أخبار الكرة الإسبانيةالأهليبرشلونةأخبار

برشلونة وحمزة عبد الكريم.. رحلة التنقيب مستمرة في أدغال إفريقيا

سيطر اسم حمزة عبد الكريم، مهاجم الأهلي الشاب، على محركات البحث لدى جماهير برشلونة خلال الفترة الماضية، منذ أن ارتبط اللاعب بالانضمام إلى النادي الكتالوني.

حمزة عبد الكريم تألق مع منتخب مصر للناشئين في قطر، وتمكن من تسجيل هدفين وصناعة هدف خلال 4 مباريات خاضها الفراعنة، قبل الخروج من دور الـ32.

عقب البطولة، ارتبط اسم اللاعب بالانضمام إلى برشلونة، ليصبح صاحب الـ17 عامًا هدفًا للنادي الكتالوني، وسط تمسك الأهلي بالحصول على مقابل مالي أكبر من الذي يرصده البلوجرانا.

برشلونة والبحث في أدغال إفريقيا

برشلونة، الذي يهتم أكثر من غيره باللاعبين الشباب، ويحاول الاستفادة منهم في الفريق الأول، أصبح يبحث عن تدعيم الأكاديمية لمواكبة التطور في كرة القدم الحديثة.

لم تعد خريطة المواهب مؤخرًا لدى برشلونة محصورة بين أوروبا وأمريكا الجنوبية، فالعين التي تبحث عن المستقبل باتت تتجه جنوبًا، حيث تُولد الموهبة بفطرتها.

في لحظة يعيد فيها برشلونة تعريف نفسه تحت ضغط الواقع الاقتصادي وتحولات اللعبة الحديثة، أصبح الاستثمار في الموهبة الإفريقية خيارًا استراتيجيًا لا رفاهية.

بالنظر إلى الفريق الحالي في برشلونة، سنجد أن أحد أهم نجومه هو بيدري جونزاليس، الذي من الأساس ليس لاعبًا من أكاديمية البلوجرانا، بل انضم إلى الفريق الثاني قادمًا من لاس بالماس.

بيدري - برشلونة (المصدر:Gettyimages)
بيدري – برشلونة (المصدر:Gettyimages)

بالإضافة إلى ذلك، عندما انضم رونالد أراوخو إلى الفريق الثاني في 2018 قادمًا من بوستون ريفرز الأوروجوياني، كان يبلغ 17 عامًا، قبل أن يتم تصعيده لاحقًا إلى الفريق الأول.

حتى لامين يامال، فقد كان مع فريق توريتا قبل الانضمام إلى ناشئي برشلونة في عام 2014، وهو في السابعة من عمره فقط، ليبدأ التأسيس في اللاماسيا الذهبية.

تلك الأمثلة، ما بين اللاعبين الحاليين في الفريق الأول لبرشلونة من أوروبا وأمريكا الجنوبية، ذهب البلوجرانا لجلبهم من أجل التأسيس داخل أكاديميته.

مؤخرًا، بات برشلونة يهتم بشكل أكبر باللاعبين الأفارقة، وحمزة عبد الكريم لم يكن أول لاعب إفريقي يسعى البلوجرانا للتعاقد معه، فقد ضم من قبل المغربي عبد الصمد الزلزولي من فريق هيركليس الإسباني، ومواطنه شادي رياض من ناشئي مايوركا.

عبدالصمد الزلزولي - برشلونة
عبدالصمد الزلزولي – برشلونة – المصدر: Gettyimages

قد تكون التعاقدات المغربية نظرًا للنشأة وقرب إسبانيا من المغرب، واللاعبين الذين يحملون الجنسية الإسبانية، لكن خلال السنوات القليلة الماضية توسعت دائرة البحث في القارة السمراء.

في 2024، تعاقد برشلونة بشكل رسمي مع عبد العزيز عيسى، لاعب فريق دريمز الغاني، بعدما قاد فريقه إلى نصف نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية، وهو في سن 18 عامًا.

ووقّع برشلونة مع اللاعب لفريق الشباب، وتركه مع دريمز لمدة عام على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم الجاري 2025-2026.

خوان لابورتا يقود رحلة البحث

في مارس 2024، نشرت صحيفة “سبورت” الإسبانية تقريرًا كشفت من خلاله عن تنفيذ برشلونة خطة هيكلية لتعزيز حضوره في دول إفريقية محورية مثل مالي وغانا ونيجيريا والسنغال، بقيادة لابورتا وبمشاركة فاعلة من سيرجي بارخوان، وبالتنسيق مع قسم الكشافة الذي يشرف عليه باولو أراوخو.

وشملت الخطة إرسال بعثات ميدانية إلى القارة لاختبار مواهب شابة، في إطار استشراف احتياجات الفريق مستقبلًا، مع متابعة خوان لابورتا للملف أولًا بأول.

وضمن هذا التوجه، خضع لاعبان شابان من مالي وغانا لاختبارات، وهما إبراهيم ديارا وديفيد أودورو، الأول في مركز المهاجم، والثاني ظهيرًا أيسر يلعب في نادي أكرا ليونز الغاني.

لابورتا - برشلونة
لابورتا – برشلونة – المصدر – (Chat GPT)

وبالفعل، تعاقد برشلونة مع الثنائي، ويتواجدان الآن مع فريق الشباب تحت قيادة المدير الفني جوليانو بيليتي.

وكشفت صحيفة “سبورت” الإسبانية أيضًا عن تعاون بين النادي الكتالوني وأفريكا سبور وبعض الأكاديميات في القارة الإفريقية، لمتابعة البلوجرانا للمواهب التي يتم تأسيسها هناك.

5 أسباب تدفع برشلونة للبحث عن المواهب في إفريقيا

وبالنظر إلى نشاط النادي الكتالوني الإفريقي مؤخرًا، فإن النادي الكتالوني لديه أسباب دفعته للبحث في القارة السمراء، التي لطالما صدّرت مواهب أصبحوا أساطير في كرة القدم الأوروبية.

فائدة اقتصادية واستراتيجية

في ظل معاناة برشلونة ماليًا خلال السنوات الماضية، فمن الطبيعي أن يكثف النادي الكتالوني بحثه ويوسع دائرة اكتشاف المواهب من أجل الاستفادة.

كثّف برشلونة خلال الفترة الأخيرة حضوره داخل القارة الإفريقية بحثًا عن المواهب الشابة، واضعًا أسس استراتيجية جديدة تختلف عما اعتاده لعقود طويلة.

فبعد سنوات من التركيز شبه الحصري على السوقين الإسبانية وأمريكا الجنوبية، بدأ النادي الكتالوني يفتح أبوابه أمام لاعبين قادمين من إفريقيا، مستثمرًا في طاقات واعدة مثل ميكا فاي، مامادو مباكي، ديفيد أودورو وعبد العزيز عيسى.

هذا التوجه لم يأتِ من فراغ، بل استند إلى التطور الكبير الذي تشهده أكاديميات كرة القدم الإفريقية، وما تتمتع به مواهبها من مزيج فريد بين القوة البدنية والمهارة الفنية.

وتعزز هذا المسار بانضمام موسى كونيه إلى فريق الكشافين في برشلونة، حيث أسهم في توسيع شبكة النادي داخل القارة السمراء وفتح قنوات تعاون وشراكات مباشرة مع عدد من الأكاديميات الواعدة.

هذه السياسة منطقية على الصعيد الاقتصادي أيضًا، في ظل التحديات المالية التي يمر بها النادي، فالسوق الإفريقية تتيح لبرشلونة فرص تعاقد أقل تكلفة، مع مخاطر مالية محدودة وإمكانية تحقيق أرباح كبيرة مستقبلًا.

ويُعد مثال ميكا فاي خير دليل على ذلك، بعدما انتقل من دوري الدرجة الثانية الكرواتي مقابل 1.5 مليون يورو، قبل أن يُباع لاحقًا إلى رين الفرنسي مقابل 10 ملايين يورو.

ميكايل فاي - برشلونة
(المصدر: Gettyimages)
ميكايل فاي – برشلونة (المصدر: Gettyimages)

وبالتالي، فإن برشلونة يرغب في ضم مواهب شابة من إفريقيا، مثل حمزة عبد الكريم، بإنفاق ما يصل إلى 5 ملايين يورو، وهو رقم ليس كبيرًا على البلوجرانا، لكنه يمثل استفادة لأي نادٍ إفريقي، وفي الوقت نفسه ينضم اللاعب إلى أكاديمية اللاماسيا ليتم العمل على موهبته.

توسيع دائرة البحث

في هذا الإطار، يعمل برشلونة على توسيع دائرة البحث عن المواهب لتتجاوز الإطار التقليدي لأوروبا وأمريكا الجنوبية، إدراكًا منه للتغيرات التي طرأت على طبيعة كرة القدم الحديثة.

اللعبة اليوم أصبحت أكثر اعتمادًا على القوة البدنية، والسرعات العالية، والقدرة على اللعب بإيقاع مرتفع على مدار 90 دقيقة، وهي عناصر تتجلى بوضوح في اللاعب الإفريقي.

هذا التحول جعل القارة السمراء ساحة مثالية لاكتشاف لاعبين قادرين على مواكبة متطلبات كرة القدم المعاصرة، بل والتفوق فيها مقارنة بنظرائهم الأوروبيين أو من أمريكا الجنوبية، ما يمنح برشلونة تنوعًا فنيًا وبدنيًا يواكب تطور اللعبة ويحافظ على قدرته التنافسية في أعلى المستويات.

ماركوس سورج - هانز فليك - (المصدر: Getty images)
ماركوس سورج – هانز فليك – (المصدر: Getty images)

فهناك اللاعب الأوروبي المنضبط، واللاتيني صاحب اللمسة الإبداعية، والإفريقي الذي يأتي بخلفية بدنية قوية في انتظار التطور بإمكانياته.

الاستثمار في المواهب

يعتمد برشلونة في استراتيجيته الجديدة على مبدأ التحرك المبكر نحو المواهب الواعدة، قبل أن تتحول إلى أسماء مطلوبة في السوق وترتفع قيمتها بشكل يصعب على النادي مجاراته.

ويُعد مثال إبراهيم ديارا، لاعب منتخب مالي الشاب، نموذجًا واضحًا لهذا التوجه، حيث تابع النادي تطوره عن قرب لعدة سنوات، قبل أن ينجح في التعاقد معه فور بلوغه السن القانونية، ضامنًا حقوق لاعب يمتلك إمكانات فنية وبدنية كبيرة قد تجعله أحد أبرز الأسماء في المستقبل القريب.

هذه السياسة تمنح برشلونة أفضلية تنافسية، ليس فقط في ضم المواهب، بل في تشكيل مسارها منذ المراحل الأولى بما يتناسب مع فلسفة النادي، وهو بالضبط ما يريد البلوجرانا تطبيقه في حالة حمزة عبد الكريم.

حمزة عبد الكريم - تصوير: مصطفى الشحات
حمزة عبد الكريم – تصوير: مصطفى الشحات

ولم تقتصر هذه التجارب على ديارا فقط، بل سبق للنادي أن نجح في تطبيق النهج نفسه مع لاعبين مثل ميكا فاي ومامادو مباكي، حيث تم استقطابهم بتكلفة محدودة نسبيًا، ثم تطويرهم داخل منظومة النادي أو منحهم الفرصة لإبراز قدراتهم، قبل أن يتم بيعهم لاحقًا بعوائد مالية مهمة.

هذه الصفقات عكست قدرة برشلونة على الجمع بين الرؤية الرياضية والاستثمار الذكي، إذ تحوّل اللاعب من موهبة غير مكلفة إلى أصل اقتصادي يدر أرباحًا، دون الإخلال بالهوية الفنية للنادي، وفي الوقت نفسه حصوله على الفرصة قبل الاعتماد عليه إذا رأى البلوجرانا أنه قادر على تمثيل الفريق.

بهذا الأسلوب، لا يسعى برشلونة فقط إلى سد احتياجاته الفنية على المدى القصير، بل إلى بناء نموذج مستدام يعتمد على اكتشاف المواهب مبكرًا وتنميتها، ثم اتخاذ القرار الأنسب بين دمجها في الفريق الأول أو توظيفها كاستثمار ناجح في سوق الانتقالات.

المزايا الفنية للمواهب الإفريقية

نشر موقع “فوت ميركاتو” الفرنسي تقريرًا منذ عام ونصف عن تفكير برشلونة في المواهب الإفريقية، وهو ما لم يكن ضمن حسابات النادي الكتالوني سابقًا.

كان برشلونة يعتمد على اللاعب الذي يناسب طريقة اللاماسيا، الذي يجيد التمرير ويتحرك سريعًا، لكن مؤخرًا، ومع تطور كرة القدم الحديثة، أصبح اللاعب الإفريقي مطلبًا لقوته البدنية.

ويرى النادي أن المزايا الفنية للمواهب الإفريقية تتخطى في بعض الأحيان اللاعب الأوروبي، نظرًا إلى أن الظروف التي ينشط فيها اللاعب الإفريقي أصعب بكثير من التي يواجهها الأوروبي، وبالتالي فإن توفير البيئة اللازمة له يجعله يصبح أفضل.

ولا يُعد هذا الرهان جديدًا بالكامل على النادي الكتالوني، إذ سبق لبرشلونة أن استفاد من مواهب إفريقية تركت بصمة واضحة في تاريخه. كان صامويل إيتو المثال الأبرز، حيث جمع بين القوة والسرعة والحسم أمام المرمى، وكان عنصرًا حاسمًا في أنجح فترات النادي. كذلك برز يايا توريه بقدراته البدنية الخارقة مع جودة فنية عالية في وسط الملعب، ما منحه دورًا محوريًا في التوازن بين الدفاع والهجوم. وحتى لاعبين مثل سيدو كيتا قدّموا نموذجًا للاعب الإفريقي القادر على تنفيذ الأدوار التكتيكية الصعبة دون فقدان الفعالية البدنية، كما هو الحال مع لاعب الوسط الكاميروني ألكسندر سونج.

هذه التجارب الناجحة عززت قناعة برشلونة بأن القارة الإفريقية ليست مجرد سوق بديلة، بل مصدر حقيقي للاعبين قادرين على إضافة أبعاد فنية وبدنية لا تتوافر دائمًا في الأسواق التقليدية.

ومع تطور أساليب التدريب والأكاديميات في إفريقيا، يرى النادي أن الاستثمار في هذه المواهب يمنحه أفضلية مستقبلية تجمع بين الجودة داخل الملعب والقدرة على مواكبة متطلبات كرة القدم الحديثة.

التعاون الأكاديمي

في مارس 2024، كشفت صحيفة “سبورت” الإسبانية عن اجتماعات لخوان لابورتا مع بعض مديري الأكاديميات الإفريقية، في سعي رئيس برشلونة للتعاون المشترك.

ومع مرور الوقت، اتخذ برشلونة خطوة محورية جديدة عبر إضفاء الطابع الرسمي على اتفاقية تعاون مع أكاديمية “أفريكا سبور” المرموقة في مالي، في خطوة تعكس جدّية المشروع الكتالوني في سوق المواهب الإفريقية.

حينذاك، أوفد برشلونة بعثة رسمية إلى مالي ضمّت سيرجي بارخوان وبرنات فيلا، للإشراف على مراسم توقيع الاتفاقية، بحضور موسى كونيه، رئيس قسم استكشاف المواهب في إفريقيا، إلى جانب سفير إسبانيا لدى مالي، أنطونيو جيلين، ما منح الحدث طابعًا رسميًا ومؤسسيًا يعكس أهمية الشراكة.

خوان لابورتا - فرانك كيسيه - المصدر (Getty images)
خوان لابورتا – فرانك كيسيه – المصدر (Getty images)

وتمنح هذه الاتفاقية برشلونة حقوقًا تفضيلية في متابعة والتعاقد مع أبرز المواهب الناشئة داخل الأكاديمية، وهو ما يمثل دفعة قوية لشبكة الكشافة الخاصة بالنادي، ويعزز قدرته على التحرك المبكر قبل دخول الأندية الأوروبية الكبرى على الخط.

تندرج هذه الشراكة ضمن مشروع أوسع يقوده برشلونة لتعزيز حضوره الاستكشافي في مختلف أنحاء القارة الإفريقية.

ومثلما كان ديارا في 2024 صفقة برشلونة من كأس العالم تحت 17 عامًا مع مالي، فإن حمزة عبد الكريم يبدو أنه التالي، من نفس البطولة في نسختها الأخيرة.

نادر شبانة

صحفي مصري منذ عام 2012، عملت بالعديد من القنوات التلفزيونية، أقوم بتقديم محتوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أهتم بكرة القدم العالمية والإيطالية بشكل أكبر، أجيد كتابة القصص في كرة القدم والتحليلات للمباريات، وترجمة الأخبار ومتابعة الأحداث لحظة بلحظة