الدوري الإسبانيدوري أبطال أوروباريال مدريدتقارير ومقالات خاصة

كارلو أنشيلوتي في ريال مدريد.. بعد العز والدلال دوام الحال من المُحال

بعد العز والدلال، دوام الحال من المُحال.. هكذا يمكن وصف رحلة المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي التي انقسمت على فترتين مع ريال مدريد الإسباني.

المدرب الإيطالي الآن أصبحت أيامه معدودة في النادي الملكي، وأصبح باب الرحيل أقرب بكثير لقدميه، يخطو ببطء، ولكنه في الاتجاه الذي يراه جمهور ريال مدريد هو الصحيح.

رحلة مثيرة، ناجحة، استثنائية، تاريخية بكل تأكيد صنعها أنشيلوتي مع ريال مدريد بأجيال مختلفة، في فترته الأولى والثانية، ليضع حدًا للنهاية أخيرًا.

قد يهمك أيضًا

آخر سطور القصة لم تكن كما كان يريدها أنشيلوتي، وكذلك جماهير ريال مدريد، سطور شهدت خيبات لم يعتد عليها الإيطالي أو معشر المدريديستا.

خسارة 3 ألقاب في موسم واحد، والدوري أيضًا في الطريق، حيث تقترب الليغا إلى برشلونة أكثر من النادي الملكي.

مسيرة مليئة بالتقلبات لكارلو أنشيلوتي، لكنها استثنائية سواء مع ريال مدريد أو مسيرته بشكل عام، بعدما كان مُعرضًا للإقالة من إيفرتون، فقد عاد لإحياء تلك المسيرة مع النادي الملكي.

دعونا نبدأ قصة أنشيلوتي من بدايتها، وكيف صنع أسطوريته مع ريال مدريد، وأصبح أكثر مدرب يتوّج بالألقاب في تاريخ النادي الملكي.

كارلو أنشيلوتي لإعادة ترتيب البيت وإخضاع العاشرة

في 15 يوليو 2013، وصل كارلو أنشيلوتي إلى العاصمة الإسبانية مدريد، اجتمع بالأسطورة زين الدين زيدان، الذي كان يساعده في الجهاز الفني.

وصول أنشيلوتي لريال مدريد كان في أجواء صعبة بنهاية الموسم للنادي الملكي، بعد مشاكل جوزيه مورينيو مع اللاعبين، وأبرزهم إيكر كاسياس، الذي اتُّهم بتسريب الأخبار لصديقته سارة كاربونيرو.

بالإضافة إلى ذلك، بيبي المدافع البرتغالي، بعدما انتقده مواطنه وأكد بأنه عليه أن يخجل من أن يلعب مكانه لاعب بعمر الـ20 عامًا (رافائيل فاران).

أيضًا تعامل مورينيو مع الإعلام لم يكن على ما يرام، وهو ما كان يراه بيريز حينها مُضرًا بصورة النادي الملكي، وبعد العديد من الاجتماعات التي جمعت الرئيس وجوزيه ومعهم خورخي فالدانو، سئم فلورنتينو وتوصل لاتفاق مع المدرب البرتغالي للرحيل.

حينما جاء أنشيلوتي، كان ريال مدريد قد تخطى عقدة دور الـ16 بعد خيبات الخروج من ليفربول، وليون، ويوفنتوس، وبايرن ميونخ، وأعاد جوزيه مورينيو الشخصية للملكي.

رونالدو مع أنشيلوتي
رونالدو مع أنشيلوتي

خروج من نصف النهائي مرتين على التوالي ضد بايرن ميونخ 2012، وبوروسيا دورتموند 2013، والعاشرة ترفض الخضوع لريال مدريد، ويغيب دوري الأبطال عن الملكي لـ12 عامًا.

في 2014، انضم لريال مدريد جاريث بيل في صفقة تاريخية، وبجانبه فرانشيسكو إيسكو، وداني كارفاخال، مع رحيل ريكاردو كاكا، ومسعود أوزيل.

فريق مُدجج بالنجوم، ولكن كارلو يعرف جيدًا كيف يتعامل مع غرفة خلع الملابس، فقد فعلها من قبل مع ميلان بجيله التاريخي بطل أوروبا 2003 و2007، والذي خسر لقب 2005 بينهما في سيناريو جنوني ضد ليفربول.

أعاد أنشيلوتي الهدوء لغرفة خلع الملابس، ورغم البداية المثالية لبطولة الدوري الإسباني، لكن المواجهات المباشرة ضد أتلتيكو مدريد وبرشلونة لم تكن في صالح الإيطالي، وخسر الديربي والكلاسيكو في الدور الأول، وتعادل ضد الروخيبلانكوس في الدور الثاني، وخسر من البلوجرانا.

تبخر حلم الدوري بعد الخسارة من سيلتا فيجو 2-0، وأصبح بين برشلونة وأتلتيكو مدريد، ولكن في الوقت ذاته كان أنشيلوتي لا يرحم أحدًا في دوري أبطال أوروبا.

حرق الأشجار مع رونالدو ورفاقه في أليانز أرينا، وقبلها أقصى دورتموند بعد شالكه، ليُنهي عقدة ألمانيا التي كانت تطارد الملكي.

خضعت العاشرة في النهاية عندما تُوّج الفريق بعد ريمونتادا تاريخية أمام أتلتيكو مدريد وهدف راموس القاتل، خضوع بسيادة كاملة لكارلو وفريقه، الذي حقق لقب كأس ملك إسبانيا أيضًا رغم غياب كريستيانو رونالدو، بهدف جاريث بيل الشهير في برشلونة بملعب ميستايا.

حوّل أنشيلوتي فريقًا كان يعاني مع جوزيه مورينيو وخسر نهائي كأس الملك على ملعبه، لفريق ينتقم من برشلونة بطل الدوري، ومن أتلتيكو مدريد الذي حرمه من كأس النسخة السابقة.

في الموسم التالي، رحل عن ريال مدريد أنخيل دي ماريا، وانضم كلٌّ من توني كروس وخاميس رودريجيز، ولكنه كان موسمًا حافلًا بالإخفاقات.

خسارة السوبر ضد أتلتيكو مدريد، ثم رباعية من سوسيداد، والسقوط ضد الروخيبلانكوس مجددًا في الدوري، ورغم سلسلة الانتصارات والتتويج بكأس العالم للأندية، لكن الموسم انهار بداية من يناير 2015.

خروج من كأس الملك ضد أتلتيكو مدريد، ثم السقوط أمام برشلونة في الدوري، والخروج من ملعب سانتياجو برنابيو ضد يوفنتوس، جميعها أشياء عجّلت برحيل الإيطالي.

وعند رحيل كارلو، وصفه مودريتش بالرجل المثالي لريال مدريد، وأعرب رونالدو عن حزنه، بأنه كان يتمنى استمراره.

ليس لها إلا كارلو أنشيلوتي

بعد رحيل كارلو، جاء رافائيل بينيتيز، وفشل في أقل من نصف موسم، ليأتي خلفه زين الدين زيدان، الذي صنع التاريخ في أقل من 3 مواسم فقط مع الملكي من يناير 2016 وحتى مايو 2018.

رحل زيزو وغادر كريستيانو رونالدو، وظل ريال مدريد صيدًا سهلًا، بعد خسارته كأس السوبر الأوروبي، والخروج من دور الـ16 بدوري الأبطال، وخيبات متتالية في الدوري تحت قيادة لوبيتيجي ثم سولاري، ليأتي زيزو، ويبدأ البناء للموسم الجديد.

زين الدين زيدان - (المصدر:Gettyimages)
زين الدين زيدان – (المصدر:Gettyimages)

ولأن الولاية الثانية ليست ناجحة دائمًا، لم ينجح زيزو، وخرج من دوري الأبطال ضد مانشستر سيتي، رغم تحقيقه لقب الدوري في 2020، وفي 2021، خسر الليغا، وخرج من نصف نهائي الأبطال، ليرحل مجددًا.

في ذلك الوقت، كان أنشيلوتي، الذي بدأت مسيرته تنحدر بعد إقالته من بايرن ميونخ ثم نابولي، ينقذ إيفرتون من الهبوط.

ولأنه ريال مدريد، لم يرفض أنشيلوتي أبدًا تلبية النداء، وعاد لملعب سانتياجو برنابيو، في مكالمة طارئة تطالب الإيطالي بمحاولة السيطرة على الأوضاع مجددًا.

عاد كارلو لفريق بدون كريستيانو رونالدو، ولم يعد جاريث بيل كما كان في 2014، وإيدين هازارد الذي يعاني من الإصابات، لكن لا يزال بنزيما ومودريتش هنا.

كان فينيسيوس مادة خام للسخرية بسبب إهداره للأهداف أمام المرمى، وظن البعض أن مودريتش يتقدم في العمر، ولم يعد كما كان من قبل، وبنزيما الذي تلقى انتقادات عديدة، أصبح مع أنشيلوتي اللاعب الذي كان مظلومًا في ظل كريستيانو رونالدو.

في موسمه الأول فقط، كل شيء عاد لطبيعته في ريال مدريد ما دام أنشيلوتي هنا، فقد حقق الملكي لقب الدوري الإسباني، ومشوارًا إعجازيًا في دوري أبطال أوروبا، بعد إقصاء باريس سان جيرمان، ثم تشيلسي ومانشستر سيتي، وأخيرًا ليفربول.

مشوار إعجازي كان بطله كريم بنزيما، بمساعدة فينيسيوس ورودريجو البديل الذهبي، وكامافينجا كذلك، وجميعهم بتأثير حقيقي من كارلو أنشيلوتي.

ولك أن تتخيل عزيزي القارئ، أن كريم بنزيما الذي كان يطالب البعض برحيله عن ريال مدريد، أصبح أفضل لاعب في العالم، وذلك يعود لما فعله كارلو أنشيلوتي، وقبله زين الدين زيدان في تطوير اللاعب.

ريال مدريد - الكرة الذهبية 2023
كريم بنزيما – زيدان – الكرة الذهبية

الثقة وشخصية البطل أيضًا، التي تميّز بهما فريق ريال مدريد بفضل ما كان يفعله أنشيلوتي، كانت تقود الفريق لانتصارات غير طبيعية، بعد أن كانت البداية في دور المجموعات بهزيمة من شيريف تيراسبول.

في 2024، عاد ريال مدريد وفاز بالدوري والأبطال في نفس الموسم، وبكل هدوء، ورغم رحيل النجوم، ورغم تحكم بيريز الأكبر، كان كارلو حاضرًا وبقوة.

بعد العز والدلال.. دوام الحال من المُحال

تلك الجملة أتذكرها جيدًا عندما نطقها رؤوف خليف المعلق التونسي الشهير، بهدف فرناندو توريس في مرمى برشلونة، والذي أقصى البلوجرانا من نصف نهائي دوري أبطال 2012، وكتبت سطرًا لنهاية قصة جوارديولا مع النادي الكتالوني.

يمكن أن تصف تلك الجملة حال أنشيلوتي حاليًا مع ريال مدريد، فإن الخيبات التي تعرض لها النادي في هذا الموسم، كانت يمكن أن تحدث في موسمه الأول.

ريال مدريد - كارلو أنشيلوتي
ريال مدريد – كارلو أنشيلوتي – (VIA: AI)

ربما الثاني، وكذلك الثالث، ولكن حدثت الآن، في وقت عودة برشلونة من جديد مع المدرب هانز فليك. خسارة 3 مباريات كلاسيكو بـ3 بطولات مختلفة، أمر ليس طبيعيًا أبدًا بالنسبة لجماهير الملكي.

بالإضافة إلى ذلك، تصريحات أنشيلوتي التي اعتبرها البعض استفزازية، في ظل الحالة العدوانية التي أصبح عليها الفريق.

السيطرة على غرفة خلع الملابس لم تكن كما كانت، تصريحات بين السطور من فينيسيوس، ومبابي، ورودريجو، لا يوجد موقف واضح للمدرب الإيطالي، وذلك ينعكس على أداء اللاعبين في الملعب.

أيضًا الكروت الحمراء التي أصبحت متكررة في صفوف الفريق، مبابي، وبيلينجهام، وروديجير، وفاسكيز، وكامافينجا، من بين لاعبين تعرضوا للطرد في أوقات صعبة من الموسم.

المدرب الذي يستحق كل التحية في فترته الأولى والثانية، يستحق أيضًا الانتقاد، لقد كانت هناك مشاكل فنية واضحة للجميع، وأبرزهم فلورنتينو بيريز، لكنه يحترم جيدًا تاريخ كارلو بعدما أصبح الأكثر تتويجًا بالبطولات مع الملكي عندما حصل على كأس الإنتركونتيننتال ضد باتشوكا، وهي البطولة الوحيدة هذا الموسم، على اعتبار أن السوبر الأوروبي من بطولات الموسم الماضي.

ريال مدريد - كأس إنتركونتيننتال 2024
ريال مدريد – كأس إنتركونتيننتال 2024 (المصدر:Gettyimages)

وداع عاطفي منتظر من جماهير ريال مدريد لأنشيلوتي، الرجل الذي، خلال فترة تواجده، كان تعامله جيدًا للغاية مع الصحافة، مع الجماهير، وكذلك بين اللاعبين.

المدرب الإيطالي سيخرج مرفوعًا على الأعناق، ولن تكون نهايته القاسية سببًا في خروجه من الباب الصغير، ألقابه وإنجازاته وتعامله مع اللاعبين، وتطوير بعضهم، تجعل جماهير ريال مدريد تودّعه بكل الود.

هذه المرة ستكون رسالة وداع، لا تنتهي بجملة “إلى اللقاء”، لأنه لا يبدو أن اللقاء سيتجدد بعد..

نادر شبانة

صحفي مصري منذ عام 2012، عملت بالعديد من القنوات التلفزيونية، أقوم بتقديم محتوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أهتم بكرة القدم العالمية والإيطالية بشكل أكبر، أجيد كتابة القصص في كرة القدم والتحليلات للمباريات، وترجمة الأخبار ومتابعة الأحداث لحظة بلحظة