الكالتشيو بين سندان باريس ومطرقة روشن – التاريخ يُعيد نفسه
في زمنٍ كانت فيه الأندية الإيطالية منبعًا للنجوم ووجهةً مفضلةً لأفضل لاعبي العالم، تغيّر المشهد خلال العامين الأخيرين. لم يعد الكالتشيو كما كان، والضوء المسلّط عليه بدأ يخفت، بالتزامن مع صعود نجم جديد في سماء الكرة العالمية، وهو الدوري السعودي.
أصبح الدوري السعودي مرعبًا بالنسبة لأندية أوروبا، وكل فريق يحاول الحفاظ على نجومه من إغراء دوري روشن، الذي بات يضم عددًا من النجوم الكبار في مختلف الفرق.
قبل سنوات قليلة، لم يكن أحد يتوقع أن تتحول الملاعب السعودية إلى محطة رئيسية في مسار أبرز نجوم الكرة العالمية، لكن ما بدأ كمشروع طموح، تحوّل خلال موسمين فقط إلى واقع ملموس.
رسميًا 🚨
— 365Scores Arabic (@365scoresarabic) June 10, 2025
فشل جميع محاولات الهلال في التعاقد مع لاعبين قبل كأس العالم للأندية 😓❌#الهلال #إنزاجي #أوسيمين #ثيو #جيوكيرس #برونو #أنجلينو #كأس_العالم_للأندية #365ScoresArabic pic.twitter.com/v2DLwXiltO
ذلك الواقع يفرض نفسه على خارطة كرة القدم العالمية. بعقلية استثمارية واضحة ورؤية مدروسة، نجح الدوري السعودي في استقطاب أسماء من العيار الثقيل، قادمة من الدوريات الكبرى، لكن الدوري الإيطالي تحديدًا كان من أبرز المتضررين.
وما بين حماس الحاضر وطموح المستقبل، باتت الأندية السعودية وجهةً مفضلةً لنجومٍ اعتادوا التألق في الكالتشيو، مع تراجع الكرة الإيطالية بشكل عام، كما حدث في عام 2012.
روشن وجهة النجوم من الكالتشيو
شهد الدوري الإيطالي خلال العامين الأخيرين موجةً غير مسبوقة من رحيل النجوم، حيث جذبت الأندية السعودية أسماء بارزة في ذروة عطائها إلى ملاعب المملكة.

من بين هؤلاء، كان ميريح ديميرال الذي غادر أتالانتا ليصبح أحد أعمدة الأهلي، وروجيه إيبانيز الذي انتقل من روما إلى نفس النادي، وكلاهما كانا سببًا في قيادة “الأخضر” للفوز ببطولة دوري أبطال آسيا للنخبة.
ميريح ديميرال تألق مع يوفنتوس، ولولا الإصابات لكانت له مسيرة مختلفة مع البيانكونيري، وكان أحد رجال جاسبريني في أتالانتا، بينما إيبانيز كان من نجوم روما تحت قيادة المدرب جوزيه مورينيو.

النجم الأبرز كان لاعب الوسط الصربي سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش، الذي انضم إلى فريق الهلال السعودي، في ظل التقارير التي كانت تربطه ببايرن ميونخ ويوفنتوس. بين ليلةٍ وضحاها، ذهب إلى المملكة العربية السعودية، بعدما رفض لاتسيو التخلي عنه مرارًا وتكرارًا للبيانكونيري.
في اتحاد جدة، نجد حسام عوار، لاعب الوسط الجزائري، بعدما تألق في روما، لم يُكمل عقده وانضم إلى اتحاد جدة في الصيف الماضي، ويتألق تحت قيادة لوران بلان.
أيضًا المدافع لويس فيليبي، الذي تألق مع لاتسيو وكان أحد أبرز المدافعين في الدوري الإيطالي، فقد انضم إلى اتحاد جدة، لكن الإصابة عطلت مسيرته قبل أن ينتقل إلى مارسيليا.
مؤخرًا، ارتبط أنخيلينو، الظهير الأيسر لفريق روما، بالانضمام إلى الهلال، وذلك بطلب من المدرب سيموني إنزاجي.

ومن هنا، نتحدث عن المدربين، فنجد سيموني إنزاجي قد انضم إلى الهلال، وذلك بعد نهاية الموسم المخزي مع إنتر وبعد الخسارة بخماسية في نهائي دوري أبطال أوروبا.
إنزاجي لم يكن الأول، فقد سبقه ستيفانو بيولي في قيادة النصر، حيث انضم إلى الدوري السعودي بعد رحيله عن ميلان الإيطالي.
تلك الأمثلة تؤكد أن الدوري السعودي لا يستقطب النجوم في نهاية مشوارهم، بل يستهدف الأفضل والأقوى ممن ما زالوا في قمة مستوياتهم الفنية، مما يؤكد جدية الطموحات السعودية في بناء دوري عالمي ينافس أكبر الدوريات الأوروبية، وهو ما يسحب البساط من الكالتشيو، أحد الدوريات الثلاثة الكبرى.

الانعكاس على جنة كرة القدم
كان الدوري الإيطالي يُلقّب سابقًا بـ “جنة كرة القدم”، ولكن مع رحيل أبرز نجومه إلى الدوري السعودي، أصبح هناك فراغٌ واضحٌ أثّر على جودة المنافسة داخل الكالتشيو.
فقد تراجع مستوى النجوم المتواجدين على أرض الملعب، مما انعكس سلبًا على طموحات الأندية الإيطالية التي عانت ماليًا وأصبحت أقل قدرةً على خوض معارك سوق الانتقالات بفعالية.
وبينما تسعى الأندية للتعويض، لجأت إلى إعادة تعيين مدربين “عاطلين عن العمل” أو من ذوي الخبرات السابقة، في محاولةٍ للحفاظ على توازن الفريق.

على سبيل المثال، عاد ماوريتسيو ساري إلى الواجهة مرةً أخرى ليقود لاتسيو بدلًا من ماركو باروني، رغم أن ساري كان المدير الفني للفريق في الموسم قبل الماضي وتمت إقالته.
بينما يعود ماسيميليانو أليجري، بعد إقالته من يوفنتوس، حيث لجأ له ميلان من أجل إنقاذ الفريق وعودته مرةً أخرى، في ولايته الثانية بعدما رحل عن الفريق في 2014.
أليجري عاد إلى ميلان، بعدما فشل الفريق في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل، وبالتالي ستكون هناك أرضٌ خصبةٌ لماكس لفرض أسلوبه، رغم أن ماسيميليانو نفسه كان مطلوبًا في الهلال السعودي الموسم الماضي.
الدوري السعودي على غرار باريس سان جيرمان
في عام 2011، عندما قرر نادي باريس سان جيرمان المنافسة على البطولات بعد تولي المُلاك القطريين، كان أول من لجأ إليه هو الدوري الإيطالي.
في ذلك الوقت، ومنذ بداية المشروع بين عامي 2011 و2013، انضم أبرز نجوم الكرة الإيطالية إلى باريس سان جيرمان، وأبرزهم كان ماركو فيراتي بعد تألقه مع بيسكارا، وبمجرد الصعود للدرجة الأولى، لم يتمكن ماركو من تمثيل فريقه وذهب إلى باريس.
كذلك الحارس سالفاتوري سيريجو من باليرمو وزميله الأرجنتيني خافيير باستوري، والصفقة الأكبر زلاتان إبراهيموفيتش من ميلان، ورافقه تياجو سيلفا.

في الموسم التالي، انضم ماركينيوس من روما، وكافاني ولافيتزي من نابولي، وكل هؤلاء على سبيل المثال فقط وليس الحصر.
استمر باريس سان جيرمان في البناء من الدوري الإيطالي، حيث إن الفريق الذي فاز ببطولة دوري أبطال أوروبا في مايو الماضي، كان يضم خمسة لاعبين انضموا للفريق من الكالتشيو، وجميعهم من القوام الأساسي للمدرب لويس إنريكي.
جيانلويجي دوناروما في حراسة المرمى، والظهير الأيمن أشرف حكيمي، والمدافع ماركينيوس، بالإضافة إلى لاعب الوسط فابيان رويز، وأخيرًا خفيتشا كفاراتسخيليا، الجناح الأيسر.
نصف فريق باريس سان جيرمان جاء من الدوري الإيطالي، وحتى لويس إنريكي نفسه كانت بدايته مع روما قبل أن يتولى تدريب برشلونة.

اللجوء إلى الدوري الإيطالي من قِبل باريس سان جيرمان، لم يكن مقتصرًا على اللاعبين فقط، بل شمل أيضًا المدربين، مثل كارلو أنشيلوتي الذي بدأ المشروع مع ناصر الخليفي، وكذلك المدير الرياضي البرازيلي ليوناردو، بعدما كان مدربًا لميلان وإنتر في السابق.