سنوات جمعت أمم إفريقيا والتأهل لكأس العالم.. العرب لم ينجح أحد

في كرة القدم، لا تتشابه الأعوام، فبعضها يأتي محمّلًا بالإنهاك، مشدودًا بتقاطع البطولات الكبرى، فتجد المنتخبات نفسها تلعب على حافّة قدرتها، وبالنسبة للعرب، كانت السنوات التي اجتمع فيها كأس العالم مع كأس أمم إفريقيا أشبه بامتحان مزدوج: اختبار على المسرح العالمي الأكثر سطوعًا، وآخر على رمال القارة التي لا ترحم.
وعلى مدار التاريخ، تكرّر المشهد مرارًا وترك خلفه نمطًا واضحًا: كلما تجاور الحدثان في سنة واحدة، لم تكن النتائج العربية على قدر الطموح، لا في المونديال ولا في البطولة القارية، هنا محاولة لقراءة تلك الأعوام في سياق زمني واحد، وكشف ما إذا كان الأمر مجرد مصادفة… أم أن ضغط المواعيد كان كافيًا لتغيير الخريطة.
السنوات التي اجتمع فيها أمم إفريقيا مع كأس العالم
اجتمع كأس العالم وكأس أمم إفريقيا في نفس السنة 13 مرة من قبل، بداية من عام 1962، ووصولًا إلى عام 2022، والذي شهد اجتماع استثنائي بسبب تأجيل كأس الأمم الإفريقية 2021 بسبب جائحة كوفيد-19، لتقام في الفترة ما بين 9 يناير وحتى 6 فبراير 2022.
| السنة (اجتماع أمم إفريقيا + كأس العالم) | المنتخبات العربية الإفريقية | المنتخبات العربية الآسيوية |
|---|---|---|
| 1962 | لا يوجد | لا يوجد |
| 1970 | المغرب | لا يوجد |
| 1974 | لا يوجد | لا يوجد |
| 1978 | تونس | لا يوجد |
| 1982 | الجزائر | الكويت |
| 1986 | الجزائر | العراق |
| 1990 | مصر | الإمارات |
| 1994 | المغرب | السعودية |
| 1998 | تونس، المغرب | السعودية |
| 2002 | تونس | السعودية |
| 2006 | تونس | السعودية |
| 2010 | الجزائر | لا يوجد |
| 2022 (استثناء بسبب إقامة أمم إفريقيا 2021 في 2022) | المغرب، تونس | قطر، السعودية |
المغرب في كأس العالم 1970
بدأت أولى النسخ التي تجتمع فيها كأس أمم إفريقيا مع كأس العالم في عام ميلادي واحد، عام 1962، والذي لم يشهد تأهل أي منتخب عربي سواء إفريقي أو آسيوي، ولكن النسخة التي اجتمع فيها البطولتين مرة أخرى، كانت في عام 1970، والتي شهدت تأهل المغرب كأول ظهور عربي في المونديال منذ تمثيل مصر في المحفل العالمي الثاني تاريخيًا عام 1934.
أقيمت بطولة كأس أمم إفريقيا عام 1970 خلال الفترة من 6 وحتى 16 فبراير، أي قبل حوالي 3 أشهر ونصف فقط من بداية كأس العالم في نفسة السنة، والذي أقيمت تحديدًا في الفترة ما بين 31 مايو وحتى 30 يونيو 1970.
فشل منتخب المغرب في المشاركة بكأس الأمم الإفريقية 1970، بعدما خرج من الدور الأول للتصفيات على يد الجزائر، التي خرجت لاحقًا في الدور الثاني للتصفيات على يد مصر، وشهدت البطولة الإفريقية مشاركة 8 منتخبات للمرة الثانية في تاريخها.
وتُوج منتخب السودان بلقب كأس أمم إفريقيا على أرضه وللمرة الأولى في تاريخه، في النهائي الذي جمع “صقور الجديان” أمام منتخب غانا، والذي انتهى بهدف نظيف سجله حسبو الصغير.
شهدت نسخة 1970 في المكسيك الظهور الأول للمنتخب المغربي في كأس العالم، حيث وقع “أسود الأطلس” في مجموعة صعبة ضمت ألمانيا الغربية وبيرو وبلغاريا.
أوقعت القرعة المغرب في مجموعة صعبة تحت قيادة المدرب اليوغوسلافي بلاغوي فيدينيتش، حيث خسر أمام ألمانيا الغربية 1-2 وبيرو 0-3، وتعادل مع بلغاريا 1-1 ليودع البطولة من دور المجموعات وبنقطة وحيدة.
شهدت البطولة تسجيل المغرب لأول هدفين في تاريخه بالمونديال، حيث أحرز حومان جرير هدفًا أمام ألمانيا الغربية، والغزواني هدفًا أمام بلغاريا.
تونس في كأس العالم 1978
أما ثالث الأعوام التي شهدت إقامة كأس العالم مع كأس أمم إفريقيا، فكانت سنة 1974، ولكن لم يتأهل أي منتخب عربي لنهائيات المونديال، وعليه تأجل الأمر إلى النسخة التالية في عام 1978، وهي المرة الرابعة التي يجتمع فيها البطولتين مع بعض خلال عام ميلادي واحد، وتأهل منتخب تونس.
أقيمت بطولة كأس أمم إفريقيا 1978 خلال الفترة ما بين 5 و16 مارس 1978، أي قبل شهرين ونصف فقط من نهائيات كأس العالم التي أقيمت في الفترة ما بين الأول والخامس والعشرين من شهر يونيو 1978.
شارك منتخب تونس في كأس أمم إفريقيا، ولكنه لم يحقق سوى انتصار وحيد على حساب أوغندا، بجانب العادل مع المغرب والكونغو، ثم خسر نسور قرطاج أمام الفريق المستضيف غانا في نصف النهائي، قبل أن يخسر لقاء الميدالية البرونزية أمام نيجيريا.
قدّم المنتخب التونسي مشاركة تاريخية في مونديال الأرجنتين 1978، افتتحها بفوز لافت على المكسيك في أولى مبارياته. فبعد شوط أول متوازن تقدم فيه المكسيك عبر ركلة جزاء، عاد نسور قرطاج بقوة في الشوط الثاني؛ فسجّل علي الكعبي هدف التعادل التاريخي، قبل أن يضيف نجيب غميض والمختار ذويب هدفين متتاليين منحا تونس انتصارًا بثلاثة أهداف مقابل هدف، ليصبح المنتخب أول فريق عربي وإفريقي يحقق فوزًا في كأس العالم.
في المباراة الثانية خسر المنتخب التونسي بصعوبة أمام بولندا بهدف نظيف، ثم اختتم دور المجموعات بتعادل ثمين أمام ألمانيا الغربية دون أهداف، ليُنهي رحلته في المركز الثالث خلف بولندا وألمانيا الغربية.
ورغم عدم التأهل، عاد المنتخب التونسي إلى بلاده بطعم الإنجاز، بعدما قدّم مشاركة مشرفة لاقت احتفاءً كبيرًا، وتقديرًا رسميًا وشعبيًا لروح الأداء والجرأة التي ظهر بها اللاعبون في أول ظهور مونديالي لنسور قرطاج.
الجزائر والكويت في كأس العالم 1982
في المرة التالية التي أقيمت فيها كأس أمم إفريقيا مع كأس العالم، وشهدت تأهل عربي للمونديال، كانت عام 1982، وعلى غرار تونس في المرة السابقة، فشل منتخب الجزائر على المستوى القاري، بعدما حل رابعًا في كأس الأمم الإفريقية التي أقيمت في ليبيا في الفترة ما بين 5 و19 مارس 1982، أي قبل ثلاثة أشهر من نهائيات المونديال الذي أقيم في الفترة ما بين 13 يونيو وحتى 11 يوليو 1982.
رغم تصدره للمجموعة في كأس أمم إفريقيا دون خسارة، خرج منتخب الجزائر من نصف النهائي على يد غانا أيضًا، قبل أن يخسر لقاء الميدالية البرونزية أمام زامبيا.
قدّمت الجزائر واحدة من أروع قصص كأس العالم في نسخة 1982، ورغم خروجها المبكر فإنها تركت بصمتها كأحد أبرز ظهورات المنتخبات العربية والإفريقية في التاريخ.
فبمجموعة ضمت ألمانيا الغربية والنمسا وتشيلي، دخل “محاربو الصحراء” المنافسات بثقة وروح قتالية لافتة، واستهلوا مشوارهم بانتصار تاريخي على ألمانيا الغربية بنتيجة 2-1 في مباراة خالدة سجّل فيها رابح ماجر والأخضر بلومي هدفين رسّخا اسم الجزائر في سجلات المونديال.
ورغم التعثر أمام النمسا في الجولة الثانية، عاد المنتخب الجزائري للتألق في مباراته الأخيرة بتسجيل ثلاثة أهداف في الشوط الأول أمام تشيلي، ليحقق فوزًا مثيرًا 3-2 كان كافيًا للاقتراب من إنجاز تاريخي بالتأهل إلى الدور الثاني، لكن نتيجة مباراة ألمانيا والنمسا، التي انتهت بفوز ألماني بهدف وحيد، حرمت الجزائر من العبور رغم تفوقها في الأداء والنتائج.
وهكذا خرجت الجزائر من دور المجموعات، لكنها خرجت واقفة، بعدما فرضت احترام العالم بأداء شجاع وروح عالية، وأصبحت ملحمتها في إسبانيا 1982 جزءًا ثابتًا من تاريخ الكرة العربية والإفريقية.
أما منتخب الكويت (ثاني العرب المتأهلين) فقدم مشاركة تاريخية في مونديال 1982، كأول منتخب عربي وآسيوي يصل إلى كأس العالم، ليُكتب له شرف تمثيل القارة الآسيوية على المسرح العالمي.
دخل الأزرق المجموعة الرابعة الصعبة التي ضمت فرنسا وإنجلترا وتشيكوسلوفاكيا، حاملاً معه جيلًا ذهبيًا سبق له الفوز بكأس آسيا 1980 والتأهل لأولمبياد موسكو، ما أكسبه خبرة وثقة عالية.
استهل الكويت مشواره بتعادل مثير 1-1 مع تشيكوسلوفاكيا، وسجل فيصل الدخيل هدف المنتخب، في مباراة أظهر فيها اللاعبون مستوى رائعًا وأداءً متوازنًا.
لكن الجولة الثانية جاءت صعبة أمام فرنسا، حيث تلقى الأزرق خسارة قاسية 4-1، رغم الجهود الكبيرة لمواجهة نجم المنتخب الفرنسي ميشيل بلاتيني.
واختتم منتخب الكويت دور المجموعات بمواجهة إنجلترا، وقدّم لاعبوه مباراة قوية وكادوا يحققون نتيجة إيجابية، إلا أن هدفًا وحيدًا للإنجليز حسم اللقاء، ليودع الأزرق البطولة بنقطة واحدة فقط.
رغم ذلك، ظلت مشاركة الكويت علامة فارقة في تاريخ الكرة العربية والآسيوية، وأثبت لاعبو الجيل الذهبي قدرتهم على المنافسة في أكبر المحافل العالمية.
الجزائر والعراق في كأس العالم 1986
في النسخة التالية لكأس العالم 1986، تأهل كلًا من الجزائر والعراق لنهائيات المونديال، وأقيمت بطولة كأس أمم إفريقيا في العام نفسه، وكالعادة؛ فشل المنتخب الإفريقي المتأهل لكأس العالم، في التتويج ببطولة الأمم الإفريقية، فكان نصيب “محاربي الصحراء” هذه المرة الخروج من دور المجموعات بعد تعادلين وخسارة، ولم يذق طعم الفوز.
أما على مستوى كأس العالم، و بعد أن تركت الجزائر بصمة قوية في مونديال 1982، نجح “محاربو الصحراء” في التأهل مجددًا إلى كأس العالم 1986 في المكسيك، لتصبح أول منتخب عربي يشارك في نسختين متتاليتين من البطولة، وقد أعطى هذا الجيل الجديد للجزائر ثقة كبيرة في قدراته على منافسة أي فريق عالمي.
افتتحت الجزائر مشوارها بتعادل مع أيرلندا، قبل أن تخسر في المباراة الثانية أمام البرازيل نتيجة خطأ دفاعي وأهدار الفرص التي سنحت لمهاجميها، ثم اختتمت دور المجموعات بخسارة أمام إسبانيا 3-0، لتنهي البطولة بشكل أقل بريقًا مقارنة بمونديال إسبانيا.
رغم ذلك، ظل هذا الجيل مصدر فخر للجزائر، إذ جسّد ولادة حقيقية لمنتخب قوي قادر على المنافسة الدولية، وأرسى أساسًا من الثقة والإيمان بالقدرة على صناعة الإنجازات الكبرى في المستقبل.
أما منتخب العراق، فقدم مشاركة مقبولة في مونديال 1986 رغم الخروج المبكر من دور المجموعات، مُثبتًا حضوره القوي بين الفرق العالمية، بدأ المشوار بخسارة أمام أوروجواي بهدف وحيد دون رد.
وفي المباراة الثانية أمام بلجيكا، خسر العراق 2-1، وسجل أحمد راضي الصالحي الهدف الوحيد للعراق، رغم أن الفريق لعب معظم الشوط الثاني ناقصًا بعد طرد باسل كوركيس.
اختتم العراق دور المجموعات بخسارة أمام المكسيك، ومع ذلك تلقى الفريق إشادات من المدرب البرازيلي إيفاريستو تقديرًا للروح القتالية والأداء الذي قدمه اللاعبون، مؤكدًا أن مشاركة العراق كانت فعالة وترك بصمة محترمة في تاريخ مشاركات العرب في كأس العالم.
مصر والإمارات في كأس العالم 1990
المرة التالية كانت في عام 1990، والذي تأهل منالعرب كان منتخبي مصر والإمارات، وكالعادة، سارت الأمور عكس المتوقع في كأس الأمم الإفريقية، ولكن كان منتخب مصر يشارك بالصف الثاني تحت قيادة مدرب آخر، نظرًا لان المنتخب الأول تأهل لنهائيات كأس العالم، وفضل محمود الجوهري المدير الفني للفراعنة آنذاك، إجراء معسكر طويل للمنتخب بعيدًا عن أمم إفريقيا.
أقيمت كأس الأمم الإفريقية في الفترة ما بين 2 و20 مارس 1990، أي قبل قرابة ثلاثة أشهر من كأس العالم في إيطاليا، والذي أقيم في الفترة ما بين 8 يونيو و8 يوليو 1990.
ونظرًا لمشاركة منتخب مصر بالصف الثاني، فخسر الفراعنة المباريات الثلاث في دور المجموعات وودعوا المسابقة التي أقيمت في الجزائر مبكرًا، وتوجت بها الجزائر على أرضها.
بعد انتظار دام 56 عامًا منذ مشاركتها الوحيدة في 1934، عاد المنتخب المصري ليشارك في مونديال إيطاليا 1990، حيث أوقعت القرعة الفراعنة في مجموعة صعبة ضمت هولندا وأيرلندا وإنجلترا.
قدم المنتخب المصري أداءً مشرفًا، ونجح في التعادل مع هولندا 1-1، ثم تعادل سلبيًا 0-0 مع أيرلندا، قبل أن يخسر بصعوبة أمام إنجلترا 0-1، ليودع البطولة من الدور الأول.
وكانت البداية صعبة للغاية أمام بطل أوروبا آنذاك، هولندا، الذي امتلك كوكبة من النجوم مثل ماركو فان باستن ورود خوليت وفرانك ريكارد، الذين قادوا بلادهم للتتويج بكأس أوروبا 1988 وحققوا إنجازات كبيرة مع نادي ميلان في دوري أبطال أوروبا 1989، ما جعل المباراة اختبارًا صعبًا للفراعنة في أول ظهور لهم بعد عقود طويلة.
مغامرة منتخب مصر في البطولة انتهت بالخروج من دور المجموعات، باحتلال المركز الرابع برصيد نقطتين من تعادلين ضد هولندا وأيرلندا، وخسارة ضد إنجلترا.
أما منتخب الإمارات فقدّم ظهورًا تاريخيًا في كأس العالم 1990 بإيطاليا، بعد أن نجح في التأهل عن طريق تصفيات آسيا بنجاح مبهر، وقاد التصفيات المدرب الأسطوري ماريو زاجالو، لكنه لم يتواجد في النهائيات، حيث تولى مواطنه كارلوس ألبرتو بيريرا مهمة قيادة المنتخب في إيطاليا.
أوقعت القرعة الإمارات في المجموعة الرابعة مع ألمانيا الغربية، وصيفة النسختين السابقتين، وكولومبيا ويوغوسلافيا، شهد 9 يونيو 1990 أول ظهور للإمارات في كأس العالم أمام كولومبيا، وانتهت المباراة بخسارة 2-0 بعد شوط أول متوازن، قبل أن تتعرض المباراة الثانية أمام ألمانيا الغربية لخسارة قاسية 5-1، سجل فيها خالد إسماعيل أول هدف للإمارات في تاريخ المونديال أمام نحو 71 ألف متفرج في ملعب سان سيرو.
واختتم الأبيض مشاركته بالخسارة أمام يوغوسلافيا 4-1، وسجّل علي ثاني هدف الإمارات الوحيد في اللقاء، ورغم الخروج من دور المجموعات، ظل هذا الجيل حافلًا بالفخر، بعدما ضمن للإمارات مكانها بين المنتخبات التي تركت بصمة تاريخية في نهائيات كأس العالم.
مشاركة المغرب وإنجاز السعودية في كأس العالم 1994
شهد عام 1994 مشاركة منتخبي المغرب والسعودية في نهائيات كأس العالم، في عام أقيمت فيه أيضًا بطولة كأس الأمم الفريقية، وتحديدًا خلال الفترة ما بين 26 مارس وحتى 10 أبريل، أي قبل حوالي شهرين على بداية كأس العالم، والذي أقيم في الفترة ما بين 17 يونيو و17 يوليو 1994.
فشل منتخب المغرب في التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 1994 بعدما احتل المركز الثالث في التصفيات خلف مالاوي ومصر، اللتان حجزتا مقعدين في الكان.
شهدت مشاركة المغرب في مونديال 1994 بالولايات المتحدة أسوأ ظهور للأسود الأطلس في تاريخهم المونديالي، لتظل تلك النسخة نقطة مظلمة رغم كونها ثالث مشاركة عربية في كأس العالم.
افتتحت الرحلة المونديالية بخسارة أمام بلجيكا في الجولة الأولى، ثم تلقت هزيمة أمام السعودية في أول مواجهة عربية مباشرة في تاريخ البطولة، قبل أن تُختتم بالخسارة أمام هولندا، ليغادر المغرب البطولة بلا أي نقطة، بعد تحضيرات متأرجحة وخيارات مفاجئة في التشكيلة وقائمة اللاعبين.
وشهد مونديال 1994 في الولايات المتحدة أول ظهور تاريخي للمنتخب السعودي، الذي أُوقعت قرعته في مجموعة ضمت هولندا والمغرب وبلجيكا. افتتح الأخضر مشاركته في 20 يونيو بالعاصمة واشنطن أمام هولندا، وسجّل فؤاد أنور أول هدف للسعودية في تاريخ كأس العالم، قبل أن يقلب رفاق رونالد كومان ودينيس بيركامب النتيجة وينهوا اللقاء بالفوز 2-1.
في الجولة الثانية، واجهت السعودية المغرب في أول مواجهة عربية خالصة في المونديال، تقدم الأخضر مبكرًا عبر ركلة جزاء سجّلها سامي الجابر، وأدرك أسود الأطلس التعادل عن طريق محمد الشاوش، لكن فؤاد أنور أعاد التقدم للسعودية بهدف رائع قبل نهاية الشوط الأول، لتنتهي المباراة بفوز تاريخي 2-1 ويحقق الأخضر أول انتصار له في كأس العالم.
تزايدت آمال التأهل للأدوار الإقصائية، وكان الفوز على بلجيكا هو المفتاح. وفي مشهد خالده، انطلق سعيد العويران في واشنطن مسافة 70 مترًا خلال 11 ثانية، راوغ لاعبي بلجيكا وسجّل هدفًا خرافيًا يعد أحد أجمل أهداف تاريخ كأس العالم، ليضمن للأخضر التأهل إلى دور الـ16 رفقة هولندا.
Kick off your #ThrowbackThursday with this stunner from USA 1994 🙌
— FIFA World Cup (@FIFAWorldCup) March 29, 2018
Where does this rank in the best ever #WorldCup goals?
(cc 🇸🇦 @SaudiNT @SaudiFF) pic.twitter.com/li3KZzQCHc
في دور الـ16، واجهت السعودية السويد في دالاس، وافتتح الإسكندنافيون التسجيل بهدفين مبكرين، قبل أن يسجّل هدى الغشيان هدف تقليص الفارق، إلا أن السويد أعادت السيطرة وسجّلت هدفًا ثالثًا ليخرج الأخضر من البطولة.
تظل مشاركة 1994 الأجمل في تاريخ الأخضر بالمونديال، حيث نجح في تخطي دور المجموعات لأول مرة، ولم يتمكن من تكرار هذا الإنجاز في المشاركات التالية، لتظل مغامرة الولايات المتحدة نقطة مضيئة في تاريخ الكرة السعودية.
تونس والمغرب والسعودية في كأس العالم 1998
شهد كأس العالم 1998 مشاركة ثلاث منتخبات عربية لأول مرة تاريخيًا، وهم تونس والمغرب من إفريقيا، والمملكة العربية السعودية من آسيا، وكالعادة لم يحقق المنتخب الإفريقي المتأهل للمونديال لقب كأس أمم إفريقيا في العام ذاته.
أقيمت نهائي كأس الأمم الإفريقية 1998 في جنوب إفريقيا، ورغم تصدر تونس والمغرب مجموعاتهما، إلا أن نسور قرطاج خرجوا من الدور ربع النهائي على يد بوركينا فاسو بركلات الترجيح، بينما ودع أسود الأطلس البطولة من الدور ذاته بالخسارة أمام الفريق المُضيف بهدفين لهدف.
بعد غياب نحو 20 عامًا عن المونديال، عاد المنتخب التونسي للمشاركة في نهائيات كأس العالم 1998 في فرنسا، لكنه اكتفى بنقطة واحدة بعد رحلة مخيبة للآمال مقارنة بمشاركته الأولى في الأرجنتين 1978، حين حقق أول انتصار عربي وامتلك فرصًا قوية لتجاوز دور المجموعات.
اصطدمت تونس بمجموعة صعبة ضمت إنجلترا بقيادة شيرر وإينس وسيمان، وكولومبيا بقيادة فالديراما ورينكون، ورومانيا بقيادة جورجي هاجي، مما صعب مهمتها في التأهل.
خسرت تونس مباراتي الجولة الأولى والثانية أمام إنجلترا وكولومبيا، فقلّصت فرصها في التأهل، وكانت بحاجة لفوز على رومانيا بفارق 3 أهداف أو انتظار خسارة المنافسين، ما دفع إلى إقالة كاسبرتشاك.
حققت تونس نقطتها الوحيدة بتعادل 1-1 مع رومانيا، بعد تقدم إسكندر السويح في الدقيقة 12، قبل أن يُدرك الرومانيون التعادل، وسط لقطة طريفة بتغيير لاعبي رومانيا لون شعرهم تعبيرًا عن ضمانهم التأهل.
أما منتخب المغرب فقدم أداءً مميزًا في مونديال فرنسا 1998، حين واجه في دور المجموعات البرازيل حاملة اللقب، إلى جانب النرويج وأسكتلندا. افتتح المغرب البطولة بهدف رائع من مصطفى حجي في الدقيقة 37، بعد تسديدة بعيدة المدى أسكنت شباك الحارس فرودي جروداس، ليترك هدفه بصمة لا تُنسى في تاريخ الكرة المغربية والعربية.
لكن الحظ لم يحالف الأسود، إذ استقبلوا هدفًا مجانيًا في نهاية الشوط الأول بعد خطأ من يوسف شيبو، لتنتهي المباراة الأولى بالتعادل 2-2 بعد تقدم المغرب مجددًا عبر عبد الجليل حدّا المشتهر بـ”كاماتشو”، ورد النرويجي دان إيجين سريعًا.
وفي الجولة الثانية، فشل المغرب في مجاراة تألق السيليساو، الذين سجلوا ثلاثة أهداف نظيفة عبر رونالدو وريفالدو وبيبيتو، لتتراجع حظوظ الأسود في المنافسة على التأهل.
وعادت اللحظة المشرقة للمغرب في المباراة الثالثة أمام أسكتلندا في سانت إيتيان، حيث افتتح بصير صلاح الدين التسجيل بعد تمريرة طويلة رائعة، وأضاف كاماتشو الهدف الثاني إثر تمريرة من مصطفى حجي، ثم أتم بصير صلاح الدين الثلاثية، ليحقق المغرب فوزًا رائعًا 3-0.
لكن فرحة المغرب تبخرت بعد سقوط البرازيل أمام النرويج 2-1 في نفس الجولة، ما أهدر فرصة تأهل المغرب رغم الأداء المميز، ليغادر الأسود البطولة برأس مرفوع بعد أن أظهروا لمحات واعدة وأسلوب هجومي قوي بقيادة نجومهم في الخط الأمامي.
أما مشاركة المنتخب السعودي في كأس العالم 1998 للمرة الثانية على التوالي بعد إنجازه التاريخي في 1994 بالولايات المتحدة، حيث وصل إلى دور الـ16، لم تكن موفقة، جاءت التوقعات عالية من الإعلام والجماهير وحتى اللاعبين، خاصة بعد أداء مميز قدمه الأخضر في مباراة ودية أمام إنجلترا على ملعب ويمبلي، والتي اقترب خلالها من الفوز، ما عزز الطموحات في تحقيق إنجاز أكبر من المشاركة السابقة.
افتتح الأخضر البطولة بخسارة 1-0 أمام الدانمارك، قبل أن يزداد صعوبة بمواجهة صاحب الأرض، فرنسا، حيث تلقى المنتخب هزيمة قاسية 4-0، وشهدت المباراة طرد محمد الخليوي في الدقيقة 19، وطرد زين الدين زيدان في صفوف الديوك في الدقيقة 71.
واختتم الأخضر مشواره في دور المجموعات بالتعادل 2-2 مع جنوب إفريقيا، ليخرج من البطولة مبكرًا، لكنه ظل محافظًا على بعض اللحظات الإيجابية التي أظهرت تطور المنتخب السعودي، رغم أن النتائج لم ترقَ لتطلعات الجماهير والطموحات الكبيرة التي سبقت انطلاق المونديال.
تونس والسعودية في كأس العالم 2002
تأهل كلًا من تونس والسعودية إلى نهائيات كأس العالم 2002، ولكن على المستوى الإفريقية، وكالمعتاد، لم ينجح نسور قرطاج في وضع أي بصمة، أقيمت كأس الأمم الإفريقية خلال الفترة ما بين 19 يناير و10 فبراير 2022، أي قبل قرابة 3 أشهر ونصف من بداية المونديال الذي أقيم بين 31 مايو و30 يونيو من العام ذاته.
ودع منتخب تونس منافسات كأس الأمم الإفريقية من الدور الأول، بعدما حل ثالثًا في المجموعة التي ضمت السنغال ومصر وزامبيا، بعدما حصد نقطتين فقط.
أما على مستوى كأس العالم، فبدأ منتخب تونس مشواره يوم 5 يونيو على ملعب كوبه، وسط حضور جماهيري بلغ 30,957 متفرجًا، بمواجهة منتخب روسيا، وخسر نسور قرطاج 2-0، صمد المنتخب التونسي طوال الشوط الأول، لكن الشوط الثاني شهد استقبال هدفين، الأول سجله ييجور تيتوف في الدقيقة 59، والثاني عبر فاليري كاربت من ركلة جزاء في الدقيقة 64.
وفي مباراته الثانية يوم 10 يونيو، تعادل تونس مع بلجيكا 1-1 أمام جمهور قدره 39,700 متفرج، تقدّم منتخب بلجيكا أولًا بهدف مارك فيلموتس في الدقيقة 13، قبل أن يعدّل رؤوف بوزيان النتيجة بهدف رائع لم يستطع حارس بلجيكا صدّه.
أما الجولة الثالثة، فواجهت تونس منتخب اليابان على ملعب ناجاي في أوساكا يوم 14 يونيو، أمام 45,213 متفرجًا، وخسر نسور قرطاج 2-0، بعد أهداف هيرواكي موريشيما في الدقيقة 48 وهيديتوشي ناكاتا في الدقيقة 75.
وبذلك فشل المنتخب التونسي مجددًا في تجاوز الدور الأول أو تحقيق أي انتصار في البطولة، ليبقى فوزه على المكسيك عام 1978 الإنجاز الوحيد في سجله المونديالي، أنهى نسور قرطاج دور المجموعات بالمركز الرابع والأخير بنقطة واحدة، وغادروا البطولة وسط خيبة أمل كبيرة لدى الجماهير التونسية.
أما المنتخب السعودي فدخل مونديال كوريا واليابان 2002 سعيًا لمحو آثار مشاركته المخيبة في فرنسا 1998 وتحقيق إنجاز تاريخي كما حدث في أمريكا 1994، لكن البداية كانت كارثية، تواجد الأخضر في مجموعة ضمت ألمانيا والكاميرون وأيرلندا، وكانت المواجهة الأولى أمام الألمان بمثابة صدمة غير مسبوقة.
شهدت المباراة هجومًا ضاريًا من ألمانيا، ولم يستطع الأخضر الصمود طويلًا، إذ افتتح ميروسلاف كلوزة التسجيل في الدقيقة 20، وعاد للتسجيل بعد خمس دقائق فقط، قبل أن يضيف مايكل بالاك الهدف الثالث، تلاه هدف يانكر، لينتهي الشوط الأول برباعية نظيفة.
لم تتوقف الكارثة عند هذا الحد، فكلوزة أتم الهاتريك في الدقيقة 70، قبل أن يضيف توماس لينك الهدف السادس، ثم سجل بيرهوف الهدف السابع، واختتم بيرند شنايدر الأهداف الثمانية في الوقت بدل الضائع.
انتهت المباراة بأكبر هزيمة يتعرض لها منتخب عربي في تاريخ كأس العالم، لتصبح أول يونيو 2002 ذكرى مؤلمة في سجل الأخضر وجمهوره، وتعكس حجم الصدمة التي عاشها المشجعون السعوديون في تلك البطولة.
تونس والسعودية في كأس العالم 2006
شهد عام 2006 إقامة كأس أمم إفريقيا في مصر خلال الفترة ما بين 20 يناير وحتى 10 فبراير، أي قبل قرابة 4 أشهر من كأس العالم الذي أقيم في ألمانيا خلال الفترة ما بين 9 يونيو و9 يوليو 2006، والذي شهد تأهل كلًا من تونس والسعودية مجددًا.
دخل منتخب تونس أمم إفريقيا حاملًا للقب، بعدما توج بنسخة 2004، وقدم مستويات جيدة، بعدما احتل المركز الثاني في المجموعة خلف غينيا، قبل أن يُودع منافسات الكان من الدور ربع النهائي على يد نيجيريا بركلات الترجيح.
تأهل المنتخب التونسي إلى مونديال ألمانيا 2006 للمرة الرابعة في تاريخه والثالثة على التوالي، بعد تصدره مجموعته في التصفيات بـ21 نقطة تحت إشراف المدرب الفرنسي روجيه لوميير، ورغم التألق في المشوار التأهيلي، فشل نسور قرطاج في تحقيق الهدف الأكبر وهو التأهل إلى الدور الثاني، واكتفى بنقطة واحدة من ثلاث مباريات.
افتتحت المشاركة العربية للمونديال بمواجهة تونس مع السعودية يوم 14 يونيو، وانتهت المباراة بالتعادل 2-2، تقدّم نسور قرطاج أولًا عن طريق زياد الجزيري في الدقيقة 23، قبل أن يسجّل السعوديون ثنائية عبر ياسر القحطاني في الدقيقة 57 وسامي الجابر في الدقيقة 84، وأنقذ راضي الجعايدي تونس من الهزيمة بهدف التعادل الثاني في الوقت بدل الضائع (90+2).
وفي المباراة الثانية أمام إسبانيا يوم 19 يونيو، تقدم تونس مبكرًا بهدف جوهر المناري في الدقيقة 8، إلا أن الماتادور قلب النتيجة في الربع ساعة الأخير بثلاثة أهداف سجلها راوول جونزاليس في الدقيقة 71 وفرناندو توريس في الدقيقتين 76 (ركلة جزاء) و90، لتنتهي المباراة بخسارة تونس 3-1.
أما اللقاء الأخير فكان أمام أوكرانيا، وخسر نسور قرطاج بهدف أندريه شفشينكو من ركلة جزاء في الدقيقة 70، ليختتم المنتخب التونسي مشواره في البطولة بالمركز الثالث في المجموعة بنقطة واحدة، متقدمًا على السعودية بفارق الأهداف، وسط خيبة أمل جماهيرية بعد مشاركة لم ترقَ إلى الطموحات.
قاد المنتخب السعودي في النهائيات المدرب البرازيلي ماركوس باكيتا، بعد النجاح الذي حققه جابرييل كالديرون في التصفيات، واعتمد في قائمته على مزيج من الخبرة والنجوم الشباب مثل حمد المنتشري وياسر القحطاني وسعد الحارثي، إلى جانب لاعبين شاركوا سابقًا في النسخ الماضية.
انطلقت رحلة الأخضر على الأراضي الألمانية بأداء جيد أمام تونس، حيث تقدم بهدفين عبر ياسر القحطاني وسامي الجابر، لكن التعادل جاء في الثواني الأخيرة عن طريق راضي الجعايدي، لتبدأ المشاركة بنقطة وحيدة.
في الجولة الثانية، تلقى الأخضر خسارة ثقيلة أمام أوكرانيا 4-0، بعد تلقيه هدفًا مبكرًا في الدقيقة الرابعة من أندري روسول، تبعه ثلاثة أهداف أخرى رغم محاولات الأخضر لمجاراة الفريق المميز بقيادة شيفتشينكو، ويبروف، وتيموتشوك، لتصبح هذه ثاني أكبر هزيمة للسعودية في تاريخ كأس العالم.
أما الجولة الثالثة فكانت أمام إسبانيا، حيث قدم الأخضر أداءً دفاعيًا منظمًا أمام أحد أقوى المنتخبات، رغم سيطرة الإسبان وفرصهم العديدة، سجل خوانيتو هدف المباراة الوحيد، لتنتهي رحلة السعودية الرابعة في المونديال بنقطة واحدة وهدفين، متطابقة مع أرقام مشاركته في فرنسا 1998، وسط إحباط جماهيري على الرغم من بعض الوجوه المضيئة مثل ياسر القحطاني وسامي الجابر، الذي ودّع المونديال بعد مشاركاته في 1994 و1998 و2006.
الجزائر في كأس العالم 2010
شهدت نسخة كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا، حضور عربي واحد فقط ممثل في منتخب الجزائر، والذي خطف بطاقة التأهل من الجيل الذهبي لمنتخب مصر، وثأر من التأهل الذي اقتنصه الفراعنة من الأراضي الجزائرية قبل 20 عامًا، وتحديدًا في 1990.
وكالعادة، لم يحقق المنتخب المتأهل إلى نهائيات كأس العالم، الإنجاز الإفريقي، فتأهل منتخب الجزائر من دور المجموعات في كان 2010 بأنجولا، بفضل المواجهات المباشرة على حساب مالي، ولكنه ودع البطولة من نصف النهائي على يد منتخب مصر “المتوج بعدها باللقب”، ثم خسر محاربو الصحراء مباراة الميدالية البرونزية على يد نيجيريا بهدف نظيف.
كان منتخب الجزائر العربي الوحيد في مونديال 2010 بجنوب إفريقيا، مسجّلًا ثالث مشاركة له في تاريخ البطولة بعد نسختي 1982 في إسبانيا و1986 في المكسيك.
أوقعت القرعة “محاربي الصحراء” في المجموعة الثالثة إلى جانب أمريكا وإنجلترا وسلوفينيا، وافتتح المنتخب الجزائري مشواره بالخسارة أمام سلوفينيا 1-0 بهدف سجله روبرت كورين، قبل أن يتعادل في الجولة الثانية مع إنجلترا سلبًا، ويخسر في الجولة الثالثة أمام أمريكا بهدف دون رد أحرزه لاندون دونوفان.
بهذه النتائج، ودع الأخضر الجزائري كأس العالم من الدور الأول، متذيلًا ترتيب مجموعته بنقطة واحدة ودون تسجيل أي أهداف، وتأهل عن المجموعة كل من أمريكا المتصدرة وإنجلترا الوصيفة برصيد 5 نقاط لكل منهما، فيما حلت سلوفينيا ثالثة بنقطة واحدة.
المغرب وتونس وقطر والسعودية في كأس العالم 2022
أقيمت بطولة كأس أمم إفريقيا 2021 في مطلع عام 2022 بعد تأجيلها بسبب تفشي جائحة كوفيد-19، وذلك بعدما قرر الاتحاد الإفريقي بداية من نسخة 2010 أن تقام البطولة الإفريقية في أعوام فردية لكي لا تتصادف مع المونديال.
ولم يحدث تداخل كبير بين موعد البطولتين، حيث أقيمت كأس أمم إفريقيا في الفترة ما بين 9 يناير و6 فبراير 2022، بينما أقيم مونديال قطر في الفترة ما بين 20 نوفمبر و18 ديسمبر 2022، وشهد المونديال القطري أكبر مشاركة عربية بواقع 4 منتخبات، قبل النسخة الموسعة التي ستقام العام القادم 2026 في أمريكا وكندا والمكسيك.
على مستوى أمم إفريقيا، توقف مشوار منتخب المغرب عند الدور ربع النهائي، بعد الخروج على يد منتخب مصر، وصيف النسخة، بالخسارة بهدفين مقابل هدف وحيد في الوقت الإضافي.
بينما ودع منتخب تونس أيضًا منافسات كأس الأمم الإفريقية بالخسارة أمام بوركينا فاسو في ربع النهائي بهدف وحيد مقابل لا شيء، ليُكمل العادة التاريخية بعدم تتويج منتخب عربي بكأس الأمم عندما يتأهل للمونديال.
وسطّر المنتخب المغربي اسمه بأحرف من ذهب في مونديال 2022، محققًا إنجازًا تاريخيًا لم يسبق لأي منتخب عربي أو إفريقي من قبل، بوصوله إلى الدور نصف النهائي.
بدأ المغرب مشواره بتجاوز الدور الأول للمرة الأولى منذ 1986، حيث فرض التعادل السلبي على كرواتيا وصيفة النسخة الأخيرة، وتغلب على بلجيكا 2-0 ثم كندا 2-1، في ثمن النهائي، أطاح المغرب بإسبانيا بطلة 2010 بركلات الترجيح، قبل أن يقصي البرتغال بقيادة كريستيانو رونالدو 1-0 في ربع النهائي.
توقفت مسيرة “أسود الأطلس” عند فرنسا، حاملة لقب 2018 ووصيفة النسخة الحالية، قبل أن يخسر مباراة الميدالية البرونزية أمام كرواتيا، لكن المغرب خرج برأس مرفوعة ومركز رابع تاريخي.
بينما لم ينجح المنتخب التونسي في بلوغ دور الـ16، رغم الفوز التاريخي على فرنسا 1-0 في الجولة الأخيرة من المجموعة الرابعة، البداية كانت مخيبة عندما تعادل “نسور قرطاج” سلبًا مع الدنمارك، ثم خسروا أمام أستراليا 0-1.
وكان التأهل ممكنًا، شرط تعثر أستراليا أمام الدنمارك، ونجح “نسور قرطاج” في الشطر الأول من المعادلة عندما حققوا فوزًا تاريخيًا على الديوك، لكن الدنمارك خذلتهم بخسارتها المفاجئة أمام أستراليا.
وحققت السعودية مفاجأة تاريخية بفوزها على الأرجنتين 2-1، وهو الانتصار الذي أثار الدهشة وأشعل الآمال في بلوغ الدور الثاني للمرة الأولى منذ 1994
لكن الجولة الثانية شهدت خسارة الأخضر أمام بولندا 0-2، وتعرض الفريق للإصابات في الجولة الثالثة، ليخسر أمام المكسيك 1-2 ويخرج خالي الوفاض، فيما واصلت الأرجنتين طريقها نحو التتويج.
وأخيرًا، قدمت قطر أسوأ مشاركة لدولة مضيفة في تاريخ كأس العالم، بعد خروجها من دور المجموعات بلا أي نقطة، رغم استثمار أكثر من 300 مليار دولار وتجهيز الفريق بعد فوزه بكأس آسيا 2019، لم تنجح قطر في تحقيق أي نتيجة إيجابية، بخسارتها أمام الإكوادور 0-2، السنغال 1-3، وهولندا 0-2.
تأثير اقتراب كأس أمم إفريقيا من كأس العالم على المنتخبات العربية
على مر التاريخ، كانت السنوات التي اجتمعت فيها كأس الأمم الإفريقية مع كأس العالم أشبه بموسم مزدوج من الامتحانات الصعبة للمنتخبات العربية، لم يكن الأمر مجرد ضغط على الجدول، بل تحديًا حقيقيًا لقدرة الفرق على الموازنة بين الإعداد القاري والعالمي، وإدارة العناصر الفنية والبدنية بنفس الجودة.
النتائج تتحدث عن نفسها: غالبًا ما فشلت المنتخبات العربية في تحقيق نجاح ملموس في البطولات الإفريقية نفسها خلال هذه الأعوام؛ السبب الرئيسي كان التركيز على المونديال أو الاعتماد على منتخب ثانٍ في الكان كما حدث مع منتخب مصر عام 1990، ما حدّ من فرص المنافسة على اللقب القاري.
ومع ذلك، كانت هناك لحظات مشرقة في تاريخ العرب على المسرح العالمي، مثل تونس 1978 التي حققت أول انتصار عربي في كأس العالم، والجزائر 1982 التي سجلت فوزًا أسطوريًا على ألمانيا الغربية. لكنها كانت استثناءً في نمط عام يشير إلى أن التحدي الحقيقي لم يكن فقط في قوة المنافسين، بل في إدارة الإرهاق البدني والمعنوي الناتج عن الانخراط في بطولتين كبيرتين خلال أشهر قليلة.
يمكن القول إن هذا التداخل كشف فجوة مهمة: تحقيق توازن بين الأداء القاري والتحضير للمونديال يتطلب عمقًا فنيًا وإداريًا متقدمًا، وهو ما غاب غالبًا عن معظم المنتخبات العربية في السنوات السابقة، ما أدى إلى نتائج متذبذبة بين النجاح والخيبة.
آفاق العرب في كأس العالم 2026
مع اقتراب كأس العالم 2026 في أمريكا وكندا والمكسيك، يبدو أن الكرة العربية أمام فرصة تاريخية لتوسيع بصمتها على المسرح العالمي، بعد الإنجازات التي شهدناها في مونديال قطر 2022؛ البطولة بنظامها الجديد، بوجود 48 منتخبًا، تتيح لأكثر من منتخب عربي فرصة المشاركة، وهو ما يزيد من احتمالية الوصول إلى أدوار متقدمة، وربما تحقيق إنجازات غير مسبوقة.
الأمل العربي كبير بعد الأداء التاريخي للمغرب في 2022، والفوز التاريخي للأخضر السعودي على الأرجنتين، مما يعزز الثقة في قدرة العرب على المنافسة، ويجعل الوصول إلى الدور الثاني أو دور الستة عشر هدفًا واقعيًا. النجاح سيعتمد على التخطيط المبكر، والتحضير النفسي والفني، والاستفادة من التجارب السابقة لتجنب الأخطاء المكررة.