أمم إفريقيا 2025بوركينا فاسوتقارير ومقالات خاصةأخبار

لاعب سجل بعين واحدة فقط في كأس أمم إفريقيا 2025!

في عالم كرة القدم، حيث تُبنى الأمجاد على دقة الزوايا وسرعة رد الفعل البصري، يبدو فقدان إحدى العينين كأنه صافرة نهاية مبكرة لمسيرة أي لاعب.

لكن بالنسبة لـ جورجي مينونجو، نجم منتخب بوركينا فاسو ونادي سياتل ساوندرز، لم تكن تلك الظلمة التي حلت بعينه اليسرى إلا بداية لنوع جديد من النور؛ نور لا يأتي من العدسات، بل ينبع من الداخل.

يشارك مينونجو في كأس أمم إفريقيا 2025 بالمغرب، لا كلاعب يحاول التعايش مع إصابته، بل كقوة دافعة تثبت أن حدود الجسد هي مجرد وهم حين تسيطر الإرادة.

تحدى العمى.. كيف عاد جورجي مينونجو لملاعب كأس أمم إفريقيا بنصف بصر؟

نجح جورجي في العودة بمنتخب بلاده أمام غينيا الاستوائية في المباراة التي جمعت بينهما ضمن مباريات الجولة 1 من دور المجموعات لبطولة كأس أمم إفريقيا، بعدما سجل هدف التعادل في الدقيقة 94 قبل أن ينجح زميله إدموند تابسوبا في تسجيل الهدف الثاني في الدقيقة الثامنة من الوقت بدلًا من الضائع.

هو لا يركض فقط خلف الكرة، بل يركض خلف رسالة مفادها أن “الرؤية” الحقيقية ليست مجرد صورة تسقط على الشبكية، بل هي إحساس بالملعب، بالزملاء، وبالحلم الذي رفض أن ينطفئ.

ليلة الصدمة.. حين توقفت الرؤية وبدأ التحدي لجورجي مينونجو

يروي جورجي تفاصيل تلك الرحلة المؤلمة التي بدأت في عام 2023، حين تحولت حساسية عارضة ناتجة عن إرهاق السفر إلى كابوس طبي. يقول جورجي عن تلك اللحظات:

“كان الأمر صعبًا للغاية. لم نعرف من أين أتى هذا الالتهاب، ربما كثرة السفر أو حساسية مفاجئة. أخبرني الطبيب بضرورة الجراحة لوجود نزيف حاد خلف العين وأمامها. وبعد الجراحة، جاءت الكلمات التي لا يتمنى أي رياضي سماعها: يا جورجي، أنا آسف.. لن ترى بعينك اليسرى أبدًا، وربما لن تلعب الكرة مجددًا لأن الخطر على عينك اليمنى أصبح مضاعفًا.”

في تلك اللحظة، لم ينكسر جورجي. شعر بقوة داخلية يصفها بأنها “مدد إلهي” منحته السكينة. وضع لنفسه اختبارًا أخيرًا: “سأذهب للملعب، وإذا لم أشعر أنني بخير خلال أسبوع، سأعتزل”. ارتدى نظاراته الواقية، وعاد للعشب الأخضر، ليدهش مدربه الذي قال عنه: “هذا الفتى فقد عينه، لكن طريقة لعبه مذهلة”. حتى الطبيب صاحب الـ 38 عامًا من الخبرة، وقف مذهولًا أمام حالة جورجي واصفًا إياه بالـ “محظوظ” والقوي.

فلسفة مينونجو في الملعب.. أشعر أكثر مما أرى

أكثر ما يثير الدهشة في قصة مينونجو ليس مجرد عودته، بل الكيفية التي يرى بها الملعب الآن. فبينما يمتلك رؤية جانبية محدودة، طوّر حاسة سادسة تجعله يقرأ اللعب بشكل أعمق من ذي قبل.

يشرح جورجي هذا التحول قائلًا:

في نهاية المطاف، لم يعد جورجي مينونجو يبحث عن التقدير كلاعب “مصاب”، بل كقائد يمتلك ميزة لا يمتلكها الآخرون. لقد أثبت أن كرة القدم، رغم اعتمادها الكلي على الحواس، تظل في جوهرها لعبة تعتمد على “الإدراك”.

اليوم، وبينما يركض في ملاعب المغرب، لا يرى جورجي الكرة بعينه اليمنى فحسب، بل يراها بإيمانٍ تجاوز حدود الطب ومنطق الإصابات؛ ليؤكد أن العجز الحقيقي هو أن تمتلك عينين كاملتين، وتفتقر للرؤية التي تجعلك تطارد حلمك رغم كل الظلام.

أحمد خالد

صحفي رياضي مصري، بدأ العمل بمهنة الصحافة منذ عام 2017 مهتم بكرة القدم المصرية والعالمية وتغطية كل ما يخص الدوريات الكبرى وأبرزهم الدوري الإنجليزي الممتاز والدوري الإسباني والدوري الإيطالي أيضًا، بالإضافة إلى الاهتمام بلغة الأرقام والإحصائيات في عالم كرة القدم بجانب التقارير وحكايات عن تاريخ الأندية بكرة القدم