بيب جوارديولاتشابي ألونسو365TOPأخبار

كش ملك.. هل يستحق ألونسو الإقالة فعلًا؟

تلقى ريال مدريد بقيادة مدربه تشابي ألونسو ضربة جديدة على أرضه “سانتياجو بيرنابيو”، بعدما سقط أمام مانشستر سيتي رغم البداية المثالية التي وقع عليها رودريجو حين وضع فريقه في المقدمة، في أول زيارة له للشباك بعد 32 مباراة كاملة من الصيام، غير أن هذا التقدم لم يكن سوى مقدمة لانهيار تدريجي سببه الأكبر الأخطاء القاتلة التي استغلها لاعبو السيتي بأفضل طريقة ممكنة، ليقلبوا النتيجة ويفرضوا واقعًا جديدًا على الميرنجي المثقل بالأزمات.

ومع كل خسارة جديدة، يطفو إلى السطح السؤال ذاته: هل يستحق تشابي ألونسو الإقالة؟ أم أن ما يعيشه الفريق الملكي اليوم هو نتيجة تراكمات وظروف تتجاوز حدود المدرب وتدخل ضمن صلب تكوين الفريق نفسه؟

مشاكل دفاعية بلا نهاية.. وألونسو بلا مفاتيح إنقاذ

دخل ريال مدريد المباراة وهو يعاني من أزمة دفاعية خانقة. فقد اضطر ألونسو للاعتماد على الثنائي الاحتياطي أنطونيو روديجر وراؤول أسينسيو في قلب الدفاع بعد إصابة ميليتاو، بينما يستمر غياب دين هويسين للشهر الثاني على التوالي. وفي غياب الثنائي الذي شكل معه أفضل تناغم دفاعي هذا الموسم (هويسين – ميليتاو)، بدا ريال مدريد مكشوفًا ومهتزًا بشكل غير اعتيادي.

منذ إصابة هويسين، خاض ريال مدريد خمس مباريات لم يفز منها سوى في مواجهتين، إحداهما جاءت بصعوبة أمام أولمبياكوس في دوري الأبطال، والثانية أمام أتلتيك بيلباو في الليجا.

كان حديث ألونسو في المؤتمر الصحفي واضحًا، وكاشفًا لعمق المشكلة، الفريق يلعب بلا عمود فقري دفاعي، وبلا بدائل مؤهلة، وبلا حلول تكتيكية يمكن الاعتماد عليها خلال الأزمة.

“عندما تكون في موقف حرج، مع غياب العديد من اللاعبين، تشعر بأنك أقل تماسكًا، ولهذا السبب قلبوا المباراة لصالحهم بسرعة كبيرة. إنهم خصم عنيد؛ لم نستقبل سوى القليل من الأهداف، لكنه كان كافيًا، عندما لا تسير الأمور كما ترغب، حصلنا على فرص.. ولم نستغلها”.

– تشابي ألونسو.

فينيسيوس جونيور - تشابي ألونسو -ريال مدريد (المصدر:Gettyimages)
فينيسيوس جونيور – تشابي ألونسو -ريال مدريد (المصدر:Gettyimages)

فالفيردي اضطر للعب كظهير أيمن، فخسر الفريق أحد أهم أسلحته في وسط الملعب، وعلى مقاعد البدلاء، لم يكن هناك أي لاعب قادر على إعادة التوازن، ما اضطر ألونسو في النهاية لإشراك أردا جولر كلاعب ارتكاز، عندما أخرج أسينسيو ودفع تشواميني للعب كقلب دفاع، في لحظة كان الفريق فيها محتاجًا لكل ذرة جودة ممكنة.

أما روديجر، فقد قدم واحدة من أصعب مبارياته على الإطلاق، أخطاء بالجملة، تدخلات بطيئة، ورعونة كلفت الفريق هدفين في وقت حرج؛ في الهدف الأول ارتكب خطأ واضحًا على روبن دياز، لكن الكرة استقرت في الشباك فتم تجاهل المخالفة.

وبعد دقائق، عاد لارتكاب خطأ فادح ضد هالاند داخل المنطقة، ليمنح السيتي ركلة جزاء حولت المباراة بشكل كامل، وأكملت عودة الضيوف.

ورغم المشاكل التي ارتكبها خط الدفاع، وتسببت في أكثر من فرصة خطيرة، إلا أن ريال مدريد بشكل مُجمل لم يقدم مباراته الأسوأ هذا الموسم، قدم ألفارو كاريراس وجود بيلينجهام مستوى أفضل مما قدماه خلال المباريات الأخيرة، رغم أن جود أضاع فرصة هدف مُحقق برعونة، بعدما حاول وضعها من أعلى دوناروما.

ماذا لو حضر مبابي أمام مانشستر سيتي؟

افتقد ريال مدريد في موقعة مانشستر سيتي ذلك الحاسم الذي يصنع الفارق وحده؛ افتقد كيليان مبابي، الهداف الأكثر تأثيرًا في الفريق هذا الموسم، والذي غاب مُجبرًا بسبب الإصابة التي تعرض لها في المباراة السابقة.

كيليان مبابي - ريال مدريد ضد أتلتيك بلباو (المصدر:Gettyimages)
كيليان مبابي – ريال مدريد ضد أتلتيك بلباو (المصدر:Gettyimages)

ولعل الإحصائيات وحدها تكفي لرسم حجم الفجوة التي خلّفها غيابه، ففي آخر سبع مباريات قبل مواجهة السيتي، سجل ريال مدريد عشرة أهداف كاملة، كان مبابي شريكًا مباشرًا في تسعة منها، بإحراز سبعة وصناعة اثنين. أي أن الميرنجي فقد تسعين بالمئة تقريبًا من قوته الهجومية بغيابه.

ألونسو نفسه لم يتردد في الاعتراف بأن الفريق افتقد “هداف دوري الأبطال” أمام السيتي، خصوصًا أن الدفاع السماوي لم يكن في أفضل حالاته، وترك مساحات كان من الممكن أن يستغلها مهاجم بقدرات مبابي؛ ومع ذلك، وجد ريال مدريد نفسه أمام مشكلة واضحة: يصنع فرصًا، لكنه لا يملك من يترجمها إلى أهداف.

وبالأرقام، تبدو المعاناة جلية، فسدد ريال مدريد 17 مرة خلال اللقاء، لكن اثنتين فقط ذهبتا في إطار المرمى، إحداهما كانت هدف رودريجو؛ أي أن الملكي، على مدار 90 دقيقة كاملة، لم يهدد مرمى دوناروما إلا بتسديدة واحدة فقط غير الهدف.

كان من نصيب فينيسيوس جونيور الرقم السلبي الأكبر، حيث لم يخلق أي خطورة على مرمى مانشستر سيتي، في وقت كان الجميع يُعول عليه في غياب كيليان مبابي، لكن البرازيلي لم يكن متواجدًا كما هو الحال منذ بداية الموسم.

هذه الإحصائية لا تليق بفريق بحجم ريال مدريد، وهي تكرار لسيناريو مشابه ظهر في مباراة ليفربول، حين اكتفى الفريق بتسديدة يتيمة على مرمى مامارداشفيلي.

بطبيعة الحال، وجود كيليان مبابي – الذي سجل “هاتريك” في آخر مواجهة جمعته مع السيتي على أرض بيرنابيو – كان كفيلًا بتغيير ملامح المباراة بالكامل، وإضافة عمق هجومي كان الفريق في أمسّ الحاجة إليه، لكن الحقيقة الأكثر عمقًا أن الأمر لا يقتصر على غياب نجم واحد، مهما بلغت قيمته الفنية.

كيليان مبابي - تشابي ألونسو - المصدر (Getty images)
كيليان مبابي – تشابي ألونسو – المصدر (Getty images)

فمشكلة ريال مدريد اليوم أكبر من مجرد غياب مبابي، وأعمق من تعديل تكتيكي أو وجوه بديلة، الأزمة التي يعيشها الفريق تتعلق بهيكل كامل يعاني من اهتزازات دفاعية، وضعف في دكة البدلاء، وتراجع في الثبات الذهني أثناء المباريات الكبرى.

حتى مع مبابي، ربما كان الأداء الهجومي سيبدو أفضل، لكن جذور المشكلة ستظل قائمة، فكان الفرنسي متواجدًا أمام ليفربول وأتلتيكو مدريد وسيلتا فيجو، وخسر الفريق المباريات الثلاث كذلك.

هل يستحق ألونسو الإقالة فعلًا؟

“كانت هناك بعض الصافرات، ولكن الكثير من التصفيق”.

مستقبلي؟ الأمر لا يتعلق بي؛ أنا أركز على مباراة ريال مدريد القادمة، وهذا هو المهم”.

– تشابي ألونسو.

تصريحات تشابي ألونسو في المؤتمر الصحفي، تُبين مدى الضغط الذي يتعرض له مدرب ريال مدريد في الوقت الراهن، فمع تراجع النتائج وتوالي الهزائم، بات الفريق في عنق الزجاجة على المستويين المحلي والقاري.

ولكن خلال الأشهر الماضية، أكدت تقريبا جميع الصحف الإسبانية، أن هناك انقسام داخل غرف ملابس ريال مدريد، وأكثر من لاعب يرفض طريقة إدارة ألونسو للفريق، من الناحية التكتيكية والناحية الفنية، والعمل البدني والانضباطي كذلك.

تشابي ألونسو – مبابي – فينيسيوس – بيلنجهام

البيئة التي يعمل فيها ألونسو ليست صحية للعمل الجاد، بين امتعاض فينيسيوس المستمر، والحديث عن رفض فالفيردي اللعب كظهير أيمن، والتكاسل اللامنتناهي من جانب الخط الأمامي في عملية الضغط على الخصم، بالإضافة إلى عدم وجود عمق قوي لدعم التشكيلة الأساسية، يبدو أن الأمور في مدريد أكبر بكثير من مشكلة مدرب.

ما يؤخذ على ألونسو، هو عدم تجهيز جونزالو جارسيا بالشكل الأمثل، فبعد ظهوره بشكل جيد خلال كأس العالم للأندية، اختفى المهاجم الشاب تمامًا من الصورة، وعندما احتاجه اليوم عند إصابة مبابي، لم يجد ضالته، رغم أن اللاعب قدم الجهد المطلوب على المستوى البدني، لكن تبقى اللمسة بعيدة.

“النتائج هي ما هي عليه، لكن تفسيرها يعتمد علينا، أعتقد أن هذا ليس وضعًا جديدًا لأي مدرب، وعلينا تقبله، عندما تكون مدربًا لريال مدريد، يجب أن تكون مستعدًا لمواجهته؛ نحن نمر بهذه المرحلة الآن، لكننا ندرك أن الأمور قابلة للتغيير؛ اليوم، رغم النتيجة، رأيت بعض الجوانب الإيجابية. لم تسر الأمور على ما يرام في مباريات أخرى، لكننا ما زلنا في المنافسة”.

– تشابي ألونسو.

أشار ألونسو إلى النتائج، كونها المعيار الأول والوحيد لفريق كبير بحكم ريال مدريد، لابد من الفوز ولا شيء غير الفوز، إذا أردت أن تستمر في منصبك، وهو محق في ذلك. فالفترة السلبية ليست جديدة على ريال مدريد تاريخيًا، فقد مر الفريق بمحطات مشابهة خلال العقد الماضي، وكان المعيار دائمًا هو النتائج.

قد يكون تشابي ألونسو قطعة مهمة في الرقعة، لكنه بالتأكيد ليس المسؤول الوحيد عن الهزيمة، ريال مدريد يمر بأزمة مركبة، تشمل قطع دفاعية مهتزة، هجومات بلا فعالية، وغياب الاستقرار التكتيكي. الهزيمة أمام السيتي كانت مجرد حركة كش ملك، لكنها لم تنهِ اللعبة بعد.

القرار بيد فلورنتينو بيريز: إما إعادة ترتيب الرقعة، ودعم المشروع طويل الأمد، أو الإقدام على خطوة تغيّر مسار اللعبة بالكامل، في كل الأحوال، رقعة ريال مدريد مليئة بالتحديات، وأي حركة خاطئة قد تكون مكلفة.

محمود الشوادفي

صحفي مصري، أكتب في 365Scores عن كرة القدم كما تُرى من داخل التفاصيل، بدأت رحلتي الصحفية عام 2019، وأؤمن أن وراء كل رقم حكاية، ووراء كل مباراة فكرة تستحق أن تُروى بأسلوب مختلف.