البرتغالالدوري السعوديأخبارالنصر
الأكثر تداولًا

رونالدو والبرتغال: بين مجدٍ مأمول وواقع لا يُرحم – هل حان وقت الوداع؟

في عالم كرة القدم، حيث يخلّد التاريخ العظماء، يبقى اسم كريستيانو رونالدو محفورًا بحروف من ذهب، نجمٌ تحدّى الزمن، وكسر الأرقام، ورفض أن يخضع لقوانين الشيخوخة التي تسرق بريق النجوم.

واليوم، وهو في عامه الأربعين، لا يزال يحمل آمال البرتغال على كتفيه، مصممًا على تحقيق المجد مرة أخرى في دوري الأمم الأوروبية.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل لا يزال رونالدو هو البطل الذي تحتاجه البرتغال، أم أن الزمن بدأ يهمس في أذنه بأن الرحلة اقتربت من نهايتها؟ بين الأرقام التي تؤكد قيمته، والأداء الذي يثير الجدل، يقف “الدون” في مفترق طرق، حيث لا شيء يدوم إلى الأبد، حتى لو كنت أحد أعظم من لمس الكرة يومًا.

تشكيل منتخب البرتغال ضد إسكتلندا في دوري الأمم الأوروبية
كريستيانو رونالدو – منتخب البرتغال (المصدر:Gettyimages)

رحلة جديدة في كأس الأمم الأوروبية

ويشهد هذا الأسبوع استمرار بطولة دوري الأمم الأوروبية، حيث تتنافس منتخبات النخبة في القارة العجوز على تحقيق اللقب، من بين هذه المنتخبات، تبرز البرتغال، التي تأهلت إلى ربع النهائي، متطلعة إلى التتويج بالبطولة للمرة الأولى منذ عام 2019، عندما كانت المستضيفة.

لكن أمامها عقبة كبيرة في هذه المرحلة، وهي المنتخب الدنماركي، الذي يسعى هو الآخر إلى إثبات جدارته، ومع ذلك، فإن الآمال البرتغالية تبقى معلقة بشكل كبير على قائد الفريق وأسطورته الحية، كريستيانو رونالدو، البالغ من العمر 40 عامًا.

رونالدو بين الأرقام والواقع

حجز رونالدو مكانه بين أعظم اللاعبين في التاريخ منذ سنوات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل استمراره في المنتخب مجرد محاولة لإشباع غروره، أم أن أرقامه تثبت أنه لا يزال يستحق مكانه؟

من الناحية التهديفية، تمكن رونالدو من تسجيل خمسة أهداف حتى الآن في البطولة، وهو ما يمثل قرابة نصف الأهداف الـ12 التي سجلها الفريق بأكمله.

كما أنه سدد الكرة في القائم ثلاث مرات، ما يعني أن حصيلته كان من الممكن أن تصل إلى ثمانية أهداف في خمس مباريات، وهو معدل ممتاز للاعب في سنه.

ومن بين أهدافه الخمسة، جاء هدف واحد فقط من ركلة جزاء، وهو ما يحدّ من الادعاءات التي تقلل من إنجازاته بالقول إنه يعتمد على ضربات الجزاء، ورغم ذلك، فإن جميع أهدافه سُجلت من داخل منطقة الجزاء، مما قد يشير إلى تراجع تأثيره خارجها.

ما وراء تسجيل الأهداف: الأداء العام لرونالدو

على الرغم من براعته التهديفية، إلا أن أداء رونالدو العام يثير بعض التساؤلات، فعلى سبيل المثال، تبلغ نسبة دقة تسديداته 38.9%، وهي ثاني أسوأ نسبة في المنتخب البرتغالي، وعند مقارنة هذه النسبة بمعدلات لاعبين آخرين مثل برناردو سيلفا (100%) وجواو فيليكس (83.3%)، يصبح الأمر مثيرًا للقلق.

كما أضاع رونالدو خمس فرص محققة خلال البطولة، وهو الرقم الأعلى بين لاعبي البرتغال، ومع ذلك، فقد برز في المراوغات، حيث نجح في إكمال 60% من محاولاته، وهو نفس معدل برونو فرنانديز.

لكن الفرق بينهما يكمن في مشاركة برونو الأكبر في اللعب، حيث لمس الكرة 380 مرة، مقارنة بـ182 لمسة فقط لرونالدو.

أما على صعيد التمريرات، فبلغت دقة تمريرات كريستيانو 85.8%، وهي نسبة جيدة، لكنها لا تعوض حقيقة أن عدد تمريراته (127) أقل بكثير من زملائه، مثل روبن دياس (314)، فيتينيا (352)، ونونو مينديز (404).

تأثير رونالدو بعيدًا عن الهجوم

لم يكن رونالدو أبدًا لاعبًا دفاعيًا، لذا فإن قيامه بثلاث تدخلات فقط في خمس مباريات ليس أمرًا مفاجئًا، لكن المثير للدهشة هو أن لاعبين مثل روبن دياس، الذين يُتوقع منهم تقديم أداء دفاعي أقوى، لم يحققوا سوى أربع تدخلات فقط خلال نفس الفترة.

أما في الكرات الهوائية، حيث كان يُعرف بقوته في الماضي، فقد فاز رونالدو في اثنتين فقط من أصل 10 مواجهات، وهو ما يجعله أحد الأضعف في الفريق بهذا الصدد، على سبيل المثال، تفوق رافا لياو، الذي لم يكن يُعرف بتفوقه في الكرات الرأسية، بنسبة نجاح بلغت 100% في ثلاث محاولات.

هل حان وقت الاعتزال الدولي؟

لا يزال حلم رونالدو بالفوز بدوري الأمم قائمًا، ومن الواضح أن المدرب روبرتو مارتينيز يرى فيه عنصرًا مهمًا، ربما يكون وجوده في غرفة الملابس عاملًا تحفيزيًا لا يُقدر بثمن، وهو ما قد يبرر استمراره حتى الآن.

لكن بالنظر إلى الأرقام، يبدو من الواضح أن تأثيره بدأ يتراجع، وهو أمر طبيعي مع تقدمه في السن، لا يمكن إنكار أنه ما زال لاعبًا مهمًا، لكنه لم يعد النجم الأبرز للمنتخب كما كان في الماضي.

وبغض النظر عن نتيجة البطولة، سيكون على البرتغال التفكير جيدًا في مستقبل الفريق، حيث أن استمرار رونالدو حتى كأس العالم 2026 قد لا يكون الخيار الأفضل للمنتخب، وقد يكون الوقت قد حان له ليعتزل دوليًا بشرف، وهو لا يزال قريبًا من القمة، بدلًا من انتظار لحظة يصبح فيها عبئًا على فريقه.

محمود صبري

صحفي مصري بدأ العمل في مهنة الصحافة منذ 2018 كما أنه مهتم بالدوريات الخمس الكبرى والكرة العالمية، ويبحث عن كل ما هو غير مألوف في كرة القدم، ولديه القدرة على إجراء الحوارات مع نجوم الكرة العالمية، بالإضافة إلى الوصول إلى معلومات دقيقة المزيد »