أخبار الكرة الإسبانيةالدوري الإسبانيأخباربطولات ودوريات

انسَ الرميات الطويلة.. مبابي يُلهم الجماهير بأهدافه الخيالية

في زمنٍ بدأت فيه كرة القدم تُغرق نفسها في تفاصيلٍ عميقة، ورمياتٍ طويلة تُقتل فيها لحظات الإبداع، يأتي كيليان مبابي ليذكّر الجميع أن اللعبة خُلقت من أجل المتعة، لا من أجل الإحصاءات.

في وقتٍ باتت فيه الرميات الجانبية تُعامل كاستراتيجية عسكرية، يعيد نجم نادي ريال مدريد صياغة معنى الجمال في المستطيل الأخضر، بهدوئه، بسرعته، وبخياله الذي لا يعترف بقوانين الجاذبية ولا بجدران التكتيك.

بينما يحتفي بعض المحللين بـ”عودة الرمية الطويلة إلى الموضة”، يشعر المشجعون أن شيئًا من روح اللعبة ضاع.

أن ترى لاعبًا يُمسك بالمنشفة ليمسح الكرة، ثم يرميها داخل منطقة مزدحمة بعشرات الأجساد، ليس مشهدًا يليق بكرةٍ تُوصف بأنها لعبة الشعوب، كل شيء أصبح بطيئًا، محسوبًا، ميكانيكيًا!

كيليان مبابي - المصدر: Gettyimages
كيليان مبابي – المصدر: Gettyimages

لكن حين تلمس الكرة قدمي الفرنسي كيليان مبابي، كل شيء يتغير، يتسارع الإيقاع، ينبض القلب، وتُخلق فوضى جميلة في دفاعات الخصوم.

في كل مرة ينطلق فيها الفرنسي بلمح البرق من الجهة اليسرى، يتذكر الجمهور لماذا يعشق هذه اللعبة.

مبابي يكسر ملل الرميات الطويلة.. يرسم بالكرة على العشب!

منذ انتقاله إلى ريال مدريد، صار مبابي أكثر من مجرد لاعب يسجل الأهداف؛ إنه حالة فنية متكاملة، بين لحظةٍ وأخرى، يبتكر ما يُعيد للمدرجات صوتها، ويمنح الأطفال سببًا جديدًا ليحلموا.

ثلاثيته الأخيرة أمام خيرات ألماتي لم تكن مجرد أرقام في جدول الهدافين، بل درس في كيفية تحويل المباريات إلى عروض فنية، بينما يبحث المدربون عن “الميزة التكتيكية”، وجد مبابي طريقًا أبسط وأصدق: المتعة.

هدفه من زاوية مستحيلة، مراوغته التي تُربك ثلاثي الدفاع دفعة واحدة، تسديدته التي تترك الحارس متسمّرًا؛ كل ذلك ليس مجرد مهارة، بل إعلان تمرد على كرة القدم الرتيبة التي يحكمها “مخطط اللعب من اللمسة الأولى”.

صحيح أن النرويجي إيرلينج هالاند والإنجليزي هاري كين يقدمان موسمًا رائعًا بالأرقام، وأن الثلاثي الكبير (مبابي، هالاند، كين) سجلوا معًا أكثر من 50 هدفًا حتى الآن، لكن الفرنسي وحده يحمل ما لا يمكن قياسه.

إنه اللاعب الذي يجعل الهدف لوحة، لا مجرد إحصاء؛ هالاند آلة تهديف لا تعرف الرحمة، وكين مثال على الاتزان والدقة، لكن مبابي… هو الحلم، هو اللاعب الذي يُعيدك إلى أيام زيدان ورونالدو البرازيلي، حيث كانت كرة القدم أشبه برقصة، لا بمعادلة.

ربما حان الوقت لأن نتوقف عن تمجيد الرميات الطويلة، ونعود لنصفّق لتلك الأهداف التي تأتي من فكرة مجنونة، من انطلاقة غير متوقعة، من موهبة لا تُدرّس.. كرة القدم وُلدت لتُدهشنا، ومبابي لا يزال أصدق من يُجسّد هذا المعنى.

إحصائيات نجوم ريال مدريد


عنان رضا

صحفية رياضية منذ 2018، لدي خبرة في كتابة الأخبار العالمية والمحلية وأخبار المحترفين، ولدي أيضًا خبرة في مجال الترجمة باللغتين الإسبانية والإنجليزية، بالإضافة إلى إهتمامي بمتابعة ما وراء الحياة الشخصية للاعبي كرة القدم في كافة أنحاء العالم، وكتابة القصص الإخبارية عنهم.