقيقي، هشاشة الدفاع، وفقدان الهوية، وهي تحديات تضع تشابي ألونسو أمام اختبار مبكر وصعب في مشروعه مع النادي الملكي.