من القمة إلى الهاوية.. كيف يعيش آرني سلوت كابوس جوارديولا مع السيتي؟
يبدو أن ليفربول الإنجليزي يمرّ بمرحلة حرجة وغير مألوفة تحت قيادة مدربه الهولندي آرني سلوت، الذي وجد نفسه فجأة في قلب العاصفة بعد بداية موسم كارثية، تشبه إلى حدٍ بعيد ما واجهه بيب جوارديولا مع مانشستر سيتي في الموسم الماضي حين تراجعت النتائج بشكل حاد قبل أن يعود الفريق لاحقًا بقوة وينهي الموسم في المركز الثالث.
لكن الفارق الكبير أن جوارديولا يمتلك خبرة مواجهة الأزمات، ويعرف كيف يُعيد فريقه إلى الطريق الصحيح، بينما يبدو أن سلوت ما زال تائهًا بين أفكاره التكتيكية الجديدة وضغوط النجوم والإعلام والجماهير، وتراجع مستوى نجمه الأبرز محمد صلاح.

سلوت تحت الضغط.. من مجد البريميرليج إلى فوضى الأنفيلد
قبل أشهر قليلة فقط، كان ليفربول يحتفل بتتويج تاريخي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة العشرين في تاريخه، معادلاً رقم غريمه مانشستر يونايتد.
الكل اعتقد أن الفريق دخل مرحلة جديدة من الهيمنة، وأن سلوت نجح في إعادة بناء منظومة قوية بعد رحيل يورجن كلوب، لكن الأحلام تحولت بسرعة إلى كوابيس، فالفريق الذي تصدّر الدوري بفارق مريح في بداية الموسم، تراجع الآن إلى المركز السابع بعد سلسلة من ست هزائم في آخر سبع مباريات، من بينها أربع خسائر متتالية في الدوري، وخروجٍ مخيب من كأس الرابطة على يد كريستال بالاس بثلاثية نظيفة.

فتقول صحيفة “ذا جارديان” في تعليقها على الأزمة الحالية في ليفربول :”من الصعب أن تتخيل أن هذا هو الفريق نفسه الذي رفع الكأس قبل شهور قليلة فقط”.
مباريات سقوط مانشستر سيتي في موسم 2024/2025
| الجولة | المباراة | النتيجة |
| الجولة التاسعة | مانشستر سيتي ضد ساوثهامبتون | 0-1 |
| الجولة العاشرة | بورنموث ضد مانشستر سيتي | 1-2 |
| الجولة الحادية عشر | برايتون ضد مانشستر سيتي | 1-2 |
| الجولة الثانية عشر | مانشستر سيتي ضد توتنهام هوتسبر | 4-0 |
| الجولة الحادية عشر | ليفربول ضد مانشستر سيتي | 0-2 |
ويبدو أن كل شئ يبدأ من عند فريق ساوثهامبتون، فبدأت سلسلة السقوط لمانشستر سيتي الموسم الماضي بعد مباراة ساوثهامبتون، فبعد الفوز بها تعرض لأربعة هزائم متتالية أمام بورنموث وبرايتون وتوتنهام وليفربول، وهكذا الحال أيضا مع الريدز، فأخر مباراة فاز بها كانت أمام ساوثهامبتون وبعدها بدأ سلسلة من الإخفاقات المحلية.
بين الصرف والعجز.. حين لا ينجح المال في شراء الانسجام
منح ليفربول مدربه حرية كاملة هذا الصيف لدعم صفوفه، وأنفق مبالغ ضخمة في التعاقد مع أسماء ثقيلة في الوسط والهجوم والدفاع، لكن النتيجة جاءت عكس التوقعات تمامًا.. سلوت، الذي لم يسبق له تدريب فرق مليئة بالنجوم، بدا عاجزًا عن السيطرة على غرفة الملابس أو فرض نظام تكتيكي ثابت.
تبدلت الخطط من مباراة لأخرى، تغيّرت التشكيلة باستمرار، وضاعت هوية الفريق التي عُرف بها تحت قيادة كلوب، لينتهى الوضع كما وصفت شبكة “سكاي سبورتس” :“ليفربول يمتلك اللاعبين، لكنه يفتقد المدرب القادر على توظيفهم”.
المقارنة هنا تصبح حتمية مع المدربين الكبار، فعندما أنفق مانشستر سيتي مئات الملايين، عرف جوارديولا كيف يوظف كل لاعب في مكانه المثالي.
وعندما تعاقد ريال مدريد مع كيليان مبابي، استطاع كارلو أنشيلوتي أن يدمجه فورًا ليصبح هداف الدوري وصاحب الحذاء الذهبي، أما سلوت، فقد امتلك الأدوات ولم يعرف كيف يستخدمها، ليجد نفسه محاصرًا بين فوضى النجوم وضبابية الأفكار.
الدفاع في حالة انهيار… أرقام تفضح التراجع المرعب
بعيدًا عن الانطباعات، تكشف الأرقام حجم الكارثة التي يعيشها ليفربول هذا الموسم
| الموسم | عدد المباريات | الأهداف المستقبلة | الشباك النظيفة | متوسط الأهداف المستقبلة |
| 2023-2024 | 38 | 41 | 14 | 1.1 |
| 2024-2025 | 9 | 16 | 2 | 1.6 |
خلال تسع مباريات فقط هذا الموسم، استقبل الفريق 16 هدفًا، أي بمعدل 1.6 هدف في المباراة الواحدة، مقارنة بـ 1.1 فقط في الموسم الماضي.
هذا التدهور الدفاعي يعكس فشل المنظومة بأكملها بأن الضغط المتقدم لم يعد فعالًا، المسافات بين الخطوط اتسعت، وفقد الفريق توازنه بين الدفاع والهجوم، حتى الحارس مامارداشفيلي بات أكثر عرضة للحرج بسبب الأخطاء المتكررة في التغطية والتمركز، وعجزه عن تعويض غياب البرازيلي أليسون.
أزمة هوية… أين ليفربول الذي نعرفه؟
في السابق، كان ليفربول معروفًا بانضباطه التكتيكي وروحه القتالية، أما اليوم، يبدو الفريق تائهًا بلا هوية، لا يهاجم بفعالية ولا يدافع بإحكام، ويعتمد على اجتهادات فردية أكثر من منظومة جماعية.
كثير من المتابعين يرون أن سلوت حاول أن يفرض فلسفة هجومية جديدة تعتمد على الاستحواذ والتمرير السريع، لكنها لم تنجح بعد، خصوصًا أمام فرق الدوري الإنجليزي التي تجيد استغلال المساحات والضغط العالي.
هل يليق سلوت بالبريميرليج؟
وبعد ذلك كله أخذ سؤال جوهري يفرض نفسه بقوة: هل يمتلك آرني سلوت المقومات الشخصية والفنية لمنافسة كبار الدوري الإنجليزي؟
ففي الوقت الذي كان فيه ليفربول الموسم الماضي يستفيد من تراجع منافسيه الكبار مثل السيتي وأرسنال ومانشستر يونايتد وتوتنهام، أصبح هذا الموسم هو الحلقة الأضعف في سباق القمة، رغم الصرف الكبير على الصفقات، فبدا واضحا للجميع أن صلاح هو من كان يحمل الفريق على كتفه الموسم الماضي، وحين تراجع مستواه، انكشف كل شئ وترك أرني سلوت حائرا لا يعلم ماذا يصنع.
يقول بعض المحللين إن سلوت لم يستوعب بعد طبيعة المنافسة القاسية في إنجلترا، حيث تُحسم المباريات بتفاصيل دقيقة تتطلب سرعة في اتخاذ القرار، ومرونة في التعامل مع الضغط، وهي أمور لم يظهر أنه يمتلكها بعد.
الطريق إلى الإنقاذ.. هل من عودة ممكنة؟
رغم قتامة الصورة، لا يزال أمام سلوت فرصة للعودة، شريطة أن يتحرك سريعًا لإعادة التوازن إلى فريقه، الإدارة لم تحسم موقفها بعد، لكنها تدرك أن استمرار النزيف الحالي سيجعل موسم ليفربول في مهب الريح.
المطلوب من المدرب الهولندي اليوم ليس فقط تحسين النتائج، بل استعادة الثقة المفقودة، وإعادة الروح إلى غرفة الملابس، وبناء هوية واضحة تُعيد للجماهير الإيمان بالمشروع.
مواجهة أستون فيلا.. اختبار البقاء في المنصب
يدخل ليفربول مواجهة أستون فيلا في الجولة العاشرة من البريميرليج وسط أجواء من التوتر والترقب، المباراة تمثل اختبارًا مصيريًا لآرني سلوت، وقد تكون حاسمة في تقرير مصيره على رأس الجهاز الفني، الجماهير تطالب بالردّ في الملعب، والإدارة تراقب، واللاعبون بدورهم يعيشون حالة من الشك والارتباك.
وصلت الضغوط في “أنفيلد” إلى ذروتها، والحديث عن بدائل محتملة بدأ يتصاعد في وسائل الإعلام البريطانية، خصوصًا بعد توتر العلاقة بين المدرب وبعض نجوم الفريق الذين يشعرون بعدم وضوح الأدوار داخل المنظومة الجديدة.