ما قبل الأسطورة يورجن كلوب.. من السير وحيدًا إلى المشروع الأعظم في تاريخ ليفربول
لم يكن يورجن كلوب مجرد مدرب مرّ على ليفربول، بل كان نقطة فاصلة في تاريخ نادٍ ظلّ لربع قرن يبحث عن نفسه، ليظهر الرجل الألماني ويغيّر كل شيء.
عاش الريدز بدون يورجن كلوب أيامًا صعبة، خاصة على المستوى المحلي، وكلما كان الحلم يقترب، حدثت أمور درامية تبعد أحمر ميرسيسايد عن منصات التتويج.
كلوب، الذي سبق أن أعاد تعريف بوروسيا دورتموند كقوة أوروبية بأسلوب هجومي ضاغط، لم يأتِ إلى أنفيلد ليكون مدربًا ينقذ الموقف، بل ليقود مشروعًا طويل الأمد، ربما الأفضل في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز.
ما بين تغيير طريقة اللعب وإعادة ترتيب البيت، وشخصيته وعلاقته بالجماهير واللاعبين، ونوعية اللاعبين الذين اختارهم يورجن، جميعها أشياء كتبت تاريخًا لا يُنسى.. فكيف حدث ذلك؟
كلوب يسير وحيدًا
18 مارس 2015، في إياب دور الـ16 من بطولة دوري أبطال أوروبا، سقط بوروسيا دورتموند أمام يوفنتوس في ملعب سيجنال إيدونا بارك بثلاثية نظيفة، بعدما خسر الذهاب 2-1.
كانت الشكوك تحوم حول مستقبل كلوب، في ظل النتائج السيئة للعملاق الأصفر، وبعد الهزيمة من يوفنتوس والخروج من دوري أبطال أوروبا، كان يورجن يسير وحيدًا.
انتشرت صورة للمدرب الألماني عقب الهزيمة من يوفنتوس، وهو يترك ملعب سيجنال إيدونا بارك، ويسير على أقدامه إلى منزله، دون أن يرافقه أحد.
رحل كلوب في نهاية موسم 2014-2015، وودعه ملعب سيجنال إيدونا بارك بالطريقة المثالية، للرجل الذي أعاد دورتموند إلى الواجهة من جديد.
Jürgen Klopp will leave @BVB at the end of the season.
— UEFA Champions League (@ChampionsLeague) April 15, 2015
Tweet us your tributes to the charismatic coach… #UCL pic.twitter.com/bak91s1ZGG
قهر الكبار في أوروبا، وخسر نهائي دوري الأبطال في الوقت القاتل، وأسقط بايرن ميونخ وهيمنته على الدوري الألماني، ليترك الجراد الأصفر بإنجازات عديدة رغم سوء الحظ.
ليفربول ما قبل يورجن كلوب
مع نظام الدوري الإنجليزي الجديد، وحقبة الدوري الإنجليزي الممتاز، لم يحقق ليفربول أي لقب، وتوقف عند ما حققه مع كيني دالجليش في الفترة من 1990 إلى 1998.
بداية من موسم 1992-1993، عانى الريدز كثيرًا، ولم يتمكن من التواجد ضمن الأربعة الكبار حتى الألفية، إلا مرتين فقط، مع المدرب روي إيفانز.
بداية من موسم 2000-2001، كان جيرار هولييه يعاني على مستوى الدوري، احتل المركز الثاني والثالث في أول موسمين من الربع قرن الحالي، ثم جاء رابعًا في موسم 2003-2004.

فاز هولييه ببطولة كأس الاتحاد الأوروبي 2001 على حساب ديبورتيفو ألافيس، ثم السوبر على بايرن ميونخ، لكن الفشل المحلي أدى إلى رحيله، ليأتي خلفًا له رافائيل بينيتيز الذي كان يتألق مع فالنسيا.
ست سنوات استمر فيها بينيتيز مدربًا لفريق ليفربول، وتمكن من الفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا في موسمه الأول على حساب ميلان بطريقة درامية، لكنه لم يتمكن من المنافسة على لقب الدوري إلا في موسم 2008-2009.
وصل ليفربول إلى نهائي الأبطال مرتين مع بينيتيز، وكان يقدم كرة قدم ممتعة، ولكن المنافسة على الدوري كانت منحصرة قليلًا بين تشيلسي ومانشستر يونايتد وأرسنال، والريدز يظهر على استحياء.

في 2010، قرر ليفربول إعادة كيني دالجليش، ولكن مع فريق لا يستطيع المنافسة، فكانت نتائج الريدز هي الأسوأ، وحل سادسًا ثم ثامنًا في موسمي 2010-2011 و2011-2012.
رحل دالجليش وجاء براندن رودجرز في 2012، بدأ في البناء، ورغم الفشل في أوروبا، لكن مع الموسم الثاني كان ينافس على اللقب، لولا انزلاق ستيفن جيرارد ضد تشيلسي، وخسارة كريستال بالاس.
خسر ليفربول لقب الدوري في 2014، ورحل لويس سواريز نجم الفريق الأول، وكانت نتائج ليفربول الأسوأ، ليقيل النادي براندن رودجرز في أكتوبر 2015، ويأتي بدلًا منه يورجن كلوب.
Jurgen Klopp making a title prediction in his first Liverpool press conference. pic.twitter.com/7QBILNxDfU
— Sky Sports Retro (@SkySportsRetro) April 28, 2022
لقد جاء يورجن كلوب.. بداية الأسطورة
في 8 أكتوبر 2015، أعلن ليفربول تعيين يورجن كلوب مديرًا فنيًا للفريق، مع كل الصلاحيات للمدرب الألماني، لقيادة المشروع وعودة الريدز من جديد.
في نهاية ذلك الموسم، وصل ليفربول إلى نهائي الدوري الأوروبي، بعدما أقصى مانشستر يونايتد في طريقه، ثم عاش الدراما في التأهل على حساب بوروسيا دورتموند، ليضرب موعدًا مع إشبيلية في النهائي، لكنه خسر ضد البطل التاريخي للمسابقة.
في موسم الانتقالات الأول للألماني، ضم يورجن كلوب كلًا من فينالدوم وساديو ماني وجويل ماتيب، وتخلى عن كريستيان بينتيكي وجو ألين ولويس ألبيرتو ومارتن سكيرتل وماريو بالوتيلي من بين آخرين.

على مستوى الدوري، أنهى كلوب موسمه الأول غير المكتمل في المركز الثامن، ثم في الموسم التالي جاء رابعًا، ليتأهل إلى دوري أبطال أوروبا بعد غياب ثلاث سنوات عن الريدز.
قبل موسم 2017-2018، تعاقد ليفربول مع محمد صلاح، وأليكس أوكسلاد-تشامبرلين، كذلك روبرتسون ودومينيك سولانكي، مع تدعيم الفريق في الشتاء بفيرجيل فان دايك في صفقة قياسية، فيما من بين الراحلين كان مامادو ساخو ولوكاس ليفا، وأبرزهم فيليب كوتينيو الذي كان نجم الفريق الأول قبل قدوم صلاح.
حقبة محمد صلاح
قبل قدوم محمد صلاح، كان يريد يورجن كلوب التعاقد مع جوليان براندت نجم ليفركوزن في ذلك الوقت، لكن مايكل إدواردز المدير الرياضي لليفربول في ذلك الوقت أقنع المدرب الألماني باللاعب المتوهج مع روما، وجاء محمد صلاح.
كوّن كلوب ثلاثية هجومية جبارة من ساديو ماني ومحمد صلاح وروبرتو فيرمينو، لتتناسب مع حدة الضغط الذي يقوم به المدرب مستغلًا سرعات الثلاثي.
توهج محمد صلاح في موسمه الأول كان بتأثير قوي من يورجن كلوب، الذي منعه من الأدوار الدفاعية، وجعله جناحًا هجوميًا فعالًا يستطيع التسجيل والصناعة من أي مكان.
Mo Salah in each season for Liverpool:
— ESPN UK (@ESPNUK) December 7, 2025
▪️ 2017/18 ⚽ 44 goals 🅰️ 16 assists
▪️ 2018/19 ⚽ 27 goals 🅰️ 10 assists
▪️ 2019/20 ⚽ 23 goals 🅰️ 13 assists
▪️ 2020/21 ⚽ 31 goals 🅰️ 6 assists
▪️ 2021/22 ⚽ 31 goals 🅰️ 15 assists
▪️ 2022/23 ⚽ 30 goals 🅰️ 16 assists
▪️ 2023/24 ⚽… pic.twitter.com/guxHcpe30p
كان ليفربول من أشرس الفرق في أوروبا من حيث استعادة الكرة، ولم يتمكن أي فريق من الاستحواذ ضد الريدز في ظل السرعات الكبيرة والضغط العالي من جانب لاعبي الوسط والمهاجمين.
تغيرت العقلية في ليفربول، وأصبح مع محمد صلاح وزملائه يمتلك فلسفة واضحة من مدرب يستطيع أن يضع أسسًا ويعمل عليها الجميع.
وهذا ما حدث، ليتأهل ليفربول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، لكنه خسر ضد ريال مدريد، وهو النهائي الأول للفريق منذ 11 عامًا.

لقد اكتمل المشروع
في موسم 2018-2019، رحل عن ليفربول كل من داني وارد، ودومينيك سولانكي، ولوريس كاريوس الذي أخطأ في نهائي الأبطال وتسبب في خسارة الريدز، بالإضافة إلى الاستثمار في العديد من اللاعبين الشباب مثل ويلسون وجوريتش، والتخلي عن لاعبين آخرين مثل إيمري تشان وأوجو وفلاناجان.
في نفس الوقت، تعاقد الفريق مع الثلاثي نابي كيتا وفابينيو في وسط الملعب، والحارس أليسون بيكر، بالإضافة إلى السويسري شيردان شاكيري ليكون بديلًا لمحمد صلاح.
وضع كلوب يده على كل شيء هنا، فبعد أن عانى من أخطاء الحارس كاريوس، عوضه بالبرازيلي أليسون بيكر في صفقة قياسية، كذلك أصبح خط الدفاع أكثر تجانسًا، بوجود ترينت ألكسندر أرنولد وأندرو روبرتسون، بينهما ماتيب وفان دايك.
Two years ago today… @Alissonbecker made 𝐓𝐇𝐀𝐓 late save against Napoli 🤩 pic.twitter.com/LOK4tHBJH4
— Liverpool FC (@LFC) December 11, 2020
ثلاثية وسط الملعب التي كانت تعطي صلابة كبيرة ومرونة في الوقت ذاته، تتكون من جوردان هندرسون ونابي كيتا وفابينيو، بينما الثلاثي الهجومي هو صلاح وماني وفيرمينو.
ريمونتادا تجبر مورينيو على رفع القبعة
في مايو 2019، كان ليفربول خاسرًا في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا ضد برشلونة 3-0، وفي الوقت ذاته ينافس على لقب الدوري الإنجليزي مع مانشستر سيتي.
هدف كومباني القاتل في ليستر سيتي جعل أزرق مانشستر يتصدر، ومواجهة نيوكاسل جاءت بين مباراتي برشلونة، مع إصابة فيرمينو ونابي كيتا، بالإضافة إلى سقوط محمد صلاح وخروجه على نقالة من مباراة الماكبايس.
فاز ليفربول على نيوكاسل، ودخل مواجهة برشلونة وهو يحتاج للفوز 4-0، بدون ثلاثة من لاعبيه الأساسيين.
في ذلك الوقت كان جوزيه مورينيو يعمل محللًا في شبكة “بي إن سبورتس” بعد أن تمت إقالته في ديسمبر 2018 من تدريب مانشستر يونايتد.
"يجب أن تكون صريحا مع اللاعبين!"
— beIN SPORTS (@beINSPORTS) March 3, 2019
مورينيو يعلق على تحديات كلوب في الفترة المقبلة مع ليفربول..#beINMourinho #beINPL pic.twitter.com/ZlLQQGZ3Pv
الاهتمام بأدق التفاصيل وضع ليفربول في النهائي، من خلال اللعب على نقاط ضعف برشلونة، وكذلك تنفيذ الركنية التاريخية لترينت ألكسندر أرنولد، والتي كان متفقًا عليها بين كلوب واللاعبين، حيث كان يرى أن لاعبي برشلونة يتناقشون كثيرًا بعد خروج الكرة، ولا ينتبهون لمهاجمي الخصم.
سجل أوريجي ثنائية، وفينالدوم كذلك، وخرج ميسي بالدموع من ملعب أنفيلد هو وكل من ينتمي لبرشلونة، في مباراة ربما كانت بداية نهاية ليونيل ميسي مع البلوجرانا.
عقب المباراة، ظهر مورينيو وكأنه يرفع القبعة تحية وتقديرًا لما قدمه يورجن كلوب بدون صلاح وفيرمينو وكيتا، والفوز 4-0 ضد برشلونة، الفريق الذي كان مرشحًا للقب أكثر من غيره.
مورينيو أشاد بكلوب، وأكد أنه لم يستسلم للغيابات أو الظروف، وكان في الموعد ليقود الريدز لتخطي برشلونة.
U N B E L I E V A B L E 😱😱😱
— Liverpool FC (@LFC) May 7, 2020
Anfield erupts!!! It's FOUR!!
[4-0] | #LIVBAR pic.twitter.com/BxVQYkGJRc
تلك المباراة ربما كانت مؤشرًا على فوز ليفربول ببطولة دوري أبطال أوروبا، فقد واجه توتنهام في النهائي الثاني على التوالي للريدز، خلال أول أربع سنوات مع يورجن.
فاز ليفربول باللقب، وحقق كلوب أول بطولة له مع الفريق، بعدما وعد في مؤتمره الصحفي الأول أنه لن يحقق أي لقب قبل أربع سنوات، وها هو يفي بالوعد.
ليفربول الأفضل في أوروبا
تحول ليفربول للفريق الأقوى والأفضل في أوروبا، كان متوحشًا في استعادة الكرة، وتطور اللاعبين، كنا نرى كل لاعب في الريدز هو الأفضل في العالم بمركزه.
أرنولد أفضل ظهير أيمن في العالم، وأليسون خلفه كذلك، وفيرجيل فان دايك نافس على الكرة الذهبية، وفي وسط الملعب كان فابينيو يقدم أفضل مواسمه.
في الهجوم، كان الثلاثي هم الأفضل، صلاح وفيرمينو وماني، قوة لا يُستهان بها أبدًا، مع تبخر ثلاثية سواريز وميسي ونيمار قبل موسم، ظهرت تلك الثلاثية لتُبهر العالم.
⚽️⚽️⚽️ Firmino
— Liverpool FC (@LFC) October 16, 2024
⚽️ Mané
⚽️ Salah
A five-star Reds performance at Vicarage Road #OnThisDay in 2021 ⏪ pic.twitter.com/jh7WP1P6oP
يكفي القول إن يورجن كلوب جعل لاعبًا في خط الدفاع ينافس على الكرة الذهبية وهو فيرجيل فان دايك، بل يظن البعض أنه كان يستحق الجائزة على ليونيل ميسي.
مع موسم 2019-2020، كان بطل أوروبا ينفق في أضيق الحدود، وقد ضم تاكومي مينامينو فقط في يناير 2020، بعد صيف هادئ للغاية.
تبعات دوري أبطال أوروبا كانت فوز ليفربول ببطولة السوبر الأوروبي، ثم كأس العالم للأندية، ليبدأ حصاد ما يجنيه كلوب منذ 2015.

كورونا تقضي على البطل
مع بداية عام 2020، كان فيروس كورونا يتفشي في العالم، وكانت مواجهة ليفربول ضد أتلتيكو مدريد في إياب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا بؤرة للفيروس.
توقفت الكرة في العالم بعد مواجهة ليفربول وأتلتيكو مدريد، والتي شهدت خروج حامل اللقب بسبب أخطاء كارثية من الحارس أدريان، الذي شارك بسبب غياب أليسون للإصابة.
في نفس الوقت كان ليفربول متصدر الدوري بفارق كبير جدًا، وكاد أن يكون بطلًا مع إيقاف التنفيذ.
عاد الدوري في شهر يونيو، وتوج ليفربول باللقب في يوليو، لكن الفريق قد تأثر كثيرًا بسبب فيروس كورونا، ما بين المشاكل المالية ورحيل بعض اللاعبين، وتراجع مستوى البعض.

ما بعد الكورونا.. الجميع يقاتل من أجل كلوب
قبل بداية موسم 2020-2021، تعاقد ليفربول مع ديوجو جوتا وتياجو ألكانتارا وكوستاس تسيميكاس، مع رحيل لاعبين مثل لالانا وديان لوفرين، ليبدأ الريدز مرحلة تغيير الدماء.
شهد ذلك الموسم إصابة فيرجيل فان دايك بالرباط الصليبي في البداية عند مواجهة إيفرتون في الديربي، مع إصابات متكررة لتياجو ألكانتارا، وغياب بعض اللاعبين بسبب فيروس كورونا خلال الموسم.
هزائم متتالية جعلت ليفربول يفقد الأمل في الحفاظ على اللقب، وسط توحش مانشستر سيتي في ذلك الوقت، بالإضافة إلى الخروج من دوري أبطال أوروبا ضد ريال مدريد من ربع النهائي.
النقطة المضيئة كانت في مواجهة وست بروميتش بالجولة 36، وهدف أليسون بيكر التاريخي بالرأس في شباك وست بروميتش.
Trendsetter 😉 pic.twitter.com/QjdPBZRSck
— Liverpool FC (@LFC) June 20, 2021
ذلك الهدف قاد ليفربول للمركز الثالث، والتأهل إلى دوري أبطال أوروبا 2021-2022، في مرحلة كانت صعبة على الريدز، مع تصحيح المسار.
ليفربول لا يزال حيًا
في موسم 2020-2021، عانى ليفربول من إصابات كبيرة، وما حدث في مواجهة كريستال بالاس الأخيرة، عندما كان ويليامز وفيليبس يتلضخ وجه كلٍ منهما بالدماء، خير مثال على ما كان يفعله الجميع من أجل كلوب، حتى شباب الأكاديمية.
A photo for the ages. pic.twitter.com/bCQ4q0iADT
— Anfield Edition | æ (@AnfieldEdition) June 23, 2025
في الموسم التالي 2021-2022، أكد ليفربول أنه لا يزال حيًا مع يورجن كلوب، والمشروع مستمرًا، ليبدأ الريدز الموسم بـ27 مباراة تلقى خلالها هزيمة واحدة فقط.
تعاقدات ليفربول في ذلك الوقت تمثلت في لويس دياز وإبراهيما كوناتي خلال الصيف والشتاء، مع رحيل فينالدوم، ليبدأ الريدز في تعزيز هجومه وكذلك خط الدفاع الذي عانى بغياب فان دايك.
كان ليفربول قوة لا تُقهر وعاد من جديد إلى الواجهة بعد فترة صعبة مر بها الفريق بعد فيروس كورونا، لكن إيمان اللاعبين بيورجن كلوب، وكذلك إدارة النادي التي كانت ترى أن المدرب الألماني غير مهدد أبدًا بالإقالة لأنه يستطيع إعادة الفريق، كانت على حق.
On this day in 2022… #CarabaoCup winners 🏆 pic.twitter.com/tvS17KjBIM
— Liverpool FC (@LFC) February 27, 2024
وبالفعل، حقق كلوب بطولتي كأس الرابطة وكأس الاتحاد في ذلك الموسم، لأول مرة في مسيرة المدرب، ليصبح بطلًا لجميع البطولات الممكنة التي شارك فيها، باستثناء الدوري الأوروبي.
خسر ليفربول لقب الدوري الإنجليزي بفارق نقطة واحدة، بنفس الطريقة التي خسر بها لقب 2018-2019، لكنه كان يأمل في التتويج بدوري أبطال أوروبا.
نهائي جديد ضد ريال مدريد، في ملعب سان دوني في فرنسا، سقط ليفربول مجددًا، وخسر لقب دوري الأبطال رغم الأفضلية في المباراة، رغم أن الفريق كان الأخطر وتألق كورتوا ضد صلاح وماني والجميع، ليخسر الريدز نهائيًا جديدًا ضد ملك البطولة.
Courtois in the 2022 final 🤯#UCLfinal pic.twitter.com/TZMK1jRs6K
— UEFA Champions League (@ChampionsLeague) June 1, 2024
بداية النهاية
بعد نهاية موسم 2021-2022، تعاقد ليفربول في صيف 2022 مع داروين نونيز وفابيو جارفاليو وآرثر ميلو من يوفنتوس، وفي الشتاء، ضم كودي جاكبو بعد تألقه في كأس العالم، وجاء ذلك بعد التخلي عن ساديو ماني ونيكو ويليامز وتاكومي مينامينو.
رحيل ماني كان بداية نهاية الثلاثي الهجومي، لأن نونيز ليس فيرمينو، ودياز لم يكن أبدًا ساديو ماني، مع مشاركات قليلة للراحل ديوجو جوتا بسبب إصاباته المستمرة.

في موسم 2022-2023، عانى ليفربول بسبب إصابات عديدة للاعبيه، وسقط بطريقة مهينة ضد ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، وغادر من دور الـ16 بنتيجة 6-2 مجموع المباراتين.
وفي نفس الموسم، لم يتمكن الفريق من تأمين تأهله للأبطال، بعدما احتل المركز الخامس، وخسر جميع البطولات، مع تهالك الفريق أو ما تبقى منه.
مرحلة تسليم المشروع الأعظم في التاريخ
لا شك في أن ذلك المشروع هو الأعظم في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، من بدايته لنهايته كان كلوب الرجل الأول، مع إنفاقات محددة في أماكن حيوية، والمنافسة والعودة كلما كان الفريق يتراجع، لتأتي مرحلة التسليم.
في صيف 2023، تعاقد ليفربول مع رباعي في وسط الملعب، بتغيير دماء شامل، من خلال ضم واتارو إندو وجرافنبيرخ وأليكسيس ماك أليستر، بالإضافة إلى دومينيك سوبوسلاي، مع تصعيد لاعبين مثل جاريل كونساه وكونور برادلي.
وتخلى الريدز عن فابينيو وهندرسون ونابي كيتا وميلنر، بالإضافة إلى تشامبرلين، والمهاجم البرازيلي فيرمينو، في ثورة حقيقية تمهد لجيل جديد.
A message to Liverpool supporters from Jürgen Klopp. pic.twitter.com/l7rtmxgOzt
— Liverpool FC (@LFC) January 26, 2024
في يناير 2024، قرر يورجن كلوب إعلان رحيله بنهاية الموسم، بعد نجاحات عديدة مع الريدز، وبناء مشروع مثالي، فقرر الرحيل بنهاية الموسم.
بعد ذلك القرار تأثر الفريق كثيرًا، فقد خسر ليفربول من أتالانتا وودع الدوري الأوروبي، مثلما حدث في بطولة كأس الاتحاد، ولكنه حقق لقب كأس الرابطة بفريق شباب بالكامل على حساب تشيلسي، لتكون هذه هي البطولة الأخيرة مع الريدز.
تعثر ليفربول في الدوري خلال المباريات الأخيرة، وفقد العديد من النقاط، وأصبح بعيدًا عن المنافسة التي تركها للثنائي أرسنال ومانشستر سيتي، وحسمها السيتيزين.
في مباراة ولفرهامبتون، أعلن يورجن كلوب قبل ليفربول نفسه عن خليفته، عندما أطلق أهزوجة “آرني سلوت .. لا لا لا للا”.
Jurgen Klopp leads the chant for new boss Arne Slot!#beINPL #LFC pic.twitter.com/0GFQOaSSTH
— beIN SPORTS (@beINSPORTS_EN) May 19, 2024
تلك الأهزوجة كانت دعمًا مبكرًا للمدرب الهولندي، الذي جاء لفريق جاهز، متجانس، يستطيع المنافسة، وهو ما فعله يورجن كلوب، ليتوّج أرني بالدوري الإنجليزي 2024-2025 دون أي تعاقد، لأن يورجن كلوب قد سلّمه ليفربول، ليس كما استلمه الألماني في 2015.
يورجن كلوب لم يعد يسير وحيدًا
إذا عدنا لبداية الموضوع، سنجد أن كلوب قبل توليه مسؤولية تدريب ليفربول، كان يعود لمنزله سيرًا على الأقدام، وحيدًا دون مرافق، من شدة الحزن بعد الخسارة من يوفنتوس في دوري أبطال أوروبا عندما كان مع دورتموند.
الآن الأمر مختلف، لم يكن تأثير كلوب في ليفربول أمرًا طبيعيًا أو قابلًا للقياس بالأرقام وحدها. صحيح أنه أعاد الألقاب الكبرى إلى خزائن النادي، لكن الأهم أنه أعاد الروح إلى المدرجات، وخلق علاقة استثنائية بين المدرب والجمهور، علاقة لم يعرفها أنفيلد منذ عقود.
لم يكن كلوب يومًا مهددًا بالإقالة، ليس لأن النتائج دائمًا مثالية، بل لأن الجماهير رأت فيه قائدًا يؤمن بالمشروع قبل المكاسب السريعة، وبالتالي حتى مع النتائج السيئة، كان يحصل على دعم منقطع النظير.
لحظات مؤثرة .. لاعبو ليفربول يودعون مدربهم يورغن كلوب في آخر يوم له في قلعة الأنفيلد.
— beIN SPORTS (@beINSPORTS) May 19, 2024
شاهد عناق حار بين صلاح وكلوب.#الدوري_الإنجليزي_الممتاز #ليفربول_ولفرهامبتون pic.twitter.com/B584loo3SI
خرج من ليفربول من الباب الكبير، دون صدامات أو خلافات معلنة، بعدما احتوى لاعبيه، واحترم خصومه، وتعامل مع الأزمات بهدوء القادر على الحل، وليس الرجل الذي يبحث عن المبررات.
لم يكن صداميًا مع الإدارة، ولا مع الحكام، ولا حتى مع المنافسين، بل ظل طوال رحلته منافسًا شرسًا داخل الملعب، وشريفًا خارجه، تاركًا خلفه إرثًا إنسانيًا وفنيًا يصعب تكراره، ومدرسة تؤكد أن النجاح الحقيقي ليس فقط بعدد البطولات، بل بطريقة الوصول إليها، وكيفية أن تترك أثرًا في نادٍ تاريخي بحجم ليفربول.
25 عامًا مرت على ليفربول، من بينهم 9 سنوات كانت الأعظم مع يورجن كلوب، الذي حقًا لن يسير وحيدًا الآن، مثلما كان يهتف له جمهور الريدز، والذي يلاحقه في كل مكان حتى بعد رحيله.