صلاح والصدام مع أرني سلوت.. من المخطئ؟

في عالم كرة القدم، هناك نجوم لا يمكن المساس بهم، ولا يمكن تجاهل تأثيرهم على الفريق، ومحمد صلاح واحد من هؤلاء النجوم، أي محاولة لوضعه على الدكة أو تهميش دوره الأساسي ليست مجرد قرار تكتيكي، بل رسالة محفوفة بالمخاطر لكل من يفكر في تحديه، صلاح أثبت مرارًا أنه اللاعب القادر على قلب الموازين، وصانع الفارق في اللحظات الحاسمة، وأن أي قرار يقلل من قيمته يمكن أن يتحول إلى كارثة تكتيكية ونفسية للفريق، بل من الممكن أن يكون لعنة على المدرب نفسه.
التاريخ الحديث لليفربول يقدم درسًا صارخًا: آخر من حاول أن يقلل من صلاح أو يجلسه على الدكة كان يورجن كلوب نفسه في آخر موسم له، حين قرر منح اللاعب دقائق محدودة في مباراة وست هام.. النتيجة؟ خلاف حاد على خط الملعب، وغضب علني من اللاعب، كلوب تعلم الدرس بالطريقة الصعبة، حيث أصبح واضحًا أن صلاح لا يقبل التهميش، ولا يسكت عن قرارات لا يوافق عليها، ولم تنتهِ الأزمة على خير بل انتهت برحيل كلوب أعظم مدربي التاريخ الحديث، والأعظم في تاريخ الريدز، كل هذا كان بالرغم من نجاح كلوب في التعامل النفسي مع اللاعبين، واحتواء صلاح ذاته أكثر من مرة لكن هذا لم يشفع له عندما تحدى النجم الأول في ليفربول.
التعامل مع محمد صلاح يتطلب ذكاء شديدا
الدرس الأهم لأي مدرب حالي أو مستقبلي، بمن فيهم أرني سلوت، أن التعامل مع محمد صلاح يتطلب ذكاءً شديدًا وحسًا تكتيكيًا دقيقًا، أي معاداة أو محاولة لإجباره على الجلوس قد تؤدي إلى توتر داخلي، وإرباك الفريق، وربما أزمة تؤثر على مسيرة المدرب بالكامل داخل أروقة أنفيلد، التاريخ واضح، ومن يحاول تحدي صلاح يدفع الثمن، والصبر والاحترام هما مفتاح النجاح في التعامل مع أحد أعظم لاعبي ليفربول وأكثرهم تأثيرًا على أرض الملعب.
وموقف سلوت غاية في الصعوبة، فالفريق يعاني بالفعل من تذبذب النتائج أخرها التعادل المخيب أمام ليدز يونايتد بثلاثة أهداف لمثلهم، فعلى عكس كلوب الذي كان يسير بخطى ثابتة، سلوت موقفه سئ بالفعل، ويحتاج إلى كسب ثقة اللاعبين والجماهير على حد سواء، فنظرًا لكل تلك المعطيات، سيكون صدامه مع صلاح درب من دروب الجنون، سينتهي بلا أدنى شك بإعفائه من تدريب الريدز.
صلاح وكلوب.. قصة التفاهم الذي انتهى فجأة
لم يكن محمد صلاح مجرد لاعب بارز في عهد يورجن كلوب، بل كان عنصرًا أساسيًا في نجاح ليفربول، اللاعب الذي أصبح بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهب لكلوب، فبات أحد الأعمدة التي يبنى عليها الفريق إن لم يكن الأبرز، طوال المواسم السابقة، كان صلاح يبدأ كل المباريات أساسياً، ويشكل القلب النابض للهجوم، بينما يعرف كلوب كيف يستغل ذكاء اللاعب وسرعته وقدرته على خلق الفرص.
لكن في آخر موسم لكلوب، حدث ما لم يكن متوقعًا.. في مباراة وست هام يونايتد، قرر كلوب وضع صلاح على الدكة، وإشراكه فقط في الدقائق الأخيرة، هذا القرار أشعل التوتر بين الثنائي على خط الملعب، حتى وصلت الأمور إلى خلاف مباشر واحتكاك شفهي بينهما، واضطر اللاعبون للتدخل لفصل الطرفين قبل أن تتطور الأمور، كانت هذه اللحظة نقطة فاصلة أظهرت أن صلاح لاعب لا يمكن تهميشه بسهولة، مهما كان حجم المدرب أو تاريخ العلاقة.
الرسائل الضمنية وتصريحات صلاح
طوال الموسم الأخير لكلوب، لم يكن سرًا أن صلاح أحيانًا يطلق تصريحات ضمنية، وانتقادات خفية لأسلوب المدرب، خاصة فيما يتعلق بكيفية إدارة المباريات وإبراز قوة الفريق، كان يرفض أي أسلوب يقلل من قدرة الفريق على التألق، أو يظهر الفريق وكأنه “ضعيف” أو محدود الإمكانيات أمام المنافسين.
وربما كانت تلك اللحظة هي الأكثر تعقيداً، في علاقة المصري والألماني حين صرح صلاح عقب مباراة وست هام يونايتد في أبريل من العام الماضي، لقناة “TNT Sports” البريطانية قائلاً:
وقتها دخل صلاح في مشادة حامية على خط التماس مع كلوب وبدا لو كأنهما يتناقشان بحدة على شيء ما قيل وقتها أنه مرتبط توقيت دخول الملعب.
وتجلى هذا الانتقاد بشكل واضح بعد الموسم الأول لسلوت في تدريب ليفربول، تحدث محمد صلاح لشبكة “سكاي سبورتس” البريطانية قائلاً:
فبعد رحيل الألماني باتت التصريحات صريحة وواضحة عكس ما كانت عليه في وقت تدريب كلوب للفريق، وأنه يفضل تكتيك سلوت أكثر من حقبة كلوب، لكن هناك شئ تغافل عنه سلوت، أن صلاح وسلوت كانت علاقتهم قوية بالفعل، وتدهورت بسبب جلوسه على الدكة، وهذا ما اعترف به صلاح بنفسه حين قال:
هل يتعلم سلوت الدرس أم يكرر خطأ كلوب؟
في هذا الموسم، أدى الجلوس على الدكة أمام جلطة سراي إلى انفجار غضب صلاح، قبل أن يمسح صورته مع ليفربول على تويتر، في رسالة صامتة عن شعوره بعدم التقدير.. لاحقًا، صرح صلاح بأن علاقته بالمدرب كانت جيدة قبل أن تتوقف فجأة، وأن النادي أحيانًا يجعله يشعر وكأنه المشكلة، وأنه يتحمل مسؤولية أزمات الفريق وحده.
- النادي يرميني تحت الباص وكأنني أنا المشكلة
- لو كنت في نادٍ آخر كان سيحترم ما قدّمته لهم
- علاقتي مع سلوت؟ لا توجد علاقة أصلًا
- سـأودع جمهور ليفربول قبل الذهاب لكأس أفريقيا لأنني لا أعلم ماذا سيحدث بعدها
كل تلك كانت تصريحات تعكس الحالة التي وصل إليها صلاح في الأونة الأخيرة، تصريحات كان قد أدلى بها بعد مباراة ليفربول وليدز يونايتد التي انتهت بالتعادل الإيجابي 3-3، لكن من وسط تلك التصريحات برز تصريح يعكس أصل الأزمة “علاقتي مع سلوت؟ لا توجد علاقة أصلًا” هذا التصريح الذي أكد الشكوك وأشعل مواقع التواصل الإجتماعي، يحمل في طياته عقبات سيئة تنتظر سلوت، فبات الأمر واضح للجميع، إما صلاح وإما سلوت في ليفربول.
النقطة الجوهرية التي يجب أن يفهمها أرني سلوت هي أن محمد صلاح لا يقبل الجلوس على الدكة لأي سبب كان، حتى وإن كان تمهيدًا لمغادرته من أجل أمم أفريقيا، وعلى الرغم من كل ذلك عدم مشاركة صلاح في المباراة لم تضف جديدًا فالأداء ظل كما هو، بالإضافة إلى أن صلاح لا يقبل بذلك، ولك في كلوب مثال يوضح أن محاولة تهميش صلاح يمكن أن تؤدي إلى توتر كبير داخل الفريق، وإثارة غضب اللاعب، وربما صدام مع الإدارة إذا شعر اللاعب بأنه غير محترم، أي تكرار لما حدث مع كلوب قد يضع سلوت في موقف حرج للغاية، وربما يجبر النادي على اتخاذ قرارات مصيرية بشأن مستقبل المدرب.
الأرقام والإحصائيات.. صلاح لا غنى عنه
الأرقام الحالية تؤكد أن محمد صلاح لا غنى عنه في صفوف الفريق، فقد بدأ 12 مباراة أساسية من أصل 15 في الدوري، أي أنه جلس على الدكة لمباراتين فقط، وكان في إحدى هاتين المباريات قد دخل فيها لشوط واحد فقط، أما في دوري أبطال أوروبا، فقد بدأ 3 مباريات من أصل 5، ما يعكس اعتماد الفريق الكبير عليه في المنافسات الكبرى والضرورية للحفاظ على الأداء القوي للفريق.
إضافة إلى ذلك، يظهر تراجع أرقام صلاح على أرض الملعب بوضوح من خلال الأرقام الفردية، حيث سجل 6 أهداف في آخر 22 مباراة بالدوري، مما يعكس استمرارية في المشاركة وغياب في التأثير الكبير على النتائج والأداء العام للفريق كما كان يحدث سابقًا، كل تلك الضجة حدثت بسبب أربع مبارايات حل بها صلاح بديل من أصل 19، هذه يوضح أن أي محاولة لإراحة صلاح أو وضعه على الدكة يجب أن تتم بحذر شديد، لأن اللاعب ليس مجرد نجم عادي، بل صانع الفارق الذي يمتلك القدرة على قلب موازين المباريات في أي لحظة.
| البطولة 🏆 | إجمالي المباريات | أساسي | شارك كبديل |
|---|---|---|---|
| الدوري الإنجليزي الممتاز | 15 | 12 | 2 |
| دوري أبطال أوروبا | 5 | 3 | 2 |
التحدي المقبل.. إدارة الفريق بدون صلاح
مع استعداد محمد صلاح للمشاركة مع منتخب مصر في كأس أمم أفريقيا، يواجه أرني سلوت تحديًا مزدوجًا وصعبًا، أولًا، كيفية إدارة الفريق في المباريات القادمة بالدوري بدون وجود لاعبه الأساسي وصانع الفارق، والتأكد من أن الفريق لا يتأثر بشكل كبير على مستوى الأداء الهجومي أو النتائج، دون أن يمنحه صلاح فرصة للجلوس على الدكة فكيف يجد بديله، هذا الاختبار سيكشف قدرة المدرب على تعديل الخطط التكتيكية وتحفيز اللاعبين الآخرين لتعويض غياب النجم الكبير.
ثانيًا، على سلوت أن يجد طريقة للحفاظ على العلاقة مع صلاح عند عودته، لتجنب أي صدام أو توتر قد يؤثر على استقرار الفريق في الموسم الحالي، الرسالة واضحة.. أي محاولة لتهميش صلاح أو وضعه على الدكة يمكن أن تؤدي إلى أزمة داخلية حقيقية، وربما تؤثر على مسيرة المدرب في النادي، صلاح ليس مجرد لاعب عادي، بل رمز القوة والأداء الهجومي للفريق، ولا يقبل أن يُعامل بأقل من قيمته مهما كانت الظروف.