من جالاكتيكوس مورينيو إلى مجوهرات ألونسو.. هل نشهد أعظم موسم في تاريخ ريال مدريد؟

في زمنٍ ظن فيه الجميع أن ريال مدريد قد بلغ سقف المجد، ظهر تشابي ألونسو ليكسر هذا التصوّر، لم تمضِ سوى أشهر قليلة على توليه القيادة الفنية، حتى قاد الفريق الملكي إلى انطلاقة تُوصف بالتاريخية، تجاوز بها أرقام جوزيه مورينيو في موسم المئة نقطة التاريخي، واقترب من معادلة أمجاد ستينيات القرن الماضي. إنّه ريال مدريد جديد، بنفسٍ كلاسيكيٍّ أصيل، وروحٍ متجددةٍ لا تعرف سوى طريق النصر.
ريال مدريد ألونسو يتجاوز أسطورة مورينيو
بعد مرور 11 جولة فقط من الدوري الإسباني، جمع ريال مدريد بقيادة تشابي ألونسو نقاطًا أكثر مما جمعها الفريق تحت قيادة مورينيو في موسم 2011-2012، الموسم الذي انتهى بـ100 نقطة وظلّ علامة خالدة في ذاكرة النادي كونه أعظم موسم في تاريخ الليجا، بل هو أعلى عدد نقاط وصل إليه فريق في تاريخ الدوري الإسباني رفقة موسم 2012-2013 للغريم برشلونة تحت قيادة تيتو فيلانوفا الذي وصل للمئة نقطة أيضًا؛ ومع كل مباراة جديدة، يزداد الشعور بأن الفريق الحالي يسير نحو كتابة فصل ربما يكون الأجمل في تاريخ ريال مدريد الممتد على مدى أكثر من قرن.

بالنظر إلى الأرقام، سيتخطى تشابي ألونسو رقم جوزيه مورينيو التاريخي حال الاستمرار على نفس المعدل النقطي، بل في حال الفوز في المباريات المتبقية جميعها سيصل إلى النقطة 111، مما يعني أنه حال فقدان 10 نقاط كاملة سيظل متخطيًا لرقم مورينيو كذلك.
ولعل أبرز عناوين موسم تشابي ألونسو، أنه بالرغم من الخسارة القاسية أمام أتلتيكو في الديربي، إلا أنه سرعان ما عاد بقوة لمواصلة سلسلة الانتصارات المتتالية، وأكملها بتفوق مستحق على برشلونة، على النقيض مما حدث مع مورينيو الذي خسر الكلاسيكو الأول في موسم 2011-2012، وكان في السانتياجو بيرنابيو كذلك، ضمن الجولة السادسة عشر آنذاك، وانتهت لصالح البلوجرانا بثلاثة أهداف لهدف واحد.
مقارنة رقمية بين ريال مدريد ألونسو وموسم مورينيو التاريخي
| الموسم | عدد المباريات | الفوز | التعادل | الخسارة | الأهداف المسجلة | الأهداف المستقبلة | الفارق التهديفي | النقاط | المركز |
| 2011-2012 (مورينيو) | 11 | 9 | 1 | 1 | 36 | 7 | 29 | 28 | الأول |
| 2025-2026 (ألونسو) | 11 | 10 | 0 | 1 | 26 | 10 | 16 | 30 | الأول |
بداية مدريدية بطعم الأيام الذهبية
إحصائيًا، حقق ريال مدريد هذا الموسم 13 انتصارًا في 14 مباراة رسمية، مقابل هزيمة واحدة فقط. وهي الأرقام التي تجعل من انطلاقته الحالية الأفضل منذ 64 عامًا، والثانية عبر تاريخ النادي بأكمله؛ إنجاز لم يتحقق حتى في أزهى أيام أنشيلوتي أو زيدان أو مورينيو، ما يعكس حجم التحوّل الذي أحدثه ألونسو في أسلوب اللعب والذهنية معًا.
لكي نجد سجلًا مشابهًا لما يعيشه ريال مدريد اليوم، يجب العودة إلى موسم 1961-1962، حين بدأ الفريق الأسطوري بقيادة المدرب التاريخي ميجيل مونيوز موسمه بنفس الرصيد: 13 انتصارًا وهزيمة واحدة، تلك الكتيبة التي ضمت أسماء خالدة مثل ألفريدو دي ستيفانو، فيرينتس بوشكاش، وفرانسيسكو خينتو، أنهت الموسم آنذاك بتحقيق ثنائية الدوري الإسباني وكأس الجنرال (كأس الملك حاليًا)، في واحدة من أكثر الفترات إشراقًا بتاريخ النادي الملكي.
🔙 #OTD in 1969, we secured our 14th @LaLiga title! 🏆#RealFootball pic.twitter.com/NrDj78mUXq
— Real Madrid C.F. 🇬🇧🇺🇸 (@realmadriden) March 30, 2023
ويُظهر وجود فريق ألونسو الجديد ضمن المقارنة الإحصائية مع تلك المجموعة الذهبية مدى الهيمنة التي يقدمها ريال مدريد في مستهل الموسم الحالي؛ في الواقع، لم يحقق سوى فريق واحد في تاريخ ريال مدريد بداية أفضل بعد مرور 14 مباراة، وهو فريق موسم 1928-1929 بقيادة المدرب خوسيه أنطونيو بيراوندو، الذي قاد النادي في أول موسم رسمي للدوري الإسباني، حين أنهى الفريق تلك المرحلة دون هزيمة (13 فوزًا وتعادل واحدًا).
جدول ترتيب الدوري الإسباني موسم 1928-1929
| المركز | الفريق | المباريات | الفارق التهديفي | النقاط |
|---|---|---|---|---|
| 1 | برشلونة | 18 | 14 | 25 |
| 2 | ريال مدريد | 18 | 13 | 23 |
| 3 | أتلتيك بلباو | 18 | 10 | 20 |
| 4 | ريال سوسيداد | 18 | 5 | 20 |
| 5 | أريناس جيتو | 18 | -7 | 19 |
| 6 | أتلتيكو مدريد | 18 | 2 | 18 |
| 7 | إسبانيول | 18 | -6 | 16 |
| 8 | نادي ديبورتيفو أوروبا | 18 | -4 | 16 |
| 9 | ريال يونيون | 18 | -12 | 12 |
| 10 | راسينغ سانتاندير | 18 | -25 | 9 |
ورغم أن فريق ريال مدريد أنهى موسم 1928-1929 في المركز الثاني خلف برشلونة بعد أن فرط في الصدارة في الجولة الأخيرة عندما خسر أمام أتلتيك بيلباو العنيد آنذاك بهدفين دون رد، ليهدي اللقب لـ برشلونة الذي انتصر حينها على حساب ريال يونيون بأربعة هدف لهدف وحيد، فإن فريق موسم 1961-1962 الذي تُوّج بالثنائية المحلية يظل النموذج الذي يسعى ريال مدريد الحالي لمعادلة إنجازه وربما تجاوزه.
أفضل انطلاقة لريال مدريد بعد 14 مباراة في تاريخه
| الموسم | المدرب | عدد المباريات | الفوز | التعادل | الخسارة |
| 1928-1929 | خوسيه بيراوندو | 14 | 13 | 1 | 0 |
| 1961-1962 | ميجيل مونيوز | 14 | 13 | 0 | 1 |
| 2025-2026 | تشابي ألونسو | 14 | 13 | 0 | 1 |
ماذا يحدث عندما يفوز ريال مدريد في 10 من أول 11 مباراة في الدوري الإسباني؟
في موسم 1961-1962، نجح ريال مدريد في تحقيق 10 انتصارات وتلقى هزيمة واحدة في أول 11 جولة من الدوري الإسباني، وهو الرقم ذاته الذي حققه تشابي ألونسو هذا الموسم بعدما جمع 30 نقطة من أول 11 مباراة بخسارة وحيدة في الديربي أمام أتلتيكو و10 انتصارات بينها كلاسيكو الذهاب أمام برشلونة في البيرنابيو.

وبالرغم من أنها ليست المرة الأولى الذي يجمع 10 انتصارات، بل الخامسة، إلا أن الريال لم يحقق اللقب سوى في مرتين فقط من الأربعة مواسم التي حقق خلالها هذه الإنطلاقة.
| الموسم | عدد المباريات | الفوز | التعادل | الخسارة | النتيجة النهائية |
| 1961-1962 | 11 | 10 | 0 | 1 | بطل الدوري |
| 1968-1969 | 11 | 10 | 1 | 0 | بطل الدوري |
| 1991-1992 | 11 | 10 | 1 | 0 | وصيف (برشلونة البطل) |
| 2022-2023 | 11 | 10 | 1 | 0 | وصيف (برشلونة البطل) |
| 2025-2026 | 11 | 10 | 0 | 1 | في الصدارة حاليًا |
تشابي ألونسو يتربع على عرش مدربي ريال مدريد
بعد نجاحه بالفوز في 10 مباريات من أول 11 لقاء في الليجا، بعد توليه مهمة تدريب الملكي هذا الموسم، أصبح تشابي ألونسو أول مدرب يحقق هذا الإنجاز في تاريخ ريال مدريد الممتد لأكثر من قرن، والرابع تاريخيًا بعد ثلاثي برشلونة تيتو فيلانوفا وجيرارد مارتينو وهانز فليك، فماذا فعل هؤلاء المدربين بعد الانطلاقة القوية؟
المدربون الذين حققوا 10 انتصارات في أول 11 مباراة لهم في الدوري الإسباني
| المدرب | الفريق | الموسم | النتيجة النهائية |
|---|---|---|---|
| تيتو فيلانوفا | برشلونة | 2012/13 | بطل الدوري |
| جيرارد مارتينو | برشلونة | 2013/14 | وصيف (أتلتيكو مدريد البطل) |
| هانز فليك | برشلونة | 2024/25 | بطل الدوري |
| تشابي ألونسو | ريال مدريد | 2025/26 | في الصدارة حاليًا |
سطوة البرنابيو.. من القلعة إلى القصر
كما واصل ريال مدريد كتابة فصول تفوقه المحلي بعد أن اكتسح ضيفه فالنسيا برباعية نظيفة مساء السبت، في ليلة عززت هيمنته على ملعب «سانتياجو برنابيو» وأكدت عودته إلى القمة تحت قيادة مدربه الجديد تشابي ألونسو، هذا الانتصار كان العاشر على التوالي للفريق في الدوري الإسباني على أرضه، وهو أطول سلسلة انتصارات يحققها الملكي في معقله منذ عام 2013.

لم يعرف جمهور البرنابيو الخيبة منذ أشهر طويلة، فالفريق الذي يقدّم كرة هجومية أنيقة وشخصية حديدية، لا يترك مجالًا للمفاجآت أمام جماهيره، ويعود آخر سقوط لريال مدريد في الليجا على ملعبه إلى شهر أبريل الماضي، حين تلقى الهزيمة على يد فالنسيا نفسه بنتيجة 2-1، ومنذ ذلك الحين، لم يخرج الفريق من ملعبه إلا مرفوع الرأس.
تاريخيًا، لم يعرف ريال مدريد هذا الزخم سوى مرة واحدة في العقد الأخير، عندما حقق 14 انتصارًا متتاليًا بين موسمي 2011-2012 و2012-2013، في حقبة بدأت مع جوزيه مورينيو واكتملت تحت إشراف كارلو أنشيلوتي، والمفارقة أن السلسلة الحالية انطلقت أيضًا مع أنشيلوتي في أبريل الماضي بفوز صعب على أتلتيك بلباو، قبل أن يسلم الراية لألونسو الذي واصل المسيرة بثقة وثبات.
بصمة تشابي ألونسو.. توليفة بين الهدوء والصرامة
منذ اليوم الأول له على دكة ريال مدريد، بدا أن تشابي ألونسو يعرف تمامًا ما يريد. لم يحتج المدرب الإسباني إلى وقت طويل ليُعيد الانضباط التكتيكي والروح الجماعية إلى غرفة الملابس. ففي موسمه الأول مع الفريق، قاد الميرينجي إلى 13 انتصارًا من أصل 14 مباراة في جميع المسابقات حتى الآن، في بداية تُوصف بالكاملة تقريبًا.
الفريق لا يعتمد على نجمٍ واحد، بل أصبح كل اللاعبين نجوم، بداية من هداف الليجا الموسم الماضي والحاصل على الحذاء الذهبي الأوروبي، كيليان مبابي الذي يواصل كتابة تاريخه بقميص ريال مدريد، مرورًا بـ جود بيلينجهام وأردا جولر، إلى فينيسيوس جونيور وألفارو كاريراس وفيديريكو فالفيردي ودين هويسن، حتى الوافدون الجدد لم يظهر عليهم ذلك، بل نشاهدهم وكأن لديهم سنوات وسنوات من العطاء على عشب البرينابيو، خلق ألونسو منظومة تُسجّل من كل المراكز وبكل الطرق، وتدافع كوحدة واحدة، وتتحوّل بسرعة من الهدوء إلى الانفجار، إنه ريال مدريد بوجهٍ جديد، لكنه يحتفظ بروحه القديمة — الروح الملكية التي لا تَقبل إلا القمة، وهي في الطريق الآن لصنع أفضل موسم في تاريخ ريال مدريد بالليجا.