الأب الروحي.. لوكا مودريتش يُدافع عن بيلينجهام أمام أوساسونا

يُعد دور القائد في كرة القدم أكثر من مجرد تنظيم اللعب، فهو يمثل العمود الفقري للفريق وداعم اللاعبين في المواقف الحرجة، يُرتقي لوكا مودريتش أسطورة نادي ريال مدريد إلى هذا المنطلق باعتباره نموذجًا يُحتذى به، ليس فقط لمهاراته الفنية البارزة وإنما لقدرته على توجيه اللاعبين الأصغر سنًا ومنحهم الثقة والدعم الذي يحتاجونه في لحظات الضغط.
يُعد لوكا مودريتش رمزًا في عالم كرة القدم يمتزج فيه الإبداع والالتزام والانضباط، وُلد في كرواتيا، وبدأ مسيرته الكروية في الأندية المحلية قبل أن يشق طريقه إلى العالمية، حيث أصبح أحد أعمدة قلعة اللوس بلانكوس، يتميز مودريتش بقدرته الفائقة على قراءة اللعب وصناعة الفرص بذكاء استثنائي، مما أكسبه جائزة الكرة الذهبية عام 2018 وإشادة واسعة على مستوى العالم.
بعيدًا عن إنجازاته الفنية، يظهر مودريتش دائمًا روح العمل الجماعي والاحترافية العالية، إذ يضطلع بدور قيادي لا يقتصر على توجيه اللاعبين فحسب، بل يشكل مصدر إلهام لكل من يتطلع لتحقيق التميز في المجال الرياضي، هذا المزيج من المهارات الفنية والصفات القيادية يجعله نموذجًا يحتذى به في الملاعب وخارجها.

دور لوكا مودريتش القيادي وأهميته الفنية والإنسانية
في مباراة ريال مدريد مع أوساسونا يوم السبت 15 فبراير 2025، التي انتهت بالتعادل 1-1، شهد الشوط الأول سلسلة من الأحداث المفاجئة، بدأ اللقاء بإيجابية حيث سجل كيليان مبابي هدف التقدم في الدقيقة 15 بعد تمريرة حاسمة من فيديريكو فالفيردي، لكن مع اقتراب نهاية الشوط الأول، دخلت المباراة مرحلة من التوتر الشديد، حيث اشتبك اللاعب الإنجليزي جود بيلينجهام مع الحكم خوسيه لويس مونويرا، مما أدى إلى طرده في الدقيقة 39 بعد ما وصفه الحكم بتصرفاته غير اللائقة.
وفقاً لتصريحات الحكم، جاء الطرد بعد أن قال له بيلينجهام عبارة “اذهب إلى الجحيم” أثناء الاعتراض، وهو ما أثار جدلًا واسعًا بين محبي الفريق وجماهير الرياضة عمومًا، وفي خضم هذه الأحداث، كان الموقف الذي اتخذه لوكا مودريتش دليلًا واضحًا على شخصيته القيادية؛ حيث تدخل للدفاع عن زميله الشاب وأكد أن التصريح لم يكن بنية الإهانة وإنما نتاج سوء فهم وضغط اللحظة، حيث قال الكرواتي للحكم “لا، لا، بيلينجهام لم يقل شيئًا كهذا”.
Muchas gracias por el cariño 🙏🏼 pic.twitter.com/3vDMGBmcYx
— Luka Modrić (@lukamodric10) January 6, 2025
لم يقتصر التوتر على اللاعبين فحسب، بل شمل أيضًا رد فعل الإيطالي كارلو أنشيلوتي مدرب الميرنجي، الذي وصف قرار الحكم بأنه نتيجة لسوء تفاهم لغوي. فقد أشار أن بيلينجهام نطق العبارة باللغة الإنجليزية، وربما لم يُفهم معناها بالشكل الصحيح، مما أضاف بُعدًا جديدًا للنقاش حول كيفية تعامل الحكام مع اللاعبين الدوليين وأثر الفروق اللغوية في سير المباريات، وفي هذا السياق، تصاعدت الأصوات مؤيدةً لفكرة أن القائد الحقيقي يجب أن يتدخل لتفهم الموقف وإصلاح المفاهيم الخاطئة بدلًا من السماح بتأزيم الأمور.
يمتلك لوكا مودريتش سجلًا حافلًا من الأداء المتميز داخل الملعب، فهو لا يُعتبر مجرد لاعب وسط مبدع، بل يشكل رمزًا للثبات والاستقرار في صفوف الفريق، تُظهر لحظات الدفاع عن زملائه، مثل ما حدث مع بيلينجهام، جانبًا إنسانيًا يتجاوز حدود المهارات الفنية، مما يعكس مدى نضجه وحرصه على وحدة الفريق، إن تفاعله السريع مع الحدث يؤكد أن وجوده في وسط الملعب لا يقتصر على توزيع التمريرات بل يتعدى ذلك إلى حماية اللاعبين ودعمهم نفسيًا في مواجهة الضغوطات.

هذا الموقف يعكس تمامًا كيف يمكن لمدير الفريق أو “الأب الروحي” أن يحول أزمة صغيرة إلى درس قيادي يُثري التجربة الجماعية، ويُعيد التأكيد على أن الانضباط والاحترام المتبادل يجب أن يسودا في كل الأوقات، كما أن دعم مودريتش لبيلينجهام يُبرز روح الفريق الواحد والتضامن بين اللاعبين، وهو ما يعد ركيزة أساسية في النجاحات المستقبلية لريال مدريد.
على الرغم من أن بيلينجهام سيُغيب عن المباراتين المقبلتين أمام جيرونا وريال بيتيس، إلا أن مثل هذه اللحظات القيادية تُظهر مدى عمق العلاقات داخل الفريق وقدرة القادة على تذليل العقبات، تدخل مودريتش لم يكن مجرد دفاع عن زميل، بل كان بمثابة رسالة واضحة تُعلن أن الرياضة ليست فقط مباراة أرقام وإحصائيات، بل هي أيضًا قصة إنسانية تتعلق بالثقة والتضامن والتفاني من أجل المصلحة العامة.
JUDE BELLINGHAM x LUKA MODRIĆ. 🤍 pic.twitter.com/1vPCqRjoJV
— Madrid Xtra (@MadridXtra) January 3, 2025
في نهاية المطاف، يظل لوكا مودريتش رمزًا للأب الروحي في ريال مدريد، إذ يجمع بين الإبداع الفني والحنكة القيادية، مما يجعله الملهم الحقيقي الذي يقود الفريق نحو تحقيق الإنجازات والتغلب على التحديات مهما كانت.
sc name=”real_madrid_stars_stats”][/sc]