أخبار كرة القدم العالميةتشيلسيتقارير ومقالات خاصة

أثر الفراشة.. قرارات صنعت المجد وأخرى سرقته قبل تكنولوجيا كرة القدم الحديثة

كتب / عبدالرحمن بدر

يُقال إن رفرفة جناح فراشة في مكان ما، قد تُحدث إعصارًا في مكان آخر. مثال بسيط يمكننا من خلاله إدارك نظرية “أثر الفراشة”، وكيف يمكن لتغيير صغير في بداية الأحداث أن يقود إلى نتائج غير متوقعة لاحقًا، سواء اقتصاديًا أو حتى سياسيًا وأحيانًا كثيرة رياضيًا.

فكرة القدم مثلها مثل الحياة، أحيانًا تتأثر بالتفاصيل الصغيرة، تلك اللحظات التي تفصل بين قمة المجد والانهيار، في عالم التفاصيل الصغيرة، قد تصنع لمسة عابرة أو قرار تحكيمي بسيط، تاريخًا لا يمحى، فهناك لحظات في كرة القدم لم نراها حين وقعت ولكنها غيرت مجرى بطولات، ومسارات نجوم.. بل عدّلت قوانين اللعبة نفسها.

365Scores يصحبكم في رحلة بالزمن بين قرارات ولحظات أثرت في كرة القدم، وألهمت صناع قرار الساحرة المستديرة لأهمية استخدام التكنولوجيا في الملاعب.

«أثر الفراشة لا يرى.. أثر الفراشة لا يزول» الشاعر الفلسطيني محمود درويش.

متى بدأ استخدام التكنولوجيا في كرة القدم؟

البداية، سنطرح السؤال الأهم، متى بدأ استخدام التكنولوجيا في كرة القدم؟ وكيف كان تأثير استخدامها على قرارات حكام كرة القدم؟

كرة القدم صاحبت دائمًا التطور التكنولوجي أينما حل، وهرولت لمواكبة العصر ومتطلباته وتقنياته الحديثة، ولكننا اليوم بصدد الحديث عن تقنيتي خط المرمى، وتقنية الفيديو المساعدة «VAR»، وكيف أوصلنا تأثير الفراشة لهذا التطور؟

المرة الأولى التي استخدمت فيها تقنية خط المرمى، أو “عين الصقر” كانت في بطولة كأس العالم للأندية 2012، والتي استضافتها اليابان.

ومن ثم بدأ استخدامها في بطولة الدوري الإنجليزي في العام التالي، وتم تركيبها في ملاعب الأندية المشاركة آنذاك، بالرغم من كون العمل بدأ تجريبيًا بهذا النظام في 2006 إلا أن بدايته الفعلية كانت في موسم 2013-2014.

ومنذ ذلك التاريخ ساهمت التقنية في حسم العديد من اللقطات الجدلية، والتي غيرت مسار ألقاب من فريق لآخر.

أما الظهور الأول لتقنية الفيديو المساعدة، VAR كان في كأس العالم للأندية 2016، واستمر انتشارها حتى اعتمدتها جميع الدوريات الأوروبية الكبرى. ثم أصبحت مطبقة في أغلب الدوريات حول العالم.

فماذا لو طبق فيفا تكنولوجيا كرة القدم مبكرًا؟

هدف فرانك لامبارد ضد ألمانيا 2010

في مباراة الدور ربع النهائي لبطولة كأس العالم 2010، بين ألمانيا وانجلترا، تقدم المنتخب الألماني في النتيجة عن طريق ميروسلاف كلوزه في الدقيقة 20، ثم أضاف لوكاس بودولسكي الهدف الثاني في الدقيقة 32.

وسجل أوبسون هدف إنجلترا الأول 37، وفي الهجمة التالية للهدف لعب فرانك لامبارد تسديدة ساقطة فوق الحارس مانويل نوير، وارتطمت الكرة بالعارضة ثم ارتدت إلى الأرض وأمسكها الحارس.

الحكم أشار إلى استكمال اللعب، باعتبار أن الكرة لم تتجاوز خط المرمى، ولكن أظهرت لقطات الإعادة أن الكرة اجتازت خط المرمى بكامل محيطها، وأن منتخب انجلترا حُرم من هدف تعادل صحيح، كان بإمكانه أن يغير سير المباراة.

المباراة انتهت بفوز ألمانيا بأربعة أهداف لهدف، وكان من الممكن ألا تنتهي بهذا الشكل، لو كانت تقنية خط المرمى موجودة واحتسبت هدف لامبارد لإنجلترا.

نعم لمست الكرة بيدي.. ولكن

في 18 نوفمبر 2009، التقى منتخب فرنسا نظيره منتخب جمهورية أيرلندا، في إياب الملحق الأوروبي المؤهل لكأس العالم بجنوب إفريقيا 2010.

انتهى الوقت الأصلي لمباراة الإياب بفوز أيرلندا بهدف دون رد، ولجأ الفريقان للوقت الإضافي بسبب التعادل في مجموع المباراتين بهدف لكل منهما.

وفي الدقيقة 103 تسلم تيري هينري كرة عرضية داخل منطقة الجزاء، ولمسها مرتين بيده قبل أن يمررها لزميله ويليام جالاس، الذي سجل هدف التعادل لفرنسا.

لقطة الهدف أثارت احتجاج لاعبي منتخب أيرلندا، ولكن الحكم السويدي مارتن هانسن، لم يشاهد اللقطة واحتسب الهدف. وتأهلت فرنسا لكأس العالم 2010.

واعترف تيري هينري فيما بعد بلمسه الكرة بيده، داخل منطقة الجزاء. وبرر عدم اعترافه قائلًا: “لست الحكم”.

ورفض “فيفا” احتجاج المنتخب الأيرلندي الرسمي على لقطة هينري، ولكن لمسة يد هينري، أعادت فتح ملف استخدام التكنولوجيا في كرة القدم بشكل جدي مرة أخرى.

هدف الشبح

في الدور نصف النهائي لبطولة دوري أبطال أوروبا 2005، التقى فريقا تشيلسي وليفربول الإنجليزيين.

وتعادل الفريقان بدون أهداف، ذهابًا على ملعب ستامفورد بريدج، في لندن. بينما أقيمت مباراة الإياب على ملعب أنفيلد.

وانطلق ميلان باروش، في إحدى هجمات فريق ليفربول بالدقيقة الرابعة من بداية المباراة، وحاول لعب الكرة ساقطة فوق حارس تشيلسي، وارتطم بالحارس ثم وصلت الكرة لزميله لويس جارسيا الذي سدد الكرة نحو المرمى، ويليام جالاس من المرمى.

السلوفاكي لوبوس ميشيل، حكم المباراة احتسب الهدف، بناءً على نصيحة مساعده رومان سليسكو، وسط احتجاجات العديد من لاعبي البلوز، بحجة أن الكرة لم تتخط بكامل محيطها خط المرمى.

جون تيري، مدافع تشيلسي آنذاك، أكد أن الكرة لم تجتز خط المرمى بكامل محيطها.

فيما أشار زميله كارافاليو، إلى أنه لا أحد بإمكانه تأكيد إذا كانت الكرة دخلت المرمى أم لا. ولكن ويليام جالاس قال إن الكرة كانت خارج المرمى.

هذا الهدف تسبب في تأهل ليفربول للمباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، وحقق اللقب على حساب ميلان، في واحدة من أهم ليالي ليفربول التاريخية، والتي مثلت عودته مرة أخرى لمنصات التتويج الأوروبية، بعد غياب 21 عامًا.

والسؤال الذي يعبر عن تأثير الفراشة حقًا، ماذا لو لم كانت تقنية خط المرمى موجودة آنذاك، ورفض الحكم احتساب الهدف؟ وماذا كان مصير تاريخ الريدز الأوروبي؟

التكنولوجيا تخدم الدراما أحيانًا

في التاريخ الحديث لكرة القدم، أي عصر مابعد استخدام التقنيات الحديثة، ساهمت تقنيتي VAR، وخط المرمى في حسم العديد من اللحظات المهمة، وغيرّت مسار الألقاب.

فمثلًا في إياب الدور ربع النهائي لبطولة دوري أبطال أوروبا 2019، سجل رحيم ستيرلينج هدفًا قاتلًا لمانشستر سيتي في مرمى توتنهام هوتسبير، في الدقيقة 93 وكان سيضع السينتيسينز في نصف النهائي.

ولكن بعد دقائق قليلة من مراجعة اللقطة عبر تقنية الفيديو، احتسب الحكم تسللًا على سرجيو أجويرو، ليُلغى الهدف الذي وافق عليه القرار الأول للحكم. وما تلى ذلك تأهل تاريخي لتوتنهام إلى المباراة النهائية.

وفي مواجهة مانشستر سيتي وليفربول في الدوري الإنجليزي لموسم 2018-2019، بالجولة الـ21.

سدد محمد صلاح كرة قوية في الدقيقة 18، نحو مرمى مانشستر سيتي، وأبعدها المدافع جون ستونز من على خط المرمى، واصطدمت الكرة بإيدرسون ثم ارتدت مرة أخرى باتجاه المرمى. وأبعدها ستونز قبل عبورها الخط ببضعة ميليمترات.

وأظهرت تقنية خط المرمى، أن الكرة لم تتجاوز خط المرمى بكامل محيطها، بفارق 11 ميلمترًا فقط.

الجدير بالذكر أن هذه المباراة انتهت بفوز مانشستر سيتي بهدفين مقابل هدف، وفاز السيتي بلقب الدوري في نهاية الموسم بفارق نقطة واحدة.