رؤية 2030.. كيف يُحافظ المغرب على مكاسب الـ25 عامًا الماضية؟
تجاوزت كرة القدم المغربية مرحلة “الإنجاز العابر” لتدخل عصر “التراكم الاستراتيجي”، حيث شكل الوصول لنصف نهائي مونديال قطر 2022، والتتويج ببرونزية أولمبياد باريس، والسيطرة القارية للشباب، أدلة قاطعة على نجاعة النموذج المغربي.
وخلال السنوات القليلة الماضية، لم يعد المنتخب المغربي مجرد “حصان أسود” يظهر في المناسبات الكبرى ليختفي بعدها، بل أصبح اليوم رقمًا صعبًا في الخارطة الدولية بفضل تراكم تقني بدأ منذ مطلع الألفية.
ولا شك في أن الحفاظ على إنجاز “المربع الذهبي” في مونديال قطر 2022، وتفوق منتخبات الفئات السنية، يتطلب الانتقال من مرحلة “الاعتماد على المواهب” إلى مرحلة “المنظومة التكتيكية الموحدة” التي لا تتأثر بتغير الأسماء، لضمان استمرارية التنافسية حتى كأس العالم 2030.
مؤسسة التكوين: أكاديمية محمد السادس
تعتبر “أكاديمية محمد السادس لكرة القدم” حجر الزاوية في التحول الذي شهده المغرب، حيث نجحت في تغيير فلسفة التكوين من الاعتماد على المواهب الفطرية في الشوارع إلى صقلها في بيئة احترافية علمية.
وللحفاظ على هذا المكسب في أفق 2030، يسعى المغرب إلى تعميم هذا النموذج عبر إنشاء “مراكز تكوين جهوية” تضمن رصد المواهب في كل مناطق المملكة، مما يوفر رافداً مستمراً للمنتخبات الوطنية.
هنا المعمورة، هنا واحد من أجمل وأكبر المركبات الكروية في العالم > مركب محمد السادس لكرة القدم
📍C’est à Maamoura que se trouve l’un des centres sportifs les plus grands et modernes du monde : le Complexe Mohammed VI de Football. pic.twitter.com/8tUmjllVYB— FRMF (@FRMFOFFICIEL) June 24, 2022
علاوة على التكوين المحلي، نجح المغرب في بناء جسر ثقة متين مع اللاعبين من مغاربة العالم، وهو مكسب استراتيجي يتطلب الحفاظ عليه استمرار العمل الكشفي والارتباط العاطفي والمؤسساتي.
وتهدف الرؤية المستقبلية إلى دمج الموهبة المهاجرة مع خريجي الأكاديميات المحلية لخلق توليفة كروية فريدة تجمع بين الانضباط الأوروبي والروح المغربية، وهو ما يضمن استمرارية التنافسية الدولية.
البنية التحتية: جيل جديد من المنشآت الذكية
انتقل المغرب من مرحلة بناء الملاعب الكبرى إلى مرحلة “المنشآت المتكاملة”، حيث يمثل “مجمع محمد السادس لكرة القدم” بالمعمورة أيقونة عالمية توفر للمنتخبات الوطنية ظروفًا تضاهي أكبر الأندية العالمية.
ولا شك أن الحفاظ على هذا المستوى يتطلب صيانة دورية وتحديثًا مستمرًا للتقنيات المستخدمة، لضمان بقاء المغرب وجهة مفضلة للمعسكرات الدولية والبطولات القارية.
وفي إطار التحضير لعام 2030، انطلقت ثورة إنشائية لتشييد “ملعب الدار البيضاء الكبير” وتحديث الملاعب الحالية في الرباط وطنجة وأكادير ومراكش وفاس.

وهذه الملاعب لن تكون مجرد مساحات للعب، بل سيتم تحويلها إلى مراكز اقتصادية حيوية تعمل طوال أيام الأسبوع، مما يضمن استدامتها المالية وقدرتها على استضافة تظاهرات كبرى حتى بعد انتهاء المونديال.
وبالتوازي مع الملاعب الكبرى، تركز الرؤية على “ملاعب القرب” وتطوير البنيات التحتية للأندية المحلية في مختلف الدرجات، فالحفاظ على ريادة المنتخب يتطلب بطولة وطنية قوية، والبطولة القوية تحتاج إلى ملاعب تدريب وعشب من جودة عالية لكل الأندية.
تدبير الرصيد البشري للمنتخبات الوطنية
يمتلك المغرب حاليًا رصيدًا بشريًا هو الأفضل في تاريخه، لكن التحدي يكمن في “إدارة التعاقب الجيلي”؛ أي كيف يتم تعويض نجوم حاليين بأسماء شابة دون حدوث فجوة في الأداء.

الاستراتيجية الحالية تعتمد على “التدرج القسري”، حيث يتم إقحام مواهب منتخب تحت 23 سنة الحاصل على برونزية الأولمبياد داخل تشكيل المنتخب الأول بشكل تدريجي، لضمان انتقال الخبرة الدولية من القادة إلى الجيل الصاعد قبل حلول عام 2030.
وعلى مستوى التنقيب، انتقل المغرب من مرحلة “انتظار اختيار اللاعب” إلى مرحلة “الاستقطاب المبكر” لمواهب المجر المهجر. فالنجاح في إقناع مواهب مثل بلال الخنوس أو إلياس بن صغير في سن مبكرة، يمنح المنتخب استقرارًا فنيًا لعشر سنوات قادمة.