رغم الاستفزاز.. فينيسيوس جونيور مثالًا حيًا على الشاب الناضج
رغم كل الاستفزازات التي يتعرض لها في الملعب ومن المدرجات، يبقى البرازيلي فينيسيوس جونيور نجم نادي ريال مدريد الإسباني، نموذجًا حيًا للشاب الناضج الذي يرفض أن تثنيه الضغوط الخارجية عن تقديم أفضل أداء لديه؛ في عالم كرة القدم الحديثة، يواجه اللاعبون تحديات عديدة؛ من الاستفزازات الجماهيرية والهجمات الإعلامية إلى الضغوط النفسية الناتجة عن الخسائر الفردية والجماعية، كل هذه الظروف تشكّل بيئة صعبة، إلا أن الأبطال الحقيقيين هم من يستطيعون تحويل هذه التحديات إلى دافع للتألق والنجاح.
يعيش اللاعبون في زمنٍ يتزايد فيه الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي واللافتات الجماهيرية التي تحمل رسائل استفزازية، تُستخدم هذه الرسائل أحيانًا كأدوات لإثارة الانفعالات، حيث يتعرض اللاعبون لهتافات ولافِتات تحمل تعليقات ساخرة تنتقد أدائهم أو تُذكرهم بخسائر سابقة، مثل خسارة الكرة الذهبية.
هذه الظروف ليست مجرد تحديات فنية أو تكتيكية، بل تتعداها إلى مستوى الضغط النفسي الذي قد يؤثر على استقرار اللاعبين داخل الملعب، ومع ذلك، فإن النجم فينيسيوس جونيور يُثبت في كل مرة يتعرض فيها لمثل ذلك، من خلال سلوكه وتصرفاته أنه قادر على تجاوز هذه المحن بثقة وثبات.

فينيسيوس جونيور.. النضج والتجاهل مع شعار الخامسة عشر
في مباراة مثيرة ضمن ملحق دور الـ16 من بطولة دوري أبطال أوروبا يوم 11 فبراير 2025، واجه ريال مدريد نظيره مانشستر سيتي في لقاء كانت الجماهير فيه في الجانب الإنجليزي مُصمّمة على استفزاز فينيسيوس جونيور، منذ اللحظات الأولى للمباراة، تم رفع لافتات تحمل عبارات مثل “أين هي كرتك الذهبية؟”؛ في إشارة إلى خسارته السابقة لجائزة الكرة الذهبية لصالح رودري لاعبهم، مما زاد من وطأة الاستفزازات التي حاولت التأثير على حالته النفسية داخل الملعب.
قد ورد في تقرير لرويترز أن هذه اللافتات، إلى جانب الهتافات المتكررة من جماهير مانشستر سيتي، كانت جزءًا من محاولة لإثارة انفعال النجم البرازيلي وتحفيزه على ارتكاب أخطاء أثناء اللعب، وفي ظل هذا الجو المشحون، لم يستسلم فينيسيوس بل استجمع قواه وقدرته على تحويل كل تلك السلبيات إلى حافز للتألق، فقد قدم أداءً مميزًا ساهم في تأمين فوز ريال مدريد بنتيجة 3-2، حيث كان له دور حاسم في صناعة الهدف الثاني والتمرير الحاسم الذي ساهم في تسجيل الهدف الثالث.
🚨✨ Vinicius Jr: “I saw the banner from Man City fans… and it motivated me even more”.
— Fabrizio Romano (@FabrizioRomano) February 11, 2025
“Whenever rival fans do things, it gives me more strength to play a great game”. pic.twitter.com/ZGMl4FCSHp
لم تكن خسارة فينيسيوس لجائزة الكرة الذهبية مجرد نتيجة لأداء غير مرضٍ، بل أصبحت مادة دسمة للاستفزاز من قبل جماهير الخصم، فقد تحول هذا الحدث إلى رمز يُستغل في كل مباراة ضد ريال مدريد، حيث تُذكره الجماهير بتلك الخسارة في كل مناسبة، مما أثار موجة من الهتافات والسخرية؛ وقد أدلى فينيسيوس برد فعل قوي على هذه المحاولات؛ حيث كتب على حسابه على منصة “إكس”: «سأفعل 10 أضعاف ما فعلته إن لزم الأمر، إنهم ليسوا مستعدين»، وهذا التصريح يظهر أن النجم البرازيلي لم يسمح لتلك الخسارة بأن تعترض طريقه، بل كانت دافعًا لإثبات نفسه مرة أخرى.
لكن أبرز ما ميز هذا اللقاء هو اللحظة التي تُعدّ بمثابة توقيع على نضج فينيسيوس جونيور، ففي أثناء المباراة، ومع استمرار هتافات الخصم التي تردد عبارة “أين هي كرتك الذهبية؟”، قام فينيسيوس بالنظر إلى الرقم “15” الظاهر على قميصه، وهو الرقم الذي يحمل دلالة خاصة في تاريخ ريال مدريد، ثم انفجر ضاحكًا بطريقة تعكس ثقته الكبيرة بنفسه وبقدراته، لم يكن هذا الضحك تعبيرًا عن السخرية من الخصم بقدر ما كان إعلانًا عن استعداده لتجاوز كل الاستفزازات بكل برودٍ وعقلانية.
Man City fans: "Where’s your Ballon d'Or?"
— Troll Football (@TrollFootball) February 12, 2025
Vinicius:pic.twitter.com/T7qaPyKBTT
وعندما انتهت المباراة، تميز فينيسيوس بموقف آخر دليل على نضجه؛ فقد بقي واقفًا يضحك مع زملائه من الفريق مثل كيليان مبابي وجود بيلينجهام، متجاهلًا كل محاولات الاستفزاز التي سادت المدرجات، هذا السلوك الذي ظهر بعد انتهاء المباراة هو بمثابة رسالة واضحة لكل من يحاول التقليل من شأنه، بأن النضج النفسي والرياضي هو السبيل للتغلب على كل العقبات والضغوط.
إن قصة فينيسيوس جونيور في هذا اللقاء ليست مجرد سرد لنتيجة مباراة أو لأحداث استفزازية، بل هي درس في كيفية تحويل السلبيات إلى دافع للإبداع والنجاح، فرغم كل الاستفزازات والضغوط التي واجهته – سواء كانت من جماهير الخصم أو من تأثير خسارة الكرة الذهبية – أظهر فينيسيوس أن اللاعب الناضج لا يستسلم للمشاعر السلبية، بل يتركها خلف ظهره ويركز على الهدف الأساسي: تقديم أفضل ما لديه لمصلحة الفريق.
Vinicius Jr, Mbappe and Bellingham. 😂 pic.twitter.com/VhjLuOLcCP
— Kofi Ntim (@NtimBarima) February 11, 2025
هذا هو الدرس الذي يستحق أن يحتذى به من قبل كل الشبان الرياضيين؛ أن النجاح لا يُقاس بعدد الجوائز الفردية فحسب، بل يُقاس بالقدرة على الصمود في وجه التحديات وتحويل كل محاولة للإسقاط إلى دافع للارتقاء، في النهاية، يظل فينيسيوس جونيور مثالًا حيًا على الشاب الناضج الذي يتعلم من كل تجربة، ويحول كل استفزاز إلى فرصة للتألق، مؤكداً بذلك أن الروح الرياضية الحقيقية لا تندثر أمام الضغوط بل تزدهر بها.
جود بيلينجهام
فينسيوس جونيور
مبابي
مودريتش