ما لم يفعله كلوب.. سلوت المستضعف يملك مفتاح كسر هيبة ريال مدريد في أنفيلد
قبل سنوات قليلة، كان ليفربول يمكن وصفه بأنه أحد أقوى فرق العالم، بفلسفة واضحة، وإيقاع بدني خارق، ومدرب أعاد صياغة شخصية النادي داخل أوروبا وهو يورجن كلوب.
ومع ذلك، ظل عاجزًا أمام خصم واحد لا يعرف الاستسلام في الليالي القارية، وهو ريال مدريد الذي رسّخ عقدة للريدز. فمنذ عام 2009، ثأر الملكي مرارًا وتكرارًا من تلك الهزيمة في دوري أبطال أوروبا.
المفارقة تجلّت في الموسم الماضي، حين كسر ليفربول السلسلة التاريخية في لحظة اعتقد كثيرون أن الفريق لم يعد بالقوة ذاتها بعد رحيل كلوب.
انتصار ليفربول على ملعب أنفيلد ضد ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، حمل قيمة نفسية أكثر من كونه مجرد فوز بثلاث نقاط، وأعاد تشكيل بعض ملامح المواجهة بين الطرفين.
هزيمة 2009 تجبر ريال مدريد على التغيير
كانت أول مواجهة تجمع بين الفريقين في دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا عام 2009، حين خسر ريال مدريد لقاء الذهاب بهدف دون رد، قبل أن يتلقى هزيمة قاسية في الإياب على ملعب أنفيلد برباعية تاريخية؛ مشهدٌ غادر خلاله إيكر كاسياس الملعب والدموع تُبلّل عشب أنفيلد، في ليلة ستظل محفورة في ذاكرة النادي الملكي.
تلك الخسارة شكّلت نقطة تحوّل داخل ريال مدريد، لتبدأ بعدها ثورة فلورنتينو بيريز في سوق الانتقالات، بالتعاقد مع أسماء من العيار الثقيل مثل كريستيانو رونالدو وكاكا، إضافةً إلى ثنائي ليفربول ألفارو أربيلوا وتشابي ألونسو، ومعهم كريم بنزيما وعدد من الصفقات الكبيرة التي دشّنت حقبة جديدة.

ومع مرور السنوات وبدء مشروع الجالاكتيكوس الثاني، عاد الفريقان ليلتقيا مجددًا في موسم 2014-2015، حيث بدأ ريال مدريد رحلة ردّ الاعتبار لتلك الهزيمة الثقيلة والخروج المؤلم من بوابة أنفيلد، في بداية فصل جديد من الصراع الأوروبي بين العملاقين.
الثأر من ليفربول وكلوب الضحية
جاءت بداية الردّ المدريدي من أنفيلد نفسه، حين التقيا في دور المجموعات موسم 2014-2015، وفاز ريال مدريد بثلاثية نظيفة حملت توقيع كريم بنزيما (هدفين) وكريستيانو رونالدو، في إشارة أولى إلى انقلاب الأدوار بعد رباعية 2009.
ثم جاءت الضربة الأكبر في نهائي كييف 2018، في الموسم الأول لمحمد صلاح مع ليفربول، بعدما قاد الفريق لنهائي دوري الأبطال لأول مرة منذ 2007.
إلا أن الحلم تحوّل إلى كابوس بعد إصابته الشهيرة إثر احتكاك مع سيرجيو راموس، ليغادر الملعب باكيًا، قبل أن يستغل ريال مدريد الموقف ويفوز بثلاثية شهدت أخطاء كاريوس ولقطة مقصية بيل التاريخية، ليحقق لقبه الثالث على التوالي ويُعمّق جراح يورجن كلوب.

يورجن كلوب في تلك المواجهة دخل وهو الطرف الأقوى، والبعض كان يتوقع فوز الريدز بالنهائي، لكنه خرج بالميدالية الفضية حول عنقه.
وفي 2021، تكرر التفوق الملكي بثلاثية مقابل هدف في مدريد، قبل تعادلٍ سلبي في أنفيلد، لتستمر سلسلة اللا فوز لليفربول في المواجهات الأوروبية المباشرة، في الوقت الذي كان الريدز هو حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز.
عاد الفريقان للنهائي مجددًا في باريس 2022، بعدما توعّد محمد صلاح بالثأر، لكن تألق تيبو كورتوا وهدف فينيسيوس أكدا هيمنة ريال مدريد مجددًا، ليرفع الفريق لقبه الرابع في تلك الفترة، والسادس منذ 2009، منها لقبان على حساب ليفربول، رغم أفضلية الريدز في نهائي العاصمة الفرنسية.
𝐔𝐧𝐟𝐨𝐫𝐠𝐞𝐭𝐭𝐚𝐛𝐥𝐞 𝐦𝐨𝐦𝐞𝐧𝐭𝐬 𝐢𝐧 𝟐𝟎𝟐𝟐: An iconic display in the final. Thibaut Courtois 🚫@thibautcourtois || #UCL pic.twitter.com/GpCdJxsjWB
— UEFA Champions League (@ChampionsLeague) December 29, 2022
وفي موسم 2022-2023، التقى الفريقان في دور الـ16؛ تقدّم ليفربول بثنائية مبكرة في أنفيلد، لكن ريال مدريد قلب النتيجة بخمسة أهداف، ثلاثة منها في 20 دقيقة، قبل أن يحسم الإياب بهدف بنزيما، ليواصل كتابة فصول سيطرته على كلاسيكو أوروبا.
سلوت يُنهي العقدة ويتسلح بالاستضعاف
في الموسم الماضي بالنظام الجديد، فاز ليفربول 2-0 على ريال مدريد في ملعب أنفيلد بمرحلة الدوري، في مباراة شهدت إهدار محمد صلاح وكيليان مبابي ركلتي جزاء.
فاز فريق المدرب أرني سلوت بثنائية ماك أليستر وكودي جاكبو على ملعب أنفيلد، ليحقق الريدز أول فوز منذ 2009، بعد 15 عامًا، في نوفمبر.
فوز ليفربول بتلك المباراة جاء والفريق يواجه حامل لقب دوري أبطال أوروبا، وكان الريدز لا يزال يحاول تخطي مرحلة رحيل يورجن كلوب، ولم يكن الفريق الأحمر هو المرشح الأوفر حظًا.

في أغلب المواجهات خلال 15 عامًا، كان ليفربول الأقرب للفوز، خاصة في نهائيي كييف وباريس، ولكن الملكي هو من تفوق.
بينما في مباراة الموسم الماضي، كانت التفاصيل الصغيرة جدًا هي من حسمت الفارق، عندما فاز ليفربول رغم إهدار ريال مدريد عددًا من الفرص، والدخول في مرحلة شك بسبب مستوى مبابي حينذاك.
يدخل ليفربول مباراة الغد في دور من يُقلِّل الجميع من حظوظه، لكنه يحمل في داخله طموحات للفوز وإسقاط ريال مدريد مجددًا في ملعب أنفيلد رود.
أرني سلوت هذا الموسم مستقبله على المحك، بعد هزائم متتالية بالدوري والأبطال، والخروج من كأس الرابطة، وعدم وضوح طريقة اللعب التي يلعب بها هذا الموسم؛ سيواجه الفريق الأكثر استقرارًا.

ريال مدريد متصدر الليجا ودوري الأبطال، الفريق الذي لم يُهزم سوى في مباراة واحدة فقط، وبمجموعة كبيرة من اللاعبين المميزين ومستويات مرتفعة مباراة تلو الأخرى.
ربما يدخل سلوت ويترك الضغط على ريال مدريد، وفي حالة الفوز سيكون قد أحدث المفاجأة، وهو ما حدث في الموسم الماضي وفي نفس الملعب.