كأس العالم للأندية: أوروبا لا ترحم حتى في الاختبار الأول.. وكثرة المشاركات لا تعني التتويج
تترقب جماهير كرة القدم حول العالم صيفًا تاريخيًا، مع انطلاق النسخة الجديدة من كأس العالم للأندية 2025، والتي تُقام لأول مرة بنظام موسع وعدد قياسي من الأندية. هذه النسخة تُدشن حقبة جديدة للبطولة العالمية، بمشاركة غير مسبوقة من مختلف القارات، في واحدة من أكبر المحافل الكروية على مستوى الأندية.
الولايات المتحدة الأمريكية ستكون مسرحًا لهذه النسخة التاريخية، التي ستُقام خلال الفترة من 15 يونيو حتى 13 يوليو 2025، في توقيت صيفي استثنائي يمنح البطولة طابعًا عالميًا مناسبًا لجداول معظم الدوريات.
النسخة الجديدة ستشهد مشاركة 32 فريقًا تم تقسيمهم إلى 8 مجموعات، كل مجموعة تضم 4 فرق. يتأهل منها الأول والثاني إلى دور الـ16، ثم تبدأ الأدوار الإقصائية بخروج المغلوب حتى المباراة النهائية.
هذا التغيير الجذري يجعل من البطولة أكثر شمولًا وتنافسية، مقارنة بالنسخ السابقة القصيرة، كما يمنح الفرق من خارج أوروبا وأمريكا الجنوبية فرصة أكبر لفرض نفسها وكتابة التاريخ، بسبب وجود عدد مباريات أكبر وإمكانية أعلى للتأهل الأدوار الإقصائية.

الملوك الحقيقيون للعالم: من الأكثر تتويجًا ونجاحًا في كأس العالم للأندية؟
منذ انطلاق كأس العالم للأندية عام 2000، أُقيمت 20 نسخة حتى الآن، وشهدت تتويج 12 ناديًا مختلفًا باللقب، في مؤشر على التنوع والمنافسة، على الرغم من سيطرة أوروبا في السنوات الأخيرة.
يتربع ريال مدريد الإسباني على عرش الأندية المتوجة، بـ5 ألقاب، ويليه برشلونة الإسباني بـ3 ألقاب، ثم يأتي كل من كورينثيانز البرازيلي وبايرن ميونخ الألماني بلقبين لكل منهما.
أكثر الأندية تتويجًا ونسبة النجاح في تحقيق اللقب:
| اسم النادي | عدد المشاركات | عدد الألقاب | نسبة النجاح |
| ريال مدريد الإسباني | 6 | 5 | 83.3 % |
| برشلونة الإسباني | 4 | 3 | 75 % |
| بايرن ميونخ الألماني | 2 | 2 | 100 % |
| كورينثيانز البرازيلي | 2 | 2 | 100 % |
| ليفربول الإنجليزي | 2 | 1 | 50 % |
| مانشستر يونايتد الإنجليزي | 2 | 1 | 50 % |
| تشيلسي الإنجليزي | 2 | 1 | 50 % |
| إنترناسيونال البرازيلي | 2 | 1 | 50 % |
| ميلان الإيطالي | 1 | 1 | 100 % |
| إنتر الإيطالي | 1 | 1 | 100 % |
| مانشستر سيتي الإنجليزي | 1 | 1 | 100 % |
| ساو باولو البرازيلي | 1 | 1 | 100 % |
هذه الأرقام تعكس ارتباطًا وثيقًا بين الهيمنة القارية والعالمية، فالتفوق الأوروبي على صعيد دوري الأبطال، خصوصًا من ريال مدريد، تُرجم إلى نجاح مهيمن على الصعيد العالمي.
ريال مدريد يفرض سيطرته رغم كثرة المشاركات
رغم كثرة مشاركات ريال مدريد في كأس العالم للأندية إلا أن النادي الملكي حافظ على نسبة نجاح ممتازة في تحقيق اللقب، وهو ما يدل على السيطرة والهيمنة على المنافسات كلما شارك العملاق الأوروبي في البطولة.
لا يأتي تصدّر ريال مدريد لقائمة أبطال كأس العالم للأندية من فراغ، فالعملاق الإسباني حوّل البطولة إلى ساحة استعراض لقوته الأوروبية والعالمية، محققًا 5 ألقاب من أصل 6 مشاركات، بنسبة نجاح شبه كاملة.

السبب الأول لهذا التفوق يعود إلى سيطرة ريال مدريد على دوري أبطال أوروبا في السنوات العشرة الأخيرة، ما سمح له بالتأهل المتكرر للبطولة وهو في أفضل حالاته الفنية والذهنية.
لكن هناك ما هو أبعد من الأرقام، فالفريق الملكي يتميز بثقافة الفوز الراسخة داخل النادي، حيث يدخل كل بطولة بهدف واحد فقط وهو التتويج باللقب. ريال مدريد لم يتعامل مع كأس العالم للأندية كمجرد لقب ثانوي، بل كمحطة طبيعية لتأكيد زعامته على العرش العالمي، ولهذا لم يُهدر الفرص، بل استغلها بكل حسم.
المشاركة الوحيدة = تحقيق اللقب
ما يلفت الانتباه أن هناك أندية استطاعت تحقيق اللقب من المشاركة الأولى والوحيدة، وهو ما يدل على الجاهزية والاستعداد الجيد للبطولة من المشاركة الأولى.
أندية مثل ميلان وإنتر الإيطاليين، ومانشستر سيتي الإنجليزي، وساو باولو البرازيلي، لم تهدر الفرصة، وتمكنت من تحقيق اللقب من المشاركة الاولى، فهذه الأندية أكدت أنها لا تحتاج إلى تكرار التجربة كي تفرض هيبتها، بل دخلت البطولة بثقلها الأوروبي الكبير وخرجت باللقب الغالي من أول فرصة.
هيمنة أوروبا: هل قَتلت التوازن؟
تشير الإحصائيات إلى هيمنة كبيرة للأندية الأوروبية على كأس العالم للأندية، فمن أصل 20 نسخة، فازت أندية أوروبا بـ 16 لقبًا، بينما كانت 4 ألقاب فقط من نصيب أندية أمريكا الجنوبية، وجميعها برازيلية.
| القارة | عدد مرات تحقيق كأس العالم للأندية | عدد مرات تحقيق المركز الثاني | عدد مرات تحقيق المركز الثالث |
| أوروبا | 16 | 3 | 0 |
| أمريكا الجنوبية | 4 | 11 | 5 |
| آسيا | 0 | 3 | 5 |
| إفريقيا | 0 | 2 | 4 |
| كونكاكاف | 0 | 1 | 5 |
آخر فريق غير أوروبي تُوّج باللقب كان كورينثيانز عام 2012، عندما فاز على تشيلسي الإنجليزي في النهائي، ومنذ ذلك الحين، فشلت كل محاولات أندية أمريكا الجنوبية وآسيا وإفريقيا في كسر السيطرة الأوروبية.
الأندية الأوروبية لم تكن فقط أكثر جاهزية فنية، بل استفادت من فوارق مالية ضخمة، ومستوى تنافسي أعلى في البطولات المحلية والقارية، وتوقيت البطولة الذي كان في ديسمبر سابقًا، في منتصف الموسم، فكان يخدم جاهزيتهم البدنية والفنية، وكل هذه العوامل خلقت خللًا في ميزان القوى، وجعلت التتويج شبه حكر على ممثلي أوروبا.
كثرة المشاركات لا تساوي التتويج دائمًا
من المفارقات اللافتة في تاريخ كأس العالم للأندية، أن أكثر الفرق التي شاركت في البطولة، لم تتوج بها.
| اسم الفريق | عدد المشاركات في كأس العالم للأندية | عدد مرات التتويج بالبطولة |
| أوكلاند سيتي (نيوزيلندا) | 11 مشاركة | 0 |
| الأهلي (مصر) | 9 مشاركات | 0 |
| ريال مدريد (إسبانيا) | 6 مشاركات | 5 |
| مونتيري (المكسيك) | 5 مشاركات | 0 |
من بين هذه الأندية الأربعة الأكثر مشاركة في كأس العالم للأندية، فقط ريال مدريد استطاع معانقة الكأس، بل وتصدر قائمة الأكثر تتويجًا بالبطولة، أما البقية، فقد اكتفوا بـ”التمثيل المشرف”، دون النجاح في تخطي الحاجز الأوروبي أو البرازيلي نحو اللقب.
المثير هنا أن مجموع مشاركات أوكلاند سيتي + الأهلي + مونتيري = 25 مشاركة دون تتويج!

ما يؤكد أن الاستمرارية وحدها لا تصنع المجد، بل تحتاج إلى إمكانيات حقيقية، وتجهيزات كبيرة، وخبرة في مواجهات الأندية الكبرى على المسرح العالمي.
رغم التمثيل المتكرر لفرق من آسيا، إفريقيا، وأمريكا الشمالية، إلا أن اللقب لم يخرج يومًا من أيدي أوروبا أو أمريكا الجنوبية.
النسخة المقبلة بنظامها الجديد، تسمح بمشاركة أندية أكثر من أوروبا وأمريكا الجنوبية، مما يزيد من صعوبة تحقيق أندية القارات الأخرى للقب، فهل نشهد نهاية أمل أندية القارات الأخرى في مجرد المحاولة أم يمنح هذا النظام فرصة أكبر لتحقيق المفاجأة، وربما كسر احتكار القارتين العجوز واللاتينية؟ الأيام ستجيب عن هذا التساؤل.