365TOPالدوري الإنجليزيأخبار365TOP
الأكثر تداولًا

صلاح بين الكرة الذهبية والرحيل عن ليفربول.. حان وقت القرار الأصعب

في مقدمة البروفايل الخاص بمحمد صلاح على موقع “FBREF“، ستجد مقياسًا يعرف بـ “Percentile”، يُستخدم في قياس كفاءة اللاعب في الإحصائيات المختلفة مثل الأهداف والتسديدات والتمريرات، وذلك عن طريق المقارنة بينه وبين أقرانه في نفس المركز حول الدوريات الخمسة الكبرى، ثم يمنحه تقييما من 100، مع تحديث الإحصائيات بانتظام بعد نهاية كل جولة.

وإذا نظرت لإحصائيات صلاح في الموسم الحالي؛ ستجد ما يلي:

الإحصائيةالمعدل لكل 90 دقيقةالتقييم المئوي مقارنة بباقي اللاعبين في مركزه عبر الدوريات الخمس الكبرى
أهداف بدون ركلات جزاء0.5393 من 100
أهداف متوقعة بدون ركلات جزاء0.5899 من 100
تسديدات4.0098 من 100
تمريرات حاسمة0.5599 من 100
تمريرات حاسمة متوقعة0.4298 من 100
أهداف بدون ركلات جزاء + تمريرات حاسمة متوقعة1.0099 من 100
تصرفات تؤدي إلى تسديدات4.7782 من 100
لمسات داخل منطقة الجزاء9.4199 من 100
تمريرات تقدمية استلمها12.8197 من 100

إليك معلومة أخرى، محمد صلاح هو أول لاعب فى تاريخ البريميرليج يسجل ويصنع فى نفس المباراة خلال 40 مباراة مختلفة، وأول لاعب يسجل ويصنع في 8 مباريات في نفس الموسم، وأسرع لاعب يصل إلى حاجز المشاركة في 30 هدفًا، وأكثر لاعب في التاريخ يشارك في أهداف خارج الأرض في موسم واحد بـ 22 هدفًا، متفوقًا بذلك على رقم أندي كارول التاريخي، وهو، في هذه اللحظة، سادس هدافي البريميرليج التاريخيين، متفوقًا على فان بيرسي، وعلى بعد هدف واحد فقط من معادلة رقم لويس سواريز، وكل ذلك؛ ونحن لم نزل في منتصف الموسم تقريبًا. وهو ما يطرح سؤالًا هاما: هل ليفربول على استعداد للاستغناء عن خدمات صلاح حاليًا؟

كيف وصلنا إلى هنا؟ 

عندما وقع صلاح عقدًا لمدة ثلاث سنوات مع ليفربول في عام 2022، أصبح اللاعب الأعلى أجرًا في تاريخ النادي بأجر أسبوعي أساسي قدره 350 ألف جنيه إسترليني، بالإضافة إلى مكافآت مرتبطة بالأداء، وعندما تأخذ في الاعتبار الأموال التي يحصل عليها من الإعلانات، فإنه يحصل على ما يقرب من مليون جنيه إسترليني في الأسبوع، حيث كشفت دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2023  بالاشتراك مع اللاعب وممثله رامي عباس عن هذا التقدير المالي، وفي ذلك الوقت، كان صلاح يحظى باهتمام الأندية في المملكة العربية السعودية، التي تستثمر مليارات الجنيهات في كرة القدم، من خلال صندوق الاستثمار العام، وأن رقم المليون جنيه استرليني الذي يحصل عليه، هو مجرد نقطة في بحر الأموال التي سيحصل عليها في حال ذهابه إلى السعودية. 

محمد صلاح - ليفربول
محمد صلاح – ليفربول

ورغم أن أحد الأندية التي يسيطر عليها صندوق الاستثمارات العامة، وهو الاتحاد، نجح في التعاقد مع لاعب وسط ليفربول فابينيو مقابل 40 مليون جنيه إسترليني الصيف الماضي، إلا أنه فشل في الحصول على صلاح رغم قيمة العرض البالغة 100 مليون جنيه إسترليني، ارتفع إلى 150 مليون جنيه إسترليني، قبل وقت قصير من اغلاق نافذة الانتقالات، لماذا؟ لأن صلاح كان سعيدًا بالبقاء في ليفربول، حيث سجل 56 هدفًا في 96 مباراة منذ موافقته على عقده الأخير، ولكن بعد الأزمات التي عانى منها الفريق الموسم الماضي، والأزمات التي عانى منها صلاح نفسه بعد عودته من الإصابة، قررت الإدارة أن تصبر بعض الشئ قبل التجديد لأي لاعب تخطى سنة الـ 30 عامًا.

قد يهمك أيضًا:

مبدأيًا، هناك منطق سليم وراء النهج الحذر الذي تتبعه مجموعة “فينواي” في منح عقود التجديد للاعبين، فالأمر لا يتعلق بما فعله اللاعب فقط، بل بما سيفعله في قادم السنوات، وفي نهاية المطاف، يضع الزمن بصماته على الجميع، لذا كان لابد من التريث مع لاعب يبلغ من العمر 33 عامًا، ومر بفترة تراجع شديد في المستوى بعد عودته من الإصابة نهاية الموسم الماضي، حيث سجل هدفين فقط في 9 مباريات، ولذلك كان من المنطقي أن تنتظر الإدارة لترى موقف سلوت من صلاح، وبما أن الأدلة الإحصائية أصبحت مقنعة، فإجابة سلوت أصبحت: لا؛ لن نفرط في صلاح مهما كان الثمن. لماذا؟ لعدة أسباب، أولها أن صلاح هو المنقذ الأول للفريق من براثن الضغط. 

وعندما يتعلق الأمر بزملاء صلاح في الهجوم، فإن الإحصائيات تحكي قصة أكثر حزنا، فقد مرت 10 مباريات منذ أن سجل لويس دياز لصالح ليفربول ولم يسجل داروين نونيز أي أهداف في آخر 6 مباريات ولم يسجل دييجو جوتا في آخر ثلاث مباريات له، وتشير البيانات أيضًا إلى أنه لا يوجد نادٍ في الدوري الإنجليزي يعتمد على لاعب واحد في الهجوم أكثر من ليفربول الذي يعتمد على صلاح، حيث ساهم وحده بنسبة 62% من أهداف فريقه في الدوري هذا الموسم، وهذه أرقام مرتفعة جدًا من حيث سيطرة لاعب واحد فقط على الهجوم، ففي تاريخ الدوري الإنجليزي بالكامل، كان مات لو تيسييه هو الوحيد الذي كسر حاجز الاشتراك في 60% من أهداف الفريق، حيث بلغت مساهماته البالغة 34 هدفًا في 69% من أهداف ساوثهامبتون الـ 49 في موسم 1993-1994.

في عقل أرنى سلوت 

 “إن أكثر ما أحبه في صلاح هو رغبته في التحسن طوال الوقت، كل عام، هناك شيء جديد في جعبته”. 

يورجن كلوب. 

يبدأ “البلد أب” عادةً بعدة تمريرات قصيرة بين الحارس والمدافع يستدرج بها الدفاع خط الضغط الأول للخصم، قبل أن يضرب أليسون أو المدافع إبراهيما كوناتي الكرة مباشرة نحو صلاح وظهره للمرمى، ليردها مرةً أخرى إلى الخلف وينطلق في سباق سرعة مع مدافع الخصم، ولكن هذا لا يعني أن ليفربول أصبح أكثر مباشرة، ولكن كل ما في الأمر أن صلاح طور من قدراته البدنية والفنية بحيث يستطيع السيطرة على استلام الكرة والسيطرة عليها وحيدًا، وفي أماكن معزولة، فبالنظر إلى معدل الكرات الطويلة التي يتلقاها في المباراة الواحدة، فقد حصل صلاح على ما معدله 7.1 كرة طويلة لكل 90 دقيقة، (ملحوظة: الكرات الطويلة هي التي يبلغ طولها 32 مترًا على الأقل)، وهو رقم كبير جدًا مقارنة بسنواته الست السابقة في الدوري الإنجليزي الممتاز. 

الموسممعدل الكرات الطويلة التي استلمها صلاح في المباراة الواحدة
2018-20194.3
2019-20205.0
2020-20214.2
2021-20225.6
2022-20235.2
2023-20244.8
2024-20257.1

الجزء الأكثر لفتًا للانتباه في تطور صلاح مؤخرًا هو ما حدث له كصانع ألعاب، فرغم انحسار محاولات المراوغة لديه من 63% إلى 35%، إلا أنه تميز بميزات أخرى أهم، ألا وهي التمريرات الحاسمة، القطرية منها تحديدًا، إذ بلغ معدل التمريرات المتوقعة (xA) لصلاح 0.37 لكل 90 دقيقة، وهو بالفعل ثاني أعلى معدل له في مسيرته بعد 0.42 في الموسم الماضي، وهو ثالث أعلى معدل بين جميع اللاعبين الذين ظهروا في الدوري لمدة 500 دقيقة على الأقل هذا الموسم، وهو على بعد 6 تمريرات فقط من معادلة رقم تييري هنري القياسي لعدد التمريرات الحاسمة في موسم واحد والبالغ 20 تمريرة، الفارق فقط، أن الفرص التي يصنعها صلاح تأتي بأشكال وأنماط مختلفة، كما أن تمريراته العرضية نحو القائم البعيد قد برزت بشدة تحت قيادة سلوت، وأصبحت ثالث أكثر تمريراته شيوعًا، (وهذا لا يعني بالطبع أن فرص هنري تأخذ طابعًا واحدًا، لا يوجد طريقة للقياس هنا). 

حسنًا؛ خذها قاعدة: المراوغة أمتع للجمهور، أما “التمريرة”، خاصة القطرية والكاسرة للخطوط، فهي الفن الأصعب على اللاعب وربما الأكثر “حرفنة”، ما يعني أن صلاح أصبح أكثر حرفنة مما مضى، كما أضاف شيئًا إلى طريقته وهو القدرة على لعب تمريرات منحنية خلف المرمى بالجزء الخارجي من قدمه اليسرى، وهو ما جعله معادلة صعبة. 

فسواء تعلق الأمر بالعثور على لاعب على القائم الخلفي أو إرسال كرات بينية إلى منطقة الجزاء، صلاح هو أداة ليفربول الأكثر أهمية، وبالإضافة إلى ذلك، لا يزال قادراً على حمل الكرة إلى منطقة جزاء المنافس بنفسه وتهديده في مواقف واحد على واحد على الرغم من خسارته بعض من قوته الانفجارية التي اعتدنا عليها في أيامه الأولى.  

إذن فخيار الإدارة الفنية المتمثلة في أرني سلوت هو التجديد لصلاح، خاصةً وأنه يتمتع بما يسميه أطباء النفس والأعصاب: “الذكاء الكروي”؛ هذا الذكاء الذي اكتشفته دراسة عقدها باحثون إنجليز عام 2013، عن طريق دراسة مقاطع مصوَّرة لـ 118 من لاعبي الوسط والمهاجمين في البريميرليغ عبر 1279 مباراة، ثم توصلوا إلى أن اللاعبين الذين يستكشفون الملعب بصريًا لأكثر من مرة قبل استلام الكرة، مثلما يفعل صلاح، هم الأفضل على الإطلاق، مع الوضع في الاعتبار أن  الطبيب النفسي جون سوليفان، صاحب كتاب (The Brain Always Wins)، يعتقد أن مهارة مسح الملعب (Scanning) تتم بشكل غير واعٍ، أي أن التعوُّد يدفع اللاعبين للقيام بها دون تفكير. ولكن ماذا عن اعتبارات صلاح نفسه؟ هل سيوافق على البقاء لأسباب في عقله؟

“إنه آلة. لديه عقلية عظيمة. أنت تعلم أن شيئًا ما سيحدث عندما يحصل على الكرة”. 

لويس دياز عن محمد صلاح. 
ليفربول
لويس دياز – محمد صلاح – ديوجو جوتا – ليفربول (المصدر:Gettyimages)

ما القادم لصلاح؟ 

إذا تعلق الأمر بالمال، فمن غير المرجح أن يتمكن ليفربول من منافسة نادٍ سعودي، ومن المفترض على نطاق واسع أن أحد فرق الدوري السعودي للمحترفين سيقدم عرضًا لصلاح، لأن اهتمام الاتحاد السعودي به لم يختف بعد، ولكن بالنسبة لصلاح، هناك الكثير مما يجب أن يفكر فيه، فهو يحب إنجلترا، حيث يستطيع أن يعيش بهدوء مع أسرته، فهل يتخلى عن ذلك إذا ذهب إلى المملكة العربية السعودية، في رحلة على متن باخرة في البحر الأحمر؟ 

حسنًا؛ وربما يكون لديه بعض التحفظات أيضًا على شأن مستوى كرة القدم في الدوري السعودي، خاصة إذا استمر في أداءه الجيد، وقد يجد أيضًا عرضًا جذابًا من الولايات المتحدة، حيث وجهة العلامات التجارية الرياضية الكبرى، ليونيل ميسي موجود هناك، وكأس العالم 2026، ستستضيفه الولايات المتحدة ومصر واثقة من التأهل، ورغم أنه لن يحصل على نفس القدر من المال المعروض عليه في المملكة العربية السعودية، إلا إن الانتقال إلى الدوري الأمريكي سيسمح له باختبار أسلوب حياة مشابه نسبيًا لإنجلترا، نقطة أخيرة؛ أن كل ذلك مرتبط أصلًا بحصوله على لقب الدوري الإنجليزي هذا الموسم ثم حصوله المتوقع على الكرة الذهبية. إذا حدث ذلك؛ فربما نرى صلاح بقميص آخر غير قميص ليفربول، أما لو لم يحدث، فنعتقد، أن عقليته ستمنعه من الرحيل. 

صلاح هو اللاعب الأوفر حظًا للفوز بالكرة الذهبية هذا الموسم، إلى جانب لامين يامال ورافينيا ثنائي برشلونة، وكيليان مبابي المنتقل حديثًا إلى ريال مدريد، لكن بداية مبابي مع ريال مدريد لم تكن على قدر التوقعات، فقد خسر أول مباراة كلاسيكو له بنتيجة 4-0، إضافةً إلى أن موسم ريال مدريد وبرشلونة كلاهما على المحك، وهو ما يجعل من فوز صلاح بالكرة الذهبية مضمونا إلى حد كبير في حالة فوزه بالدوري الإنجليزي، ووفقًا لما قاله جيمي كاراغر، لاعب ليفربول السابق: “أنه في حال فوز  ليفربول بالدوري ووصوله إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، ثم وصول مصر إلى كأس العالم، مع ندرة البطولات الدولية هذا العام؛ أعتقد أن هذه العوامل مجتمعة ستكون أفضل فرصة لصلاح على الإطلاق للفوز بجائزة الكرة الذهبية عن هذا الموسم”. 

الشئ الوحيد الذي قد يمنعه من الفوز هي الإصابات، أو عدم الفوز بأي من تلك البطولات، أو “التحيز”، حيث يواجه اللاعبون الأفارقة عادةً بعض العنصرية، خاصة وأن الجائزة تكسب بتصويت الصحفيين حول العالم، وليس بناءً على أجندة أو معايير معينة، وهو ما يجعل الأمور صعبة بعض الشئ، لذلك، يتعين على صلاح أن يكون على دراية بمنافسيه،  فإذا حدث ذلك؛ وتمكن صلاح من قنص الكرة الذهبية، فربما نراه بقميص آخر غير قميص ليفربول، أما لو لم يحدث، فنعتقد، أن عقليته ستمنعه من الرحيل. 

محمود ليالي

كاتب وصحفي رياضي مصري من مواليد 1999، مهتم بالتحليل الرياضي خاصة الكروي، والجوانب الاحصائية والتكتيكية والخططية المتعلقة به، بالإضافة لمساحات الالتماس مع الاجتماع والسياسة والحياة، كتب لعدة مواقع مصرية وعربية مثل الجزيرة نت وميدان ورصيف22 ومواطن وألترا صوت، وشاعر صدر له ديوان "البقايا" عام ٢٠٢٣.