أخبار الكرة الإنجليزيةأساطير فشلت في التدريب365TOPأخبار

أساطير فشلت في التدريب آخر 25 عامًا.. من لامبارد إلى جيرارد

في مسيرة كل لاعب كرة قدم، مهما بلغ من المجد والخلود، تأتي لحظة لا مفرّ منها: لحظة الاعتزال، لحظة يعلّق فيها اللاعب حذاءه، ويبتعد عن الأضواء التي اعتاد أن تكون مسرحه اليومي. عند هذه النقطة المفصلية، تتعدد الطرق؛ فبعضهم يختار التحليل الإعلامي، وآخرون يفضّلون الابتعاد تمامًا عن اللعبة، بينما ينجذب كثيرون إلى الحلم الأصعب والأكثر خطورة: الانتقال من داخل الملعب إلى المنطقة الفنية.

بالنسبة للاعبين الذين ارتقوا إلى مصاف الأساطير، يصبح هذا الحلم أكثر إغراءً. فمن عاش المجد لاعبًا، يعتقد – أو يُقنعه المحيطون به – أن بإمكانه إعادة إنتاج هذا المجد من مقعد المدرب، وقد عزّز هذا الاعتقاد نجاح نماذج استثنائية مثل يوهان كرويف وبيب جوارديولا وزين الدين زيدان ودييجو سيميوني، وغيرهم الكثير، الذين بدوا وكأنهم وُلدوا لقيادة الفرق كما وُلدوا للتألق داخل المستطيل الأخضر.

لكن الحقيقة أكثر قسوة وتعقيدًا. فالتدريب ليس امتدادًا تلقائيًا للعب، ولا تُقاس الكفاءة فيه بعدد الأهداف أو الألقاب، بل بقدرة مختلفة تمامًا: قراءة المباريات، إدارة البشر، التعامل مع الضغوط، وبناء مشروع طويل النفس. وهنا تحديدًا سقطت أسماء عملاقة، اكتشفت أن العبقرية الكروية لا تعني بالضرورة عبقرية تدريبية.

واين روني – الأندية: ديربي كاونتي – دي سي يونايتد – برمنجهام سيتي

من الطبيعي أن نبدأ بأحدث النماذج وأكثرها إثارة للجدل؛ واين روني، أحد أعظم لاعبي إنجلترا عبر تاريخها، والهداف التاريخي لمانشستر يونايتد، بدا مرشحًا مثاليًا للنجاح على الخط الجانبي، لاعب شامل، ذكي، وقائد داخل الملعب.. لكن الواقع جاء مغايرًا تمامًا.

بدأ روني مهامه عندما كان لاعبًا في صفوف ديربي كاونتي، حيث تولى مهمة المدير الفني بشكل مؤقت، بسبب الأزمات المالية التي يعاني منها الفريق، وخاض 11 مباراة، نجح في الفوز بثلاثة منها، بجانب 4 تعادلات و4 هزائم.

ثم قرر روني اعتزال كرة القدم نهائيًا وتولى زمام ديربي كاونتي بشكل كامل في يناير 2021، وأنهى موسم 2020-2021 في المركز الحادي والعشرين، حيث نجا من الهبوط لدوري الدرجة الأولى بأعجوبة، وبفارق نقطة وحيدة فقط عن مراكز الهبوط.

وفي الموسم التالي، اكمل روني مهامه كمدير فني، ولكن عانى ديربي كاونتي من الإفلاس، وتم خصم 21 نقطة من رصيده، وفشل روني في إبقاء الفريق في التشامبيون شيب، حيث ابتعد بفارق 7 نقاط عن مراكز البقاء، ومع ذلك لم تكن تجربة فاشلة تمامًا بالنظر لموقف الفريق.

خاض روني 73 مباراة مع ديربي كاونتي بعد توليه المهام بشكل كامل عقب الاعتزال، ونجح في تحقيق 22 انتصار فقط، مقابل 17 تعادل، و34 خسارة.

لم تكن تجاربه التالية أكثر نجاحًا، بعدما تولى زمام الامور في دي سي يونايتد الأمريكي، وهو الذي لعب ضمن صفوفه قبل الانتقال إلى ديربي كاونتي، ولكن في أمريكا، خاض روني 53 مباراة، حقق الفوز في 14 مباراة فقط، وتعادل في 13، وخسر 26 لقاء.

تولى واين روني مهمة المدير الفني لفريق برمنجهام سيتي مباشرة، رغم عدم تحقيق نجاح في مهمته السابقة، ولكن كان يأمل الفريق أن يقدم مستوى مختلف عندما يعود إلى التشامبيون شيب من جديد، ولكن تجربة أسطورة مانشستر يونايتد السابق كانت هي الأسوأ في مسيرته.

قاد روني فريق برمنجهام سيتي في 15 مباراة فقط، حقق انتصارين، وتعادل في 4 مباريات، وخسر 9 مباريات كاملة، لتتم إقالته في يناير 2024، ثم توجه روني لتولي مهمة فريق بلايموث في مايو من نفس العام، ولكن لم تكن أكثر نجاحًا.

قاد روني الفريق في 25 مباراة، حقق الفوز في 5 مباريات فقط، بجانب التعادل في 6 مباريات، وخسر 14 مباراة، ليتم إقالته في ديسمبر 2024 بعد سلسلة 9 مباريات متتالية بدون فوز.

جاري نيفيل – النادي: فالنسيا

أسطورة مانشستر يونايتد، بطل الدوري الإنجليزي الممتاز ثماني مرات، وأحد رموز الجيل الذهبي للسير أليكس فيرجسون، دخل جاري نيفيل عالم التدريب من أضيق أبوابه.. وبأكبر المخاطر.

تعيينه مدربًا لفريق فالنسيا في ديسمبر 2015 كان مفاجئًا للجميع: لا خبرة تدريبية، لا إلمام باللغة الإسبانية، ولا معرفة عميقة بالدوري، النتيجة كانت متوقعة: 10 انتصارات فقط في 28 مباراة، أداء باهت، و11 هزيمة، بينهم خسارة مذلّة 7-0 أمام برشلونة في نصف نهائي كأس الملك.

بعد ثلاثة أشهر فقط، وتحديدًا في مارس 2016 انتهت المغامرة، نيفيل نفسه اعترف لاحقًا أن تلك التجربة أبعدته نفسيًا عن فكرة التدريب، ليكتفي بعدها بدور المحلل، حيث يبدو أكثر راحة وتأثيرًا.

آلان شيرر – النادي: نيوكاسل يونايتد

أفضل هداف في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، وأيقونة لا تُمس في نيوكاسل، لكن عندما استدعاه ناديه لإنقاذ الفريق من الهبوط في موسم 2008-2009 كمدير فني مؤقت، تحوّل الحلم إلى كابوس.

تولى شيرر المهمة في أبريل من عام 2009، في ظرف شديد التعقيد، لكنه لم يتمكن من قلب الموازين، انتصار وحيد خلال 8 مباريات، وخمس نقاط فقط من أصل 24 ممكنة، وهبوط مؤلم في الجولة الأخيرة؛ تجربة قصيرة، قاسية، وكانت كافية لإقناعه بعدم خوض مغامرة التدريب مرة أخرى.

بول سكولز – الأندية: أولدهام أثليتيك – سالفورد سيتي

يعتبر بول سكولز أحد أعظم لاعبي خط الوسط في تاريخ الدوري الإنجليزي بشكل خاص، وكرة القدم بشكل عام، وعقل كروي نادر، لكن حين جلس على مقعد التدريب، بدا وكأنه شخص آخر.

تولى تدريب نادي طفولته أولدهام أثليتيك في فبراير 2019، لكنه لم يصمد سوى 31 يومًا فقط، سبع مباريات، فوز وحيد كان في أول مباراة له، ودخل في خلافات إدارية حادة؛ رحل سكولز سريعًا، وألقى باللوم على تدخلات الإدارة، بينما كشفت النتائج عن افتقاره للخبرة والجاهزية.

بعيدًا عن فترة قصيرة ومحدودة في سالفورد سيتي، قادهم 4 مباريات فقط، انتصر في مباراتين وتعادل في لقاء، وبعد خسارته الوحيدة رحل بشكل مفاجئ عن الفريق، ثم اختفى سكولز تمامًا من المشهد التدريبي.

تييري هنري – الأندية والمنتخبات: موناكو – مونتريال – فرنسا تحت 21 و23 عامًا

تييري هنري اسم يفرض الهيبة أينما ذُكر، أسطورة أرسنال، بطل العالم وأحد أكثر المهاجمين أناقة في التاريخ. لكن انتقاله إلى التدريب كان مليئًا بالعقبات.

بدأ كمساعد في منتخب بلجيكا، قبل أن يتولى تدريب موناكو في أكتوبر 2018، وتحديدًا بعد تجربة كأس العالم، ولكن التجربة انتهت سريعًا: أربع انتصارات فقط من 20 مباراة، وإقالة بعد ثلاثة أشهر وسط انتقادات حادة لافتقاره للحلول التكتيكية.

تييري هنري (المصدر:Gettyimages)
تييري هنري (المصدر:Gettyimages)

عاد بعدها عبر بوابة الدوري الأمريكي مع مونتريال، وحقق 9 انتصارات فقط في 29 مباراة، بجانب التعادل في 4 مباريات والخسارة في 14 بقاء، قبل أن يرحل عام 2021 لأسباب عائلية.

ثم تولى هنري مهام منتخب فرنسا تحت 21 عامًا خلال تصفيات كأس أمم أوروبا للشباب، وانتصر في 4 مباريات وخسر مباراتين، ليتولى مهام المنتخب الفرنسي الأولمبي تحت 23 عامًا.

ونجح في قيادتهم نحو نهائي أولمبياد باريس 2024، بعدما خسر أمام إسبانيا في المباراة النهائية، وهو اللقاء الوحيد الذي خسره مع منتخب تحت 23 عامًا، ولم يتولى مهام أي نادٍ حتى الآن.

دييجو أرماندو مارادونا – الأندية والمنتخبات: ديبورتيفو مانديو – راسينج كلوب – الأرجنتين – الوصل – الفجيرة – دورادوس – جيمناسيا دي لا بلاتا

رغم المكانة الأسطورية التي يحتلها دييجو أرماندو مارادونا في تاريخ كرة القدم، فإن صورته كمدرب ظلت باهتة إلى حد كبير، ولم تنجح يومًا في ملامسة عظمته كلاعب؛ فعلى عكس ما كان يُنتظر من أحد أعظم من لمس الكرة، بقي مارادونا على الخط الجانبي اسمًا ضخمًا بلا مشروع فني متكامل، ومدربًا تحيط به الهالة أكثر مما تسنده النتائج.

أبرز محطات مارادونا التدريبية كانت قيادته للمنتخب الأرجنتيني في الفترة ما بين 2008 و2010، وهي مهمة جاءت مدفوعة برمزيته الجارفة أكثر من كفاءته التكتيكية، ورغم امتلاكه واحدًا من أقوى أجيال “الألباسيلستي” على الإطلاق، فإن التجربة انتهت دون تحقيق الطموحات، بل وتركت أسئلة ثقيلة حول قدرته الحقيقية كمدرب.

في كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا، دخلت الأرجنتين البطولة وهي تضم نخبة من أفضل لاعبي العالم: ليونيل ميسي في ذروة عطائه، إلى جانب أنخيل دي ماريا، سيرجيو أجويرو، كارلوس تيفيز، وغيرهم من أصحاب القدرات الفردية الخارقة.

وحتى الوصول إلى ربع النهائي، لم تواجه الأرجنتين خصمًا قادرًا فعليًا على مجاراة هذا الكم الهائل من الموهبة، إذ اعتمد الفريق بشكل شبه كامل على الحلول الفردية، لا على منظومة تكتيكية واضحة المعالم.

لكن لحظة الحقيقة جاءت أمام ألمانيا. هناك، تهاوت الصورة بالكامل، خسارة قاسية برباعية نظيفة كشفت الفجوة الهائلة في التنظيم والانضباط والقراءة الفنية للمباراة؛ لم تكن مجرد هزيمة، بل واحدة من أثقل الضربات في تاريخ الأرجنتين الحديث في كأس العالم، وأقسى اختبار لفكرة أن العبقرية الكروية لا تكفي وحدها لصناعة مدرب ناجح.

بعد خروجه من المنتخب، واصل مارادونا مسيرته التدريبية متنقلًا بين محطات متعددة، خاصة في العالم العربي وأمريكا اللاتينية، درّب الوصل والفجيرة في الإمارات، ثم دورادوس دي سينالوا في المكسيك، قبل أن يعود إلى بلاده لقيادة خيمناسيا دي لا بلاتا حتى رحل عن عالمنا في نوفمبر 2020 عن عمر يناهز 60 عامًا.

ورغم الحفاوة الجماهيرية التي رافقته في كل محطة، لم ينجح في تحقيق أي لقب، ولم يترك بصمة فنية حقيقية أو مشروعًا طويل الأمد يوازي اسمه الأسطوري.

فرانك لامبارد – الأندية: ديربي كاونتي – تشيلسي – إيفرتون – تشيلسي (فترة مؤقتة)

يعد فرانك لامبارد واحدًا من أعظم لاعبي خط الوسط في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، وهداف تشيلسي التاريخي، وصاحب مسيرة مبهرة كلاعب اتسمت بالذكاء، والالتزام، والقدرة على قراءة اللعب، لكن المفارقة أن هذه الصفات لم تنجح في إنقاذ مسيرته التدريبية من التخبط.

بدايته مع ديربي كاونتي كانت واعدة نسبيًا، حيث قاد الفريق إلى نهائي ملحق الصعود في موسم 2018-2019، وتولى قيادة الفريق في 57 مباراة، انتصر في 26 مباراة وتعادل في 15 وخسر 16 مباراة.

اعتبر الكل أنه نجاح فائق كأول تجربة تدريبية له، ما فتح له باب العودة إلى “ستامفورد بريدج” كمدرب لتشيلسي، ورغم الظروف الصعبة آنذاك، خصوصًا حظر التعاقدات، فإن موسمه الأول اعتُبر مقبولًا نسبيًا، بعدما حل رابعًا وتأهل إلى دوري أبطال أوروبا.

ولكن الموسم الثاني كشف هشاشة مشروعه. أداء متذبذب، غياب هوية واضحة، واعتماد مفرط على الأسماء الشابة دون توازن، ليُقال في يناير 2021 بعد 5 مباريات على التوالي بانتصار وحيد فقط وتراجع في الترتيب حتى المركز التاسع.

وبشكل إجمالي قاد لامبارد تشيلسي خلال موسم ونصف، 84 مباراة في جميع المسابقات، نجح في تحقيق 44 انتصارًا، وتعادل في 15 لقاء وخسر 25 مباراة.

بعد عام كامل، تم الإعلان عن تولي لامبارد مهام فريق إيفرتون في يناير 2022، لم تتحسن الأمور كثيرًا رغم البداية المقبولة، حيث دخل في صراع الهبوط، وتمت إقالته بعد احتلال إيفرتون المركز التاسع عشر في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي، وسلسلة 10 مباريات متتالية بدون أي انتصار، ليتم إقالته في يناير 2023.

حتى عودته المؤقتة لتشيلسي في نهاية موسم 2022-2023 بشكل مؤقت جاءت كارثية، حيث حقق انتصار وحيد فقط خلال 11 مباراة، وتعادل مباراتين، وتكبد 8 هزائم عجلت برحيله فور انتهاء الموسم.

لامبارد
فرانك لامبارد – تشيلسي (المصدر:gettyimages)

الآن يعيش لامبارد تجربة هي الأفضل في مسيرته التدريبية من حيث معدل النقاط ونسبة الانتصارات، بعد أن تم تعيينه مدربًا لفريق كوفنتري سيتي في نوفمبر 2024، حيث قادهم إلى تصدر ترتيب التشامبيون شيب حاليًا بعد مرور 21 جولة؛ في انتظار ما ستثمر عنه التجربة، وهل سينجح لامبارد في العودة بـ كوفنتري للبريميرليج؟

ستيفن جيرارد – الأندية: رينجرز – أستون فيلا – الاتفاق

قائد ليفربول التاريخي وأحد أعظم لاعبي خط الوسط في جيله. على عكس كثيرين، بدأ ستيفن جيرارد مسيرته التدريبية بنجاح لافت مع رينجرز الاسكتلندي، حيث أنهى هيمنة سلتيك وقاد الفريق للتتويج بالدوري دون أي هزيمة في موسم 2020-2021.

ستفين جيرارد (المصدر:Gettyimages)
ستفين جيرارد (المصدر:Gettyimages)

هذا النجاح فتح له أبواب الدوري الإنجليزي الممتاز عبر أستون فيلا، لكن التجربة كانت مخيبة، أداء باهت، غياب أفكار واضحة، وتراجع مستوى اللاعبين، ليُقال بعد أقل من عام وسط نتائج سلبية، جعلت الفيلانز في المركز السابع عشر.

وبشكل إجمالي، قاد جيرارد فريق أستون فيلا في 40 مباراة، نجح في الفوز بـ13 منها، بجانب التعادل في 8 مباريات، وتلقى 19 هزيمة.

انتقل بعدها إلى نادي الاتفاق السعودي في تجربة جديدة، لكنها لم تحمل الإقناع الفني المنتظر؛ رغم الدعم الكبير، بدا الفريق بلا شخصية واضحة، ومع توالي النتائج السلبية، انتهت التجربة مبكرًا، ليضاف اسم جيرارد إلى قائمة الأساطير الذين لم يتمكنوا من نقل عظمتهم من الملعب إلى دكة البدلاء.

أندريا بيرلو – النادي: يوفنتوس – فاتح كاراجومروك – سامبدوريا

أندريا بيرلو هو أحد أكثر لاعبي كرة القدم أناقة وذكاءً عبر التاريخ، لاعب يختصر معنى التحكم في إيقاع المباراة. لكن عندما قرر يوفنتوس منحه مفاتيح الفريق الأول عام 2020 دون أي خبرة تدريبية تُذكر، كان القرار أقرب للمغامرة غير المحسوبة.

قاد بيرلو يوفنتوس لموسم مرتبك، خسر فيه الدوري بعد تسع سنوات من الهيمنة، بل احتل المركز الرابع في جدول الترتيب، وخرج أوروبيًا بشكل باهت، صحيح أنه تُوّج بكأس إيطاليا والسوبر، لكن الأداء العام افتقر للهوية والاستمرارية، ليُقال بعد موسم واحد فقط.

قاد بيرلو فريق يوفنتوس في 52 مباراة، حقق خلالها 34 انتصارًا، بجانب 10 تعادلات، و8 هزائم؛ ورغم أن النتائج تعتبر جيدة كأول تجربة.

محاولته اللاحقة في الدوري التركي مع فاتح كاراجومروك هي الأسوأ في مسيرته، حيث عانى الفريق من تذبذب النتائج وغياب التنظيم التكتيكي، وحقق 11 انتصارًا فقط خلال 34 مباراة، بجانب التعادل في 11 والخسارة في 12 مباراة.

أندريا بيرلو (المصدر:Gettyimages)
أندريا بيرلو (المصدر:Gettyimages)

عاد بيرلو بعدها لإيطاليا من بوابة سامبدوريا في دوري الدرجة الثانية (سيريا ب)، ولم تشهد النجاح المنتظر، حيث قادهم في 45 مباراة، حقق 18 انتصارًا، بجانب 10 تعادلات و17 خسارة.

يتولى بيرلو حاليًا نادي إف سي يونايتد بدوري الدرجة الأولى الإماراتي، ليبقى مثالًا صارخًا على أن العبقرية داخل الملعب لا تكفي وحدها لصناعة مدرب ناجح.

جينارو جاتوزو – الأندية: ميلان – نابولي – فالنسيا – مارسيليا – هايدوك سبليت

بدأ جاتوزو رحلته على مقاعد التدريب مباشرة بعد اعتزاله اللعب، مُحاولًا نقل شخصيته القتالية وروحه التي عرفها العالم كلاعب إلى أدوار فنية أعلى. ومع ذلك، جاءت رحلته مليئة بالتقلبات، بين نجاحات محدودة وتجارب قصيرة في أندية بارزة، قبل أن يصل إلى منصب قيادة المنتخب الإيطالي الأول في عام 2025

كانت أول تجربة تدريبية لجاتوزو بعد اعتزاله مباشرة، حيث تولّى تدريب نادي سيون في سويسرا خلال عام 2013، التجربة كانت قصيرة جدًا، ولم تحقق نتائج ملفتة، مما دفع النادي لإنهاء التعاقد سريعًا.

تولى بعدها تدريب أندية باليرمو الإيطالي وOFI كريت اليوناني، ثم جاء الدور على بيزا الإيطالي، وهي أحد المحطات الهامة في مسيرته قبل تولى زمام الأمور في ناديه الأم آي سي ميلان.

مع ميلان، افتقد الفريق للثبات الفني، رغم بعض الفترات الجيدة، وقاد جاتوزو الروسونيري بداية من نوفمبر 2017 وحتى مايو 2019، بإجمالي 83 مباراة، انتصر في 41 منها، وتعادل في 22 مباراة، وخسر 20 مباراة.

في نابولي، حقق كأس إيطاليا 2020، وهو إنجاز يُحسب له، لكن الأداء في الدوري كان متذبذبًا، وفشل في التأهل لدوري الأبطال، ما أدى إلى رحيله بعد 81 مباراة، حقق خلالها 47 انتصارًا، و12 تعادلًا، وخسر 22 مباراة، ليرحل في نهاية موسم 2020-2021 بعد احتلال المركز الخامس.

تجربتاه مع فالنسيا ومارسيليا كانتا قصيرتين ومشحونتين بالخلافات، سواء مع الإدارات أو داخل غرف الملابس، ليترسخ الانطباع بأن شخصيته القوية كلاعب تحولت إلى عبء في عالم التدريب.

خلال فترته في فالنسيا، قاد جاتوزو الخفافيش في 22 مباراة، حقق خلالها 7 انتصارات فقط، وتعادل في 5 مباريات، وخسر 10 مباريات، أما خلال فترته في مارسيليا الفرنسي، فقادهم خلال 24 مباراة، انتصر في 9 منها، وتعادل في 8 مباريات وخسر 7 مباريات.

آخر تجاربه مع الأندية كانت مع نادي هايدوك سبليت الكرواتي، حيث قادهم خلال موسم 2024-2025، حيث خاض 43 مباراة، انتصر في 20 مباراة، وتعادل في 14 مباراة، وخسر 9 مباريات فقط، وعلى مستوى الدوري، فحل ثالثًا وخسر اللقب بفارق نقطتين فقط.

يتولى جاتوزو الآن تدريب منتخب إيطاليا الأول، وينتظره ملحق أوروبي حاسم لعودة الآزوري إلى نهائيات كأس العالم من جديد بعد غياب عن آخر نسختين من المعترك العالمي.

جينارو جاتوزو - إيطاليا - المصدر (Getty images)
جينارو جاتوزو – إيطاليا – المصدر (Getty images)

ختامًا، تكشف هذه النماذج، بكل ما تحمله من أسماء لامعة وتواريخ خالدة داخل المستطيل الأخضر، حقيقة لا تقبل الجدل: كرة القدم لا تعيش على الذاكرة، ولا تُدار بالأمجاد وحدها؛ فبينما صنعت هذه الأساطير تاريخها بالموهبة والموهبة الفذة والشخصية القيادية كلاعبين، اصطدم كثير منهم بجدار الواقع عندما انتقلوا إلى عالم التدريب، حيث تختلف المعايير وتتبدل أدوات النجاح.

التدريب ليس منصة لإعادة سرد الماضي، بل امتحان يومي في التخطيط، والقراءة، واتخاذ القرار، وإدارة الضغوط داخل غرفة ملابس معقدة ومتغيرة، بعضهم دخل التجربة مبكرًا، وبعضهم قفز مباشرة إلى مقاعد الكبار دون إعداد كافٍ، وآخرون اصطدموا ببيئات لا ترحم ولا تنتظر؛ والنتيجة واحدة في أغلب الحالات: أسماء عظيمة، وتجارب غير مكتملة.

ومع ذلك، لا يمكن اختزال هذه المسيرات في كلمة “فشل” فقط، فبعضهم لا يزال يبحث عن فرصته الحقيقية، وبعضهم تعلّم من السقوط، وآخرون ربما أدركوا أن أعظم ما قدموه لكرة القدم كان وهم لاعبون، لا مدربين؛ في النهاية، تبقى الرسالة واضحة: النجاح في كرة القدم لا يُورَّث من دور إلى آخر، بل يُبنى من الصفر، مهما كان اسمك، ومهما كان تاريخك.

محمود الشوادفي

صحفي مصري، أكتب في 365Scores عن كرة القدم كما تُرى من داخل التفاصيل، بدأت رحلتي الصحفية عام 2019، وأؤمن أن وراء كل رقم حكاية، ووراء كل مباراة فكرة تستحق أن تُروى بأسلوب مختلف.