اللاصق العلاجي.. سر الشرائط الغامضة على أجساد لاعبي كرة القدم
بينما ينشغل الجمهور بتتبّع مهارات لاعبي كرة القدم وأهدافهم، هناك تفصيلة صغيرة تمرّ أمام الكاميرات في صمت، لكنها تُثير الفضول في كل مرة، يعرضها لكم موقع 365Scores.
تلك الشرائط الملونة التي تلتصق بأجساد لاعبي كرة القدم — على الركبة أو الكتف أو الفخذ — ليست زينة أو موضة عابرة، بل جزء من عالم خفي يُعرف باسم “اللاصق العلاجي” أو “الشريط الحركي”، أحد أسرار الطب الرياضي الحديث في الملاعب.
بدأ ظهور هذه الشرائط في السبعينيات على يد الطبيب الياباني كينزو كاسي، الذي ابتكرها بهدف دعم العضلات والمفاصل دون تقييد الحركة، وهو ما جعلها لاحقًا جزءًا أساسيًا من أدوات أخصائيي العلاج الطبيعي حول العالم، ومع انتشارها بين الرياضيين، تحوّلت من مجرد أداة طبية إلى رمز احترافي يدل على العناية الدقيقة بأدق تفاصيل الجسد أثناء المنافسة.

كيف يعمل اللاصق العلاجي على أجساد لاعبي كرة القدم؟
يعتمد اللاصق العلاجي على فكرة بسيطة تقوم على رفع طبقة الجلد قليلًا فوق العضلات، مما يسمح بتدفق الدم والسوائل اللمفاوية بشكل أفضل في المنطقة المصابة، هذا التدفق يحفّز الأكسجة ويساعد على إزالة السموم وتقليل التورم، وبالتالي تسريع عملية التعافي.
ولهذا السبب، يُفضَّل استخدامه عند الإصابات العضلية الطفيفة أو حالات الإجهاد المتكرر، كما يراه بعض اللاعبين وسيلة لتخفيف الألم وتحسين الإحساس الحركي بالجسد أثناء اللعب.
أنواع الأشرطة للاعبي كرة القدم واستخداماتها
وتتنوّع أنواع الأشرطة التي يستخدمها اللاعبون بحسب الحاجة، فهناك شريط الجوارب البسيط، وهو الأكثر شيوعًا لتثبيت واقيات الساق أو الحفاظ على الجوارب في مكانها، وغالبًا ما يُلزم الاتحاد الإنجليزي بأن يكون لونه مطابقًا لطقم الفريق.
وهناك “غلاف الجورب المتماسك”، الذي يُستخدم بين الجوارب المقطوعة وجوارب الكاحل المزوّدة بنقاط مانعة للانزلاق، ليمنح القدم ثباتًا داخل الحذاء ويحافظ على راحة اللاعب في الحركات السريعة.
أما “شريط أكسيد الزنك” فيُعد الأكثر صلابة واستخدامًا عند الإصابات المفصلية، إذ يُستخدم لتثبيت الكاحل أو الركبة وتقييد الحركات غير المرغوبة التي قد تزيد من حدة الإصابة.
وعلى الجانب الآخر، يأتي “شريط علم الحركة” — وهو النسخة الأكثر مرونة — ليوفّر دعمًا ديناميكيًا يسمح بالتحرك بحرية تامة، دون فقدان الإحساس أو التوازن العضلي، ويُستخدم عادة في حالات إجهاد العضلات أو التمزقات الخفيفة.
اللاصق على أجساد لاعبي كرة القدم.. بين العلم والإحساس النفسي
ورغم أن الكثير من الدراسات العلمية لا تقدّم أدلة قاطعة على أن اللاصق العلاجي يسرّع الشفاء أو يمنع الإصابات، فإن معظم اللاعبين يثقون بتأثيره النفسي قبل البدني، فالإحساس بوجود دعم خارجي يمنحهم ثقة أكبر أثناء الركض، وربما يكون ذلك كافيًا لتقليل التوتر وتحسين الأداء. هذا التأثير النفسي، الذي يُعرف بـ”الدواء الوهمي”، قد يكون في حد ذاته عاملًا حقيقيًا في تعزيز الطمأنينة أثناء اللعب.
تطبيق الشريط ليس أمرًا عشوائيًا، إذ يحتاج إلى معرفة دقيقة بتشريح العضلات وزوايا الحركة، ولهذا يتولى أخصائيو العلاج الطبيعي في الأندية مهمة تركيبه قبل المباريات، بحيث تُشدّ الأشرطة بدرجة محسوبة، وتُترك أطرافها دون شدّ لتجنب تهيّج الجلد، كما يجب تنظيف المنطقة جيدًا قبل وضع اللاصق، والتأكد من أن اللاعب لا يعاني من أي حساسية تجاه المواد المستخدمة فيه.
لا يُستخدم اللاصق العلاجي في كرة القدم فقط، بل امتد إلى رياضات أخرى مثل التنس وألعاب القوى والسباحة، حتى صار جزءًا من الصورة البصرية للرياضة الحديثة.
إلا أن كرة القدم تظل أكثر الساحات التي جعلته مألوفًا للعين، خصوصًا مع نجوم كبار ظهروا وهم يرتدونه خلال البطولات الكبرى، ليصبح اللاصق قطعة صغيرة في تفاصيل ضخمة تصنع مجد اللاعبين.
وفي النهاية، سواء أكان اللاصق العلاجي علاجًا حقيقيًا أم راحة نفسية، فإن مكانه في ملاعب كرة القدم أصبح مضمونًا، هو يجمع بين الطب والأداء، بين الثقة والجسد، ليبقى شاهدًا على أن العلم لا يغيب حتى في أكثر اللحظات حماسًا فوق العشب الأخضر.