أخبار الكرة العالميةبالون دورتقارير ومقالات خاصة

بين ذا بيست وبالون دور.. كيف تلاعبت المعايير والأصوات بترتيب الأفضل في العالم؟

كشف الاتحاد الدولي لكرة القدم، فيفا عن أسماء المرشحين لنيل جوائز ذا بيست للأفضل في عام 2025، والتي ينظمها سنويًا.

ومن بين الجوائز التي أعلنها “فيفا” قائمة المرشحين للفوز جائزة أفضل لاعب في العالم، والتي شهدت تواجد 11 لاعبًا، على رأسهم الفرنسي كيليان مبابي، مهاجم فريق ريال مدريد. والمصري محمد صلاح، جناح ليفربول.

ويحمل البرازيلي فينيسيوس جونيور، جائزة ذا بيست للعام الماضي 2024، والتي حققها بعد التفوق على الإسباني رودري، والذي حقق في العام نفسه جائزة الكرة الذهبية.

ولكن الأزمة التي تفرض نفسها كل عام مع إعلان المرشحين لنيل الجوائز الفردية للاعبي كرة القدم، هي المعايير التي يتم على أساسها اختيار المرشحين للفوز بتلك الجوائز.

فارق المعايير والتصويت العاطفي

فالمعايير المعلنة في اختيارات بالون دور، يلعب فيها الأداء الفردي العامل الأبرز في عملية التقييم، ويشمل الإسهامات الهجومية والدفاعية، والإحصائيات مثل الأهداف والتمريرات الحاسمة والتأثير في المباريات الكبرى. كما تؤخذ إنجازات اللاعب الجماعية مع ناديه ومنتخبه في البطولات المحلية والقارية والعالمية بعين الاعتبار، لكن دون أن تكون العامل الحاسم وحدها.

كما يعتبر التزام اللاعب وسلوكه الرياضي داخل وخارج الملعب، واحترامه للخصوم، من العوامل المهمة مع التركيز على الاستمرارية في الأداء المميز طوال الموسم. أما الاعتبارات التاريخية أو إنجازات المواسم السابقة، فلم تعد جزءًا رئيسيًا من عملية الاختيار، إذ تسعى الجائزة في شكلها الحالي لتكريم اللاعب الأكثر تأثيرًا وتميزًا في موسم واحد فقط.

وتتشابه المعايير بين بالون دور، وذا بيست من جانب عوامل الاختيار الأساسية، إلا أن الفارق بين الجائزتين، يكمن في كون الأولى تولي التركيز الأكبر على الأداء الفردي البحت للاعبين، مع اهتمام أكبر بالتأثير في الملعب.

أما ذا بيست فهي أكثر شمولًا ومؤسسية من بالون دور كونها تعتمد على تصويت المدربين وقادة المنتخبات، والصحفيين والجماهير بواقع 25% لكل منهما، وهنا الأزمة يمكن أن نضع أيدينا على أزمة الاختيارات في كل عام.

بالون دور على النقيض، يقتصر التصويت فيها على الصحفيين الرياضيين من حول العالم، وهو ما أثار الجدل كثيرًا خلال السنوات الماضية حول اختيارات أولئك الصحفيين ومدى تأثرها بالعاطفة والتشجيع أكثر من كونها اختيارات محايدة.

التأثر العاطفي في الاختيارات لا يمكن التحكم فيه، فحتى المدربين وقادة المنتخبات يتأثرون أحيانًا عاطفيًا، وتتحرك اختياراتهم بناءً على عاطفتهم وانتمائهم لأحد المرشحين دونًا عن غيره. لكنهم في النهاية من المنغمسين في اللعبة وتفاصيلها، وأحيانًا يكون تصويتهم أكثر موضوعية من تصويت الصحفيين.

اختيارات الصحفيين في جائزة ذا بيست تمثل فقط 25% من تصويت اختيار الفائزين بالجوائز التي ينظمها “فيفا”، وتقسم الـ75% المتبقية بالتساوي بين الجماهير، وقادة ومدربي المنتخبات.

بينما يشارك في تصويت بالون دور 173 صحفيًا من الدول بواقع صحفي واحد من كل دولة، ويتم اختياره من قبل فرانس فوتبول، ومن البلدان المتواجدة ضمن أول 100 في تصنيف فيفا.

وبناءً على تصويت كل صحفي، يمنح اللاعب صاحب المركز الأول 6 نقاط، و4 للثاني، و3 للثالث، ونقطتين للمركز الرابع، ونقطة للمركز الخامس.

ويتم جمع النقاط الممنوحة لكل لاعب، ليحصل على الجائزة اللاعب صاحب أكبر عدد من النقاط.

وتعرض نظام بالون دور، للهجوم في أكثر من مناسبة بالسنوات الماضية، واتهام الصحفيين المشاركين بالتحيز وعدم الشفافية.

وظهرت مطالبات بإجراء تعديل على نظام التصويت في بالون دور ومنح جزء من عملية التصويت إلى مدربي وقادة المنتخبات مثلما يحدث في اختيارات ذا بيست.

في العام الماضي، حصد الإسباني رودري جائزة بالون دور لأفضل لاعب في العالم، بناءً على تصويت الصحفيين الرياضيين.

ولاقى اختيار رودري غضب شريحة كبيرة من جماهير كرة القدم، وخاصة جماهير ريال مدريد، والتي كانت تتوقع تتويج البرازيلي فينيسيوس جونيور، جناح ريال مدريد والذي قدم وقتها موسمًا مميزًا مع ريال مدريد. وكان الأكثر حسمًا في فريقه، وساهم في التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا.

نظام التصويت وتأثيره على ترتيب اللاعبين

اختلاف نظام التصويت بين بالون دور، وذا بيست. أثر على ترتيب اللاعبين في الاختيارات، كما زاد من الشكوك في مدى نزاهة التصويت، وبدأ التساؤل عن مدى كفاءة الصحفيين المصوتين في الجائزة.

ومن الأمثلة التي يمكن أن تظهر مدى الاختلاف بين الجائزتين، ترتيب بيدري، لاعب وسط فريق برشلونة في جائزة بالون دور 2025. إذ احتل اللاعب الإسباني المركز الـ11 في الترتيب، وهو ما يعد تصنيفًا جائرًا على ماقدمه بيدري في العام الماضي.

هذا ما اختاره الصحفيون، أما في جائزة ذا بيست حل بيدري ضمن أفضل 10 لاعبين في العالم، وهو مايعيد للأذهان ماحدث في الأعوام الماضية في اختيارات الأفضل.

فمثلًا في 2022، حل الفرنسي كيليان مبابي في المركز السادس بترتيب الكرة الذهبية، بينما جاء ثانيًا في ترتيب ذا بيست لأفضل لاعب في العالم .

وكذلك محمد صلاح، نجم ليفربول والذي احتل المركز الـ11 في ترتيب الكرة الذهبية لعام 2023، بينما خلت القائمة الأولية لجائزة ذا بيست من اسمه.

وكيليان مبابي، حصد المركز السادس في ترتيب بالون دور 2024، والتاسع في ذا بيست. مما يدل على مدى الاختلاف في تأثير تصويت الصحفيين على وجه الخصوص، بين الجائزتين.

أخطاء تقنية وغياب للشفافية.. ماذا يحدث في تصويت الصحفيين؟

اعترف صحفييون في وقت سابق بارتكابهم أخطاء أثناء الإدلاء بأصواتهم في بالون دور، فيما انتمى بعضهم لمؤسسات إعلامية غير معروفة، وهذه الجزئية تحديدًا عالجتها فرانس فوتبول في السنوات الأخيرة.

الصحفي الفنلندي يوها كانيرفا، اعترف بارتكابه خطأ تقني أثناء التصويت في جائزة بالون دور 2024، إذ منح صوته لرودري بدلًا من فينيسيوس.

أصبح التصويت في الجوائز الفردية، محل شك خلال السنوات الأخيرة، وخاصة جائزة بالون دور، والتي أثارت جدلًا كبيرًا وخاصة في نسخة العام الماضي.

غالبًا ما ينجذب المصوتون للاعبين أبدعوا في مباريات حاسمة أو أظهروا شخصية قيادية ملهمة، وارتبطوا بذكريات قوية مع الجماهير. وهو ما يجعل العاطفة جزءًا لا يمكن الاستهانة به في عملية الاختيار.

وبالإضافة إلى ذلك تلعب الخلفيات الثقافية والفكرية للصحفيين المصوتين جزءًا لا يستهان به، وذلك لتباين آرائهم ونظرتهم للاعب المؤثر.

فمنهم من يتأثر بالقدرات والمهارات الفردية، وآخرين يركزون على الاستمرارية والانضباط، وهو ما يخلق تفاوتًا في التقييم بين مختلف الجوائز، والنتيجة هي أن الترتيب النهائي قد يعكس أكثر الانطباعات والانحيازات البشرية والثقافية، وليس مجرد الأداء الكروي الصرف، ما يضيف طبقة من الجدل والدهشة على كل إعلان رسمي.