في الصيف الذي شهد مونديال 2014، وبينما كانت الجماهير تنشغل بأداء نيمار وتراجع إسبانيا، كانت كواليس البطولة في البرازيل تموج بأحداث أكثر سخونة من مباريات الملعب، لكنها لم تكن تُنقل عبر الكاميرات، بينما يكشفها لكم موقع 365scores.
خلف الاحتفالات والدموع والنتائج، كان الفساد يعيد ترتيب أوراقه، وتتحرك خيوطه القديمة في قلب المؤسسة الكروية الأكبر في العالم؛ الفيفا.
وبعد عامٍ واحد فقط من إسدال الستار على البطولة، بدأت تتكشف حقائق صادمة، فقد أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي توسيع دائرة التحقيق في قضية فساد الاتحاد الدولي لكرة القدم، لتشمل تنظيم مونديال 2014، بعدما طالت التحقيقات بطولتي 2010 و1998، والعطاءات الخاصة بروسيا وقطر أيضًا.

تحقيقات مونديال 2014.. من بليزر إلى تيكسيرا
أول ضربة جاءت من داخل المؤسسة نفسها، عندما أدلى تشاك بليزر، عضو اللجنة التنفيذية السابق، بشهادة أدان فيها شخصيات بارزة داخل الفيفا.
بليزر، الذي أصبح شاهدًا رئيسيًا، أقر بتلقيه رشاوى متعلقة بمنح جنوب أفريقيا شرف تنظيم مونديال 2010، إضافة إلى تورطه في محاولة رشوة تتعلق بملف المغرب في 1998.
تلك الاعترافات أعادت فتح ملفات أخرى، على رأسها العلاقة الغامضة بين ريكاردو تيكسيرا، الرئيس السابق للاتحاد البرازيلي لكرة القدم، وجيروم فالكه، الأمين العام للفيفا حينها.
صحيفة “أو إستادو دي ساو باولو” البرازيلية كشفت أن المحققين الأمريكيين ركزوا على أكثر من ألف وثيقة وُقعت قبل انطلاق مونديال 2014، بعضها يحمل توقيع تيكسيرا.
تسديدة رودريغو تعلن أول أهداف البرازيل 🔥⚽️
— SSC (@ssc_sports) September 7, 2024
البرازيل 1 × 0 الإكوادور#تصفيات_أمريكا_الجنوبية
#البرازيل_الإكوادور | #SSC pic.twitter.com/gBipLSjv7p
وقد تولّى تيكسيرا رئاسة اللجنة المنظمة لمونديال 2014 قبل أن يغادر البرازيل إلى ميامي عام 2012، تحت وطأة الشبهات، وعلى الرغم من أنه لم يكن ضمن قائمة المتهمين الأساسية في لائحة وزارة العدل الأميركية، فإنّ اسمه كان حاضرًا في صلب التحقيقات المرتبطة بشركة “ISL” التي حصل منها على 9.5 مليون دولار في صفقات تسويق حقوق بث كأس العالم.
جيروم فالكه.. من الإقالة إلى الترقية فالاتهام في مونديال 2014
أما جيروم فالكه، ذراع بلاتر اليمنى، فتمت إقالته في 2006 من منصبه كمدير للتسويق في الفيفا بعد حكم قضائي اتهمه بالكذب في نزاع مع شركة “ماستركارد”.
ورغم ذلك، عاد بعد سبعة أشهر فقط ليُعيّن أمينًا عامًا للاتحاد الدولي، ويبدأ بصياغة ملف البرازيل لاستضافة البطولة – والتي فازت بها دون منافس.
ورغم دفاع فالكه المستمر عن نفسه، وتأكيده أن “لا شيء يخفيه”، إلا أن اسمه ارتبط أيضًا بتحويل مبلغ 10 ملايين دولار من جنوب أفريقيا إلى حسابات تابعة لجاك وارنر، النائب السابق لرئيس الفيفا، وهي الأموال التي وُصفت لاحقًا بأنها “دفعة رشوة مقنعة لتأمين التصويت”.
بلاتر يسقط.. وإنجلترا تعرض خدماتها
كل هذه الفضائح كانت كافية لهدم المنظومة، سيب بلاتر، الرئيس الذي أعيد انتخابه لولاية خامسة في 2015، لم يُكمل أسبوعه الأول، واضطر إلى إعلان استقالته تحت ضغط التحقيقات، والاتهامات، وانفجار الغضب الدولي.
في تلك اللحظة، خرجت إنجلترا بعرض جديد، وزير الثقافة البريطاني حينها، جون ويتينجديل، قال أمام مجلس العموم إن بلاده مستعدة لاستضافة مونديال 2022، في حال سُحبت البطولة من قطر.
🚨🚨🚨🚨🚨🚨🚨🚨🚨 هدف خيالي! 😰
— عمرو (@bt3) October 16, 2024
هدف أندريس بيريرا الخيالي مع البرازيل 🇧🇷 اليوم.
pic.twitter.com/2CLSCrsfbt
تصريح أثار ردود فعل غاضبة في روسيا وقطر على حد سواء، حيث اتُهمت بريطانيا بمحاولة استغلال الأزمة لتصفية حسابات فشلها في نيل شرف التنظيم سابقًا.
التحقيقات الأميركية لم تقتصر على شخصيات محددة، ففي مايو 2015، تم اعتقال سبعة مسؤولين كبار من الفيفا في فندق بزيورخ، من بينهم خوسيه ماريا مارين، خليفة تيكسيرا في الاتحاد البرازيلي.
أما الرئيس الحالي وقتها، ماركو بولو ديل نيرو، فهرب من سويسرا في اللحظات الأخيرة، وتعرض لاحقًا لموجة من المطالبات بالتنحي من رموز بارزين مثل روماريو ورونالدو.
كما فُتح تحقيق منفصل في الولايات المتحدة بشأن عقد ضخم بين الاتحاد البرازيلي لكرة القدم وشركة أمريكية للملابس الرياضية، يُعتقد أنها نايكي، بقيمة تجاوزت 150 مليون دولار، العقد ارتبط بعمولات مشبوهة ورشى تم تمريرها بين أطراف داخل وخارج الاتحاد البرازيلي.
في خضم هذه الأحداث، ظهر جاك وارنر من جديد، مدعيًا امتلاكه لوثائق خطيرة تثبت تورط الفيفا في التأثير على الانتخابات في ترينيداد وتوباغو عام 2010، وفي كلمة متلفزة، قال: “لن أحتفظ بالأسرار بعد اليوم لأولئك الذين سعوا لتدمير بلدي”.
ما جرى في تلك السنوات لم يكن مجرد سقوط لبلاتر أو كشف لبعض المعاملات المالية المشبوهة، لقد كانت لحظة مفصلية في تاريخ كرة القدم العالمية، حيث تلاقت شعارات اللعب النظيف مع الحقائق القذرة، واصطدمت آمال الشعوب بجدار من الفساد والرشاوى.