عندما يُذكر اسم إرلينج هالاند، تتبادر إلى الأذهان القوة البدنية، الغريزة التهديفية، والنجاح المتواصل في أكبر الدوريات الأوروبية، لكن في موطنه النرويج، لا يُعتبر مجرد لاعب كرة قدم، بل أصبح رمزًا وطنيًا، وشخصية ملهمة للأجيال القادمة.
منذ أن بدأ مسيرته الاحترافية، ترك بصمته في كل نادٍ مثّله، سواء في مولده، سالزبورج، بوروسيا دورتموند، أو مانشستر سيتي، لكن بالنسبة لأهل بلدته الصغيرة “براين”، يظل إرلينج فتى المدينة الذي رفع اسمها عالميًا.
براين، المدينة الصغيرة الواقعة في جنوب غرب النرويج، قررت استغلال شهرة هالاند والترويج لها من خلال تحويله إلى جزء من تراثها السياحي، فبدلًا من الاكتفاء بالفخر بإنجازاته، افتتحت المدينة جولة سياحية تحمل اسم “سفاري هالاند”، تسمح للزوار بالتعرف على الأماكن التي نشأ فيها، وتدريبه الأول، وحتى الفندق الذي يحمل اسمه.

“جناح هالاند”، الذي بات واحدًا من أهم معالم السياحة الجديدة في المدينة، يتيح للزوار تجربة فريدة داخل فندق محلي يحمل تفاصيل خاصة عن رحلة اللاعب، الجدران مزينة بصوره منذ الطفولة، إضافةً إلى تذكارات من مسيرته الكروية، ما يجعل الإقامة فيه وكأنها رحلة عبر حياة النجم النرويجي.
تجربة سفاري هالاند: زيارة خاصة لمحبي كرة القدم
تجربة “سفاري هالاند” ليست مجرد زيارة تقليدية، بل تقدم للزوار رحلة متكاملة عبر أهم المحطات في حياة اللاعب، تبدأ الجولة من ملعب “براين إف كيه”، حيث بدأ إيرلينج خطواته الأولى، ثم تنتقل إلى “جيرهالن”، مرفق التدريب الداخلي الذي شهد لمسته الأولى مع الكرة.
هناك، يمكن للزوار التدرب على المهارات الكروية في بيئة مشابهة لتلك التي تدرب فيها النجم الصاعد، وتتضمن الجولة أيضًا زيارة إلى مصنع الألبان المحلي الذي لطالما روّج له اللاعب في منشوراته، حيث اشتهر بحبه للحليب الطازج، ما دفع العديد من المعجبين لتقليده وشراء المنتجات التي يستهلكها.
Wednesday sesh 🫡 pic.twitter.com/yFZUHBSBrS
— Erling Haaland (@ErlingHaaland) March 5, 2025
لم تكن حياة إرلينج تدور فقط حول كرة القدم، بل كان مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالحياة الزراعية في بلدته، فقبل أن يصبح هدافًا عالميًا، كان يقود الجرارات في مزرعة عمه، الأمر الذي أصبح أحد رموز هويته النرويجية، الصورة الشهيرة لهالاند على الجرار الأزرق، التي التقطت قبل انتقاله إلى مانشستر سيتي، لا تزال رمزًا قويًا يعكس تواضعه وجذوره العائلية.
واليوم، يمكن للزوار مشاهدة الجرار نفسه في متحف “فيتنجاردين”، حيث يحتل مكانة مميزة ضمن المقتنيات التي تروي قصة اللاعب، لذا لا يقتصر تكريم براين لنجمها الشهير على الجولة السياحية فقط، بل يظهر أيضًا في اللوحات الجدارية التي تزين شوارع المدينة.
عند دخول المدينة عبر القطار، يستقبل الزوار جدارية ضخمة رسمها الفنان المحلي “Pøbel”، والتي تُظهر اللاعب بملامح قوية تجسد مكانته كأحد أعظم المواهب النرويجية، كما يمكن للزوار الاستمتاع بوجبة مستوحاة من اللاعب في مطعمه المفضل “Wen Hua House”، حيث يقدم طبق “هالاند سبيشال”، وهو مزيج من الدجاج الحلو والحامض مع الأرز، وهي واحدة من وجباته المفضلة.
استثمار ذكي لاسم هالاند.. السياحة الرياضية في براين
إطلاق مشروع “سفاري هالاند” لم يكن مجرد تكريم لنجم كرة القدم، بل كان خطوة اقتصادية ذكية، فالمدينة تسعى إلى تعزيز السياحة وجذب عشاق كرة القدم من جميع أنحاء العالم، مستفيدةً من شعبية اللاعب.
Monday work 💪🏻 pic.twitter.com/HGCS1Rm2ue
— Erling Haaland (@ErlingHaaland) February 25, 2025
بفضل انتقال النرويجي إلى مانشستر سيتي، تلقى نادي براين تعويضًا ماليًا كبيرًا، ساعد في تطوير البنية التحتية للنادي، ما أتاح له التنافس على مستوى أعلى، واليوم، يرى المسؤولون أن أي انتقال مستقبلي للاعب، خاصة إذا كان إلى نادٍ بحجم ريال مدريد، سيشكل دفعة اقتصادية جديدة للمدينة والنادي.
رحلة إرلينج هالاند من بلدة صغيرة في النرويج إلى قمة كرة القدم الأوروبية هي قصة كفاح وإلهام، وبينما يواصل تسجيل الأهداف وتحطيم الأرقام القياسية، تبقى جذوره متجذرة في براين، التي لم تنسَ ابنها البار، وقررت تخليد اسمه بأفضل طريقة ممكنة.
واليوم، مقابل 54 جنيهًا إسترلينيًا فقط، يمكن لأي مشجع أن يعيش تجربة فريدة في “سفاري هالاند”، ويخطو في نفس الأماكن التي بدأ منها أحد أعظم مهاجمي جيله، فهل هناك طريقة أفضل لتكريم نجم بحجم إرلينج هالاند؟
هالاند
محمد صلاح
جارناتشو
مزراوي