ما بين الحزن والفرحة.. ماذا يحدث عندما تنظم دولة عربية بطولة كأس أمم أفريقيا؟
لطالما كان استضافة دولة عربية لبطولة كأس أمم أفريقيا حدثًا يترقبه الملايين، ليس فقط لما تمثله من شرف احتضان البطولة الأغلى في القارة السمراء.. كأس الأمم، بل لما يصاحبها من آمال جماهيرية، وضغوط رياضية، وتوقعات متصاعدة بنجاح المنتخب المضيف في التتويج على أرضه.
وعلى مدار العقود الماضية، تحوّلت استضافة العرب للبطولة إلى ظاهرة مثيرة للجدل، حيث شهدت النجاحات والانكسارات معًا، وفي كل نسخة عربية، كانت الجماهير تنتظر سؤالًا واحدًا: هل تُتوَّج الدولة المضيفة باللقب، أم تُنتزع الكأس من قلبها؟
وبالنظر إلى تاريخ البطولة، يتضح أن استضافة العرب لنهائيات أمم أفريقيا كانت إما طريقًا نحو اللقب، أو مناسبة لانتزاع الكأس من بين أيدي أصحاب الأرض، كما حدث في نسخ عديدة صارت محفورة في ذاكرة القارة، إما أن يحصل صاحب الأرض على البطولة في أو لا يصل حتى للمربع الذهبي في غالبية الأحيان.

العرب والبطولة الإفريقية.. تاريخ من التباينات
على مر السنوات، نظّم العرب بطولة كأس أمم أفريقيا في سبع مناسبات قبل نسخة 2025، وكانت النتائج متباينة بين النجاح والفشل، بين تحقيق اللقب على أرضهم وبين خسارته أمام منافسين قاريين أقوياء
1988 – المغرب تستضيف والكاميرون تتوَّج
استضافت المغرب البطولة وسط دعم جماهيري هائل، إلا أن المنتخب المغربي لم يتمكن من التتويج وخرج من المنافسات على اللقب، محتلاً المركز الرابع، وتوجت الكأس الكاميرون بقيادة الأسطورة روجيه ميلا، لتكون بداية سلسلة الحظ المتقلب للعرب كمُنظّمين.
1990 – الجزائر تفوز على أرضها
بعد عامين فقط، نظمت الجزائر البطولة ونجحت في اقتناص اللقب بين جماهيرها، متغلبة على نسور نيجيريا بقيادة جمال مناد ورفاقه، وأثبتت نسخة 1990 أن اللعب على أرض البلد المضيف يمكن أن يكون سلاحًا حاسمًا في طريق التتويج، خاصة إذا تم استغلال الدعم الجماهيري بشكل صحيح.

1994 – تونس تنظّم ونيجيريا تخطف اللقب
عادت البطولة إلى شمال أفريقيا في 1994، لكن تونس لم تتمكن من حصد اللقب، حيث تفوقت نيجيريا وأحرزت البطولة بعد أداء مذهل، وجاء هذا ليذكّر الجماهير التونسية بأن استضافة البطولة لا تضمن بالضرورة التتويج، وقد يبقى الحظ والجهاز الفني والجاهزية البدنية هي الفارق.
2004 – تونس تستضيف وتحصد الذهب
بعد عشر سنوات من خيبة 1994، استغلت تونس فرصة التنظيم بأفضل طريقة، وتمكنت نسور قرطاج من التتويج باللقب لأول مرة في تاريخهم، بعد الفوز على المغرب في نهائي عربي خالص، وكانت نسخة 2004 خير دليل على تأثير الأرض والجمهور في منح المنتخب المضيف دفعة معنوية كبيرة نحو الإنجاز.
2006 – مصر تنظّم وتحتفل بالبطولة
قدّم المنتخب المصري واحدة من أفضل نسخه على الإطلاق، وتوّج بكأس أمم أفريقيا 2006 على حساب ساحل العاج بقيادة حسن شحاتة، مستفيدًا من اللعب على أرضه ودعم الجماهير، شكلت هذه البطولة بداية العصر الذهبي للكرة المصرية، الذي استمر بثلاثية تاريخية: 2006، 2008، و2010.

2019 – مصر تستضيف والجزائر تنتزع اللقب
بعد 13 عامًا، عادت البطولة إلى مصر، لكن الفريق المصري خرج مبكرًا من المنافسات، في حين توجت الجزائر باللقب بعد أداء بطولي بقيادة جمال بلماضي ورياض محرز، لتتكرر ظاهرة “انتزاع الكأس من البلد المضيف”، مؤكدًا أن التنظيم وحده لا يكفي لتحقيق اللقب إذا لم يكن الفريق جاهزًا فنيًا وبدنيًا.
| السنة | الدولة المنظمة | البطل |
|---|---|---|
| 1988 | المغرب | الكاميرون |
| 1990 | الجزائر | الجزائر |
| 1994 | تونس | نيجيريا |
| 2004 | تونس | تونس |
| 2006 | مصر | مصر |
| 2019 | مصر | الجزائر |
| 2025 | المغرب | لم يحدد بعد |
ماذا يقول التاريخ عن استضافة العرب؟
نسبة نجاح المضيفين العرب ليست ثابتة.. على مدار سبع مناسبات عربية لاستضافة كأس أمم أفريقيا، نجد أن المضيف لم يضمن التتويج دائمًا، فقد فشل في اقتناص اللقب 4 مرات: المغرب عام 1988، تونس عام 1994، ومصر عام 2019، بينما نجح 3 مرات فقط: الجزائر عام 1990، تونس عام 2004، ومصر عام 2006. هذا يظهر أن كونك المضيف لا يضمن النجاح تلقائيًا، وأن التحديات تبقى كبيرة حتى مع دعم الجماهير، التجارب الناجحة كانت دائمًا مرتبطة بفريق يمتلك خبرة فنية عالية وقدرة على التعامل مع ضغوط البطولة، الفرق التي استفادت من قوة ملعبها وجمهورها استطاعت تحويل الضغط إلى دافع وتحقيق الإنجازات، كما حدث مع الجزائر 1990 وتونس 2004 ومصر 2006.
🤝Meet 🦁 ‘ASSAD’ ⵉⵣⵎ, the Official Mascot for TotalEnergies CAF Africa Cup Of Nations Morocco 2025 revealed!
— CAF Media (@CAF_Media) December 8, 2025
🔗 https://t.co/MwrVbRX2LC
🔗 https://t.co/k29WjkR6Vr#TotalEnergiesAFCON2025 pic.twitter.com/3FhO5SpFTx
التنظيم وحده لا يكفي.. حتى مع أفضل البنى التحتية وأحدث الملاعب، يبقى التنظيم غير كافٍ لضمان الفوز، المغرب 1988 ومصر 2019 مثالان واضحان على أن الأرض والجمهور لا يكفيان وحدهما لتحقيق التتويج، إذ يعتمد النجاح على مزيج من التحضير الفني، الخبرة، والروح المعنوية للاعبين، مع اقتراب بطولة 2025، يمتلك المغرب عناصر القوة لتحقيق الإنجاز على أرضه، بما في ذلك جيل ذهبي وبنية تحتية متميزة ودعم جماهيري كبير، ولكن التاريخ يذكّر بأن البطولة الإفريقية مليئة بالمفاجآت، وأن اللقب ليس مضمونًا حتى لأقوى المضيفين، مما يجعل نسخة 2025 فرصة كبيرة لكنها مصحوبة بتحذير واضح لكل الفرق العربية.
2025 – المغرب تستعد.. فماذا ينتظر البطولة؟
تعود بطولة كأس أمم أفريقيا 2025 إلى المغرب للمرة الثانية في تاريخها، لتفتح الباب أمام سلسلة من التساؤلات الكبرى: هل سيتمكن المنتخب المغربي هذه المرة من كسر لعنة 1988 والتتويج على أرضه؟ أم أن التاريخ سيعيد نفسه، لتذهب الكأس إلى منافس إفريقي آخر كما حدث قبل 37 عامًا؟
اليوم يمتلك المغرب جيلًا ذهبيًا بقيادة المدرب وليد الركراكي، إلى جانب لاعبين متميزين على المستوى المحلي والدولي، وسمعة عالمية اكتسبها بعد الأداء المميز في كأس العالم 2022، كما توفر البنية التحتية الحديثة في المملكة أفضل الملاعب والمرافق في أفريقيا، ما يجعل حلم التتويج واقعيًا أكثر من أي وقت مضى.
ولكن كما أظهرت النسخ السابقة، فإن كأس أمم أفريقيا لا تُحسم بالتوقعات أو الدعم الجماهيري فقط، بل بالروح المعنوية والانضباط داخل الملعب، تاريخ العرب في البطولة يوضح أن استضافة الحدث لا تضمن اللقب دائمًا، فبين النجاحات والفشل هناك دائمًا مفاجآت غير متوقعة، تظل بطولة أفريقيا من أكثر المسابقات إثارة وغموضًا، ومع اقتراب 2025، تتجه أنظار القارة والعالم كله نحو المغرب، لمعرفة إن كان سيكتب التاريخ أم سيشهد تكرارًا للسيناريوهات السابقة.