أخبار الكرة الإماراتيةإسماعيل مطرتقارير ومقالات خاصة365TOP

جيل الحلم.. كيف أعاد إسماعيل مطر ورفاقه رسم خريطة الكرة الإماراتية؟

لم يكن عام 2003 مجرد محطة عابرة في تاريخ كرة الإمارات، بل تحول إلى علامة فارقة صنعت جيلاً استثنائيًا ما زالت بصمته حاضرة حتى اليوم. جيل ولد من رحم الطموح، وتكون عبر مشروع واضح، ليقود منتخب الشباب الإماراتي إلى إنجاز تاريخي على أرضه وبين جماهيره.

جيل الحلم الذي بدأ مشواره في مونديال الشباب 2003 لم يكن نتاج صدفة، بل بدأ الإعداد له قبل البطولة بثلاث سنوات كاملة من العمل الصامت، حين قررت كرة القدم الإماراتية أن تراهن على التخطيط طويل المدى لا على الحلول السريعة، في تلك الفترة، ولد أول نتاج حقيقي لـ مشروع مناطق التدريب بالدولة، مشروع لم يكن هدفه تحقيق نتيجة عابرة، بل صناعة جيل قادر على تمثيل الإمارات في أكبر محفل كروي شبابي في العالم.

البداية كانت بتجميع 66 لاعبًا من مختلف مناطق الدولة، جميعهم مرشحون للانضمام إلى منتخب الناشئين، في تجربة غير مسبوقة هدفت إلى غربلة المواهب، وصقلها، ثم اختيار الأفضل منها ليكون نواة منتخب الشباب، الذي سيحمل لاحقًا حلم المشاركة في كأس العالم، ومن بين هذا العدد الكبير، تم تقليص القائمة إلى 32 لاعبًا فقط، شكلوا معًا ملامح جيل استثنائي سيُعرف لاحقًا باسم “جيل 2003”.

تلك القائمة ضمت أسماء ستصبح لاحقًا علامات بارزة في الكرة الإماراتية: إسماعيل مطر من الوحدة، علي الوهيبي وشهاب أحمد من العين، إسماعيل ربيع وسالم عبدالله من الشباب، بدر عبدالرحمن ومحمد نصيب من الأهلي، عبد الله مال الله من الإمارات، طارق حسن من الوصل، إلى جانب مجموعة أخرى من اللاعبين الذين استمر عطاؤهم في الملاعب لسنوات طويلة. لم يكن هؤلاء مجرد مواهب شابة، بل مشروع منتخب متكامل حظي بدعم واهتمام استثنائيين من أجل تقديم صورة مشرفة لكرة الإمارات في الحدث العالمي الكبير.

وعندما دقت ساعة الحقيقة في كأس العالم للشباب 2003، المقامة على أرض الإمارات، أثبت هذا الجيل أن الرهان كان في محله. منتخب الشباب لم يكتفِ بالمشاركة، بل قدم عروضًا قوية، ونجح في ترك أفضل الانطباعات، قبل أن يبلغ الدور ربع النهائي، ويفرز نخبة من النجوم الذين خطفوا الأنظار محليًا وعالميًا.

وفي قلب هذه الملحمة، سطع نجم إسماعيل مطر، الذي لم يكن مجرد لاعب موهوب، بل قائدًا داخل الملعب، وصانع لحظات فارقة، توج على إثرها بجائزة أفضل لاعب في البطولة، متفوقًا على أسماء عالمية لامعة، كان من بينها الإسباني أندريس إنييستا، الذي سيصبح لاحقًا أحد أساطير كرة القدم العالمية.

مونديال 2003 لم يكن نهاية الحكاية، بل بدايتها، فقد منح اتحاد الكرة الإماراتي دفعة ثقة كبيرة للاستمرار في نفس النهج، عبر تجميع المنتخبات، وإجراء الاختبارات، وعدم ربط العمل فقط بالاستحقاقات الرسمية. هذه الاستمرارية صنعت انتقالًا طبيعيًا للاعبين عبر المراحل السنية، ووضعت الأساس لإنجازات لاحقة خليجية وقارية وعالمية، كان أبطالها هم أنفسهم أبناء ذلك الجيل الذهبي.

منتخب الإمارات
منتخب الإمارات

كيف حول جيل 2003 الحلم إلى واقع وغير تاريخ الكرة الإماراتية؟

أعاد جيل 2003 الكرة الإماراتية إلى الأضواء من جديد بعد فترة ليست بالجيدة، فلم يكن جيل إسماعيل مطر مجرد محطة ناجحة في مسيرة كرة القدم الإماراتية، بل شكّل نقطة التحول الأهم في تاريخ الكرة الإماراتية في القرن الجديد، حين انتقل الطموح من حدود المشاركة المشرفة إلى منطق المنافسة وحصد الألقاب.

هذا الجيل، الذي تبلور مبكرًا عبر مشروع مناطق التدريب، لم يكتف بإبهار الجماهير في كأس العالم للشباب، بل واصل تأثيره لسنوات طويلة، واضعًا الأساس لثورة كروية حقيقية قادها إسماعيل مطر داخل المستطيل الأخضر.

الإنجاز الأبرز والأكثر رمزية كان بلا شك التتويج بكأس الخليج العربي 2007، وهو اللقب الأول في تاريخ منتخب الإمارات الأول، في تلك البطولة، لم يكن إسماعيل مطر مجرد عنصر ضمن التشكيلة، بل قائدًا فعليًا للمجموعة، وهدافًا للمسابقة برصيد خمسة أهداف، إلى جانب تتويجه بجائزة أفضل لاعب. ذلك اللقب لم يكن مجرد كأس، بل إعلان رسمي عن ولادة منتخب قادر على حصد البطولات، وكسر عقدة النهائيات، وتغيير النظرة التقليدية للكرة الإماراتية في المحيطين الخليجي والآسيوي.

وقبل هذا التتويج التاريخي، كان مونديال الشباب 2003 هو الشرارة الأولى، منتخب الإمارات بلغ الدور ربع النهائي في إنجاز غير مسبوق، بينما خطف إسماعيل مطر الأضواء عالميًا بحصوله على الكرة الذهبية لأفضل لاعب في البطولة، متفوقًا على أسماء ستصبح لاحقًا من نجوم الصف الأول في كرة القدم العالمية، مثل أندريس إنييستا وخافيير ماسكيرانو، هذا التتويج الفردي منح اللاعب والجيل بأكمله ثقة هائلة، ورسخ مكانة اللاعب الإماراتي على الخريطة الدولية.

ومع مرور السنوات، استمر جيل 2003 في قيادة المنتخب خلال مختلف الاستحقاقات، سواء في كأس آسيا أو بطولات الخليج، حيث توج المنتخب مجددًا بلقب كأس الخليج 2013، ليؤكد أن إنجاز 2007 لم يكن استثناءً، بل نتيجة طبيعية لمشروع طويل الأمد.

كما شهدت هذه الفترة حضورًا إماراتيًا متوازنًا في البطولات القارية، وصولًا إلى تحقيق المركز الثالث في كأس آسيا 2015، وهو إنجاز يعكس استمرارية العمل والتطور.

الأهم من الألقاب نفسها، هو أن جيل 2003 نجح في تمهيد الطريق للأجيال اللاحقة. فمع دخول أسماء جديدة مثل أحمد خليل، وعمر عبد الرحمن “عموري”، وعلي مبخوت، وجد هؤلاء النجوم بيئة جاهزة، وثقافة انتصارات، وقيادات ميدانية خبيرة على رأسها إسماعيل مطر، ساعدتهم على التطور وتحمل المسؤولية سريعًا، هكذا تحولت تجربة جيل 2003 من مجرد جيل ناجح، إلى مدرسة كروية نقلت الخبرة والعقلية الاحترافية لمن بعدها.

إجمالًا، فإن إنجازات جيل 2003 لم تقاس بعدد الكؤوس فقط، بل بقدرته على تغيير المسار الذهني والفني لكرة الإمارات، وترسيخ مفهوم أن التخطيط والاستمرارية قادران على صناعة أمجاد تدوم، حتى بعد اعتزال نجوم الجيل أنفسهم.

الكرة الإماراتية
الكرة الإماراتية – المصدر: الحساب الرسمي لمنتخب الإمارات

إنجازات الكرة الإماراتية منذ 2003.. حصاد جيل التطوير والاستمرارية

مونديال 2003 بداية الحلم

استضافت الإمارات منافسات مونديال الشباب خلال الفترة من 27 نوفمبر إلى 19 ديسمبر من العام 2003.

وفي بطولة شارك فيها مجموعة من أفضل لاعبي العالم في السنوات التالية، توج مطر بجائزة أفضل لاعبي المسابقة.

البطولة ضمت أندريس إنييستا، بالإضافة لكارلوس تيفيز وخافيير ماسكيرانو في الأرجنتين ومعهم داني ألفيس وأدريانو كويرا في البرازيل.

ومن مصر، تواجد عماد متعب وأحمد فتحي ومحمد عبدالوهاب وحسني عبدربه، وفي إنجلترا، ظهر جيمس ميلنر نجم برايتون الحالي.

المنتخب الإماراتي بدأ البطولة بخسارة المباراة الافتتاحية 1-4 أمام سلوفاكيا، لكن “الأبيض” عاد بعدها بفوز 2-1 على بنما ثم تعادل سلبي مع بوركينا فاسو ليجمع 4 نقاط، ضمن بهم التأهل من دور المجموعات كأفضل ثوالث.

بدأ مطر يتألق انطلاقا من مرحلة ثمن النهائي، حيث سجل هدف قاتل في الدقيقة 89 بمرمى أستراليا، ليقود “الأبيض” للتأهل لربع النهائي.

الهدف جاء من على الطرف الأيسر بعد مجهود فردي في المراوغة والتسديد قبل أن تسقط الكرة من يد الحارس، ليسمح للمنتخب الإماراتي بالتأهل لربع النهائي، ويواجه الأرجنتين التي خسر أمامها بنتيجة 1-2 بعد اللجوء للأشواط الإضافية.

مستوى مطر في موقعة الأرجنتين وخلال البطولة بشكل عام، جعله يفوز بجائزة أفضل لاعبي المسابقة متفوقا على نجوم كبار.

كسر عقدة كأس الخليج والتتويج الأول

حقق “الأبيض” اللقب الخليجي الأول في مسيرته عندما استضافت العاصمة الإماراتية أبوظبي، “خليجي 18” من 17 إلى 30 يناير 2007.

وتوجت الإمارات جهودها بالفوز باللقب، بعد 3 محاولات فاشلة خسرت خلالها المباراة النهائية.

وأقيمت البطولة حينها، بمشاركة 8 منتخبات، وجرت جميع مبارياتها على استاد مدينة زايد الرياضية في أبوظبي، وبنظام المجموعتين.

ولعب “الأبيض” في المجموعة الأولى، بجانب منتخبات عُمان، الكويت واليمن، وضمت المجموعة الثانية، السعودية، العراق، البحرين وقطر.

وشهدت المجموعة الأولى إثارة كبيرة، بعدما خسر “الأبيض” بداية المشوار أمام عُمان بنتيجة (1-2)، وأحرز إسماعيل مطر، هدف الإمارات.

واستعاد “الأبيض” الثقة بالفوز على اليمن (2-1)، في المباراة الثانية، وكان بحاجة للفوز على الكويت ليضمن صعوده للمربع الذهبي، وهو ما حققه بنتيجة (3-2)، في مباراتهما يوم 23 يناير 2007، ليحل ثانيا خلف عُمان برصيد 6 نقاط.

وتمكن إسماعيل مطر، من تسجيل هدف الفوز للإمارات في المرمى السعودي بالدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع في نصف النهائي.

وتأهل “الأبيض” للقاء عُمان مجددا، ولكن في المباراة النهائية، والتي شهدت هدف الفوز والمباراة الوحيد عن طريق إسماعيل مطر في الدقيقة 73.

ونال مطر جائزتي هداف البطولة برصيد 5 أهداف، وأفضل لاعب.

اللقب الثاني لكأس الخليج

احتاج الجيل الذهبي التالي للإمارات، وقتا طويلا للوصول للمستوى الذي أهله للفوز ببطولة “خليجي 21” في البحرين خلال الفترة من 5 إلى 18 يناير 2013.

وأقيمت البطولة بمشاركة 8 منتخبات أيضا، وبنظام المجموعتين، ولعبت الإمارات في المجموعة الأولى، مع منتخبات البحرين، قطر وعُمان، وضمت المجموعة الثانية منتخبات السعودية، العراق، اليمن والكويت.

وتصدر “الأبيض” مجموعته بالعلامة الكاملة، بعد الفوز في جميع مبارياته أمام قطر (3-1)، والبحرين (2-1)، وعمان (2-0)، وأنهى دور المجموعات وفي رصيده 9 نقاط.

ونجح “الأبيض” بعدها في الفوز على الكويت بهدف دون مقابل، في نصف النهائي، ثم الفوز على العراق (2-1)، لينال لقبه الثاني في تاريخ مشاركته الخليجية.

وتقاسم الثلاثي، الإماراتي أحمد خليل، العراقي يونس محمود، والكويتي عبد الهادي خميس، جائزة الهداف في تلك النسخة برصيد 3 أهداف لكل منهم.

فيما توج الإماراتي عمر عبد الرحمن “عموري”، بجائزة أفضل لاعب.

التأهل لأولمبياد لندن ومشاركة تاريخية لـ الأبيض

تأهل المنتخب الإماراتي لأول مرة في تاريخه إلى دورة الألعاب الأولمبية لندن صيف 2012 بعدما تغلب على مضيفه الأوزبكستاني 3-2 في الجولة الأخيرة.

وانتصر المنتخب الإماراتي بمباراة الجولة السادسة والأخيرة من تصفيات المجموعة الآسيوية الثانية على منافسه المباشر أوزباكستان في طشقند، في مباراة شهدت تألق أحمد خليل الذي سجل هدفين للأبيض.

ورفع المنتخب العربي رصيده إلى 14 نقطة في صدارة المجموعة، مبتعدا بفارق أربع نقاط عن ملاحقه الأوزبكستاني الذي حل وصيفا للمجموعة.

وشارك المنتخب الإماراتي في مجموعة ضمت بريطانيا وأوروجواي والسنغال، ولكنه ودع من الدور الأول بعدما قدم مباريات كبيرة رغم خسارته ضد بريطانيا وأوروجواي والتعادل مع السنغال، في مشاركة شهدت تألق كبير لكل من إسماعيل مطر وعموري.

كأس آسيا 2015

قدم “فريق الأحلام” الإماراتي بقيادة مدربه مهدي علي، ونجمه عمر عبد الرحمن نسخة رائعة في كأس آسيا 2015 رغم غياب إسماعيل مطر الذي تعرض لإصابة قوية قبل البطولة.

وتمكن المنتخب الإماراتي من تفجير مفاجأة من العيار الثقيل بعدما أقصى اليابان حاملة اللقب من ربع النهائي بركلات الترجيح 5-4 بعد تعادلهما 1-1 في سيدني، قبل أن يواجه أستراليا في نصف النهائي وتخسر بثنائية نظيفة.

وحصد علي مبخوت مهاجم منتخب الإمارات جائزة هداف بطولة كأس آسيا 2015 برصيد 5 أهداف.

المنتخبالإنجازالسنة
منتخب الشبابالتأهل إلى ربع نهائي كأس العالم للشباب2003
منتخب الناشئينالفوز بـ كأس الخليج للناشئين2006
المنتخب الأولالفوز بـ كأس الخليج العربي (خليجي 18)2007
منتخب الشبابالفوز بـ كأس آسيا للشباب2008
منتخب الشبابالتأهل إلى ربع نهائي كأس العالم للشباب2009
منتخب الناشئينالفوز بـ كأس الخليج للناشئين2009
منتخب الناشئينالفوز بـ كأس الخليج للناشئين2010
المنتخب الأولمبيالميدالية الفضية في دورة الألعاب الآسيوية2010
المنتخب الأولمبيالتأهل إلى أولمبياد لندن2012
المنتخب الأولالفوز بـ كأس الخليج العربي (خليجي 21)2013
منتخب الناشئينالفوز بـ كأس الخليج للناشئين2013
المنتخب الأولالمركز الثالث في كأس أمم آسيا2015
المنتخب الأولالمركز الثالث في كأس أمم آسيا2015
المنتخب الأولمبيالميدالية البرونزية في دورة الألعاب الآسيوية2018
المنتخب الأولالمركز الرابع في كأس أمم آسيا2019

حسن موسى

صحفي رياضي مصري مواليد 1992، خبرة 11 عاما في الصحافة الرياضية، عضو نقابة الصحفيين المصريين، عضو رابطة النقاد الرياضيين، متخصص في تغطية أخبار كرة القدم الإماراتية والمصرية والعربية وتغطية الأحداث العالمية، بجانب التقارير والقصص الرياضية، وإجراء حوارات مع نجوم الكرة الإماراتية والعربية والعالمية.