سوق انتقالات تاريخي في ليفربول.. الريدز يحققون أرقامًا مالية لم تحدث في الدوري الإنجليزي منذ 10 سنوات

أنهى ليفربول الموسم الماضي في الدوري الانجليزي الممتاز بأفضل صورة ممكنة حيث حقق لقب الدوري وحقق نجمه محمد صلاح لقب هداف البطولة بجانب لقب أفضل صانع ألعاب، لكن يبدو أن كل هذا لم يكن كافيًا ليُرضي طموح إدارة نادي ليفربول ومديره الفني أرني سلوت. 

دخل ليفربول سوق الانتقالات الصيفي الماضي بقوة، وقدم ما يمكن وصفه بواحد من أفضل أسواق انتقالات النادي عبر تاريخه، حيث تعاقد مع 9 لاعبين وتخلص من 9 آخرين، وبإجمالي إنفاق بلغ تقريبًا 446.5 مليون جنيه إسترليني (570 مليون دولار)، حطم النادي الرقم القياسي لأكبر إنفاق لنادٍ في الدوري الإنجليزي الممتاز في نافذة انتقالات واحدة، متجاوزًا الرقم القياسي السابق لتشيلسي البالغ 434.5 مليون جنيه إسترليني في صيف 2023.

السمة الأبرز لليفربول في سوق الانتقالات الماضي هي الجرأة غير المسبوقة في تحطيم الرقم القياسي الإنجليزي للانتقالات مرتين في صيف واحد. بدأ الأمر بالتعاقد مع صانع الألعاب الألماني فلوريان فيرتز مقابل 116 مليون جنيه إسترليني، وبلغت ذروتها في اليوم الأخير من السوق بالصفقة التاريخية التي تعاقد فيها مع المهاجم السويدي ألكسندر إيزاك من نيوكاسل يونايتد مقابل 125 مليون جنيه إسترليني.  

الأمر المبهر هنا أن ليفربول أبرم 3 صفقات في سوق الانتقالات الماضي فقط ضمن أغلى 25 صفقة في الدوري الإنجليزي خلال آخر 10 سنوات، وهو ما يدل على الانفاق الكبير جدًا.

ما حدث لم يكن إنفاق عشوائي ناتجة عن تراجع النتائج، وغضب الجماهير، بل كان عملية إعادة بناء محسوبة واستراتيجية لفريق فائز باللقب وجماهيره راضية عنه.

يقف خلف عملية البناء القوية في نادي ليفربول مهندسان رئيسيان، هما الرئيس التنفيذي لكرة القدم مايكل إدواردز، والمدير الرياضي ريتشارد هيوز، اللذان أثبتا أن التخطيط الذكي يمكن أن يؤدي إلى تفوق كاسح في سوق الانتقالات.  

تعاقدات وصفقات نادي ليفربول في صيف 2025

كان سوق انتقالات ليفربول في صيف 2025 بمثابة دليل كبير على الطموح الكبير والتنفيذ الاستراتيجي المُتقن، فلم يكتفِ النادي بتدعيم صفوفه، بل أجرى عملية تجديد شاملة ومدروسة لقائمة الفريق، خاصة في الجانب الهجومي، مما يعكس رغبة واضحة في الحفاظ على التفوق وتطوير الفريق تحت قيادة أرني سلوت.

أبرز ما ركز عليه مسؤولو ليفربول في التعاقدات هو الجانب الهجومي، حيث تم التعاقد مع نجوم مميزين أثبتوا تفوقهم في الموسم الماضي، مثل ألكسندر إيزاك وفلوريان فيرتز، وهوجو إيكيتيكي. هذه التعاقدات كانت إعادة بناء كاملة للخط الأمامي للفريق، وهو ما يمنحه قوة هجومية أكبر وقدرات أكثر تنوعًا.

لكن الأمر لم يقتصر على الصفقات الضخمة فقط، أظهر النادي تنوعًا في صفقاته، حيث تم تدعيم مراكز مهمة أخرى بصفقات ذكية، فقد تم تعزيز خط الدفاع بالتعاقد مع الظهيرين ميلوس كيركيز وجيريمي فريمبونج، بالإضافة إلى المدافع الشاب جيوفاني ليوني. كما تم تقوية مركز حراسة المرمى للمستقبل بالتعاقد مع جيورجي مامارداشفيلي.  

هذا التنوع في الصفقات، الذي شمل لاعبين بأسعار متفاوتة وفي مراحل مختلفة من مسيرتهم، يوضح أن الخطة لم تكن مجرد إنفاق فقط، بل كانت عملية بناء فريق متكامل، من خلال استراتيجية متعددة الأوجه، تجمع بين التعاقد مع نجوم جاهزين لإحداث تأثير فوري، والاستثمار في مواهب شابة لضمان استمرارية النجاح على المدى الطويل.

بشكل عام، كانت تحركات ليفربول في سوق الانتقالات الصيفية الماضي متميزة وموفقة، وأظهرت قوة ليفربول المالية وذكاء إدارته في آن واحد.

فن البيع: كيف مولت صفقات رحيل اللاعبين ثورة التعاقدات؟

اتخذ ليفربول قرارًا جريئًا ببيع اثنين من مهاجميه الرئيسيين، لويس دياز إلى بايرن ميونيخ مقابل 65.5 مليون جنيه إسترليني (70 مليون يورو) وداروين نونيز إلى الهلال السعودي مقابل 46.2 مليون جنيه إسترليني (53 مليون يورو).

بيع لاعبين أساسيين من فريق فائز بلقب الدوري هو خطوة جريئة ومغامرة، لكنها تمثل درسًا في بيع اللاعبين في ذروة قيمتهم، فالمبلغ المجمع البالغ حوالي 112 مليون جنيه إسترليني من هاتين الصفقتين موّل غالبية صفقة ألكسندر إيزاك، مما أدى إلى عملية تطوير ممتازة في مركز المهاجم الصريح. كما أن بيع نونيز إلى الدوري السعودي للمحترفين يظهر استغلالًا ذكيًا لسوق يدفع مبالغ ممتازة في صفقات الانتقال.  

كما تم تحقيق إيرادات كبيرة من بيع ناشئين الأكاديمية ولاعبي الفريق، مثل جاريل كوانساه إلى باير ليفركوزن (35 مليون جنيه إسترليني)، وبن دوك إلى بورنموث (25 مليون جنيه إسترليني)، وكاويمهين كيليهير إلى برينتفورد (18 مليون جنيه إسترليني)، وتايلر مورتون إلى ليون (15 مليون جنيه إسترليني).

تحقيق ما يقرب من 93 مليون جنيه إسترليني من لاعبين غير أساسيين هو دليل على مسار تطوير اللاعبين في النادي والمهارات التفاوضية لفريق التعاقدات.

الخسارة الأكبر في سوق الانتقالات كانت بيع ثاني قائد للفريق ترينت ألكسندر أرنولد إلى ريال مدريد الإسباني مقابل رسوم قليلة تتراوح بين 8.5 و10 ملايين جنيه إسترليني، وذلك بسبب عدم رغبته في تجديد تعاقده، والرحيل قبل نهاية عقده بشهر واحد فقط.

هذه الايرادات كانت مهمة لموازنة جانب النفقات في ميزانية النادي، ولكي تتماشي سجلات النادي مع قواعد اللعب المالي النظيف.

اللاعبون الراحلون عن نادي ليفربول في صيف 2025:

مهندسو الصفقات والتعاقدات: مايكل إدواردز وريتشارد هيوز

كانت عودة مايكل إدواردز إلى مجموعة فينواي الرياضية المالكة لنادي ليفربول بمنصب الرئيس التنفيذي لكرة القدم هي الخطوة التأسيسية لمشروع ليفربول الحالي. هذا الدور، الأكبر من منصبه السابق كمدير رياضي، منحه السلطة لوضع رؤية طويلة المدى، وكان ضمن أول قراراته الرئيسية تعيين ريتشارد هيوز كمدير رياضي.

أصبح دور إدواردز الآن أقل تركيزًا على المفاوضات اليومية، وأكثر تركيزًا على إنشاء منظومة كبيرة النجاح، بما في ذلك احتمال الاستحواذ على نادٍ ثانٍ لمجموعة المالكين.  

تولى ريتشارد هيوز، الذي كان يعمل سابقًا في بورنموث، منصب المدير الرياضي. كان موسمه الأول بدون ضجة على مستوى التعاقدات، مما أدى إلى بعض الانتقادات في البداية، لكن يمكن الآن إعادة تفسير هدوء التعاقدات في موسم 2024-2025 على أنه فترة هدوء ما قبل العاصفة، فربما كان هيوز يقيم احتياجات سلوت، ويحاول تمديد عقود اللاعبين الأساسيين مثل محمد صلاح وفان دايك، لكن الرد جاء في سوق الانتقالات في صيف 2025، وبالتأكيد أخرس كل المشككين في كفاءته كمدير رياضي لفريق كبير بحجم ليفربول.

الملخص المالي لنادي ليفربول في صيف 2025:

سباق مالي في الدوري الإنجليزي: ليفربول ضد أندية إنجلترا

أنفق الدوري الإنجليزي الممتاز ككل مبلغًا قياسيًا بلغ 3.19 مليار جنيه إسترليني. كان إجمالي إنفاق ليفربول البالغ 446.5 مليون جنيه إسترليني هو الأعلى في الدوري، لكن حقق أرسنال أعلى صافي إنفاق بقيمة 257 مليون جنيه إسترليني، مقارنة بـ 218.4 مليون جنيه إسترليني لليفربول. وفي الوقت نفسه، سجل تشيلسي أعلى قيمة مبيعات حيث بلغت 314.4 مليون جنيه إسترليني.

رغم كون ليفربول أكبر المنفقين، كانت تحركاته أكثر توازنًا بكثير من أرسنال، الذي حقق إيرادات ضئيلة جدًا بلغت 10 ملايين جنيه إسترليني. كانت استراتيجية ليفربول متنوعة حيث جمعت بين الإنفاق القياسي والمبيعات المربحة جدًا، وهذا يوضح نموذجًا أكثر استدامة، وربما أكثر ذكاءً لبناء الفريق من منافسيهم الرئيسيين في سوق الانتقالات الماضي تحديدًا.

 كما أنفق ليفربول في الصيف الجاري، أكبر قيمة مالية في سوق واحد بين أندية الدوري الإنجليزي الممتاز خلال آخر 10 سنوات، وبجانب هذا، فقد باع ليفربول لاعبين وصلت قيمتهم ثالث أكبر قيمة مبيعات في سوق واحد بين أندية الدوري الإنجليزي خلال آخر 10 سنوات أيضًا.

أيضًا، أصبح ليفربول هو رابع أعلى نادي يحقق صافي إنفاق أي الفارق بين الإيرادات والمصروفات بين أندية الدوري الإنجليزي الممتاز خلال آخر 10 سنوات.

بالنظر إلى كل هذه الأرقام والإحصائيات المالية نجد أننا أمام دلائل قوية جدًا تدعم الفكر القائل بأن ليفربول حقق هذا الصيف ما لم يفعله منذ سنوات طويلة على المستوى المالي من الناحية الإيجابية بالطبع.

مقارنة إنفاق جميع أندية الدوري الإنجليزي في صيف 2025:

كيف يتفوق صيف 2025 على فترات انتقالات ليفربول السابقة؟

إجمالي الإنفاق في صيف 2025 البالغ 446.5 مليون جنيه إسترليني يتفوق بشكل كبير على الأرقام القياسية السابقة، وأبرزها صيف 2018 الذي شهد إنفاقًا بلغ تقريبًا 156 مليون جنيه إسترليني. في المقابل شهد صيف 2020، بعد الفوز بالدوري الإنجليزي الممتاز، تحفظًا نسبيًا بإنفاق بلغ 85 مليون جنيه إسترليني فقط.

تتفوق تحركات ليفربول في سوق انتقالات 2025 على صيف 2020 من حيث الحجم والطموح وطبيعتها كإعادة بناء لفريق بطل، والأهم من ذلك، أنها تمثل تصحيحًا مباشرًا للخطأ الاستراتيجي الذي ارتكب في عام 2020 بإنفاق محدود وعدم تدعيم الفريق بصفقات قوية عديدة بعد تحقيق لقب الدوري الإنجليزي الممتاز.

تعلم النادي الدرس بأن اللحظة المناسبة للاستثمار بشدة هي من موقع القوة، فالطموح الذي ظهر في عام 2025، ليس فقط لتدعيم الفريق، لكن للانتقال به لمستوى أعلى رغم تواجده الحالي على القمة.

إنفاق ليفربول في أسواق الانتقالات منذ صيف 2016 حتى صيف 2025:

هل يصبح موسم 2025-2026 بداية عهد جديد لكل من أرني سلوت وريتشارد هيوز ومايكل إدواردز؟

لم تكن صفقات انتقالات ليفربول في صيف 2025 استعراض للقوة المالية، بل كانت خطوات مدروسة وموفقة من التخطيط الاستراتيجي، ومثال لكيفية التحرك بشكل ممتاز في سوق الانتقالات، فقد تجسد نجاحها في توازن دقيق طرفه الأول التعاقدات بأرقام قياسية وفي نفس الوقت المفيدة للفريق، حيث تم ضم لاعبين من الطراز العالمي مثل إيزاك وفيرتز وإيكيتيكي.

الطرف الثاني للتوازن هو عمليات البيع المربحة التي مولت هذه الثورة التعاقدية وأظهرت مهارة وتوفيق في فن التفاوض للتخلص من اللاعبين.

كل هذا تم تحت قيادة وإدارة ذات رؤية ممتازة متمثلة في مايكل إدواردز وريتشارد هيوز، اللذين لم يقوما بتنفيذ خطة قصيرة الأمد، بل مهدا الطريق لتطور استراتيجي للفريق خلال السنوات المقبلة، ربما يضع الفريق على قمة أ،دية العالم من جديد.

لذلك، يجب النظر إلى هذه النافذة على أنها أكثر من مجرد فترة انتقالات، فهي الإعلان الرسمي عن بداية حقبة جديدة، لا يهدف فيها ليفربول للدفاع عن لقبه المحلي فحسب، بل يسعى لبناء سيطرة على البطولات القارية مثل دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية بشكله الموسع. تمثل فترة الانتقالات في صيف 2025 رسالة واضحة بأن ليفربول سينافس بكل قوة على كل البطولات الكبرى في المواسم المقبلة.