الكرة الإيطالية تقترب من العودة.. هل ينقصها الاستثمار الخليجي؟

في وقت من الأوقات، كان يُطلق على الكرة الإيطالية “جنة كرة القدم”، باعتبار الدوري الإيطالي هو الأقوى في العالم، خلال فترة الثمانينات والتسعينات مع مطلع الألفية.
أبرز المدربين واللاعبين كانت وجهتهم الأولى هي إيطاليا، ميلان ويوفنتوس أبطال أوروبا أكثر من مرة، كذلك بارما وجيله التاريخي، مع استمرار تواجد الأندية في المراحل المتقدمة للبطولات الأوروبية.
منتخب إيطاليا كان يستفاد من ذلك، بتواجده في المراحل المتقدمة أيضًا، وخسارة ايطاليا لنهائي كأس العالم، والفوز بآخر.
🔙 | #Berlin, 11 years ago, #ITALY🇮🇹 won the #WorldCup for the 4th time! ⭐️ ⭐️ ⭐️ ⭐️ #Azzurri #VivoAzzurro 💙@fabiocannavaro @MisterLippi pic.twitter.com/0jSapWu1Cs
— Italy ⭐️⭐️⭐️⭐️ (@Azzurri_En) July 8, 2017
مع وجود العمالقة مثل بيرلسكوني مالك ميلان وعائلة أنييلي في يوفنتوس، وموراتي مع إنتر ميلان، بالإضافة لأندية أخرى كانت تبرز نجوم رائعين.
أساطير التدريب مثل كابيلو وزيمان وأنشيلوتي وتراباتوني ودينو زوف، مع أجيال أخرى حتى من خارج إيطاليا، كانت تذهب إلى جنة كرة القدم، حيث المنافسة الأفضل في العالم، ومسرح يمكن للجميع أن يقدم دوره من خلاله ويشاهده الجميع.
مارادونا وفان باستن، زيدان وباتيستوتا، رونالدو الظاهرة وشيفتشينكو، ديل بييرو ونيدفيد، روبرتو باجيو وخوليت وديفيدز، أساطير كرة القدم، كانوا يضعون الكالشيو أمامهم كهدف.
Quanti duelli nella storia di #JuveInter ⚔️
— JuventusFC (@juventusfc) March 31, 2022
Con lo speciale su @JuventusTV ne riviviamo uno dei più belli: Del Piero 🆚 Ronaldo
ولا يمكن أن ننسى لاتسيو عندما حقق المعجزة بتتويجه ببطولة الدوري عام 2000، ثم روما 2001 من أنياب يوفنتوس 2002، وحصل على اللقب في الجولة الأخيرة عندما بكى رونالدو في مايو الحزين حينها على النيرازوري.
الكالشيو بولي وبداية انهيار الكرة الإيطالية
في 2006، توجت إيطاليا ببطولة كأس العالم على حساب فرنسا، ولكن ليلة المباراة بدأت تنتشر تقارير حول هبوط يوفنتوس بطل الدوري للدرجة الثانية، بسبب قضية التلاعب في النتائج.
يا إلهي؟ كيف يحدث ذلك ولماذا هذا التوقيت تحديدًا .. ولكن لولا نطحة زيدان لـ ماتيرازي، وفوز الأزوري بالمونديال، لكانت الكارثة أكبر.
تم إصدار القرار بشكل رسمي، والأندية التي تورطت في القضية، كانت يوفنتوس وميلان وفيورنتينا ولاتسيو، وريجينا، بعدما ظهرت تسجيلات لمكالمات هاتفية مع الحكام.

هبط يوفنتوس للدرجة الثانية، وتم خصم نقاط من ميلان، مع سحب اللقب من البيانكونيري وذهابه للإنتر، وحجب لقب 2005.
هبوط يوفنتوس للدرجة الثانية، جاء في وقت كان الدوري الإنجليزي هو ما يقترب من تصدر المشهد أكثر، ميلان حافظ على سمعة الكرة الإيطالية ببطولة دوري أبطال أوروبا 2007، لكن المنافسة لم تعد كما كانت أبدًا.
عاد يوفنتوس ولكنه كان صيدًا سهلًا مع العودة من الدرجة الثانية، بعدما رحل أبرز نجومه، مع تغييرات إدارية وفنية، ورحيل وإيقاف العقل المدبر لوتشيانو مودجي، صانع جيل السيدة العجوز قبل الكالشيو بولي.

انتقام يوفنتوس
بعد عودة يوفنتوس، وبداية الاستقرار في 2011، مع تولي أنطونيو كونتي، كان قد رحل عن إنتر ميلان جوزيه مورينيو الذي جلب آخر دوري أبطال للنيرازوري، وميلان بدأ في الانهيار الاقتصادي ورحل عنه العديد من اللاعبين، وتراكمت عليه الديون.
سيطر البيانكونيري على الدوري الإيطالي 9 سنوات على التوالي، المنافسة أصبحت شبه معدومة، مع سقوط ميلان وإنتر مع المُلاك الجدد كل عام، ورحيل بيرلسكوني وموراتي، ولم يقدر نابولي أو روما على البيانكونيري.
Campioni e imbattuti! Lo scudetto è di nuovo nostro! #CagliariJuve 0-2 2012 #Juve117 pic.twitter.com/dgdah8aL8g
— JuventusFC (@juventusfc) November 1, 2014
في ذلك الوقت تراجع الدوري الإيطالي، مع كم الانفاقات في الدوري الإنجليزي، واستقطاب المدربين الأبرز في العالم، وتواجد كريستيانو رونالدو وميسي في الدوري الإسباني.
حصل كلًا من البريمرليج والليجا على أنظار الجمهور، ولم يعد الكالشيو هو الذي يستقطب الجماهير كما كان، لتتراجع أسهمه، حتى مع انضمام رونالدو لـ يوفنتوس في 2018.
سنوات العجاف في الكرة الإيطالية
مع تفشي فيروس كورونا، رحل عن الأندية الإيطالية لاعبيها الكبار، وأبرزهم كان كريستيانو رونالدو الذي انضم إلى مانشستر يونايتد، مع لجوء الأندية للاعبين بدون مقابل من أندية أخرى في نهاية مسيرتهم.
La #SerieATIM è ufficialmente sospesa.
— Lega Serie A (@SerieA) March 11, 2020
Ci fermiamo, ma già non vediamo l’ora di tornare.
Andrà tutto bene.#WeAreCalcio pic.twitter.com/BrF6RwcFeN
الأزمة الاقتصادية كانت قاتلة للعديد من الأندية، وعلى رأسهم يوفنتوس، الذي أصبح يصارع على التأهل لـ دوي أبطال أوروبا، بعدما كانت الصراعات بين الأندية على ذلك المركز والابتعاد عن منافسته في السنوات السابقة.
ذلك الأمر، جعل القناة الناقلة للدوري الإيطالي في الشرق الأوسط، تخرج من سباق المنافسة في الحصول على حقوق نقله، وكان موسم 2021-2022 الذي توّج به ميلان بعد 10 سنوات من الغياب، يتم نقله عبر “يوتيوب” ولم تحصل أي قناة على حقوقه.
صدفة التتويج باليورو
توّج منتخب إيطاليا ببطولة يورو 2020 والتي أقيمت في 2021 بسبب الكورونا، تتويج كان مفاجئ بقائمة متواضعة للأزوري تحت قيادة روبرتو مانشيني، والدليل كان الفشل في الوصول لمونديال قطر 2022، بالخروج أمام مقدونيا الشمالية.
ذلك الأمر أكد بأن الكرة الإيطالية ليست بخير، وأبرز النجوم في الكالشيو أجانب، وافتقد عدد كبير من الأندية للهوية الإيطالية، وتم بيع عدد منها لمُلاك أجانب.
#Azzurri 🇮🇹 🏆
— Italy ⭐️⭐️⭐️⭐️ (@Azzurri_En) July 12, 2021
About last night 😍
Relive all the action from #Wembley, as a penalties victory crowns us European Champions! 🙌🏻#VivoAzzurro #EURO2020
وهنا يأتي السؤال .. هل تحتاج الأندية الإيطالية للاستثمار الخليجي ؟
إذا نظرنا لنجاحات الاستثمار الخليجي في أوروبا، سنجد باريس سان جيرمان بمُلاك قطريين، والنجاح المُبهر للمُلاك الإماراتيين في مانشستر سيتي، ومؤخرًا نيوكاسل وثورته تحت قيادة صندوق الاستثمار السعودي.
خلال الفترات القليلة الماضية، كانت تنتشر أخبار حول رغبة محمد بن سلمان في شراء نادي روما أو إنتر ميلان، ولكن الأمر يتوقف عند الأنباء فقط، دون أي خطوة حقيقية ملموسة.
سواء باريس سان جيرمان أو مانشستر سيتي، وكذلك نيوكاسل، ليس لديهم نفس التاريخ التي تمتلكه الأندية الإيطالية، مثل إنتر وميلان ويوفنتوس.

والدليل على ذلك، أنه رغم المعاناة، إلا أن خطوات العودة أصبحت واقع ملموس في الفترة الأخيرة.
خطوات العودة بدأت
Chi vince la #SerieAEnilive ? 👀 pic.twitter.com/bMXCW7tN3S
— Lega Serie A (@SerieA) April 27, 2025
توّج ميلان باللقب مرة وإنتر مرتين ونابولي حقق البطولة التاريخية مع سباليتي، خلال 4 سنوات غاب فيهم البيانكونيري عن منصات التتويج، والآن اللقب منحصر بين النيرازوري والبارتينوبي.
انعكس ذلك على المشاركة في أوروبا، لنجد في 2023، تواجد 3 أندية إيطالية في ربع النهائي، نابولي وإنتر وميلان، قبل أن يخرج الأول، ويقصي إنتر نظيره ميلان في نصف النهائي، لكنه خسر النهائي بصعوبة أمام مانشستر سيتي.
في نفس الموسم، كان فيورنتينا يتواجد في نهائي دوري المؤتمر الذي كان يحمل لقبه روما، قبل أن يخسر الأخير لقب الدوري الأوروبي ضد إشبيلية.
الموسم الماضي أتالانتا كان بطل الدوري الأوروبي على حساب ليفركوزن، وخسر فيورنتينا دوري المؤتمر مجددًا من أولمبياكوس.
Atalanta 🏆
— UEFA Europa League (@EuropaLeague) June 22, 2024
🗓️ One month ago…@Atalanta_BC || #UEL pic.twitter.com/3E3PdfTFZz
مع بداية الموسم الحالي، عادت الكرة الإيطالية رويدًا رويدًا. نابولي عاد من جديد بعد موسم مخيب بفضل أنطونيو كونتي، أتالانتا يستمر بالإبهار مع جاسبريني بعد التتويج بالدوري الأوروبي الموسم الماضي.
فيورنتينا مع بالادينو رهان بيرلسكوني قبل أن يتوفى يقدم مستويات ممتازة، وإنتر ميلان مع سيموني إنزاجي الفريق الأكثر تكاملًا في إيطاليا.
هل الاستثمار الخليجي هو الحل ؟
هو سؤال متكرر في نفس الموضوع، ولكنه في المطلق يتكرر ولا تجد له إجابة، رغم أن الأمور متاحة لذلك في إيطاليا.
ميلان وإنتر وروما ملكيتهم ليست إيطالية، ومن كان يُحافظ على ذلك هو يوفنتوس بهويته الإيطالية المعتادة، وتوّرط في الديون والقضايا ولا يزال في الحفرة التي لا يمكنه الخروج منها بسهولة.
نابولي بملكية دي لورينتيس وضعه مختلف، وبالتالي إذا نظرنا لأي من هذه الأندية، فقد يكون الاستثمار الخليجي هو الحلقة المفقودة من أجل عودة جنة كرة القدم من جديد.
استثمار خليجي يُعني التعاقد مع لاعبين يمكنهم تقديم الإضافة، نوعية مختلفة وجودة تقود الفرق لمنصات التتويج، مشاريع حقيقية مثلما يحدث في نيوكاسل الآن.
في إيطاليا هناك أرض خصبة للاستثمار، ما بين أندية تمتلك جماهير مجنونة بكرة القدم، وقبول هؤلاء الجماهير الأمر من أجل انقاذ أنديتهم.
وقبل كل ذلك .. مواكبة العصر، لأن الاحتفاظ بالهوية الإيطالية نفسه لم يعد كما كان بعد الاستثمار في إنتر وميلان.
ونُنهي بالسؤال نفسه مجددًا .. هل سيكون الاستثمار الخليجي حل لعودة جنة كرة القدم ؟