لايت 365أخباربطولات ودورياتتقارير ومقالات خاصة

لماذا “يبصق” لاعبي كرة القدم أثناء المباريات؟

في مباريات كرة القدم، تظهر لقطة متكرّرة تكاد تكون جزءًا من المشهد اليومي للعبة، لاعب يتوقف للحظة، ينحني قليلًا، ثم يبصق على الأرض.

قد يثير المشهد استغراب المشجعين، وبالطبع ربما انزعاج البعض، لكن خلف هذا التصرف البسيط، تختبئ أسبابٌ فسيولوجية وثقافية وذهنية متشابكة، نكشفها عبر موقع 365Scores.

البصق في الملاعب لم يكن يومًا سلوكًا طارئًا، بل أصبح جزءًا من “لغة الجسد” الخاصة باللاعبين؛ يرى بعض النجوم السابقين أن الأمر يبدأ من البيئة المحيطة؛ فاللاعب الصغير حين يشاهد قدوته في الفريق أو المنتخب يبصق باستمرار، يكتسب هذا التصرف دون وعي، ومع مرور الوقت يتحول إلى عادة يصعب التخلص منها.

إيرلينج هالاند يبصق في ملعب كرة القدم - المصدر: gettyimages
إيرلينج هالاند يبصق في ملعب كرة القدم – المصدر: gettyimages

إنها ببساطة “ثقافة الملعب”، تمامًا كما يصفها اللاعب الإنجليزي السابق ديفيد بروتون: “في كرة القدم هناك أشياء تُقبل داخل المستطيل الأخضر، لكنها مرفوضة تمامًا خارجه”.

سبب طبي أم عادة نفسية؟ سر “بصق” لاعبي كرة القدم

من الجانب العلمي، تشير دراسات إلى أن ممارسة الرياضة العنيفة – مثل كرة القدم – تغيّر تركيبة اللعاب داخل الفم، فعندما يزداد المجهود البدني، يتنفس اللاعب بسرعة أكبر، ويجف الغشاء المخاطي في الفم، مما يجعل اللعاب أكثر لزوجة.

يقول البروفيسور “جاي كاربنتر” من كلية كينجز لندن: “أثناء اللعب، يفقد اللعاب رطوبته الطبيعية بسبب التنفس المتسارع، فيصبح أكثر سماكة، فيلجأ الجسم إلى التخلص منه بالبصق لاستعادة التوازن”.

بمعنى آخر، البصق ليس مجرد عادة عشوائية دائمًا، بل رد فعل جسدي تلقائي لطرد اللعاب الكثيف أو الجاف، خصوصًا في لحظات الضغط البدني أو التوتر العصبي.

جانب آخر لا يقل أهمية هو العامل النفسي؛ خلال المباراة، يتعرض اللاعب لضغط عالٍ من الأدرينالين والتوتر، مما يسبب جفاف الفم أو زيادة في إفراز اللعاب لدى البعض، في هذه اللحظة، يصبح البصق وسيلة لا شعورية لتفريغ التوتر أو إعادة التركيز.

كما يوضح جناح ليتون أورينت السابق جوردان جراهام: “أحيانًا لا ألاحظ أنني أبصق، يحدث ذلك تلقائيًا عندما أشعر بالتوتر أو الإرهاق”.

كرة القدم بين السلوك والمظهر العام

ورغم أن المشجعين اعتادوا على رؤية هذا التصرف، إلا أنه يظل مثار جدلٍ أخلاقي وسلوكي، ففي الرياضات الأخرى مثل التنس أو ألعاب القوى، نادرًا ما يُشاهد الرياضيون يبصقون، ما يثير التساؤل حول “لماذا كرة القدم تحديدًا؟”.

الجواب يكمن في الطابع الجماعي والاحتكاك البدني المستمر للعبة، إضافة إلى أن الملاعب المفتوحة تُخفي البصق سريعًا مقارنةً بالبيئات المغلقة كالصالات.

لكن في المقابل، يرى بعض المراقبين أن اللاعبين يتحملون مسؤولية الصورة العامة للعبة، وأن تقليل هذه العادة ينعكس إيجابًا على الاحترام المتبادل بين الجماهير واللاعبين.

بشكل عام؛ ربما حان الوقت لإعادة التفكير في هذه الظاهرة، يقول بروتون مازحًا: “أعلّم أطفالي آداب السلوك، ثم يروني في الإعادة وأنا أبصق على الأرض!”ن ومثل هذا الاعتراف يوضح التناقض الذي يعيشه اللاعبون بين ما تربّوا عليه في حياتهم العادية وما تعوّدوا عليه في الملاعب.

الخلاصة هنا، أن البصق في ملاعب كرة القدم ليس مجرد سلوك فوضوي أو قلة تهذيب كما يظنه البعض، بل هو نتاج تفاعلٍ بين الجسد والعقل والعادة، إنها ظاهرة تجمع بين العلم والعادة والثقافة الرياضية، وقد تبقى جزءًا من اللعبة طالما بقي العرق والجهد والانفعال جزءًا من جمالها البشري الصادق.

عنان رضا

صحفية رياضية منذ 2018، لدي خبرة في كتابة الأخبار العالمية والمحلية وأخبار المحترفين، ولدي أيضًا خبرة في مجال الترجمة باللغتين الإسبانية والإنجليزية، بالإضافة إلى إهتمامي بمتابعة ما وراء الحياة الشخصية للاعبي كرة القدم في كافة أنحاء العالم، وكتابة القصص الإخبارية عنهم.