أمم إفريقيا الصداع المزمن لأندية أوروبا.. أزمة دياو وفابريجاس تُعيد الجدل
لم تمر إصابة أساني دياو مع كومو أمام روما مرور الكرام، بل تحوّلت إلى شرارة غضب واسعة في السنغال، وفتحت من جديد ملفًا قديمًا يتجدّد مع كل شتاء، وهو توتر العلاقة بين الأندية الأوروبية وبطولة كأس أمم إفريقيا.
تصريحات سيسك فابريجاس بعد المباراة، والتي بدت للكثيرين مستفزة ومتجاهلة لحساسية توقيت البطولة وقيمة اللاعب لمنتخب بلاده، أعادت للأذهان مواقف سابقة لمدربين كبار أبدوا انزعاجهم من إقامة البطولة في منتصف الموسم.
هناك من يرى البطولة عبئًا رياضيًا واقتصاديًا، ومن يعتبرها حقًا مشروعًا لا يمكن المساس به، خاصة مع فشل إقامتها في الصيف مؤخرًا بسبب فيروس كورونا والبنية التحتية لبعض الدول المنظمة، باستثناء ما حدث في نسخة مصر 2019.
ماذا حدث بين فابريجاس وأساني دياو؟
الآن يقف سيسك فابريجاس مدرب فريق كومو في وجه العاصفة، حيث وجد نفسه متهمًا من الجماهير والإعلام في السنغال بالتفريط في سلامة أحد أهم لاعبيهم قبل أيام قليلة من انطلاق كأس أمم إفريقيا.
أساني دياو كان قد عاد حديثًا من إصابة أبعدته عن الفريق، رغم تألقه في الموسم الماضي، ومشاركته أمام روما ظلت محل شك حتى اللحظات الأخيرة.

في مواجهة روما، قرر فابريجاس الدفع باللاعب السنغالي، رغم علمه المسبق بسفر اللاعب في اليوم التالي للالتحاق بالمنتخب حسب ما تنص قوانين الاتحاد الدولي.
الأمر لم يتوقف عند إصابة أساني دياو في المباراة فقط واحتمالية غيابه عن البطولة، بل تصريحات فابريجاس عقب المباراة فجّرت الغضب، حين برّر إشراك اللاعب باعتبارات تعاقدية بحتة، وقال: “نحن ندفع راتبه، وعلينا أن نحصل على أقصى استفادة منه”.
تلك اللهجة أشعلت الأجواء في السنغال على أنها تقليل من قيمة اللاعب مع أسود التيرانجا وتجاهل لمخاوف الإصابة، لتتحول الواقعة من قرار فني إلى أزمة أخلاقية تعكس الصدام المتكرر بين منطق الأندية الأوروبية وواقع البطولات القارية الإفريقية.

فابريجاس لم يكن الأول
لم يكن يورجن كلوب استثناءً في هذا الجدل، بل أحد أكثر الأسماء التي ارتبطت علنًا بانتقاد توقيت كأس أمم إفريقيا، خصوصًا خلال فترته مع ليفربول.
المدرب الألماني اشتكى أكثر من مرة من خسارة لاعبيه الأفارقة في لحظة حاسمة من الموسم، واعتبر أن إقامة البطولة في منتصف الموسم الأوروبي تضع الأندية أمام تحدٍ غير عادل، خاصة مع ضغط المباريات في الدوري الإنجليزي.
تلك التصريحات كانت أبرزها في عام 2022، عندما افتقد كلوب للثنائي محمد صلاح ونابي كيتا، وفي 2024، كانت أمم آسيا تتزامن مع إفريقيا، وبالتالي كان رفقة صلاح واتارو إندو لاعب الوسط الياباني.

ورغم محاولاته لاحقًا توضيح تصريحاته المثيرة للجدل، والتي وُصفت فيها البطولة بالصغيرة، قبل أن يؤكد أنها أُخرجت من سياقها، فإن جوهر موقفه ظل ثابتًا.
احترام كلوب لقيمة البطولة القارية لم يمنعه من انتقاد توقيتها وتأثيرها المباشر على توازن المنافسة داخل الدوريات الأوروبية، وهو ما يمنح بعض الفرق الأخرى التي لا تمتلك لاعبين أفارقة أفضلية في العديد من المواقف.
موقف كلوب كشف بوضوح الفجوة بين رؤية الأندية الكبرى وواقع اللاعبين الأفارقة الذين يجدون أنفسهم ممزقين بين التزاماتهم الاحترافية وواجبهم الوطني.
"All parties agreed on that it makes sense that he [Mohamed Salah] is doing the rehab here" 🤝
— Sky Sports Premier League (@SkySportsPL) January 25, 2024
Jürgen Klopp on Mohamed Salah returning from AFCON to do his rehab in Liverpool 🏥 pic.twitter.com/hDrVqlGTSV
جوارديولا يقاطع إفريقيا
بيب جوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، اعتمد أسلوبًا أكثر هدوءًا مقارنة بكلوب، لكنه لم يخف أيضًا التحديات التي يفرضها جدول بطولة كأس أمم إفريقيا على الأندية الأوروبية.
جوارديولا لم ينتقد البطولة نفسها، بل ركّز على الواقع العملي لغياب لاعبيه الأفارقة في لحظة حاسمة من الموسم، مؤكدًا أن الأندية ملزمة بالتكيف مع هذه الفترة وأن الأمر يتطلب إدارة دقيقة.
تصريحات بيب أظهرت احترامه للبطولة القارية وقيمة اللاعبين المشاركين فيها، لكنه قلّل التعاقد مع اللاعبين الأفارقة، وربما ظهر ذلك من خلال عدم الاعتماد على عمر مرموش هذا الموسم.

عمر مرموش لم يكن اللاعب الأساسي مع المدرب بيب جوارديولا، ربما لأن الإسباني يعتاد على عدم وجوده في ظل الفترة التي سيغيب فيها المصري عن السيتيزين.
مويس يحترم أمم إفريقيا
ديفيد مويس، مدرب إيفرتون، قدّم زاوية مختلفة، مؤكّدًا أن بطولة كأس أمم إفريقيا تحمل قيمة كبيرة لللاعبين ولمنتخباتهم، وأن مشاركة اللاعبين في هذه البطولة أمر طبيعي يجب احترامه.
في تصريحاته الأخيرة، قال مويس: “أمم إفريقيا يشارك بها العديد من اللاعبين المميزين، خلال السنوات الماضية ظهرت مجموعة من المواهب، لذلك علينا أن نهتم بهذه البطولة، ونحترم هؤلاء”.

وبالتالي، تظل أزمة أساني دياو وفابريجاس نموذجًا واضحًا للصدام المستمر بين مصالح الأندية الأوروبية والتزامات اللاعبين تجاه منتخباتهم.
وبينما يطالب بعض المدربين بمرونة أكبر في جدول المباريات، يؤكد آخرون ضرورة احترام القيمة التاريخية والقارية للبطولة التي صدرت أساطير لأوروبا.