لم يكن وصول لويس إنريكي إلى باريس سان جيرمان مجرد انتقال مدرب جديد إلى فريق يبحث عن الهيمنة، بل كان بداية لثورة فكرية حملت معها روحًا مغايرة.
منذ توليه المهمة في صيف 2023، رسم الإسباني طريقًا مختلفًا، فمزج بين فلسفة كرة القدم الكلاسيكية ورؤى مستوحاة من رياضات أخرى، ليجعل من باريس كيانًا أكثر صلابة وابتكارًا، ويضعه في مكان لم يبلغه من قبل: التتويج الأول بدوري أبطال أوروبا في مايو الماضي.

لويس إنريكي.. فلسفة جديدة تتجاوز حدود المستطيل الأخضر
إنريكي لم يكتفِ بإدارة المباريات من الخطوط الجانبية، بل نظر إلى التفاصيل التي تُغفل أحيانًا، ففي مباراة لانس الأخيرة التي انتهت بفوز باريس 2-0، تخلى عن مقعده في دكة البدلاء وصعد إلى المقصورة الصحفية لمراقبة فريقه من الأعلى، مستلهمًا أسلوب مدربي الرجبي الذين اعتادوا تحليل اللقاءات من منظور شامل.
من هناك، رأى المشهد كاملًا، كيفية انتشار لاعبيه، المساحات الفارغة، ومناطق القوة والضعف، قبل أن يعود في الشوط الثاني لإدارة اللقاء من موقعه المعتاد على خط التماس.
اعترف إنريكي بعد المباراة بأن هذه الفكرة ليست وليدة الصدفة، بل ثمرة متابعة دقيقة لمدربي الرجبي الذين يتعاملون مع المباراة كلوحة كاملة، وليس كقطعة مجزأة.
بالنسبة له، هذه الرؤية من الأعلى تمنحه قدرة أكبر على تحديد أنماط اللعب، والتقاط تفاصيل قد تغيب عن المدرب حين يكون محاطًا بضوضاء الملعب وضغط الأحداث عند خط التماس.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يستعير فيها إنريكي أفكارًا من خارج إطار كرة القدم التقليدية، في الموسم الماضي، طبق تكتيكًا غير مألوف في الدوري الفرنسي حين وجّه لاعبيه لدفع الكرة مباشرة نحو نصف ملعب الخصم من ركلة البداية، في محاولة للضغط المبكر والاستحواذ على منطقة استراتيجية، وهو أسلوب مستلهم من نهج فرق الرجبي في كسب الأرض من اللحظة الأولى.
في كل الأحوال، بدا واضحًا أن إنريكي لا ينظر إلى كرة القدم كرياضة مكتفية بذاتها، بل كعالم مفتوح يمكن أن يستعير من أي مكان ما يعزز الأداء.