سُكر وركلات انتقامية.. فصل من حياة والد إيرلينج هالاند
في زاوية باهتة من صيف عام 2000، بينما كان العالم يستقبل طفلًا اسمه إيرلينج هالاند، كان والده ألف-إنجي هالاند يخطّ فصله الأكثر اضطرابًا في إنجلترا بعد توقيعه مع مانشستر سيتي.
ثلاث سنوات فقط في النادي، لكنها كانت كافية ليختبر كل ما يمكن لكرة القدم أن تُلقيه على لاعب، هبوط، ضغوط، صدامات أسطورية، ولحظات سُكر تحولت إلى عناوين صحف.
منذ اليوم الأول، لم تكن رحلة ألف-إنجي تقليدية؛ مانشستر سيتي دفع قرابة 4 ملايين جنيه إسترليني لضمه من ليدز، رغم أن الطريق كان مفتوحًا نحو توتنهام، لكنه منح قلبه للسيتي لأنه وجد فيه “روحًا” لم يعثر عليها في لندن.
هبوط ثقيل لفريق والد إيرلينج هالاند… ووفاء لاعب يرفض الهروب
في مباراته الثانية فقط، سجّل هدفه الأول، فخرج بصحبة كيفن هورلوك وباولو وانشوب للاحتفال… وهنا التقطت الصحافة صورته في حالة سُكر، لتبدأ واحدة من أغرب قصص “الدفع” مقابل الهدف الأول في تاريخ البريميرليج.

لكن الاحتفال لم يمنع السقوط، في الموسم ذاته، هبط مانشستر سيتي إلى الدرجة الأولى، ورغم الفوضى، تعامل والد إيرلينج هالاند بخفة ظل نادرة: «لا بأس… سنعود أقوى».
وبالفعل، عاد الفريق سريعًا إلى الدوري الممتاز، لكن ملامح المسيرة بقيت مأزومة؛ اقترب من العودة إلى ليدز، ثم رفض الرحيل حتى “لا يترك زملاءه في موقف صعب”.
على الرغم من هذا الارتباط العاطفي، لم يكن ألف-إنجي يومًا نجمًا متصدّرًا، ورغم لحظاته القليلة، بقيت واحدة منها محفورة في ذاكرة الكرة الإنجليزية بسبب لاعب آخر… روي كين.
جذور العداء بين والد هالاند وكين.. اتهام صغير يشعل نارًا لا تنطفئ
كانت الشرارة الأولى في 1997، حين أصيب كين بتمزق في الرباط الصليبي وادّعى هالاند أنه يتظاهر؛ جملة صغيرة… لكنها تحولت إلى دين لم ينسه قائد مانشستر يونايتد، وبعد أربع سنوات، في ديربي 2001، سدّد روي ضربة انتقامية مباشرة نحو ركبة ألف إنجي.
صرخ الرجل وسقط، بينما غادر كين بورقة حمراء، التحقيقات والغرامات جاءت لاحقًا، لكن الاعتراف في السيرة الذاتية كان أكثر قسوة من التدخل نفسه: «أردت استعادته… وهذا ما فعلت»، ورغم الأسطورة التي تقول إن تدخل روي أنهى مسيرة هالاند، إلا أن الحقيقة أكثر التواءً.
لعب بعدها أيامًا عدة، ثم خضع لجراحة في الركبة اليسرى، لا اليمنى التي تعرضت للضربة، النهاية لم تكن ضربة انتقامية… بل جسدٌ لم يتحمل.
ذكريات المونديال… وفوضى في البرنابيو!
بعيدًا عن الدوريات الإنجليزية، كان لألف-إنجي ذكريات أعمق في كأس العالم، شارك في مونديال 1994 وهو في الحادية والعشرين، أصغر مما سيكون عليه ابنه عندما يخوض موندياله الأول.
عاشت النرويج نسخة مذهلة من المجموعات، أربع فرق، أربع نقاط لكل فريق، وخرجت بخيط أرق من الصدفة رغم الأداء البطولي أمام المكسيك وإيطاليا… ثم سنوات اللعب انتهت، لكن اسم والد إيرلينج هالاند لم يغادر المسرح.
في 2023، جلس في مقصورة كبار الشخصيات بملعب سانتياجو برنابيو، يشاهد ابنه إيرلينج هالاند وهو يواجه ريال مدريد، قبل أن تتحدث الصحافة عن مشهد غريب، شتائم، قطع طعام تُرمى، وفوضى أُخرج بسببها من المنصة.
اختلفت الروايات—هل كان يرد على الإهانات؟ أم بدأ الصخب بنفسه؟—لكن النتيجة واحدة، فوضى أخرى في سجل العائلة.
وبينما كان الابن يلتهم الأرقام القياسية في موسمه الأول مع مانشستر سيتي، من حذاء ذهبي إلى تحطيم سجل أهداف البريميرليج في موسم واحد، قرر أن يُمازح العالم بازدهار عائلي مختلف: أخيرًا… والدي تابعني على إنستجرام!
الخيط الذي يجمع فوضى الأب هالاند مع فخر الإبن!
تبدو القصة كلها—الخلافات، السُكر، الهبوط، مونديال 94، معارك المدرجات—أجزاء متناثرة من شخصية واحدة، لكن الخيط الذي يجمعها هو تلك العلاقة الغريبة بين أب عاش حياة كرة القدم على الهامش، وابنٍ يعيشها اليوم تحت الأضواء الكاسحة.
عندما يحتفل إيرلينج هالاند بهدفه رقم 100 في الدوري الإنجليزي، يصفق ألف-إنجي في المدرجات بوجهٍ عليه أثر السنين والعواصف، كأنه يقول للعالم: «هذا ابني… وهذا فصل جديد لم أحصل عليه أنا، لكنه كُتب لي بطريقة أخرى».
وهكذا، بين السكر والركلات الانتقامية، يبقى والد إيرلينج هالاند مثالًا نادرًا على رجل لم يفز بكل شيء، لكنه منح الكرة العالمية نجمًا سيظل اسمه أكبر من كل تلك الفصول مجتمعة.