حظوظ المنتخبات العربية في التأهل من دور المجموعات بكأس العالم 2026
شهدت قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن العاصمة حدثًا تاريخيًا بكونها الأكبر على الإطلاق، حيث تستضيف البطولة 48 منتخبًا للمرة الأولى، وبفضل النظام الموسع الذي يضمن تأهل أفضل فريقين من كل مجموعة (24 فريقًا) بالإضافة إلى أفضل ثمانية فرق تحتل المركز الثالث إلى دور الـ 32، ارتفعت أسهم المنتخبات العربية بشكل لافت في بلوغ مرحلة خروج المغلوب.
ويعني هذا التعديل الجذري أن مجرد تجنب المركز الأخير وتحقيق انتصار واحد على الأقل، أو نقطة واحدة إضافية من تعادل، أصبح يمثل مسارًا واقعيًا ومرسومًا للتأهل، التحدي الآن يكمن في استغلال هذا النظام الجديد وسط مجموعات متفاوتة الصعوبة للمنتخبات السبعة المشاركة.
حظوظ المنتخب العربية في كأس العالم 2026
أسفرت القرعة عن مجموعات متفاوتة الصعوبة، ما بين حظوظ واعدة لمنتخبات اعتادت التواجد القوي مثل المغرب الذي وصل إلى نصف نهائي النسخة الأخيرة، وتحديات مصيرية لمنتخبات أخرى.
ومع ذلك، تبقى الفرصة الذهبية قائمة للجميع، ففي المجموعات الرباعية، أصبح الهدف الآن هو تجنب المركز الأخير وحصد ما لا يقل عن أربع نقاط (فوز وتعادل) وربما يكفي ثلاث نقاط فقط (فوز أو ثلاثة تعادلات)، لضمان التواجد ضمن أفضل فرق المركز الثالث المتأهلة.
هذا النظام الجديد يفرض على المنتخبات العربية ضرورة استغلال نقاط الضعف في مجموعاتها بأقصى سرعة، مع التركيز على المواجهات المباشرة التي قد تحدد مصير بطاقة التأهل، سواء كانت مباشرة أو عبر نظام الثوالث الجديد.
فرص كبيرة للمغرب ومصر
تتصدر منتخبا المغرب ومصر قائمة المرشحين العرب الأقوياء للتأهل المباشر، مستفيدين من توازن مجموعتيهما، بجانب سجل المغرب الخارق خلال السنوات الماضية، بداية من كأس العالم، وحتى نتائج المنتخب على المستوى الرسمي والودي، بعدما أصبح أكثر فريق يحقق انتصارات متتالية عبر التاريخ.
المغرب (المجموعة الثالثة: البرازيل، هايتي، اسكتلندا)
بعد أن أبهر العالم في نسخة 2022 بوصوله إلى نصف النهائي، تقع المغرب في مجموعة قوية يتقدمها العملاق البرازيلي، إلا أن “أسود الأطلس” يتفوقون بشكل واضح على كل من اسكتلندا وهايتي من ناحية الجودة والخبرة.

من المتوقع أن تقتنص المغرب المركز الثاني خلف البرازيل، خاصةً أن الفوز على هايتي يبدو مضمونًا لقلة جودة وخبرة المنتخب القادم من أمريكا الشمالية.
وفي حال التراجع إلى المركز الثالث، فإن تحقيق 4 نقاط (فوز وتعادل) سيضع المغرب كمرشح قوي ومؤكد للانضمام إلى قائمة أفضل الثوالث الثمانية، مما يجعل فرص تأهلهم كبيرة جدًا.
مصر (المجموعة السابعة: بلجيكا، إيران، نيوزيلندا)
تواجه مصر تحديًا أوروبيًا قويًا يتمثل في بلجيكا، لكن المنافسة الحقيقية تتركز مع إيران، المنتخب الآسيوي المتميز، ونيوزيلندا، الحلقة الأضعف على الأرجح.

يتمتع “الفراعنة” بأفضلية واضحة على نيوزيلندا، سواء على المستوى الفني أو الجودة الخاصة باللاعبين، فضلًا عن المواجهات المباشرة التاريخية بينهما، حيث سبق والتقى منتخب مصر مع نيوزيلندا من قبل في ثلاث مناسبات، انتصر في اثنتين وتعادل في واحدة، ولم يخسر أي لقاء أمام ممثل أوقيانوسيا.
وستكون المواجهة ضد إيران هي الفيصل في تحديد المركز الثاني، إذا تمكنت مصر من حصد 4 نقاط على الأقل (الفوز على نيوزيلندا وتعادل أو فوز على أحد المنافسين)، ستكون في وضع جيد جدًا للتأهل المباشر أو عبر مسار أفضل الثوالث.
معارك حاسمة في انتظار الجزائر وتونس والسعودية
تواجه منتخبات الجزائر، تونس، والسعودية تحديات أصعب قليلًا، حيث سيتوقف تأهلها على تحقيق نتائج إيجابية في مواجهات مباشرة حاسمة.
الجزائر (المجموعة العاشرة: الأرجنتين، النمسا، الأردن)
تدخل الأرجنتين بطلة العالم وهي المرشح الأول لتصدر المجموعة، بل والذهاب بعيدًا في كأس العالم 2026، مما يضع الجزائر في صراع مباشر مع النمسا على المركز الثاني أو الثالث، وتكمن النقطة الإيجابية في ضمان فوز محتمل في “الديربي العربي” ضد الأردن.

وفي ظل المستوى القوي الذي قدمه منتخب النمسا في التصفيات الأوروبية وتصدر مجموعته، سيكون هدف “محاربي الصحراء” هو تحقيق فوز على الأردن والتركيز على الخروج بنقطة تعادل تاريخية أمام النمسا أو الأرجنتين؛ الوصول لحاجز 4 نقاط يجعلهم ضمن أقوى المرشحين للتأهل كأفضل فريق يحتل المركز الثالث.
تونس (المجموعة السادسة: هولندا، اليابان، الفائز من الملحق)
تقع تونس في مجموعة صعبة مع هولندا واليابان، المعروفة بانضباطها التكتيكي، يجب على “نسور قرطاج” التركيز على تحقيق الانتصار الإجباري على الفائز من الملحق القاري، ومن ثم البحث عن نتيجة إيجابية ضد اليابان.

يُعد إنهاء المجموعة في المركز الثالث هو المسار الأكثر واقعية، بالرغم من صعوبة الأمر، فلم يتحدد بعد المنتخب المتأهل من الملحق، ولكن تبقى فرصة المنتخب التونسي قائمة للمنافسة على أحد المقاعد الثمانية الإضافية.
السعودية (المجموعة الثامنة: إسبانيا، الرأس الأخضر، أوروجواي)
تُعتبر هذه المجموعة الأصعب على الإطلاق للمنتخبات العربية، حيث تضم إسبانيا المرشحة بقوة للمنافسة على اللقب، وأوروجواي التي لطالما تتواجد في الأدوار اللإقصائية، مما يجعل تكرار مفاجأة الأرجنتين في 2022 يبدو تحديًا أشبه بالمستحيل.

واقعيًا، يجب أن يكون الهدف الأساسي للمنتخب السعودي ومدربه هيرفي رينارد، هو الفوز على الرأس الأخضر، التي تأهلت لأول مرة في تاريخها للمونديال، مع إمكانية تأمين نقطة تعادل إضافية ضد أحد العملاقين.
الفشل في الوصول إلى 4 نقاط قد يعرض “الأخضر” لخطر الإقصاء، حيث قد لا تكفي 3 نقاط مع فارق أهداف سلبي للتأهل كأفضل ثالث.
قطر والأردن أمام التحدي الأصعب
تواجه كل من قطر والأردن تحديات فريدة، الأولى بسبب طبيعة مجموعتها، والثانية بسبب قلة الخبرة في المونديال، خاصةً وأن العنابي خرج خالي الوفاض وبدون أي نقطة خلال النسخة الماضية، التي أقيمت على أراضيه، بينما يستشعر النشامى عشب المونديال للمرة الأولى تاريخيًا.
قطر (المجموعة الثانية: كندا، المتأهل من المسار الأول في الملحق الأوروبي، سويسرا)
تقع قطر في مجموعة قوية تضم كندا المستضيف، بجانب سويسرا المنتخب الأوروبي القوي الذي يظهر بصورة مميزة في نهائيات كأس العالم، بجانب منتخب أوروبي آخر سيتأهل من المسار الأول، والذي يضم كلًا من إيطاليا ضد أيرلندا الشمالية، وويلز ضد البوسنة والهرسك.

التحدي الأصعب هو أن المنتخبات الثلاثة الأخرى تمتلك فرصًا متساوية في التأهل للدور القادم، ولا يوجد منتخب كبير قد تستفيد قطر من نتائجه أمام باقي المتنافسين، مما سيجعل جميع المباريات بمثابة نهائي يجب فيه الفوز، ولا شيء غير الفوز.
الفرصة أمام المنتخب القطري هو محاولة تحقيق نتيجة إيجابية أمام كندا، وانتظار المتأهل من الملحق الأوروبي، والذي قد يكون إيطاليا كونها الأوفر حظًا بين المنتخبات الأربعة المتنافسة على البطاقة الاخيرة في المجموعة.
الأردن (المجموعة العاشرة: الأرجنتين، الجزائر، النمسا)
يواجه منتخب “النشامى”، في مشاركته الأولى بالبطولة، تحديًا هائلًا ضد ثلاث قوى كروية تتمتع بخبرة أكبر، خاصةً وأن الأرجنتين حاملة اللقب ستدخل بكل قوتها من أجل حصد النقاط الثلاث وتأمين العبور مبكرًا.

الفرصة أمام المنتخب الأردني، الأقل خبرة في المنتخبات العربية، كونه يتأهل للمرة الأولى في تاريخه، ستكمن في محاولة الفوز على الجزائر في ديربي عربي ناري بين المنتخبين.
مواجهة الأردن والجزائر ستكون بمثابة سلاح ذو حدين، إما أن ينتصر أحدهما ويمتلك فرصة كبيرة في التأهل ضمن المنتخبات التي تحتل أفضل مركز ثالث في مجموعتها، وإما أن يتعادلا سويًا ويفقد كلًا منهما فرصه في التأهل.
ختامًا، يمثل النظام الموسع لكأس العالم 2026 فرصة تاريخية لا مثيل لها للكرة العربية لإثبات وجودها على الساحة العالمية، فأصبح بإمكان المنتخبات التي تحصد المركز الثالث، على الاغلب تجمع 4 نقاط، في التواجد بالأدوار الإقصائية.
على سبيل المثال، خرجت تونس من مجموعات كأس العالم 2022 برصيد 4 نقاط من فوز تاريخي على فرنسا وتعادل أمام الدنمارك، ورغم ذلك ودعت المنافسة بسبب احتلال المركز الثالث خلف فرنسا 6 نقاط، وأستراليا 6 نقاط أيضًا.
وحتى السعودية التي حققت انتصار تاريخي على الأرجنتين في النسخة الماضية، فودعت البطولة بثلاثة نقاط فقط، وكان يكفيها تعادل لاحتلال المركز الثاني او الثالث، وكلاهما يكفي الآن للعبور للدور القادم.
يبقى التحدي الآن هو التحضير الفني والذهني للمواجهات الحاسمة، خاصة تلك التي تحدد مصير المركز الثالث، وبينما تلوح حظوظ المغرب بقوة، وتعتمد مصائر باقي المنتخبات على استغلال الفرص وتحقيق المفاجآت، فإن المؤكد هو أننا سنشهد فصلًا جديدًا من التنافس العربي الشرس نحو قمة كرة القدم العالمية.