أخبارتقارير ومقالات خاصةقصص 365Scoresكرة القدم الألمانيةكرة القدم الانجليزيةكرة قدم

فانوس رمضان – يورجن كلوب “الحالم” الذي لم يترك جماهير ليفربول تسير وحدها أبدًا

في شهر رمضان المبارك تتزين الشوارع بالفوانيس، ويتهادى به الأحباء، هدية قيمة وثمينة تصنع بشكل مبتكر كل عام ليتماشى مع تطورات العصر وتظل قيمته مهما اختلف الزمن وتقول الأسطورة بأن له قدر من السحر على تحقيق المعجزات وتحويل الأحلام إلى حقائق وواقع ملموس.

هديتنا في رمضان ستكون فانوس يومي، في صورة لاعب أو مدرب كان له مفعول السحر في اسعاد جماهيره، وتقديم لهم البطولات على طبق من ذهب وادخل في قلوبهم سرور يساوي فرحتك بأول فانوس جلبه لك أحد والديك في طفولتك. وهي الفقرة اليومية طوال شهر رمضان على موقع 365Scores

في الحلقة العاشرة من “فانوس رمضان” سنكون مثل الرحالة نقضي جزءًا من رحلتنا في ألمانيا قبل أن نرسي سفننا في إنجلترا وتحديدًا في مقاطعة ميرسيسايد.. سنهبط على حلم من أحلام يورجن كلوب.

رجل بعمر الـ 55 عامًا.. يعشق تغطية عينيه بنظارات مبتكرة غير معهودة الطراز، فهناك مثلًا النظارة السوداء التي لم يخلعها أبدًا في ألمانيا ونقيضتها البيضاء التي ظهر بها في إنجلترا طوال الوقت حتى قرر خلعها تمامًا. بخلاف قبعته التي لا تفارق رأسه أبدًا.

يورجن كلوب
يورجن كلوب

يعرف جيدًا من أين يؤكل الكتف.. عاطفي بالدرجة الأولى، أغلب أحاديثه تُصنف ضمن خطابات الأشخاص الحالمين، تعشقه جماهير ليفربول لأنه جعل الجميع هناك يحلم! أحيا فريق كاد بل كان بالفعل في تعداد الموتى!

يعشقه الجميع في ألمانيا، جماهير كرة القدم هناك تنقسم في حبها له.. فهو الوحيد الذي نجح في إنهاء هيمنة بايرن ميونخ على البطولات والألقاب هناك.. بعدما مارس هوايته المفضلة في إحياء فريق بحجم بوروسيا دورتموند وأعادته إلى النور.

المشهد الأول:

” ربك لما يريد الصعب بيتهون والحزن بيتلون! “.

الزمان: 2014
المكان: إنجلترا
الحدث: لقب الدوري الإنجليزي 2014

الحزن يسود مقاطعة ميرسيسايد في مشهد باهت تمامًا، يسير الجميع ورؤوسهم في الأرض، حزن يشوبه دهشة وصدمة، بعدما كان الفريق الأحمر (ليفربول) قريب جدًا من حصد لقب الدوري الإنجليزي بعد سنوات عجاف طويلة.. عاد كل شيء مثلما كان في السابق وبأقدام من؟! أسطورة الفريق!

خطأ ستيفن جيرارد الأشهر على الإطلاق في مباراة تشيلسي، وضع ليفربول في حسبة برما.. الفوز في الجولة الأخيرة وانتظار تعثر مانشستر!.. وفي النهاية.. يجلس سواريز أرضًا ويدخل في نوبة بكاء لا نهاية لها، حتى أن مواساة جيرارد له لم تشفع فجلس الثنائي أرضًا يبكون معًا!

قالوا أن ليفربول سيعود في الموسم التالي مباشرة لينقض على الجميع ويخطف اللقب، لكن جماهير الريدز كانت على موعد مع صدمة أخرى بخروج النجوم البارزة من الفريق يأتي أبرزهم لويس سواريز!

أحداث جعلت الجميع في مدينة ليفربول باهتون.. فقد الجميع شغفهم تجاه كرة القدم بسبب الحزن.. لكن أبدًا لن يكفوا عن دعم الفريق.. أبدًا.

ستيفن جيرارد - ليفربول
ستيفن جيرارد

الزمان: 2014 – 2015
المكان: ألمانيا
الحدث: العام السابع في تدريب دورتموند

يورجن كلوب يقف حائرًا على الخط ويبتسم مع كل هدف يتم تسجيله في شباك بوروسيا دورتموند! حان موعد الانهيار بعد سنوات من الصمود قضاها رفقتهم داخل أسوار سيجنال أدونا بارك!

فريق عانى مرارًا من الوقوف بين أندية منتصف الجدول، وصعد مع كلوب إلى قمة ترتيب البوندسليجا حتى أنه حقق لقب الدوري الألماني مرتين متتاليتين، ليضع حدًا لسيطرة بايرن ميونخ على كل الألقاب.

خرج كلوب مع دورتموند في عامه الأخير هناك خالي الوفاض، بعدما فاز بلقب الدوري الألماني “مرتين” وكأس ألمانيا “مرة” وكأس السوبر الألماني “مرتين” ووصل إلى نهائي دوري أبطال أووبا حتى كانت الميدالية الفضية من نصيبه! بعدما فشل في الفوز على بايرن ميونخ.

في يورجن كلوب.. نحن واثقون!

“ربك لما يريد أحلامنا هتتحقق وكلمنا هيتصدق والغايب هيعود! “

قبل بداية موسم 15/16، تمت إقالة رودجرز من منصبه كمدرب لليفربول، ومنذ ذلك الحين لم تهدأ الصحف الإنجليزية أبدًا عن ربط كلوب بتدريب الريدز.. حتى تأكد الخبر بالفعل وأصبح الحلم حقيقة.

مجرد خبر في صحف إن كنت لست عاشقًا للريدز سيمر عليك مرور الكرام، لكن الجميع في مقاطعة ميرسيسايد يتعاملون مع كرة القدم كالماء والهواء.. هناك كرة القدم تأتي أولًا ومن ثم نتابع حياتنا.

يورجن كلوب - ليفربول (المصدر:Gettyimages)
كلوب – ليفربول (المصدر:Gettyimages)

لحظة الإعلان عن تعيين كلوب مدربًا لليفربول، كانت المدينة في حالة صخب، جزء لا بأس به أدعى بأن أحد أفضل المدربين سيأتي إلى هنا وسينتشل الفريق من حالته تلك. أما الجزء الآخر فقد تملك الحزن منه كله ووجد صعوبة في نهوض ذاك الفريق مجددًا.. وتحديدًا بعدما أعلن القائد ستيفن جيرارد اعتزاله اللعبة تمامًا.

تولى كلوب المهمة في النهاية، وطالب ببعض الأسماء كان أولها: ساديو ماني ومن ثم أندي روبرتسون، أما نصف الملعب فأبلغ عن رضاه بوجود هندرسون وفاينالدوم إلى جانب إيمري تشان، وكذلك بوجود فيليب كوتينيو في مقدمة الهجوم.

وجود مينيوليه في حراسة مرمى الريدز كان يعكر من صفو كلوب في كثير من الأحيان لكنه لم يصرح برغبته الماسة في تدعيم حراسة مرماه.. فقط إلتزم الصمت وانتظر.

في أول موسم للألماني في قيادة ليفربول، نجح في الوصول بالفريق إلى نهائيين دفعة واحدة؛ نهائي الدوري الأوروبي الذي وصله بعدما صنع ريمونتادا غير عادية على فريقه السابق بوروسيا دورتموند! أما النهائي الثاني فكان في بطولة كأس الرابطة الإنجليزية.

بيب جوارديولا ويورجن كلوب

وبالرغم أنه خسر النهائيين معًا، تم تجديد عقده بعد 9 أشهر من توليه المهمة.. وبدأت الجماهير الإنجليزية الحمراء تضع لافتات يعشقها كلوب، دوّن عليها: ” في يورجن كلوب.. نحن واثقون! “.

في الموسم الثاني له مع ليفربول، وصل المصري محمد صلاح، ليبدأ معه شوطًا سيتحدث العالم عنه فيما بعد، فإذا قال لك أحدهم في ذلك التوقيت أن كلوب سيصبح هو المدرب الأسطوري الذي لن يُعوض أبدًا.. ومحمد صلاح سيكون الهداف التاريخي للريدز في البريميرليج! بطبيعة الحال ستنظر له وتصفه بالجنون!

لكن هذا بالفعل ما حدث مع يورجن كلوب! ففي موسمه الثاني نجح في قيادة الفريق بجهود محمد صلاح بالتعاون مع ساديو ماني وكوتينيو وفيرمينو، لينجح الريدز في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ فترة لم يتأهل الريدز لتلك البطولة!

” الأحلام ليس لها كبير ”

مثلما آمنت الجماهير بيورجن كلوب ووثقت فيه، هو رد لهم الجميل بطريقة استثنائية، ففي نسخة 17/18 صنع معجزات بالجملة، كاد أن يحصد لقب البريميرليج قبل أن يخسره في النهاية بفارق نقطة أمام مانشستر سيتي، ومن ثم ضرب موعدًا مع ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا، وبالرغم من خسارة اللقبين لكن الجميع في ميرسيسايد بدأ يشعر بأن شيئًا ما يحدث.

انطلق الموسم التالي سريعًا والجميع لا زال يتحدث عن ليفربول.. حتى أن الفريق بدأ ساخنًا جدًا وكأن الجميع خرج من ملعب نهائي التشامبيونزليج وهم يطمعون في عودة جديدة من أجل شيء ما.

الأحلام أيضًا تتحقق فقط كل ما تحتاجه هو الإيمان بها! لذا دخل نجوم ليفربول مع كلوب في تحدي أكون أو لا أكون، الانتصارات تتوالى في البريميرليج والتأهل من دور إلى دور في دوري أبطال أوروبا.. كل شيء يسير كما يقول الكتاب حتى اصطدمت أحلام الريدز بطموحات برشلونة في نصف نهائي التشامبيونزليج 2019.

خسر الريدز مباراته الأولى ضد البلوجرانا التي أقيمت في الكامب نو بنتيجة 3-0! أشد المتفائلين لا يتوقع لها عودة! أنباء متتالية تخرج من أنفيلد بإصابة اللاعبين الأساسيين.. ماني وفيرمينو خارج اللقاء، وصلاح يسقط مصابًا بإرتجاج في المخ في إحدى مباريات البريميرليج فيتم منعه عن اللعب في مباراة العودة ضد برشلونة!

دخل الريدز مباراته أمام البلوجرانا في معقل أنفيلد المشتعل دائمًا، لكن بالبدلاء.. أوريجي سيقود الهجوم وهندرسون وفينالدوم في نصف الملعب، ومحمد صلاح في المدرجات رفقة بقية الغائبين!

مر الشوط الأول صاخبًا، فرص هنا وهناك ضائعة في الملعب.. حتى وضع الريدز هدفًا قبل النهاية بقليل لينعش الأجواء، في الشوط الثاني حدثت المعجزة.. ليخرج “خليل البلوشي” بمقولة أرحموا عزيز قوم ذل.. المستحيل ليس ليفربولي! فاز الريدز بـ 4-0 في ريمونتادا ربما تحدث كثيرًا في كرة القدم، لكن لا تحدث كثيرًا بين فريق حالم وآخر أسطوري، لذا ستظل صدى تلك المباراة أبد الضهر.

عاشت مدينة ليفربول ليالي متتالية من الأفراح حتى جاء موعد المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا ليضرب موعدًا مع نظيره توتنهام! في أمسية كان بطلها ليفربول ونجمها الذي سطع طوال ليلها كان يورجن كلوب!

نعم.. أخيرًا يورجن كلوب حصد لقب دوري الأبطال ومع من؟! مع ليفربول الذي لم يفز باللقب منذ عام 2005، ليلة كان أبرز ما فيها دموع لاعبي وجماهير الريدز الحاضرة في كل مشهد.

تتويج ليفربول بدوري أبطال أوروبا

ظن البعض أن صحوة الريدز ستهدأ في الموسم التالي مباشرة، لكن من يكون لديه يورجن كلوب ويفكر في السكون.. بعد لقب التشامبيونز ليج عانق ليفربول عدة ألقاب كانت غائبة منذ زمن بعيد عن النادي الأحمر.. السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية للمرة الأولى في تاريخ الريدز.

حتى حانت اللحظة المرتقبة في الحكاية.. عام كان حزين على العالم أجمع بسبب تفشي جائحة كوفيد-19، توقف كل شيء حتى كرة القدم وصيحات الجماهير داخل المدرجات توقفت، حلّ السكون وركد كل شيء. كل شيء أصابه العطب عدا ليفربول الذي واصل حلمه حتى النهاية وأكمل سيره وحيدًا بدون جمهوره هذه المرة.. من أجل حصد اللقب الأغلى على الإطلاق.

إن كانت المدرجات خاوية والجماهير غير موجودة، لكن الجميع يعرف أن لقب واحد فقط ينتظره كل من بالمدينة سيدب الحياة مجددًا.. سيجعل الذين فارقوا أحبابهم في سعادة غامرة في السماء

لحظة تتويج ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي

ليفربول بطلًا للدوري الإنجليزي الممتاز، للمرة الأولى في تاريخه منذ 30 عامًا! لقب إن كنت طفلًا في التسعينات ستحصده ناضحًا في ثلاثيناتك.. لقب قال عنه كلوب وهو يبكي بكاء طفل: “هذا لا يصدق، إنه أكثر بكثير مما تخيلت يومًا “.

الجميع انتظر 30 عامًا من أجل هذا اللقب، وهذا الألماني جاء ليضعه جوار بقية الألقاب الأخرى في 4 سنوات فقط.. فاز كلوب مع ليفربول بـ 7 ألقاب خلال 7 مواسم قضاها في أنفيلد.. وحتى إن لم يفز إلا بالبريميرليج فقط فهذا كافيًا لتضعه الجماهير في الكوب في مكانه لا ولن تتغير أبدًا.. الجميع يصدقه الجميع يثق فيه.. الجميع يردد: في كلوب نحن واثقون!