أخبار

تاريخ شاهد وذاكرة حيّة.. ماذا يحدث عندما يستضيف المغرب كأس أمم إفريقيا؟

يعود المغرب لاستضافة كأس أمم إفريقيا، لكن فصول تنظيم الحدث الكروي الأغلى في القارة السمراء، له جذور مغربية ضاربة في القدم، وأحداث غيرت مجرى تاريخ البطولة.

عندما يُذكر اسم المغرب مقرونًا بكأس أمم إفريقيا، لا يكون الحديث مجرد تنظيم بطولة كروية، بل عن محطات مفصلية في تاريخ الكرة الإفريقية، ووقائع يمتد جدولها الزمني عبر محطات 1988، 2015، 2025.

وسنتعرف في هذا التقرير عن أبرز حيثيات استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس أمم إفريقيا، من التحدي والخيبة، مرورا بالعقوبة القاسية، وصولا إلى النسخة الجديدة.

المغرب 1988.. بطولة غيرت موازين القارة

يُعد تنظيم المغرب لكأس أمم إفريقيا سنة 1988 من أبرز المحطات في تاريخ البطولة، ليس فقط على المستوى التنظيمي، بل كذلك على مستوى التحولات الرياضية والمؤسساتية التي أعقبتها.

احتضنت المملكة العرس القاري في أجواء جماهيرية كبيرة، وعلى ملاعب الدار البيضاء والرباط ومراكش، تابعت القارة واحدة من أقوى النسخ آنذاك، حيث تميزت بمستوى فني مرتفع وحضور أسماء لامعة في سماء الكرة الإفريقية.

ورغم أن المنتخب المغربي لم ينجح في اعتلاء منصة التتويج، فإن البطولة عرفت بروز منتخب الكاميرون الذي خطف الأضواء، وقادته أسماء خالدة، على رأسها المهاجم الراحل رشيدي ياكيني، صاحب اللمسة التهديفية القاتلة، ولاعب الوسط هنري نووسو الذي شكّل قلب التوازن في تشكيلة “الأسود غير المروّضة”.

الكاميرون استغلت أجواء المغرب لتضيف لقبها الإفريقي الثاني إلى خزائنها، بعد تتويجها الأول في كوت ديفوار سنة 1984، مؤكدة مكانتها كقوة صاعدة في الكرة الإفريقية آنذاك.

من الملعب إلى مكاتب القرار.. الرباط تصنع رئيس الكاف

لم تتوقف تأثيرات نسخة 1988 عند حدود المستطيل الأخضر، بل تجاوزته إلى دهاليز القرار القاري، حيث شكّل المغرب في تلك السنة مسرحًا لتحول تاريخي في إدارة كرة القدم الإفريقية.

في الرباط وعلى هامش البطولة، انعقد اجتماع حاسم للمكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، انتهى بانتخاب الكاميروني عيسى حياتو رئيسًا جديدًا لـ“الكاف”، بعد حصوله على غالبية الأصوات.

ذلك القرار لم يكن عابرًا، إذ سيبقى حياتو في منصبه 18 سنة كاملة، قاد خلالها الكرة الإفريقية في مرحلة دقيقة من تطورها، ما جعل من دورة المغرب 1988 لحظة مفصلية في تاريخ اللعبة قاريا، رياضيًا وإداريًا.

منتخب المغرب
الجامعة الملكية المغربية (المصدر:Gettyimages)

2015.. عندما قال المغرب “لا” وتحمل العواقب

بعد سنوات من المجد التنظيمي، عاد اسم المغرب ليتصدر عناوين كأس أمم إفريقيا، لكن هذه المرة في سياق مختلف تمامًا.

ففي سنة 2015، كان من المفترض أن تستضيف المملكة البطولة، قبل أن تطلب تأجيلها بسبب تفشي وباء “إيبولا” في عدد من الدول الإفريقية، بدافع الحفاظ على السلامة الصحية للمواطنين والجماهير.

قرار وُصف حينها بالجريء، لكنه لم يمر دون تبعات، إذ قرر الاتحاد الإفريقي سحب التنظيم من المغرب، بل وفرض عقوبات قاسية في البداية، قبل أن يتم تقليصها لاحقًا بعد لجوء الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى المساطر القانونية.

تلك الحادثة كشفت أن استضافة “الكان” ليست مجرد شأن رياضي، بل قرار سيادي معقّد تتداخل فيه السياسة والصحة والرياضة، وأن المغرب، حين يتعلق الأمر بمصالحه العليا، لا يتردد في اتخاذ مواقف صعبة مهما كانت الكلفة.

هل تكون نسخة 2025 محملة بذهب النهايات؟

في النسخة الحالية التي يستضيفها المغرب، يرى المتابع للشأن الكروي المغربي أنه لا مجال للتراجع ولا وجود للأعذار، نجمة نسخة 1976 تحتاج إلى أخرى تروي ظمأ الإنتظار.

فهل يقول منتخب المغرب كلمة النهاية ويتوج بطلا لإفريقيا على أرضه؟

حكيم الزايري

صحفي مغربي من مواليد عام 1994، بدأ العمل في المجال الإعلامي سنة 2016، مسؤول عن تغطية أحداث الكرة المغربية بموقع 365Scores، ومحترف في التعليق الصوتي وكتابة "سكريبتات" للفيديوهات القصيرة، وإعداد تقارير رياضية بالصوت والصورة، بالإضافة لكتابة مقالات في الكرة العالمية.