الدوري الإسبانيالنصرأخبارالنصر
الأكثر تداولًا

لحظات تطور شخصية رونالدو من الغضب إلى البكاء

في 5 فبراير 2025، يحتفل كريستيانو رونالدو بعيد ميلاده الأربعين، حاملًا معه إرثًا لا يُضاهى في عالم كرة القدم. أربعون عامًا من الشغف، العمل الجاد، والإنجازات التي أعادت تعريف معنى العظمة في المستطيل الأخضر، رغم تقدمه في العمر، لا تزال روحه القتالية ورغبته في تحطيم الأرقام القياسية كما كانت منذ انطلاقته مع سبورتنج لشبونة، بل ربما أقوى، ليؤكد أن العمر مجرد رقم أمام عزيمته التي لا تلين.

كريستيانو رونالدو، أحد أبرز لاعبي كرة القدم في التاريخ، اشتهر بشغفه الكبير وإصراره على تحقيق النجاح، هذا الشغف انعكس في بعض الأحيان على سلوكه داخل الملعب، حيث شهدت مسيرته لحظات من الغضب والانفعال، وكذلك لحظات من الحزن والبكاء.

تختلف طريقة تعبير الأشخاص عن مشاعرهم بشكل كبير، فبينما يلجأ البعض إلى الصمت عند الغضب، ينفجر آخرون في نوبات عصبية، وقد يكون البكاء وسيلة للتفريغ العاطفي عند الكثيرون، في حين يعبر آخرون عنه بالصراخ أو السلوك العنيف.

كريستيانو رونالدو - النصر السعودي (المصدر:Gettyimages)
كريستيانو رونالدو – النصر السعودي (المصدر:Gettyimages)

هذه الأنماط السلوكية تنبع من شخصية الإنسان وتجربته الحياتية، لكنها تتجلى بشكل أكبر في شخصيات رياضية بحجم كريستيانو رونالدو، الذي يعد نموذجًا حيًا للتدرج العاطفي من الغضب إلى البكاء عبر مسيرته الحافلة، منذ صعوده إلى الأضواء في مانشستر يونايتد، وحتى فترته الحالية في النصر السعودي، مر الأسطورة البرتغالي بعدد لا يحصى من اللحظات التي أبرزت شخصيته العاطفية.

ظهر ذلك مع كريستيانو سواء كان في لحظات الغضب من قرارات المدربين، أو الاحتجاج على الحكام، أو الانفعال مع الجماهير، أو في لحظات الحزن بعد الخسائر والانكسارات، أو حتى البكاء عند تحقيق الإنجازات، في هذا التقرير، نستعرض أهم المحطات التي انتقل فيها رونالدو من الغضب إلى البكاء، وكيف أثرت على مسيرته.

بين الغضب والدموع.. كيف تعبر الشخصية عن مشاعرها؟

يُعتبر الغضب من المشاعر الإنسانية الأساسية التي تظهر كرد فعل طبيعي على التهديدات أو الإحباطات، وفقًا لعلم النفس، تختلف طرق التعبير عن الغضب بين الأفراد بناءً على شخصياتهم وتجاربهم الحياتية، بعض الأشخاص يعبرون عن غضبهم بشكل صريح ومباشر.

بينما يفضل آخرون كتمانه أو التعبير عنه بطرق غير مباشرة، في مجال الرياضة، يُلاحظ أن الرياضيين يعبرون عن غضبهم بطرق متنوعة، تتأثر بعوامل مثل الضغط الجماهيري والتوقعات العالية، كريستيانو رونالدو، كنجم عالمي، ليس استثناءً؛ فقد أظهر خلال مسيرته مجموعة من ردود الفعل العاطفية التي تعكس تعامله مع مشاعر الغضب والإحباط.

غضبه على السير فيرجسون عام 2009.. تمرد المنافس

شهد عام 2009 واحدة من أبرز لحظات الغضب في مسيرة رونالدو، عندما قرر السير أليكس فيرجسون استبداله في الدقيقة 60 من ديربي مانشستر بين يونايتد ضد السيتي، في وقت كان ينافس فيه البرتغالي على جائزة الحذاء الذهبي أمام منافسه الأزلي الأرجنتيني ليونيل ميسي.

غضب رونالدو كان واضحًا، حيث خلع قميصه وألقاه على مقاعد البدلاء، في مشهد عكس مدى تعلقه بالتحديات الفردية وعدم تقبله لفكرة الخروج من المباراة مبكرًا، كانت هذه الحادثة مؤشرًا على طموحاته الكبيرة، لكنها أظهرت أيضًا أنه لا يقبل بالقرارات التي لا تناسب تطلعاته.

مشادته مع بيب جوارديولا في الكلاسيكو 2010.. لحظة انفجار

في كلاسيكو إسبانيا 2010 بين الغريمين ريال مدريد وبرشلونة، خرجت الكرة إلى التماس لمصلحة الميرنجي، لكن بيب جوارديولا، المدير الفني للنادي الكتالوني آنذاك، أمسك الكرة وتأخر في إعادتها إلى ملعب المباراة.

لم يتردد رونالدو في دفع المدرب بقوة، ما أدى إلى نشوب مشادة بين لاعبي الفريقين، هذا التصرف كان يعكس التوتر الذي كان يعيشه صاروخ ماديرا أمام برشلونة في تلك الفترة، حيث كان يعاني من هيمنة الفريق الكتالوني وصعوبة تحقيق الانتصارات عليهم.

“تحية عسكرية” ضد إشبيلية 2014.. رد على بلاتر

كان جوزيف بلاتر، رئيس الفيفا الأسبق، قد سخر من رونالدو في تصريحات إعلامية، حيث قال إنه يتحرك في الملعب مثل “جندي يؤدي التحية”، على عكس ميسي الذي يبدو كفتى محبوب.

لم يدع رونالدو هذه السخرية تمر دون رد، حيث احتفل بهدفه ضد إشبيلية بتحية عسكرية ساخرة، موجهًا رسالة مباشرة لبلاتر. هذه الحادثة تعكس كيف يستخدم رونالدو حتى غضبه كدافع للأداء والتفوق داخل الملعب.

دموع إحباط رونالدو أمام يوفنتوس في 2015

في دوري أبطال أوروبا 2015، وأثناء مباراة ريال مدريد ضد يوفنتوس الإيطالي، سنحت لرونالدو فرصة محققة لتسجيل هدف، لكنه أضاعها؛ التقطت الكاميرات لحظة نادرة، حيث جلس على الأرض مسنودًا على القائم، وظهر وكأنه يوشك على البكاء، هذه الدموع لم تكن مجرد تعبير عن الإحباط، بل كانت انعكاسًا للحمل الذي يضعه كريستيانو على نفسه لتحقيق الفوز دائمًا.

كريستيانو رونالدو - هداف مواجهات ريال مدريد وأتلتيكو مدريد
كريستيانو رونالدو – ريال مدريد – (المصدر:Gettyimages)

أول مشاركة مع يوفنتوس في الأبطال 2018.. طرد وبكاء

انتقل كريستيانو رونالدو إلى صفوف السيدة العجوز عام 2018 قادمًا من النادي الملكي، وكان متحمسًا لبدء مشواره الأوروبي مع الفريق الإيطالي، لكن الأمور لم تسر كما أراد.

في مباراته الأولى بدور المجموعات، تلقى بطاقة حمراء مثيرة للجدل، وسقط على الأرض باكيًا في مشهد غير معتاد منه، كانت هذه لحظة أكدت مدى ارتباطه بدوري الأبطال، وشعوره بالظلم في تلك الحالة.

انهيار رونالدو في يورو 2024.. دموع النهاية؟

في يورو 2024، وخلال مباراة البرتغال ضد سلوفينيا، أهدر رونالدو ركلة جزاء، لينهار تمامًا ويبكي أمام الجميع، لم يكن البكاء هنا بسبب مجرد ضياع فرصة، بل كان اعترافًا غير مباشر بأن الزمن قد بدأ يأخذ منه الكثير. خلال استراحة الشوط الإضافي، التف حوله زملاؤه لمحاولة رفع معنوياته، لكنه بدا وكأنه يدرك أن هذه البطولة قد تكون الأخيرة له على الساحة الكبرى.

رونالدو بين الأرقام القياسية والانفعالات العاطفية

لا يزال كريستيانو رونالدو يثبت للعالم أن العمر مجرد رقم، حيث سجل هدفه الاحترافي رقم 920 خلال مباراة النصر ضد الفتح في الدوري السعودي للمحترفين، فبينما يواصل تحطيم الأرقام القياسية، أظهر رونالدو مشاعر الإحباط والغضب بعد إلغاء هدفين له في نفس المباراة، مما حرمه من تسجيل ثلاثية جديدة.

التقطته الكاميرات وهو يصرخ: “دائمًا ضدي، ودائمًا ما يلغون أهدافي”، في لحظة تعكس شغفه اللامحدود ورغبته الدائمة في تحقيق الكمال، تلقى بعد المباراة تعزية خاصة من الصحفي البريطاني بيرس مورجان، وهو ما يعكس حجم تأثير هذه اللحظات على النجم البرتغالي حتى خارج المستطيل الأخضر.

بين القوة والضعف.. رونالدو الإنسان

ما يميز كريستيانو رونالدو ليس فقط مهاراته وأهدافه، بل شخصيته العاطفية التي تجعله في بعض الأحيان كتلة من الغضب، وفي أحيان أخرى بحرًا من الدموع، سواء كنت من محبيه أو منتقديه، لا يمكن إنكار أن رونالدو ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل هو شخصية سينمائية حقيقية تعبر عن المشاعر بأقصى درجاتها، من الغضب الجامح إلى الدموع الصادقة.

يُعتبر تحول رونالدو إلى إظهار مشاعر البكاء أثناء المباريات، خاصة في اللحظات الحاسمة، إشارة محتملة إلى أنه أصبح يعاني من إرهاق نفسي وجسدي بعد سنوات من التحديات والضغط المستمر لتحقيق الكمال، فقد تحول التعب الذي كان يظهر سابقًا في شكل غضب عنيف إلى حالة من الانكسار العاطفي، مما يبرز الجانب الإنساني للشخصية الأسطورية التي طالما اعتُبرت رمزًا للقوة والتحدي.

إن هذه المظاهر قد تكون بمثابة تحذير بأن حتى أعظم الرياضيين يمكن أن يصلوا إلى نقطة يكون فيها الضغط المتواصل على المستوى الاحترافي والعاطفي عبئًا ثقيلًا يصعب تحمله، مما يستدعي الدعم النفسي والرعاية المتكاملة لاستمرار الأداء العالي.

كريستيانو رونالدو - منتخب البرتغال
كريستيانو رونالدو – منتخب البرتغال

رغم بلوغه الأربعين، لا يبدو أن طموحات رونالدو تعرف حدودًا، هدفه بالوصول إلى 1000 هدف في مسيرته هو انعكاس لشخصيته التي لا تكتفي بما تحقق، بالنسبة له، كل عام هو فرصة جديدة للتحدي، وكل مباراة هي ساحة لإثبات أن العزيمة والشغف يمكنهما تحدي الزمن، وبينما يحتفل بهذا اليوم المميز، يظل كريستيانو رمزًا للإصرار والإلهام لكل من يؤمن بأن النجاح رحلة لا تتوقف عند أي محطة.

عنان رضا

صحفية رياضية منذ 2018، لدي خبرة في كتابة الأخبار العالمية والمحلية وأخبار المحترفين، ولدي أيضًا خبرة في مجال الترجمة باللغتين الإسبانية والإنجليزية، بالإضافة إلى إهتمامي بمتابعة ما وراء الحياة الشخصية للاعبي كرة القدم في كافة أنحاء العالم، وكتابة القصص الإخبارية عنهم.