تجارب الحياة.. إيرلينج هالاند يواجه درسٍ قاسٍ
تُعد الحياة سلسلة من التجارب التي تصقل شخصية الإنسان وتدفعه نحو التطور، سواء كان ذلك في الرياضة أو أي مجال آخر، وهو ما مر به إيرلينج هالاند في مراحل حياته، ولأن النجاح يمنح الثقة، لكن الفشل هو الذي يزرع القوة، فهو الاختبار الحقيقي لإرادة الإنسان وقدرته على النهوض بعد السقوط، وفي عالم كرة القدم، حيث التحديات لا تتوقف، يكون اللاعبون مطالبين بإظهار شخصية قوية وقدرة على التعلم من اللحظات الصعبة.
إيرلينج هالاند.. ماكينة الأهداف التي لا تتوقف
منذ ظهوره الأول في عالم كرة القدم الاحترافية، فرض إيرلينج هالاند نفسه كأحد أبرز المهاجمين في العالم، سرعته، قوته البدنية، قدرته على التمركز، وحسه التهديفي جعله أحد أكثر اللاعبين رعبًا في منطقة الجزاء، بدأ مشواره مع سالزبورج ثم تألق بشكل لافت مع بوروسيا دورتموند، قبل أن ينتقل إلى مانشستر سيتي في صيف 2022 ليصبح أحد أهم ركائز الفريق الإنجليزي تحت قيادة بيب جوارديولا.
في موسمه الأول مع مانشستر سيتي، حقق هالاند كل شيء تقريبًا، حطم الأرقام القياسية، سجل أكثر من 50 هدفًا في مختلف المسابقات، وقاد الفريق للتتويج بالثلاثية التاريخية (الدوري الإنجليزي، دوري أبطال أوروبا، وكأس الاتحاد الإنجليزي).

لكن رغم هذه النجاحات، فإن كرة القدم لا تعترف بالماضي، بل بالنظر إلى المستقبل، ومع كل إنجاز يحققه اللاعب، يواجه اختبارات جديدة تُثبت مدى استحقاقه للمكانة التي وصل إليها.
درس قاسٍ لـ إيرلينج هالاند يقوده إلى الصمود
في موسم 2024-2025، كان مانشستر سيتي يسعى للدفاع عن منافسته في دوري أبطال أوروبا، لكن الفريق اصطدم بنظيره ريال مدريد في ملحق دور الستة عشر، في مواجهة كانت بمثابة نهائي مبكر بين اثنين من أقوى الفرق في العالم.
في مباراة الذهاب على ملعب الاتحاد، قدّم السيتي أداءً قويًا لكنه خسر بنتيجة 3-2، وكانت الفرصة لا تزال قائمة في لقاء الإياب على ملعب سانتياجو برنابيو، غير أن الأمور لم تسر كما كان يأمل الفريق الإنجليزي، حيث تعرض لخسارة قاسية بنتيجة 3-1، ليودّع البطولة بطريقة مخيبة للآمال.
We remain as one, sometimes you have to experience this in life and learn from it, you can't always win. We’ll rise again together 🩵 pic.twitter.com/EmLkyjviJQ
— Erling Haaland (@ErlingHaaland) February 20, 2025
غياب هالاند عن مباراة الإياب بسبب الإصابة زاد من صعوبة المواجهة بالنسبة لمانشستر سيتي، حيث أعلن جوارديولا قبل المباراة أن النجم النرويجي لم يكن جاهزًا للعب بسبب مشكلة في الركبة، ما حرمه من محاولة مساعدة فريقه في هذه المواجهة المصيرية.
وبعد المباراة، كسر إيرلينج هالاند صمته عبر تغريدة على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) قال فيها: “سنبقى فريقًا واحدًا. في بعض الأحيان يتعين عليك تجربة ذلك في الحياة والتعلم منه. لا يمكنك الفوز دائمًا. سننهض معًا من جديد”.
كلماته لم تكن مجرد رسالة للجماهير، بل كانت تعبيرًا عن إدراكه لحقيقة كرة القدم: الخسارة جزء من اللعبة، والتحدي الحقيقي هو كيفية العودة منها أقوى.
الهزيمة طريق إيرلينج هالاند إلى النضج
هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها إيرلينج هالاند انتكاسة كبيرة، لكنها ربما تكون من أصعب اللحظات في مسيرته، في الموسم الماضي، واجه انتقادات حول عدم تأثيره في المباريات الكبيرة، خاصة في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا ضد ريال مدريد أيضًا، لكنه عاد بقوة في النهائي وسجل أهدافًا قادت فريقه إلى المجد الأوروبي.
الخسارة أمام ريال مدريد هذا الموسم، رغم قساوتها، قد تكون درسًا آخر في مسيرة النجم النرويجي، فكل لاعب كبير مرّ بلحظات مشابهة، من ليونيل ميسي الذي احتاج لسنوات للفوز بكأس العالم، إلى كريستيانو رونالدو الذي واجه انتكاسات قبل أن يصبح أسطورة في دوري الأبطال.
5️⃣0️⃣ goals in 4️⃣8️⃣ @premierleague games for @ErlingHaaland! ✨
— Manchester City (@ManCity) November 25, 2023
Superb from @NathanAke to set him up! 💪 pic.twitter.com/mCYo3b3TSs
على الرغم من خيبة الأمل، فإن المستقبل لا يزال مفتوحًا أمام هالاند ومانشستر سيتي، الفريق لا يزال ينافس على لقب الدوري الإنجليزي وكأس الاتحاد الإنجليزي، ويملك فرصة لتحقيق المزيد من الألقاب هذا الموسم، كما أن هالاند، البالغ من العمر 24 عامًا فقط، لا يزال أمامه العديد من الفرص ليحقق المجد الأوروبي مرة أخرى.
في النهاية، هذه التجربة الصعبة قد تكون نقطة تحول جديدة في مسيرة هالاند، تمامًا كما حدث مع العديد من أساطير اللعبة، فالهزيمة ليست النهاية، بل مجرد خطوة أخرى في طريق النجاح، كرة القدم تعطي دروسًا قاسية، لكن العظماء هم من يستفيدون منها ليعودوا أقوى.
هالاند
محمد صلاح
جارناتشو
مزراوي