أخبار الكرة الإسبانيةبرشلونةتقارير ومقالات خاصةأخبار

أزمة الكلاسيكو تُشعل فتيل الانقسام داخل منتخب إسبانيا قبل مونديال 2026

تبدّل الحال من مباراة كان يُفترض أن تُظهر الوجه الأجمل لكرة القدم الإسبانية، إلى شرارة تهدد تماسك منتخب إسبانيا قبل أهم بطولة في العالم.

الكلاسيكو الأخير بين ريال مدريد وبرشلونة لم ينتهِ عند صافرة الحكم، بل امتد أثره إلى داخل غرفة “لا روخا”.

قبل أشهر قليلة على انطلاق كأس العالم 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، يعيش منتخب إسبانيا وضعًا مقلقًا، بعدما تحوّل كلاسيكو الأرض إلى حدث يهز استقرار غرفة ملابس “لا روخا”، ويعيد للأذهان انقسامات الماضي بين قطبي الكرة الإسبانية.

كلاسيكو الأرض.. مباراة خرجت عن السيطرة

ما كان يُفترض أن يكون عرضًا كرويًا بين أفضل أندية العالم، انتهى بمشهد فوضوي على ملعب سانتياجو برنابيو، فبعد فوز ريال مدريد على برشلونة 2-1 في الجولة العاشرة من الدوري الإسباني، لم تُنهِ صافرة الحكم المعركة، بل بدأت مواجهة من نوع آخر.

المشهد الأخير في كلاسيكو الأرض كان فوضويًا؛ مشادات عنيفة، بطاقات صفراء، وطرد لحارس الملكي لونين، فيما نال فينيسيوس جونيور إنذارًا بعد أن خرج بديلا، وشملت العقوبات أيضًا فران، بالدي، فيرمين، رودريجو وميليتاو بعد أن حصل كل منهم على بطاقة صفراء.

ورغم أن اللقاء حُسم داخل المستطيل الأخضر، فإن نهايته كشفت عن صراع آخر خارج الملعب، قد يمتد إلى أروقة المتادور الإسباني، كأنه ضيف ثقيل ينتظر بفارع الصبر معسكر منتخب إسبانيا المقبل، قبل وقت حساس من الاستعداد للبطولة الأغلى على صعيد المنتخبات – كأس العالم 2026-.

بداية الشرارة عند يامال.. تصريحات أشعلت النار

اشتعل فتيل الأزمة قبل المباراة بأيام، حين أطلق لامين يامال، موهبة برشلونة الصاعدة، تصريحات استفزازية قال فيها عن ريال مدريد: “إنهم يسرقون ويشتكون”، في اتهام واضح للفريق الأبيض، وإعلان واضح أن المباراة بينه وبين مدريد بدأت، كأنه يوجه رسالة واضحة يقول فيها “لا داعي للإنتظار.. لنبدأ الأن”.

لامين يامال - فينيسيوس جونيور - المصدر Gettyimages
لامين يامال – فينيسيوس جونيور – المصدر Gettyimages

لكن الموضوع لم يقف هنا بل انتشر كما النار في الهشيم، ليصل إلى مدريد حيث معسكر الفريق الملكي، فاعتبر لاعبو الريال تلك التصريحات من يامال بمثابة إهانة مباشرة، خصوصًا داني كارفخال قائد منتخب بلاده، وفينيسيوس جونيور المعروف بحساسيته تجاه الانتقادات، لكن كان قرار لاعبي الميرينجي واضح للغاية.. سنلتزم الصمت والرد سيكون على عشب البيرنابيو.

وبعد أن انتهت المباراة بفوز فريق برشلونة، اندلعت الشرارة الساكنة من جديد وحركت المياه الراكدة بين لاعبي مدريد ويامال، وأخذ لاعبي الملكي بتبادل الكلمات ما بين الاستهزاء والتوبيخ وتوجيهها لنجم برشلونة.

كارفاخال يوبّخ زميله الدولي

وبحسب شبكة “DAZN” بدأ الأمر عندما وجّه فينيسيوس جونيور حديثه ليامال قائلاً:“كل ما كنت تقوم به هو التمرير للخلف.. تحدث الآن”، ليجد جونيور ما يفرغ به غضبه بعد خروجه بديلًا بالشوط الثاني.

ويبدو أن حال قائد المنتخب الإسباني كارفخال لم يكن ببعيد عن حال فينيسيوس والسبب واضح للجميع -تصريحات يامال-، فاقترب كارفاخال من يامال وقال له بحدة:“لا تتحدث كثيرًا”، وسرعان ما تدخل كورتوا لتوبيخ اللاعب الشاب أيضًا، قبل أن ينفجر المشهد بالكامل.

داني كارفاخال - لامين يامال - برشلونة - ريال مدريد - المصدر (Getty images)
داني كارفاخال – لامين يامال – برشلونة – ريال مدريد – المصدر (Getty images)

ورد يامال كان بإشارات تطلب من فينيسيوس الخروج من الملعب، وسط محاولات لاحتواء الموقف، لكن دون جدوى، فلاعبي مدريد رفضوا أن تمر الواقعة مرور الكرام، وكل منهم كان قد حمل كلمات يامال معه إلى أرضية الميدان.

فيتبدّل الوضع من مجرد مناوشات كلامية، بعدما حاول فينيسيوس الوصول ليامال لكن روديجر وألابا حاولا احتوائه، فيما اندفع رافينيا للدفاع عن زميله، لتتحول الساحة إلى صراع مفتوح بين الطرفين، ومناوشات من هنا ومن هناك.

التصدع يصل إلى منتخب إسبانيا

لم تتوقف الأزمة عند حدود الكلاسيكو، بل تجاوزتها إلى أروقة المنتخب الإسباني؛ لتسود حالة من التوتر الصامت بين المدرب لويس دي لا فوينتي والمسؤلين عن الماتادور، بعدما خرجت مصادر مقربة من الاتحاد الإسباني وأكدت ما كان جليًأ للجميع.. المدرب يشعر بالقلق من انعكاس هذه الأجواء على تحضيرات المونديال، خصوصًا أن كارفاخال ويامال عنصران أساسيان في التشكيلة.

ولم يستغرق الأمر طويلًا، فضرب الإعلام الكتالوني دي لا فوينتي بتصريحات كالصاعقة، مأكدًأ أن شكوكه كانت في محلها، وأنها ليست مجرد شكوك، بل قد تنعكس لأفعال تسبب الانقسام قبل كأس العالم.

وبدأت تصريحات الصحافة الكتالونية بتجسيد مخاوف مدرب المنتخب الإسباني، حين كتب الصحفي فيران كورياس عبر منصة “إكس”: “لو كنت مكان لامين يامال، لرفضت الانضمام إلى منتخب إسبانيا، وليذهب كارفاخال ليفوز بكأس العالم وحده”.

خطر الانقسام قبل المونديال

منتخب إسبانيا، أحد أبرز المرشحين للفوز بكأس العالم القبلة، والذي أثبت جدارته بعد الفوز بيورو 2024 على حساب إنجلترا 2-1، يجد نفسه الآن مهددًا بصراع داخلي قد يضرب تماسكه الفني والنفسي؛ فالمزيج بين جيل الخبرة في ريال مدريد وجيل الشباب في برشلونة كان أحد أسرار قوة “لا روخا”، لكن الكلاسيكو الأخير أعاد الخلافات القديمة إلى الواجهة، وجعل المدرب أمام تحدٍ أكبر من مجرد اختيار التشكيلة.

ما حدث قد يكون مجرد انفجار مؤقت بعد مباراة مشتعلة، لكن المؤكد أن كلاسيكو أكتوبر ترك أثرًا عميقًا في نفوس اللاعبين، وإذا لم تُعالج الأزمة سريعًا، فقد يجد الإسبان أنفسهم أمام سيناريو تكرر كثيرًا في تاريخهم.. موهبة هائلة، جودة تكتيكية عالية، لكن روح منقسمة قد تجعل الحلم الإسباني إلى زوال حتى قبل أن يبدأ.

منصور مجاهد

صحفي مصري منذ 2019، خريج إعلام القاهرة، شغوف بكرة القدم الإنجليزية وصناعة التقارير العميقة، مقدم برامج ومعلق صوتي بخبرة أكثر من 7 سنوات بمجال الإعلام.