أخبار الكرة الإسبانيةالدوري الإسبانيأخباربرشلونة

تحليل يكشف لماذا بدا لامين يامال تائهًا أمام ريال مدريد

لم يكن كلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة مجرّد مباراةٍ في جدولٍ مزدحم، بل اختبارًا نفسيًا وبدنيًا صعبًا لأصغر نجم في الملعب، لامين يامال، الشاب الذي تحوّل خلال عامٍ واحد من موهبةٍ واعدة إلى رمزٍ لمستقبل فريقه، بدا هذه المرة شاحبًا، تائهًا بين الضغوط، الأنظار، وتراكم التوقعات.

انتهى الكلاسيكو الذي أُقيم على ملعب سانتياجو برنابيو بفوز الفريق الملكي بنتيجة 2-1، في مواجهة مثيرة حتى الدقائق الأخيرة، سجّل كيليان مبابي الهدف الأول، وأضاف جود بيلينجهام الثاني، فيما أحرز فيرمين لوبيز هدف البارسا الوحيد، لينتهي اللقاء بانتصار جديد لأصحاب الأرض يعزّز موقعه في صدارة الليجا.

منذ لحظة انطلاق المباراة، كان واضحًا أن شيئًا ما غير منسجم في أداء يامال، افتقد لجرأته المعتادة، لم يراوغ، لم يغامر، ولم يحاول كثيرًا كمن اعتاد اللعب تحت عباءة الخوف، الأسباب لم تكن فنية فقط، بل نفسية أيضًا، فالشاب البالغ من العمر 18 عامًا دخل الكلاسيكو بعد أسبوعٍ من الجدل، بعدما أطلق تصريحاتٍ ساخرة عن ريال مدريد وجماهيره، لتتحوّل تلك المزحة إلى ضغطٍ جماهيري وإعلامي هائل.

فينيسيوس جونيور - لامين يامال - ريال مدريد - برشلونة - المصدر (Getty images)
فينيسيوس جونيور – لامين يامال – ريال مدريد – برشلونة – المصدر (Getty images)

كيف اهتزّت صلابة لامين يامال أمام دفاعات ريال مدريد؟

كان المحلل الإسباني مانولو لاما واضحًا في تحليله بعد الكلاسيكو، حيث أفاد أنّ “لامين يامال لا يعيش أفضل فتراته، فهو عائد من إصابة أفقدته كثيرًا من بريقه، ولم يُظهر الرغبة أو الجاهزية البدنية التي عرفناها عنه سابقًا”، وأوضح أنّ اللاعب بدا مترددًا وغير قادر على تجاوز خصومه، كما أشار إلى أن لامين ظهر كأنه تائهًا ولا يعرف نفسه.

تحليل مانولو صحيح؛ لقد كان يامال يلعب وكأنه يحاول أن يثبت أنه لم يتأثر، لكنه في الحقيقة كان يحمل المباراة على كتفيه أكثر مما يحتمل عمره، في المقابل، كان دفاع ريال مدريد مستعدًا نفسيًا وبدنيًا لإغلاق المساحات أمامه، وهو ما جعله يفقد الثقة تدريجيًا كلما مرّت الدقائق.

من الناحية البدنية، لم يكن يامال في كامل لياقته، إصابة الفخذ التي لحقت به قبل أسابيع ما زالت تترك أثرها، لقد بدا أبطأ في الانطلاق، وأقل قدرة على التحمل والالتحامات، لمس الكرة 79 مرة، لكنه لم يسدد أي تسديدة نحو المرمى، وفقد الكرة 22 مرة — أرقام تُلخص غياب الحيوية عن أدائه.

عندما تحوّلت جرأة لامين يامال إلى عبء في الكلاسيكو

الجرأة التي جعلت يامال محبوبًا في كتالونيا كانت نفسها سببًا في انتقاده هذه المرة؛ تصرفاته الأخيرة خارج الملعب، وزياراته المتكررة لبطولة “ملوك الليجا” التي ينظمها جيرارد بيكيه، وتصريحاته الساخرة، كل ذلك وضعه في مرمى الانتقادات.

البعض رأى أن اللاعب الشاب بدأ يختلط عليه الحد بين الشخصية الإعلامية والرياضية، وأن الضغوط التجارية المحيطة به أصبحت أكبر من حريته في التركيز داخل المستطيل الأخضر.

وفي مباراة بحجم الكلاسيكو، مثل هذه التفاصيل الصغيرة تصنع الفارق؛ كيليان مبابي مثلًا في الجهة الأخرى كان أكثر هدوءًا، أكثر نضجًا، بينما بدا يامال محاصرًا بنفسه قبل حتى أن يُحاصره دفاع ريال مدريد.

داخل برشلونة، يدرك هانز فليك أن الموهبة وحدها لا تكفي، منح يامال دقائق كثيرة هذا الموسم، وربما أكثر مما ينبغي، بحسب التقارير الإسبانية، باتت هناك أصوات في النادي تطالب بإراحته لفترة قصيرة لإعادة التوازن بين الحماس والهدوء، حتى لا يحترق في سنٍّ مبكرة كما حدث لآخرين قبله.

ما بين الإخفاق والنضج.. لامين يامال يبحث عن نفسه

رغم الانتقادات التي واجهها في المباراة، يظل لامين يامال واحدًا من أفضل وأقوى اللاعبين الشباب في العالم، وموهبته واضحة رغمًا عن الجميع؛ ومع ذلك، يشدد المحللون على أنّ على يامال أن يركز على أداءه داخل الملعب أكثر من الخارج، خصوصًا أنه يحمل رقم 10 في برشلونة، الرقم الذي يضع عليه ضغطًا إضافيًا ويجعله رمزًا للفريق.

تجربة يامال أمام ريال مدريد ستكون واحدة من تلك اللحظات التي تُعيد صياغة شخصية اللاعب؛ لحظة فشلٍ ضرورية في رحلة الصعود الطويلة، فكل نجمٍ مرّ بهذه المحطة ذاتها — حيث تلتهمك الضغوط ثم تكتشف بعدها أنك تعلمت كيف تتحكم فيها.

ربما بدا يامال تائهًا في البرنابيو، لكن التائه اليوم هو نفسه من سيهتدي غدًا… فالموهبة لا تضيع، لكنها أحيانًا تتوه لتتعلم كيف تعود.. لكن السؤال الأهم يطرح نفسه، هل بالفعل سيجد لامين يامال طريقه مرة آخرى أم ستتهاوى به الإغراءات خارج الملعب؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.

إحصائيات مواهب الدوري الإسباني


عنان رضا

صحفية رياضية منذ 2018، لدي خبرة في كتابة الأخبار العالمية والمحلية وأخبار المحترفين، ولدي أيضًا خبرة في مجال الترجمة باللغتين الإسبانية والإنجليزية، بالإضافة إلى إهتمامي بمتابعة ما وراء الحياة الشخصية للاعبي كرة القدم في كافة أنحاء العالم، وكتابة القصص الإخبارية عنهم.